كلمة عامة عن الصوم المقدس

كلمة عامه عن الصوم المقدس

هذا الصوم هو اطول اصوام كنيستنا القبطية ومدته 55 يوم وهو من الاصوام ذات العمق الروحى المميز من ناحية طقس الصلوات وايضا من ناحية النسك والزهد اذ تقتصر الاطعمة فية على النباتية فقط ولا يؤكل اى طعام حيوانى حتى الاسماك وتنقسم مدة الخمسة وخمسين يوما الى الاربعين يوما المقدسة التى صامها السيد المسيح بنفسه انقطاع تاما عن الطعام والشراب على الجبل وفى اثنائها كان مجربا من الشيطان الذى سبق له هزيمة طبيعتنا فى شخص ابينا ادم لكن السيد له المجد حمل طبيعتنا الساقطة وصعد بها الى ميدان المعركة لكى يعيد لها مجد النصرة فانتصر على الشيطان فى نفس الحروب التى اوقع بها طبيعتنا غلب شهوة الاكل حتى وهو جوعان بالجسد عندما عرض علية الشيطان ان يقول للحجارة ان تصير خبزا فأجابة السيد بما هو مكتوب قائلا " مكتوب انه ليس بالخبز وحدة يحيا الانسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله"(مت 4: 4)وبوجود السيد المسيح على الجبل ارتفع بأنظارنا عن مغريات المادة التى سبقت وخدعت امنا التى رات ان الشجرة جيدة للاكل وبهجة للعيون وشهية للنظر فأخذت من ثمرها واكلت واعطت رجلها ايضا معها فأكل (تك 3: 6) وحسنا قال القديس اغسطينوس الذى تعلم السمو من سيده فقال "وضعت قدمى على قمة هذا العالم حينما احسست فى نفسي اننى لا اشتهى شيئا ولا اخاف شيئا"وعندما اخذ ابليس السيد المسيح الى المدينة المقدسة واوقفه على جناح الهيكل وقال لة "ان كنت ابن الله فأطرح نفسك الى اسفل لانه مكتوب انه يوصى ملائكته بك فعلى ايديهم يحملونك لكى لا تصطدم بحجر رجلك(مت 4 :6)اجابة السيد قائلا "مكتوب ايضا لا تجرب الرب الهك"(مت 4: 7)وبهذا الرد عالج السيد المسيح خطية الشك فى كلام الله الذى لم يصدقه ابوانا عندما حذر ادم من الاكل من ثمر الشجرة الممنوعه اذ قال الله له "لانك يوم تاكل منها موتا تموت "(تك 2: 17) لكن ابوانا قد صدقا الشيطان الذى خدعهما فى صدق تحذير الله بقوله لهما "لن تموتا بل الله عالم انه يوم تاكلان منه تنفتح اعينكما وتكونان عارفين الخير والشر "(تك 3: 4 ،5) وبشكهما فى كلام الله اكلا من الشجرة وسقطا فى تجربة لله وفى عدم احتراس فيما ستكون علية النتيجة.
وبهذا الاسلوب اراد الشيطان ان يحارب السيد المسيح بنفس طريقته السابقة فى تشوية معنى الاية التى طلب منه بها ان يطرح نفسه عن جناح الهيكل ويرد السيد له المجد بعبارة (لا تجرب الرب الهك ) يعنى ان الانسان لا يجب علية ان يقحم نفسة فى التجربة فى انتظار ماذا سيفعل الله معه او فى امتحان لقدرة الله فى الحفاظ عليه ولكن فى نفس الوقت يكون لدية الايمان الخالى من اى تشكك فى قدرة الله المخلصة من كل ضيقة مهما كانت محكمة طالما ان الانسان ليس له مسئولية او سبب فيها كما ان السيد المسيح ايضا رفض تنفيذ طرح نفسة من على جناح الهيكل مع انة لة القدرة على فعل هذا بدون ضرر لكنه لم يفعل لان هذا العمل ليس له هدف ينفع سوى بناء الذات من خلال اظهار القوة الذاتية وهو ما يرفضه السيد المسيح تماما الذى جاء وديعا ومتواضع القلب لكى يهزم فى طبيعتنا شهوة العظمة الذاتية التى خدع بها الشيطان ابوانا وكذب عليهما بقولة " تصيران مثل الله " وهكذا رسم لنا الطريق الروحى السليم لعمل المعجزة التى يجب ان تتم فى انكار للذات واظهار المجد كاملا لله وبهدف اعانة الضعف البشرى وخلاص الانسان وكسر لقوة الشيطان وخداعاته وليس من اجل هدف مظهرى بلا منفعة ولمحاربة شهوة العيون وتعظم المعيشة التى سقط فيها ابوانا وانتصر الرب فيها ايضا على ابليس عندما اراه جميع ممالك العالم وقال له "اعطيك هذة جميعها ان خررت وسجدت لى "(مت 4: 9)
اجابه السيد المسيح بشدة وقال له بسلطان اذهب عنى ياشيطان لانه مكتوب للرب الهك تسجد واياه وحدة تعبد (مت 4: 10) وبهذا حرر السيد طبيعتنا من الخضوع للارضيات التى تضلل هدفنا الروحى فى الخضوع والتعبد للاله الحقيقى وهكذا كان الرب يغلب لحسابنا من خلال كلمة الله المكتوبه اذ كان يقول له "مكتوب ايضا "وبجمله طبيعتنا اضاء فيها بصيرتنا لفهم كلمته ووصاياه فى المعنى الذى وضعت له كما ان الانتصار به اعطى لنا السمو والقداسة التى بها يمكننا ان نعيش معه وايضا مع ملائكته اذ قيل عنه بعد انتصاره "ثم تركة ابليس واذا ملائكة قد جاءت فصارت تخدمه" ياله من سمو عجيب لطبيعتنا المنتصرة بالمسيح ان تخدمها ملائكها وهو ما عبر عنه القديس بولس بقولة "اليس جميعهم ارواحا خادمة مرسلة للخدمة لاجل العتيدين ان يرثوا الخلاص " ( عب 1: 14)

ومن اجل ان تصوم الكنيسة هذة الاربعين يوما كاملة لذلك وضعت اسبوعا قبلها ليكون تعويضا عن ايام السبوت التى تاتى فى الاربعين المقدسة والتى لا يصام فيها انقطاعى اما الاسبوع الاخير من الصوم وهو الاسبوع الثامن فهو بمثل اقدس ايام فى السنة وهو اسبوع الام السيد المسيح التى بها نالت البشرية الخلاص من حكم الموت ومن الخطية التى افسدت طبيعتها وان كنا ندعو ايام الصوم المقدس "قدسا" فان اسبوع الالام هو "قدس اقداس " السنة كلها