الأطفال والسلوك المهذب

https://i.servimg.com/u/f41/11/71/12/31/1249.gif

يقول الشاعر: وينشأ ناشيء الفتيان فينا على ما كان عوده أبوه.

وحكى أحدهم وقال كنت أجلس في مكتب صديق، وجاء طفله وهو في سن الخامسة، فأرسلت في إحضار "باكو" شيكولاتة له، وأمسك به ولكنه لم يسرع في أكله فرحاً كعادة الأطفال، وطلبت منه أكله، فاستمر ممتنعاً، ففهمت أنه يطلب إذن أبيه. ولكنه لم يأكل حتى بعد إذنه، واستغربت واندهشت الأمر، ولكن أباه زال هذه الغرابة حين قال إن أمهم عودتهم ألا يأكل واحد شيئاً دون إخوته، وهم ثلاثة فأرسلت في إحضار "باكوات" بعددهم ولما وصلت أكل نصيبه وحمل أنصبة إخوته إليهم، وهذه تربية نموذجية مثالية.

إذا كانت الأسرة كالحديقة فإن أبناءهم زهورها النضرة وزينتها وصفحتها الملونة، ولكن على قدر بهاء الزهور وسحرها وجمالها، كذلك تكون حساسيتها ورقتها وحاجتها البالغة للرعاية والعناية وتربية الأبناء مثل تنسيق الزهور، تحتاج إلى ذوق وحب وإحساس مرهف.

إن مشكلة التربية لا تنفصل عن مشكلة آداب السلوك عند الأطفال، وهي مشكلة لا يخلو منها بيت أو أسرة في أي بلد وفي أي مكان وفي أي زمان. وتتعقد المشكلة كلما اشتد إهمال الوالدين في تعويد أبنائهما السلوك المهذب منذ الصغر.

ولحسن الحظ إن فن التربية الحديثة تطور وتقدم وانتشر جداً في تنشئة الصغار على سلوك اجتماعي مهذب شعاره حسن المعايشة والتعاون. ومع هذا نلاحظ أن الأطفال يتفاوتون في الاستعداد والطباع. فالأسرة الواحدة قد يوجد فيها طفل شديد المراس كثير المقاومة للتربية والتهذيب، ويوجد فيها أيضاً شقيق سهل القياد .. لهذا يجب أن تتنوع التربية في أساليبها بين الشدة والتساهل في البيت الواحد على حسب الطبيعة الخاصة لكل طفل. وهذا لا يتيسر في مدرسة أو حضانة، كما يتيسر في بيئة المنزل والأسرة.

والواقع أن الأسرة مرحلة وسطى بين الطفل وبين الحياة الاجتماعية الواسعة المحيطة به. ومهمة الأسرة عن طريق التربية وتهذيب السلوك أن تعد الطفل بسهولة الاتصال والتعامل والاندماج في الحياة الاجتماعية من غير صدمة أو احتكاك ضار للطرفين. فإن كانت هناك نقيصة أو غلطة أو خطأ لا يصح التجاوز عنه من طفل، فهي أخطاء سوء السلوك أو عدم التهذيب الاجتماعي، لفظاً وإشارة كي تنطبع في ذهنه منذ الصغر قدسية اعتبارات التهذيب وتصبح شيئاً طبيعياً لديه.

إن أول معركة اجتماعية يخوضها الطفل بصورة مصغرة في بيته هي ولا شك معركة الحسد والغيرة، والتي نجمت عنها قديماً أول جريمة قتل بين الأخوين قايين وهابيل.

إن هذه المعركة تكاد تتكرر في كل بيت كلما فوجئ الصغير أن منافساً سيظهر له من حيث لا يدري في صورة طفل وليد، يقال له أنه أخوه المنتظر أو أخته المنتظرة.

وأول مناورة يجب على الأم أن تقطع بها خط الرجعة على شعور الغيرة والحسد مقدماً، أن تبدأ فتحدثه طوال مدة حملها عن زميل وصديق جديد سوف يلعب معه، وتظل تصوره له بما يثير خياله، وخيال الأطفال خصب لين سهل القيادة.

وعليك أيتها الأم أن تكوني بعيدة النظر بحيث لا يشعر طفلك بأن القادم الجديد يقتطع منه أو يجور عليه. وهكذا تنفخين فيه الكرامة والشعور بالمسئولية والترفع عن مستوى مناظرة ومنافسة القادم الجديد الصغير، فالأقرب إلى العقل والكياسة أن تمهدي في نفسه لقدوم ذلك الضيف مثل وصوله بل وتغرسي فيه الشفقة على القادم الجديد.

افعلي كل ما يجعل طفلك يهتم مقدماً، ويوافق بل يتحمس لأنواع العناية التي ستضيفينها على طفلك القادم. اجعليه ينتظره بلهفة وتشوق واستعجال كمقدمة ليصبح مفاجأة سارة ينتظرها ويجد فيها متعة، وبهذا يلغي كل شعور أساسي بالتنافس بين الأخوين تنافس الحسد أو الغيرة أو الحقد.

وعلى الوالد دور مهم في هذه المرحلة هو أن يزيد عنايته واهتمامه بالطفل الكبير ولا يظهر الانشغال المفرط بالمولود الجديد.

عزيزتي الأم، لا تظني أن الشهور الأولى هي كل مرة المعركة فهناك أحوال تظل فيها الغيرة نائمة أو كامنة إلى أن يأخذ المولود في تغيير نمط حياته السلبي، فيبدأ في المشي أو إمساك اللعب، فعندئذ سوف يبدو في صورة منافس للطفل الكبير، لأنه نما وصار يأتي حركات وسلوكاً مشابهاً لسلوك أخيه الكبير، فتنفجر غيرته وعندئذ إياك أن تعقدي المقارنات الجارحة للكبير، أو تقولي له أنك تكرهينه لغيرته، أو تفضلين عليه أخاه الصغير، بل اعلمي أن غيرته هذه شعور طبيعي يحتاج إلى علاج لا إلى عقاب.

والطريقة المجدية هي أن تغمري الأكبر بمزيد من العطف والشفقة والحنان والحب كي يشعر أن الصغير لم يبلغ حد المنافسة الحقيقية له في اهتمامك وفي حبك، بل حاولي أن تجعليه شريكاً لك في تلك المرحلة أيضاً في الإشراف على الصغير، وانتقاء اللعب له ومراقبة سلوكه، واكتشاف عيوبه وتسألينه عن رأيه ومقترحاته لعلاجها، وأن توحي إليه بوجوب الترفق بهذا الصغير في العلاج والتوجيه، لأنه ليس كبير الإدراك مثله.

وسلوك الأولاد ينبغي أن يحب كل واحد منهم أخوته كما يحب نفسه، وأن يعاون كبيرهم صغيرهم وأن يحبوا والديهم، وأن يقدروا فضلهم بتقديم المعونة الكافية عند الحاجة، وعلى الوالدين أن يعودوا أولادهم على السلوك الراقي المؤدب المحترم المثالي.

موضوع جميل جدا جدا
ربنا يباركك ويسعد قلبك

الأطفال والسلوك المهذب 736426796

مسترعزت

» الرسالة إلى أهل أفسس 5 - تفسير رسالة أفسس العبادة والسلوك للقمص تادرس يعقوب ملطي
» شلل الأطفال
» ركن الأطفال
» طرائف الأطفال
» اضحك مع الأطفال