منتدى البابا كيرلس و مارمينا و ابونا يسى
آخر ملوك بابل 16996
أهلا بكم فى منتدى البابا كيرلس و مارمينا و أبونا يسى
عزيزى الزائر / عزيزتى الزائرة : يرجى التكرم بالدخول اذا كنت عضوا بالضغط على كلمة دخول و كتابة اسمك و كلمة السر
واذا لم تكن قد سجلت بعد يسرنا اشتراكك فى المنتدى بالضغط على كلمة تسجيل
لإخفاء هذه النافذة اضغط على إخفاء
منتدى البابا كيرلس و مارمينا و ابونا يسى
آخر ملوك بابل 16996
أهلا بكم فى منتدى البابا كيرلس و مارمينا و أبونا يسى
عزيزى الزائر / عزيزتى الزائرة : يرجى التكرم بالدخول اذا كنت عضوا بالضغط على كلمة دخول و كتابة اسمك و كلمة السر
واذا لم تكن قد سجلت بعد يسرنا اشتراكك فى المنتدى بالضغط على كلمة تسجيل
لإخفاء هذه النافذة اضغط على إخفاء
منتدى البابا كيرلس و مارمينا و ابونا يسى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى البابا كيرلس و مارمينا و ابونا يسى



 
الرئيسيةالمجلةأفلام دينيةترانيمأحدث الصورعظاتبرامجالعابالتسجيلدخولمركز رفع الصور
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
أوامر مهمة
المواضيع الأخيرة
» شريط / كنيستى - المعلم ابراهيم عياد
آخر ملوك بابل Emptyالثلاثاء 02 أغسطس 2022, 12:07 am من طرف هاني الناجح

» شريط (( الشهداء )) للمرنم انطون ابراهيم عياد
آخر ملوك بابل Emptyالثلاثاء 02 أغسطس 2022, 12:02 am من طرف هاني الناجح

» شريط (( ساكت ليه )) للمرنمة هايدى منتصر
آخر ملوك بابل Emptyالثلاثاء 26 أبريل 2022, 9:59 am من طرف michel sobhy

» مجموعة اشرطة للمعلم ابراهيم عياد
آخر ملوك بابل Emptyالجمعة 08 أبريل 2022, 11:51 am من طرف usama caribou

»  قصة الرحمة حياة
آخر ملوك بابل Emptyالثلاثاء 08 مارس 2022, 10:48 pm من طرف kamel

» ملف كامل عن ظهورات العذراء حول العالم على مر العصور !!!
آخر ملوك بابل Emptyالثلاثاء 08 مارس 2022, 10:38 pm من طرف kamel

» صلاة من عمق القلب لك يارب ????????????????
آخر ملوك بابل Emptyالثلاثاء 08 مارس 2022, 10:26 pm من طرف kamel

» مقولة أعجبتنى.. ياريت الجميع بشارك..!!
آخر ملوك بابل Emptyالثلاثاء 08 مارس 2022, 10:14 pm من طرف kamel

» من معجزات ابونا يسى
آخر ملوك بابل Emptyالخميس 10 يونيو 2021, 10:25 am من طرف malak lopos

» قصه حياه ابونا يسى
آخر ملوك بابل Emptyالخميس 10 يونيو 2021, 10:23 am من طرف malak lopos

» كتاب معجزات ابونا يسى ميخائيل الجزء ال 38 ( 3 )
آخر ملوك بابل Emptyالخميس 10 يونيو 2021, 10:22 am من طرف malak lopos

» تمجيد للأنبا ابرآم اسقف الفيوم و الجيزة بمناسبة عيده
آخر ملوك بابل Emptyالخميس 10 يونيو 2021, 10:17 am من طرف malak lopos

» من معجزات الأنبا ابرآم اسقف الفيوم والجيزة
آخر ملوك بابل Emptyالخميس 10 يونيو 2021, 10:16 am من طرف malak lopos

» صلاة للبابا كيرلس كتبها لأحد الطلبة
آخر ملوك بابل Emptyالثلاثاء 09 مارس 2021, 10:54 am من طرف malak lopos

» من اقوال البابا كيرلس السادس
آخر ملوك بابل Emptyالثلاثاء 09 مارس 2021, 10:53 am من طرف malak lopos

» مفاجأة رائعة 19 شريط للبابا كيرلس بمناسبة عيد نياحته
آخر ملوك بابل Emptyالثلاثاء 09 مارس 2021, 10:51 am من طرف malak lopos

» 56 معجزة للبابا كيرلس بمناسبة عيد نياحته
آخر ملوك بابل Emptyالثلاثاء 09 مارس 2021, 10:51 am من طرف malak lopos

» woooooooooooooooow
آخر ملوك بابل Emptyالجمعة 22 يناير 2021, 5:09 pm من طرف ماجد فايزفرج

» فيلم ابونا يسطس الانطونى________جمييييييييييييييل جداااااا
آخر ملوك بابل Emptyالجمعة 22 يناير 2021, 5:07 pm من طرف ماجد فايزفرج

»  سنة جديدة ... ( كلمات الشاعر و الروائى / وائل كرمى )
آخر ملوك بابل Emptyالأربعاء 13 يناير 2021, 10:48 am من طرف وائل كرمى

» شريط (( وفى دينى )) للمرنم الرائع ( فرج عزيز )
آخر ملوك بابل Emptyالخميس 20 أغسطس 2020, 10:09 pm من طرف usama caribou

» اسطوانة الأجبية مكتوبة و مسموعة
آخر ملوك بابل Emptyالسبت 15 أغسطس 2020, 6:03 pm من طرف malak lopos

» العذراء فى القداس الإلهى
آخر ملوك بابل Emptyالخميس 06 أغسطس 2020, 10:27 am من طرف malak lopos

» معجزه العذراء والابره
آخر ملوك بابل Emptyالخميس 06 أغسطس 2020, 10:23 am من طرف malak lopos

»  ليك فى قلبى كلام ... ( كلمات الشاعر و الروائى / وائل كرمى )
آخر ملوك بابل Emptyالأربعاء 05 أغسطس 2020, 10:28 am من طرف وائل كرمى

» معجزات الشهيد ابانوب النهيسى
آخر ملوك بابل Emptyالجمعة 31 يوليو 2020, 5:33 pm من طرف malak lopos

» معجزة للقديس ابانوب
آخر ملوك بابل Emptyالجمعة 31 يوليو 2020, 5:32 pm من طرف malak lopos

» شريط (( طوباك يا ابانوب )) للشماس بولس ملاك
آخر ملوك بابل Emptyالجمعة 31 يوليو 2020, 5:29 pm من طرف malak lopos

» الكتاب المقدس مكتوب و مسموع ( العهد القديم )
آخر ملوك بابل Emptyالخميس 30 يوليو 2020, 5:28 pm من طرف malak lopos

»  شريط أيتها العذراء المعلم ابراهيم عياد + أنطون ابراهيم
آخر ملوك بابل Emptyالثلاثاء 21 يوليو 2020, 8:35 pm من طرف كيرلس رزق

» شريط سحابة شهود للقديس يوليوس الاقفهصى بولس ملاك
آخر ملوك بابل Emptyالثلاثاء 21 يوليو 2020, 8:23 pm من طرف كيرلس رزق

» اسطوانة الأسفار القانونية الثانية مكتوبة و مسموعة
آخر ملوك بابل Emptyالجمعة 17 يوليو 2020, 6:50 pm من طرف malak lopos

» الكتاب المقدس مكتوب و مسموع
آخر ملوك بابل Emptyالأحد 12 يوليو 2020, 11:32 am من طرف malak lopos

»  مدينة الحب ... كلمات (الشاعر و الروائى / وائل كرمى )
آخر ملوك بابل Emptyالجمعة 09 أغسطس 2019, 5:58 pm من طرف وائل كرمى

»  شريط غالي عليه (( روماني روؤف وفرج عزيز ))
آخر ملوك بابل Emptyالخميس 18 يوليو 2019, 11:00 pm من طرف romany nasser

» شريط (( فى عينى دمعة )) للمرنم ذو الصوت الرائع فرج عزيز
آخر ملوك بابل Emptyالخميس 18 يوليو 2019, 10:15 pm من طرف romany nasser

» شريط أنا المفدى للمرنم فرج عزيز
آخر ملوك بابل Emptyالخميس 18 يوليو 2019, 10:14 pm من طرف romany nasser

» قصة كلام الناس
آخر ملوك بابل Emptyالثلاثاء 09 يوليو 2019, 10:23 am من طرف مريانا

»  معجزة لبابا كيرلس السادس
آخر ملوك بابل Emptyالجمعة 21 يونيو 2019, 10:20 am من طرف malak lopos

» قصة أين ذهب الرسم؟
آخر ملوك بابل Emptyالجمعة 21 يونيو 2019, 10:11 am من طرف malak lopos

شارك اصدقائك على الفيس بوك و تويتر و جوجل
شروحات مهمة
آخر ملوك بابل 01010110


 آخر ملوك بابل 01010111


 آخر ملوك بابل 01010112

 آخر ملوك بابل 0011
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
malak lopos
آخر ملوك بابل I_vote_rcapآخر ملوك بابل I_voting_barآخر ملوك بابل I_vote_lcap 
سالى عبده
آخر ملوك بابل I_vote_rcapآخر ملوك بابل I_voting_barآخر ملوك بابل I_vote_lcap 
عزت
آخر ملوك بابل I_vote_rcapآخر ملوك بابل I_voting_barآخر ملوك بابل I_vote_lcap 
kamel
آخر ملوك بابل I_vote_rcapآخر ملوك بابل I_voting_barآخر ملوك بابل I_vote_lcap 
مريانا
آخر ملوك بابل I_vote_rcapآخر ملوك بابل I_voting_barآخر ملوك بابل I_vote_lcap 
د.محبوب
آخر ملوك بابل I_vote_rcapآخر ملوك بابل I_voting_barآخر ملوك بابل I_vote_lcap 
mmk
آخر ملوك بابل I_vote_rcapآخر ملوك بابل I_voting_barآخر ملوك بابل I_vote_lcap 
بهيج
آخر ملوك بابل I_vote_rcapآخر ملوك بابل I_voting_barآخر ملوك بابل I_vote_lcap 
مارونا
آخر ملوك بابل I_vote_rcapآخر ملوك بابل I_voting_barآخر ملوك بابل I_vote_lcap 
diana.wahba
آخر ملوك بابل I_vote_rcapآخر ملوك بابل I_voting_barآخر ملوك بابل I_vote_lcap 
احصائيات
هذا المنتدى يتوفر على 5588 عُضو.
آخر عُضو مُسجل هو mohamed38389393hany فمرحباً به.

أعضاؤنا قدموا 38273 مساهمة في هذا المنتدى في 16742 موضوع
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 27 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 27 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحث

لا أحد

أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 563 بتاريخ الخميس 24 مايو 2012, 9:00 pm
اختار لغة المنتدى
أختر لغة المنتدى من هنا

 

 آخر ملوك بابل

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
بابا جورج
عضو نشيط
 عضو نشيط
بابا جورج


عدد المساهمات : 179
نقاط : 5429
تاريخ التسجيل : 04/09/2010
العمر : 75

آخر ملوك بابل Empty
مُساهمةموضوع: آخر ملوك بابل   آخر ملوك بابل Emptyالخميس 09 سبتمبر 2010, 11:39 am

آول مردوخ ( والمسمى مردوخ الشرير في العهد القديم 561 – 560)، هو ابن نبوخذنصر، لم يتمكن من نيل اسناد كهنة الاله مردوخ. لم يستمر حكمه طويلا، وسرعان ما ازيل. اما نسيبه وخلفه، نيركال شار اوشور ( والمسمى نركيلصر في المصادر القديمة؛ 559-556)، فقد كان قائدا عسكريا قاد حملة في 557 في اراضي السلجوقيين الوعرة والتي كانت تحت سيطرة الميدين. كانت قطعاته الارضيه يسندها الاسطول . اما ابنه الاصغر لاباشي مردوخ فقد اغتيل بعيد ذلك بقليل، على ادعاء انه لم يكن يصلح لمنصبه.
آراميان نابونيدوس كان الملك التالي (نبو نايهه 556-539) من حران، احد اكثر الشخصيات ابهاما في العصر القديم. كانت امه "أداجوبه" ، كاهنة للاله سن في حران، جاءت الى بابل وتمكنت من تامين منصب مهم لابنها في القصر. ولقد كافأها اله القمر لطاعتها وتقواها بعمر مديد -- فلقد عاشت 103 سنوات – ودفنت في حران في 547 بكل حفاوة الملكة. ليس من المعروف اي الجهات المتنفذة تلك التي دعمت عرش نابونيدوس؛ قد تكون جهة مناوئة لكهنة مردوخ، والذي اصبح ذا سلطة عظيمة. غزا نابونيدوس سيليسيا في 555 وامن حصار حران، والتي كانت تحكم من قبل ميديا. ولقد وقع معاهدة دفاع مع الملك الميدي استياجيس ضد الفرس الذين اصبحوا خطرا متزايدا منذ 559 تحت حكم ملكهم سيروس الثاني. ولقد كرس جهده ايضا لتجديد العديد من المعابد، موليا اهتماما كبيرا بالكتابات القديمة. ولقد فضل الهه سين وكان له من بين كهنة الاله مردوخ اعداء اقوياء. لقد عثر من خلال الحفريات الحديثة على شضايا الواح فيها قصائد للدعاية كتبت ضد نابونيدوس واخرى معه.
ان المشاكل الداخلية والاقرار بان الشريط الضيق من الارض الممتد من الخليج الفارسي الى سوريا لا يمكن الدفاع عنه ضد هجوم رئيس من الشرق، دفع نابونيدوس الى ترك بابل في حدود 552 والعيش في تايما في شمال الجزيرة العربية. هناك قام بتنظيم مقاطعة عربية. اما ولي عهده في بابل فقد كان ابنه " بلشار اوسور"، "بلشصر" حسب كتاب دانيال في الانجيل. لقد حول سيروس هذا لصالحه بان ضم اليه ميديا في 550 . وبالمقابل تحالف نابونيدوس مع الملك الليدي كرويسوس من اجل محاربة سيروس. الا ان سيروس عند مهاجمته ليديا وضمها اليه في 546 لم يتمكن نابونيدوس من مساعدة كرويسوس. كان سيروس مستبشرا بالوقت. في عام 542 عاد نابونيدوس الى بابل حيث كان ابنه متمكنا من ادامة النظام في الامور الخارجية ولكنه لم يستطع من التغلب على المعارضة الداخلية المتزايدة ضد والده. ونتيجة لذلك، كانت حياة نابونيدوس العملية قصيرة بعد عودته، بالرغم من محاولته الحثيثة على كسب ود البابلين. وعين ابنته لتكون كاهنة للاله سن في اور، وبهذا عاد الى التقاليد الدينية السومرية-البابلية القديمة. كان كهنة مردوخ يتطلعون الى سيروس آملين اقامة علاقات معه افضل من تلك التي مع نابونيدوس؛ واعدين سيروس على تسليم بابل دون قتال ان هو منحهم حقوقهم بالمقابل. في عام 539 هاجم سيروس شمال الدولة البابلية بجيش كبير ملحقا بنابونيدوس الهزيمة، ودخل مدينة بابل دونما قتال. ولم تبد بقية المدن مقاومة ايضا. ولقد استسلم نابونيدوس واستلم مقاطعة صغيرة في شرق ايران. لقد خلطت المصادر بينه وبين سلفه العظيم نبوخذنصر الثاني. ويشير كتاب دانيال اليه في الانجيل نيبوخذريزار.
ان تقديم بالبل بسلام الى سيروس حماها من ان يكون مصيرها مصير الدولة الاشورية. فقد اصبحت مقاطعة تحت حكم التاج الفارسي ولكنها احتفظت باستقلالها الثقافي. حتى الجزء الغربي من بابل المؤلف من خليط عرقي فقد استسلم دون مقاومة.
لقد انهك البابليون في 620 من الحكم الاشوري. ولقد تعبوا ايضا من الصراعات الداخلية. لذا فلقد كان من السهل اقناعهم لتقديم الطاعة للملوك الكلدانيين. فكانت النتيجة اندماج اجتماعي واقتصادي سريعين بشكل مدهش، ومما ساعد على ذلك انه بعد سقوط الدولة الاشورية، لم يعد هناك خطر خارجي يهدد الدولة البابلية لما يزيد عن 60 عاما. كانت المعابد في المدن جزءا مهما من الاقتصاد، فكانت لها فوائد شاسعة تحت امرتها. واستعادت طبقة رجال الاعمال قوتها، ليس في مجال التجارة فحسب بل في ادارة الزراعة في المناطق الحضرية. لقد ازدهرت تربية الحيوانات ( الاغنام والماعز والابقار والخيول) اضافة الى مزارع الدواجن. ان زراعة الذرة والتمور والخضراوات قد ازدادت اهميتها. ولقد بذل الكثير لتحسين المواصلات، بشقيها البري والمائي مع المقاطعات الغربية للامبراطورية. لقد كان لسقوط الامبراطورية الاشورية نتائج منها ان العديد من الروافد التجارية كانت قد عادت لتصب في بابل. ومن نتائجه الاخرى ان بابل اصبحت مركزا عالميا.
ان الكميه الهائلة من مواد التوثيق والمراسلات التي امكن انقاذها لم يجر تحليلها بعد. لم يجر تطوير نظام قانوني او اداري جديدين خلال هذه الفترة. ولقد تحولت اللهجة البابلية تدريجيا الى الارامية؛ كانت لا تزال تكتب مبدئيا على الالواح الطينية مضافا اليها حروفا ارامية. لم تصمد الوثائق المكتوبة على البردي او الجلود . على عكس التطور في الميادين الاخرى فليس هناك دلائل تشير الى ابداع فني. ماعدا بعض الكتابات الملكية، وخاصة نابونيدوس، والتي لا يمكن مقارنتها من وجهة النظر الادبية بتلك التي عند الاشوريين، فان الجهد الرئيس كان منصبا على اعادة كتابة النصوص القديمة. اما في مجال الفنون الجميلة، فان بعض التماثيل الصغيرة فقط هي التي تشير الى اتجاهات جديدة.
أول دولة قامت في مدينة آشور في شمال بلاد ما بين النهرين، وتوسعت في الألف الثانية ق.م. وامتدت شمالا لمدن نينوي، نمرود وخورسباد. ولقد حكم الملك شمشي مدينة آشور عام 1813 ق.م. واستولي حمورابي ملك بابل على آشور عام 1760 ق.م. إلا أن الملك الآشوري شلمنصر استولي على بابل وهزم الميتانيين عام 1273 ق.م. ثم استولت آشور ثانية على بابل عام 1240 ق.م. وفي عام 1000 ق.م. استولي الآراميون على آشور، لكن الآشوريين استولوا على فينيقيا عام 774 ق.م. وصور عام 734 ق.م. والسامرة عام 721 ق.م. وأسر سارجون الثاني اليهود في أورشليم عام 701 ق.م. وفي عام 686 ق.م. دمر الآشوريون مدينة بابل وثار البابليون على حكم الآشوريين وهزموهم بمساعدة ميديا عام 612 ق.م. شن الآشوريون حملاتهم على باقي مناطق سوريا وتركيا وإيران. الإمبراطورية الآشورية
وكانت مملكة آشور دولة عسكرية تقوم على العبيد، وكان لها إنجازات معمارية وصنع التماثيل ولاسيما تماثيل الثيران المجنحة التي كانت تقام أمام القصر الملكي، وزينت الجدران بنقوش المعارك ورحلات الصيد. وما بين سنتي 883 ق.م. و612ق.م. أقامت إمبراطورية من النيل للقوقاز، ومن ملوكها العظام: آشوربانيبال، تغلات فلاصر الثالث، سرجون الثاني، سنحاريب، آشورناصربال، واسرحادون (والد آشور بانيبال) الذي كان مهووسا بحب إذلال الملوك حيث كان يجبر الملوك التابعين له على المجيء إلى عاصمته والعمل في ظروف قاسية لبناء قصوره في نينوى، وآخر ملوك آشور المدعو آشور أوباليط الذي اقام مقر قيادة مؤقت في حران (الجزيرة الفراتية) بعد سقوط نينوى بيد البابليين بقيادة نابو بولاصر الكلداني محاولا تاخير المذبحة الشاملة للشعب الآشوري. وكانت كتابة الآشوريين الكتابة المسمارية التي كانت تكتب علي ألواح الطين، وأشهر مخطوطاتها ملحمة جلجماش التي ورد بها الطوفان لأول مرة. وكانت علومهم مرتبطة بالزراعة ونظام العد الحسابي السومري الذي عرف بنظام الستينات وكان يعرفون أن الدائرة 60 درجة، كما عرفوا الكسور والمربع والمكعب والجذر التربيعي، وتقدموا في الفلك وحسبوا محيط خمسة كواكب، وكان لهم تقويمهم القمري وقسموا السنة لشهور والشهور لأيام، وكان اليوم عندهم 12 ساعة والساعة 30 دقيقة. وكانت مكتبة الملك آشور بانيبال من أشهر المكتبات في العالم القديم حيث جمع كل الألواح بها من شتي مكتبات بلاده.
الآشوريون من القبائل السامية، التي قطنت المنطقة الشمالية من حوض نهر دجلة ، بعد التقاء هجرتين من مناطق الجوار، الأولى التي تمثلت في نزوح العناصر السامية من منطقة بابل خلال العهد الأكدي. أما الثانية فإنها تمثلت في هجرة الآراميين من سوريا وهم من الأقوام السامية إلى المنطقة. وبقدر التأكيد على "ساميّة" أصول الآشوريين، فإن حالة الاختلاط مع الأقوام الأخرى كان لابد لها أن تظهر في ارتباطها ببعض الأقوام غير السامية، من حيثيين وأكراد (1).
كان الارتباط السياسي بالنسبة للآشوريين، قد وضح في الخضوع لسيطرة أسرة أور الثالثة، والتي ما إن بدأ سلطانها بالزوال، حتى تطلع الملك "بوزور آشور الأول" لإعلان الاستقلال والعمل على تأسيس الحكم الآشوري خلال العام 2000 ق.م، ليبدأ التحرك نحو مناطق الحوض الجنوبي من وادي الرافدين. والواقع أن الآموريين بدؤوا في إعلان ولائهم للآشوريين من أجل التمكن من الاستقرار من منطقة مركز الحكم الآشوري، وبالتالي التمكن من النفاذ إلى قمة هرم السلطة والسيطرة على مؤسسة الحكم، وكان لهذه الحركة أثرها في توسع النفوذ الآشوري إلى سواحل البحر المتوسط في سوريا، إلا أن ظهور الملك حمورابي كان قد أوقف مرحلة التوسع الآشوري، بعد أن أخضعها تحت نفوذه.
بعد سقوط الدولة البابلية الأولى على يد الحيثيين، تمكن الآشوريين من استثمار الفرصة، لإعلان استقلالهم على يد الملك "شمش آدار الثاني" في العام 1380 ق.م، الذي تميز عهده بالعمل الجاد والدؤوب على إعادة بناء وتوسيع الدولة الآشورية، إلا أن خلفاؤه لم يكونوا بمستوى طموحاته، هذا بالإضافة إلى حالة الخطر والتهديد الذي ظهر على يد الميتانيين من القبائل الحورية والممالك السورية خلال منتصف الألف الثاني ق.م، حيث قيض لهم السيطرة على الدولة الآشورية حوالي مائة عام.
ساهمت العلاقات الدولية المحتدمة بين القوى الناهضة، في تغيير ملامح الصورة السياسية العامة، إذ لم تستقر الأوضاع، بقدر ماكانت الطموحات هي الدافع الرئيس في صدام القوى، وتوجيه التحالفات، فالميتانيون كانوا قد دخلوا في صراع سياسي وعسكري ضد الحيثيين، هذا بالإضافة إلى الانقسام الذي ظهر داخل البيت الميتاني الحاكم، ليتبلور الاتجاه لدى ملك آشور المدعو "آشور أوبلط الأول" في إعلان تحالفه مع أحد أطراف النزاع الداخلي.
إن النتائج التي تمكن أن يحصل عليها الملك الآشوري، لاسيما في التخلص من النفوذ الميتاني والتمكن من اقتسام بلادهم، أن جعله يتوجه نحو توطيد أواصر علاقاته السياسية، مع القوى السياسية الفاعلة، حيث أقدم على الزواج من ابنة الملك الكاشي الذي كان يفرض نفوذه على بابل (2). وقد حظيت مملكة آشور بملوك خلفوا "آشور أوبلط" وكانوا على مستوى المسؤولية وانتهجوا ذات الأسلوب الذي سار عليه، ليثمر عن ذلك خلال القرن التاسع ق.م، بلوغ مستوى الإمبراطورية الآشورية بكل قوتها ونفوذها السياسي. من الملوك الآشوريين البارزين "شلمنصر الأول" الذي دام حكمه 1266 - 1243 ق.م، وتطلع إلى توجيه العديد من الحملات العسكرية وعمل على استبدال العاصمة "آشور" بمدينة "نمرود". أما العمل الأبرز فكان على يد الملك "توكلتي ننورتا" 1243 - 1221 ق.م، الذي تمكن من السيطرة على بلاد بابل، وتوسيع سلطانه في الجهات الشرقية والغربية. لكن بعد وفاة هذا الملك دخلت آشور في مرحلة الضعف السياسي، نتيجة لوصول ملوك ضعاف الشخصية، غير قادرين على إدارة مقاليد الحكم، واستمرت هذه الفترة حوالي مائة عام، حتى بلوغ الملك "تجلات بلاسر الأول" 1116 - 1090 ق.م إلى سدة الحكم، لتكون هذه الفترة مليئة بالإنجازات العسكرية الكبيرة، حيث تمكن من تحقيق الانتصارات المتوالية في الأصقاع البعيدة، في البحر الأسود وسواحل آسيا الصغرى والمدن الفينيقية على الساحل السوري ، هذا بالإضافة إلى استعادة السيطرة على مملكة بابل (3)، وإعادة نقله العاصمة إلى المدينة القديمة "آشور" والعمل على إعادة بنائها من جديد، وذلك بعد أن توفرت الأموال اللازمة التي كانت تأتي إلى العاصمة من مختلف الأقاليم التي تمت السيطرة عليها.
على الرغم من الجهود التي بذلها "تجلات بلاسر" في تدعيم الملك الآشوري وبناء الدولة، إلا أن الخطر الآرامي مثل تهديداً حقيقياً للآشوريين، لاسيما خلال القرن الحادي عشر ق.م. لكن القرن التاسع عشر ق.م، شهد نهوضاً آشورياً جديداً على يد الملك "آداد نيراري الثاني" 913 - 890 ق.م، الذي عمل على مواجهة الخطر الآرامي من خلال إخضاعهم للسلطان الآشوري، وتطلع نحو محاربة بابل لتسفر عن توقيع معاهدة بين الطرفين، اعترفت فيها مملكة بابل بترسيم الحدود مع الجانب الآشوري.
أما المرحلة اللاحقة فقد تميزت في تحركات القبائل الجبلية في المناطق الشمالية من سوريا، وتطلعات الآراميين في المنطقة الغربية حتى جاء الملك "آشور ناصر بال الثاني" 883 - 859 ق.م، الذي وضع لمساته الخاصة في مجال التنظيمات العسكرية، حيث توسع في مجال استخدام العربات العسكرية والخيالة، مع العناية بالجانب الإداري، حيث كان للتوسع الكبير في الفتوحات، أثره في أهمية الاعتماد على ولادة ينوبون عن الملك في إدارة الأقاليم، لاسيما البعيدة منها. وكان الملك "شلمنصر الثالث 858 - 824 ق.م، قد عمل على توسيع رقعة الحكم الآشوري، ليفرض الجزية على الممالك الواقعة في رأس الخليج العربي. هذا بالإضافة إلى الحملات التي وجهها نحو جنوب سوريا . ولعل الحادث الأكثر جسامة في تاريخ الملك شلمنصر، كان قد تمثل في الانتصار الذي حققه في معركة "قرقارة" عام 853 ق.م، عندما واجه التحالف الذي تم بين الآراميين، خصوصاً بعد تعرض مدينة "دمشق" لهجوم شلمنصر، وعلى الرغم من تمكن الملك من مواجهة جيوش إثنتا عشر مملكة آرامية، إلا أنه لم يتمكن من دخول "دمشق" (4). ومما فاقم في الأوضاع، ظهور حالة من التمرد الداخلي في الأسرة الحاكمة، حيث أعلن أحد أبناء الملك راية العصيان، مما كان له الأثر البالغ في فقدان مملكة آشور لبعض الأقاليم الآشورية-البابلية، من خلال إقدام الملك "شمش آداد الخامس 824 - 810 ق.م، للزواج من الأميرة البابلية "سميراميس" التي صارت الوصية على عرش ولدها الصغير بعد وفاة والده الملك. والواقع أن مملكة آشور كانت قد وقعت تحت حكم بعض الملوك الضعاف الذين لم يتمكنوا من تقديم، أي إنجاز سياسي، حتى ظهور الملك "تجلات بلاسر الثالث" 745 - 727 ق.م.
مايميز عصر هذا الملك، الاتجاه الشديد والقاسي، نحو فرض العقوبات الصارمة بأعدائه، فقد تمكن من دخول مدينة دمشق عام 732 ق.م، وعمد إلى نقل سكانها إلى خارج المدينة، من أجل القضاء على نفوذ الدولة الآرامية بدمشق ، وكان هذا الأسلوب قد ابتدعه ليسير خلفاؤه من بعده عليه، من جانب آخر كان تركز تجلات بلاسر على محاربة الميديين في بلاد فارس، فيما تمكن من احتلال مدينة بابل عام 729 ق.م، وإعلان نفسه ملكاً عليها. وكان من نتائج التوجه نحو الفتوح والحركات العسكرية المستمرة، أن توسعت رقعة الإمبراطورية الآشورية، لتشمل مناطق بعيدة أتاحت لخلفه الملك شلمنصر الخامس 727 - 722 ق.م، أن يحظى بمملكة واسعة الأرجاء، محكمة البنيان، تدخل خزانتها الأموال الواسعة الكبيرة، إلا أنه تعرض للانتفاضة الداخلية، لينتقل الحكم إلى أخيه الملك سرجون الثاني 722 - 705 ق.م، الذي واجه الأطماع المصرية في المنطقة بعد أن فقدت نفوذها في فلسطين، ودولة بابل التي حاولت التخلص من السيطرة الآشورية المباشرة. فيما تميزت خطوات "سرجون الثاني" بالتؤدة والحكمة، حتى أنه صفح عن ألد أعدائه، وعينهم في مناصب مهمة، مثل حكام إمارات، كل هذا من أجل حفظ الموازنات (5)، ليتمكن بالتالي من الحصول على لقب ملك بابل .
من جانب آخر قيض لهذا الملك أن يتم له القضاء على مملكة السامرة عام 722 ق.م، ويعمد إلى طرد أهلها واستبدالهم بسكان جدد، وبعدد أكبر مما كان، وعين عليها حاكماً آشورياً مع فرض الجزية. وفي الوقت ذاته برزت التدخلات المصرية في المنطقة الغربية، حيث عمدت إلى تقديم الدعم من أجل ظهور التمرد والثورات ضد النفوذ الآشوري. لكن سرجون الثاني لم تخمد همته، بل حرص بالإضافة إلى نشاطاته العكسرية، إلى تأمين الطرق التجارية في سوريا عند الشمال الغربي وفي جزيرة العرب واليمن وحضرموت (6). أما في الأقاليم الشمالية من سورية فإن جهوده أثمرت عن مد سلطانه إلى طوروس وآرارات وعمد إلى احتلال قبرص، بل وحرص على فرض نفوذه في مناط التخوم مع الجنوب مع بلاد مصر ولاسيما وفلسطين. أما في المجال العمراني، فقد حرص على تطوير مدينة "آشور" العاصمة القديمة، لينتقل بعدها إلى مدينة "نمرود"، فانتقالة مرة أخرى إلى مدينة "نينوى"، لكنه حرص في العام 713 ق.م، على إنشاء مدينة جديدة "خرسباد" بعد أن أحاطها بسور حصين، تم بناء مائة وخمسون برجاً عليه، مع ثمان بوابات مرسوم عليها الثيران المجنحة لحراسة المدينة، وقد تم افتتاح المدينة عام 706 ق.م، بعد أن خططت بشكل دقيق وحاذق يثير الإعجاب، ليكون دلالة عميقة على التطور الفني والعمراني الذي بلغه الآشوريون، لاسيما وأن حالة الاتصال مع الثقافات الأخرى كان له الأثر البارز في هذا المجال. لكن المدينة سرعان ماأهملت، خصوصاً وأن خلفه الملك "سنحاريب" 705 - 681 ق.م، وقد نقل العاصمة إلى "نينوى".
مايميز عهد "سنحاريب" حالة التقارب والتحالف مع الفينيقيين واليونان، الذين قدموا له الدعم في إنشاء السفن التي استخدمها في محاربة الممالك البابلية الموجودة في أقصى الجنوب عند رأس الخليج العربي، لاسيما بابل وبعض الممالك السورية كانت قد وقفت بالضد من بلاد آشور ) في شرق سوريا والهلال الخصيب . أما الملك "أسرحدون 680 - 669" ق.م الذي قيض له أن يقمع الفتنة التي ظهرت في أعقاب والده سنحاريب، فقد توجه بكل ثقله نحو محاربة مصر في شرق الدلتا عام 675 ق.م ،م .
بوفاة الملك "أسرحدون" المفاجئة، تعرضت الأسرة الحاكمة إلى مشكلة وراثة الحكم، حيث تمكن الابن الثالث "آشور بانيبال" 669 - 626 ق.م، من السيطرة على الحكم في بلاد آشور، أما الابن الأكبر "شمش شوم أوكين" فقد عين وريثاً شرعياً للمملكة في بابل، وكان التعاون بين الأخوين قد استمر لمدة عشرين عاماً، لكن الأطراف المناوئة للنفوذ الآشوري، حاولت التقرب إلى الملك "شمش شوم"، محرضينه على أهمية التمرد على أخيه الملك "آشور بانيبال". وقد عملت عدة أطراف في هذا المجال منها الكلدانيون والعيلاميون والممالك السورية وامراء القبائل العربية ، ليسفر عن ذلك حصار لمدينة بابل عام 652 ق.م، دام حوالي السنتين انتهى بوفاة الملك "شمش شوم" وتدمير مدينة بابل، ليتوجه "آشور بانيبال" بعدها إلى تأديب الحلفاء حيث هاجم العيلاميين، وعمد إلى تدمير مدينة "سوسة".
وكعادة الآشوريين، فإن مشكلة ولاية العهد كانت الأكثر حضوراً في الواقع السياسي، حتى أن وفاة أي ملك منهم، تمثل مرحلة قلاقل وصدامات بين الأمراء، إذ عادت الحروب بين الإخوان حول ولاية العهد والفوز بالمنصب الملكي، وقد استثمرها ملوك الأقاليم للانفصال عن الحكم الآشوري، حيث انفصلت فلسطين وسوريا وأرمينيا، وظهرت الأسرة الكلدانية في بابل، وبدأ الميديون بتهديد العاصمة الآشورية. وقد بلغ الأمر قمته عندما تم التحالف بين الميديين والبابليين لاقتسام مملكة آشور وتدمير العاصمة "نينوى" ونهب كنوزها (8).
كان للطبيعة الحربية التي نشأ عليها الآشوريون، قد انعكست في مجال الاعتقاد والعبادات الدينية، حيث يغلب على آلهتهم الصفة الحربية، وهذا مايتجسد في كبير الآلهة لديهم وهو "آشور" إله الحرب، حيث يجسد في رسم محارب قاسي الملامح يحمل العدّة الحربية الكاملة والجاهزة. وفي المرتبة الثانية تأتي منزلة الآلهة "عشتار" زوجة "آشور"، حيث يتم رسمها وفق السمة الحربية، حيث تحمل السيف والقوس وتضع على كتفها السهام المعدة للقتال. والواقع أن عبادة الآشوريين لم تتوقف على هذين الإلهين، بل إن الاحتكاك مع الأقوام والثقافات المختلفة ومنهم الاراميين ، جعلتهم يتوجهون نحو عبادة العديد من الآلهة مثل؛ "شمش، سن، آدد، نابو، بعل، مردوخ، إينورتا"
في سنة 612 ق. م. وبعد حرب أهلية مطولة استطاع البابليون والميديون المخضعون سابقا لبلاد أشور أن يقهروا ويدمروا نينوى عاصمة الإمبراطورية الآشورية في العهد الآشوري الحديث، وتلاشت المدينة العظيمة في لهيب من النيران ولم تستعد منزلتها السابقة أبدا. بعد ذلك بثلاث سنوات قام نفس المتمردون ثانيةبتدمير العاصمة الآشورية الغربية "حرُان" ساحقين بذلك آخر خندق للمقاومة لملك بلاد آشور الأخير أشور اوبَلُيط الثاني. هذا الحادث ختم مصير الإمبراطورية الآشورية، وهنا ينتهي عادة عهد الآشوريين في الكتب التاريخية.

ماذا حدث للآشوريين بعد سقوط بلاد أشور؟ هذا التساؤل المستعصي الإجابة عليه لسببين:
أولا: قلّما لمس علماء الآشوريات هذه المسألة، حيث يبدو أن اغلبهم يتفقون، وبدون الإدلاء علناً، مع الفكرة القائلة بأن الآشوريين قد أبيدوا عن بكرة أبيهم كما ذٌكر سابقا من قبل سدني سمث في عام 1925 "إن زوال الشعب الآشوري سيبقى دائما ظاهرة فريدة وملفتة للنظر في التاريخ القديم. ممالك وإمبراطوريات أخرى مماثلة قد توارت حقا ولكن الشعب استمر في الوجود ... لم يُسلَب وينهب أي بلد آخر على ما يبدو بالصورة الكاملة كما حصل لبلاد أشور".
ثانيا: على خلاف وفرة المعلومات عن فترة الإمبراطورية فإن المعلومات عن بلاد أشور والآشوريين فيما بعد عهد الإمبراطورية هي ضئيلة ومبعثرة، فالافتقار الكامل تقريبا للمعلومات عن بلاد أشور ذاتها يبدو مؤازرا لفكرة الإبادة الجماعية، والتي تبدو أيضا معززة بإفادات شهود العيان القدماء. حين مرَّ المؤرخ الإغريقي زينوفون بعد 200 سنة من سقوط نينوى خلال قلب الوطن الآشوري وزار موقعي مدينتين آشوريتين عظيمتين لم يجد إلا الخراب ولم يتمكن من استرجاع إلا معلومات قليلة عنهما من القرويين في المناطق المجاورة. ولكون الإقليم حيث موقع هاتين المدينتين المهجورتين كان آنذاك تابعا للميديين، فافترض الإغريق بأن سكانهما الأوائل كانوا ميديون على نفس الغرار، ولكن مع ما ذكرنا سابقا فأنه من الواضح بأنه لم تحصل على الإطلاق مذبحة جماعية لكل الآشوريين.
حقا أن بعض المدن العظيمة لبلاد أشور كانت قد دُمِّرت ونٌهبت بصورة تامة – والتنقيبات الأثرية تؤكد هذا – ولقد جرى بالتأكيد بعض الترحيل وذٌبح جزء كبير من النبلاء الآشوريين من قبل الغزاة. ولكن بلاد أشور كانت على أية حال واسعة ومكتظة بالسكان فخارج بعض المراكز الحضارية المُدَمِّرة استمرت الحياة كالمعتاد. هذا الأمر قد أُثبت باكتشاف حديث لأرشيف يعود لفترة ما بعد الإمبراطورية في العاصمة الإقليمية دور – كَتليمّو على نهر الخابور والذي يحتوي على وثائق تجارية مكتوبة بالخط المسماري الآشوري لأكثر من عقد من الزمن بعد سقوط نينوى. وبغض النظر عن حقيقة كون هذه الوثائق قد أٌرِّخَت بعهد حكم الملك البابلي نبوخذنصر الثاني فأنه ليس من شئ في صياغتها أو هيئتها ما يدل على عدم كونها مكتوبة في عهد الإمبراطورية الآشورية. أرشيف آخر صغير تم اكتشافه في مدينة أشور مكتوب بخط مسماري غير معروف سابقا، ومن المحتمل النوع المانوي Mannean)) من الخط المسماري، يثبت بأن الصاغة الآشوريون كانوا لا يزالون يعملون في المدينة في عهد ما بعد الإمبراطورية على الرغم من كونها الآن تحت السيطرة الميدية.
علاوة على ما ذكرنا سابقا فقد تم حديثا تعيين هوية أكثر من مئة آشوري ذوي أسماء آشورية بحتة في وثائق اقتصادية من عدة مواقع بابلية مؤرخة ما بين 625-404 ق.م. ومما لاشك فيه أن العديد من الآشوريين الآخرين سيتم تحديد هويتهم في وثائق كهذه. نحن لا نعلم فيما إذا كان هؤلاء الناس عبارة عن مُرحلَّين او مهاجرين من بلاد أشور ، أو ربما استوطنت عائلاتهم مسبقا في بلاد بابل أثناء الحكم الآشوري، أنهم وبأية حال يثبتون بصورة مطلقة بقاء العديد من الآشوريين على قيد الحياة بعد سقوط الإمبراطورية واستمرارية الهوية والديانة والحضارة الآشورية في فترة ما بعد الإمبراطورية. العديد من هذه الأسماء تتضمن في تركيبها الاسم المقدس أشور، وبعض هؤلاء الأشخاص المعنيين احتلّوا مناصب عالية جدا حيث أن أحدهم بان-أشور-لومور كان أمين سر لولي العهد قمبيز أثناء حكم كورش الثاني سنة 530 ق.م.
أسماء آشورية أخرى وجدت في النصوص الآرامية والإغريقية في الفترة اللاحقة في مدينة أشور والحضر ودورا اورويوس وتدمر وأستمر ورودها حتى بداية العهد الساساني. هذه الأسماء يمكن التعرق عليها من خلال أسماء الآلهة الآشورية التي تدخل في تركيبها، ولكن بينما كانت المكونات البقية للاسم هي أكدية بصورة سائدة، فأن هذه المكونات هي الآن وعلى وجه الحصر آرامية. كل هذا مقرونا مع الخط واللغة الآرامية للنصوص يبين بأن آشوريي تلك العهود المتأخرة لم يعد يتكلموا الأكدية كلغة الأم. أما فيما يخص جميع النواحي الأخرى فقد استمروا بنفس تقاليد فترة الإمبراطورية. ففي مدينة أشور استمرت عبادة الآلهة أشور وشيروّا وعشتار ونانايا وبيل ونابو ونركال حتى أوائل القرن الثالث الميلادي على الأقل. التقويم الديني المحلي كان عينه في عهد الإمبراطورية، ومعبد الإله أشور كان قد تم ترميمه في القرن الثاني الميلادي، والنُصب التذكارية للحكام المحليين تشبه تلك التي تعود للملوك الآشوريين في العهد الإمبراطوري. أنه جدير بالإشارة بأن العديد من الأسماء الآرامية الواردة في النُصب التذكارية التي تعود لفترة ما بعد الإمبراطورية وكذلك الكتابات على الجدران في مدينة أشور هي عينها واردة قبل ذلك بـ 800 سنة في النصوص من العهد الإمبراطوري في الموقع نفسه.

إن مدينة أشور لم تكن على الإطلاق المدينة الوحيدة حيث تمكنت الديانة وطقوس العبادة الآشورية من البقاء والاستمرار بعد سقوط الإمبراطورية، فقد تم في أواسط القرن السادس ق.م. ترميم معبد سين، إله القمر العظيم لحرُان، من قبل المك البابلي نابونيد (Nabonidus)، وكذلك فإن الملك الفارسي كورُش يدعي بأنه أعاد عشتار نينوى إلى معبدها الأصلي في مدينة نينوى. المصادر الكلاسيكية تشهد على استمرارية طقوس العبادة الاآشورية في مدن سوريا الأخرى حتى نهاية العصور السابقة للقرون الوسطى، ففي حُران استمرت عبادة سين، نكُال،بيل، تموز وآلهة آشورية أخرى حتى القرن العاشر الميلادي والمصادر الإسلامية لا تزال تشير الى ذلك. نماذج من الكهنة الآشوريين بقبعاتهم المخروطية الطويلة المميزة وردائهم الطويل المميز تم رسمها على عدة نٌصب تذكارية إغريقية-رومانية في شمال سوريا وشرق الأناضول.
يبدو إن ما نعرفه عن الوضع السياسي لبلاد أشور في العقود اللاحقة لسقوطها هو شئ ضئيل، ولكن يبدو أيضا إن الجزء الغربي للإمبراطورية وحتى نهر دجلة سقط في حوزة البابليين، بينما المناطق الشرقية وما وراء نهر دجلة ومن ضمنها قلب بلاد أشور، شمال مدينة أشور، أصبحت تحت الحكم الميدي، أثناء حكم الإمبراطورية الأخمينية شكلت المناطق الغربية التي تم ضمها الى بابل مرزبانية سُمِّيت آثورا (وهي تسمية آثور المقتبسة من الآرامية الرسمية المتداولة في عهد الإمبراطورية وتعني بلاد أشور)، بينما دمج قلب أشور ضمن مرزبانية مادا (التسمية الفارسية القديمة لـ ميديا). كلتا المرزبانيتين دفعتا إتاوة سنوية وساهمتا برجال للحملات العسكرية ومشاريع البناء لملوك الفرس، فالجنود الآشوريين اشتركوا في البعثة العسكرية للملك أحشَويرُش ضد بلاد الإغريق سنة 480 ق.م. طبقا لهيرودوتس، وساهم الآشوريون من آثورا ومادا في بناء قصر داريوس في سوسة سنة 490 ق.م. حيث ان الآشوريين من مرزبانية ميديا هم اللذين أنجزوا أعمال الذهب وصقل البلاط، بينما قام آشوريو مرزبانية آثورا بتزويد البلاط بالخشب من جبل لبنان. ومن المٌلفت للنظر في الترجمة البابلية للنقش الفارسي يترجم اسم آثورا في هذه المرحلة بـ (أبير ناري) أي الأرض ما وراء النهر (الفرات). هذا يدل على إن النصف الغربي من الإمبراطورية الاشورية (الذي كان في الأصل آراميا) كان قد أصبح في هذه الفترة مماثلا تماما لبلاد أشور ذاتها، وهذه مسألة مهمة سنعود اليها فيما بعد.
هكذا نرى إن بلاد أشور في عهد الأخمينيين، رغم كونها مشطورة إلى قسمين، كانت قد عادت وبزغت ثانية كوحدة سياسية ذات قوة عسكرية واقتصادية هائلة. ففي سنة 520 ق.م. اشتركتا كل من آثورا ومادا في الثورة ضد داريوس بهدف إعادة اكتساب حريتهما، هذه الثورة كان مصيرها الفشل، ولكن "الإمبراطورية الآشورية" كانت بالأحرى قد أعيد تأسيسها من جديد. وفي الحقيقة، ومن التحليل النهائي، فأنها لم تٌدَمَّر على الإطلاق ولكنها غيرت النظام الحاكم فقط الى السلالة الحاكمة البابلية والميدية أولاً ثم الى السلالة الحاكمة الفارسية ثانياً.
إن المعاصرين آنذاك ومن ثم المؤرخين الإغريق لم يٌميزوا كثيرا بين الإمبراطورية الآشورية وغيرها، ففي نظرهم فان (المَلَكية) أو (الهيمنة العالمية) التي مَسَكَ زمامها أولاً الآشوريون كانت قد تحولت بسهولة أو أغٌتصبت من قبل الأمم الأخرى. فعلى سبيل المثال فأن كتسياس الكنيدوسي (Ctesias of Cnidus)يكتب هكذا: "في عهد سردانابالوس (Sardanapallos) سقطت الإمبراطورية (hegemonia) الآشورية تحت سيطرة الميديين، بعد أن استمرت لأكثر من ثلاثة عشر قرنا". وكذلك يشير الملك البابلي نابونيد (Nabonidus) الذي حكم ستين سنة بعد سقوط نينوى، والذي كان منشؤه مدينة حرُان الآشورية، يشير إلى أشوربانيبال وأسرحدون كـ "أجداده الملوك". وعلى نفس المنوال يٌشار في التقليد التاريخي الإغريقي وكذلك في التوراة الى أسلافه نبوخذنصر وملوك فارس، كورٌش (Cyrus) وأرتحششتا (Artaxerxes) كـ "ملوك بلاد آشور" أو "ملوك بابل" يحدثنا سترابو (Strabo) وهو يكتب في زمن ولادة المسيح، بأن "تقاليد الفرس تشبه تقاليد الآشوريين" ويسمى بابل "عاصمة بلاد أشور" لكونها قد دٌمِّرَت كليا ثم أعيد بنائها من قبل الآشوريين في مطلع القرن السابع ق.م.
فالإمبراطوريات البابلية والميدية والفارسية يتوجب النظر إليها بناء على هذا الأساس (كما كان ينظر إليها في العصور السابقة) كنسخ متعاقبة لنفس بنية السلطة المتعددة القوميات، كل واحدة منها ناتجة من الصراع الداخلي على السلطة ضمن هذه البنية. بعبارة أخرى فإن الإمبراطورية كانت تنبعث مجددا تحت قيادة جديدة مع انتقال السلطة السياسية من أمة إلى أخرى.
طبعا إن الإمبراطورية تتغير مع كل تغيير للسلطة ولكن عموما كانت التغييرات طفيفة نسبيا، ويمكن القول بأنها كانت تغييرات سطحية فقط، فلغة النخبة الحاكمة تغيرت بالطبع، أولا من الآشورية إلى البابلية فالميدية والفارسية وأخيرا الإغريقية، وفي كسائها حذت النخبة الحاكمة حذو تقاليدها الوطنية وبالطبع وقَّرت آلهتها الخاصة التي منها استمدت سلطتها. هكذا استٌبدل أشور كإله الإمبراطورية بمردوخ البابلي أولا ثم بالإله الإيراني أهورا مازدا (Ahura Mazda) وأخيرا بزيوس (Zeus) الإغريقي ... الخ.
إن البُنى القديمة للإمبراطورية ظلت بصورة عامة هي السائدة أو على المدى البعيد بقيت هي المرجّحة، فالكتابة المسمارية (الآن في هيئتها البابلية ثم العيلامية والفارسية القديمة) استمر استخدامها في نقوش النُصب التذكارية. الآرامية احتفظت بمنزلة لغة الإمبراطورية، اللغة المشتركة (lingua franca) المنزلة التي كانت قد ارتقت إليها في عهد الإمبراطورية ال’شورية. آلهة النخبة الحديدة أصبحت تدريجيا مماثلة لآلهة الآشوريين، فالإله الأسم للفرس أهورا مازدا (Ahura Mazda) كان الآن مُعبرا عنه بالقرص المجنح للإله أشور، والآلهة الإيرانية أناهيتة (Anahita) اكتسبت ميزات الإلهة عشتار وأصبحت أخيرا مماثلة لها تماما لكل الأغراض العلمية. الشئ عينه حصل للإله مثرا (Mithra) الذي كان قد حوّل إلى إله إيراني مكافئ للآلهة المخلّصة الآشورية نابو (Nabu) ونينورتا (Ninurta).
القائمة يمكن إطالتها، فالتقويم الآشوري وأسماء الأشهر بقيت قيد الاستعمال في مجمل الشرق الأدنى ولا تزال حتى اليوم. كذلك بقيت المعايير والمقاييس من عهد الإمبراطورية ونظم الضريبة والتجنيد الإلزامي والأيديولوجية الملكية بصورة عامة، والفن الرمزي الإمبراطوري وتنظيم الحاكم ومراسيمها والممارسات الدبلوماسية ...الخ. أن ديمومة حضارة الإمبراطورية الآشورية كان بالتأكيد مدعوما بحقيقة أن البابليين والميديين كانوا ولعدة قرون خاضعين لبلاد أشور بينما كان الفرس، الذين كانوا خاضعين مسبقا للعيلاميين والميديين، معرّضين ومنذ أمد طويل للتأثيرات الحضارية الآشورية.غزاة نينوى، كل من البابلي نابوبولاسر (Nabopolassar) والميدي كياكزاريس (Kyaxares) كان قد خدم كوالي آشوري في بلاده سابقا.
هكذا فإن الإمبراطورية الآشورية استمرت في الوجود على الرغم من حقيقة كون الآشوريون أنفسهم لم يعد يسيطرون عليها، ومع ذلك استمروا في المساهمة في حكمها وفي توسيع رقعتها. وكذلك من تحليل أحد النقوش لنابونيد (Nabonidus) نعرف بأن هذا الملك البابلي كان قد استوظف الكتبة الذين كان قد تم تدريبهم في بلاد أشور وكانوا على إلمام بتقاليدها الأدبية، وفيما بعد خدم نفس المكتبة للملك الفارسي كورُش (Cyrus). لقد سبقت الإشارة إلى دور الفنانين الآشوريين في بناء مدينتي سوس (Susa) وبرسيبوليس (Persepolis) يبدو أن حكم المرزبانية الفارسية آثورا (Athura) كان مرارا بيد الآشوريين، حيث يشير كتاب نحميا (Nehemiah) حوالي 450 ق.م. الى حاكم السامرة (Samaria) باسم سين بَلّيط (بالأكدية Sin-ballit)، وكذلك فالمؤرخ الإغريقي زينوفون (Xenophon) وهو يكتب في عام 400 ق.م. يذكر اسم حاكم لسوريا بأسم بِلسِـس (بالأكدية Belsunu). ويفيد المؤرخ الإغريقي ثوسيديديس (Thucydides) بأنه أثناء الحرب البيلوبونية (Peloponnesian) حوالي 410 ق.م. اعترض الأثينيون (Athenians) سبيل شخص فارسي يدعى ارتافيرنس (Artaphernes) الذي كان يحمل رسالة من الملك العظيم إلى إسبارطة (Sparta)، فالشخص كان قد أُسِّـر ونقل إلى أثينا (Athens) والرسائل التي كان يحملها كانت قد ترجمت من "اللغة الآشورية". اللغة المعنية كانت بالطبع الآرامية التي كما أشير سابقا استمر كونها اللغة المشتركة (lingua franca) في الإمبراطورية الأخمينية كما كانت عليه في بلاد أشور.
بهذا نرى انه بعد مائتي سنة من سقوطها، فأن الإمبراطورية التي أسسها الآشوريون ولغتها كانتا لا تزالان مترابطتان بجلاء مع بلاد أشور، على الرغم من إضافة مسحة آرامية ملحوظة. استمرت حالة الأوضاع هذه في عهد الحكام المقدونيين للإمبراطورية السلوقية (Seleucid) وقد غطت مساحة الإمبراكورية السلوقية مبدئيا مساحة الإمبراطورية الآشورية، وعاصمتها نقلت عاجلا من بلاد بابل إلى بلاد سوريا/بلاد أشور (Syria/Assyria) بالرغم من التغريق (نسبة الى الإغريق – المترجم) المكثف من قبل النخبة الحاكمة وفرض اللغة الإغريقية كلغة رسمية، فأن الملوك السلوقيون كان يُشار إليهم عادة في المصادر الإغريقية بـ "ملوك سوريا" التسمية التي كانت لا تزال تحتفظ برباط وثيق مع بلاد أشور.
أن الكلمة الإغريقية سوريا (Syria) والصفات المشتقة منها سيريوس (Syrios) وسيروس (Syros) هي بالأصل عبارة عن بدائل لفظية مبسطة لتسمية بلاد أشور (Assyria) وآشوري (Assyrios) مع إسقاط الحرف الأول غير المشدد. إن إسقاط الحرف الأول ظاهرة مشهود عليها مسبقا في هِجاء الاسم أشور في اللغة الآرامية المستخدمة في الإمبراطورية الآشورية، والاختلاف باللغة الغغريقية من المحتمل أن يكون مشتق من الاختلاف المماثل له ي اللغة الآرامية. وفي النصوص الإغريقية يتم عادة وبحرية استعمال كل من البديلين الواحد مكان الآخر ويمكن أن يشير إلى كل من المقاطعة الفارسية أثورا والإمبراطورية الآشورية، فعلى سبيل المثال إن سترابو (Strabo) يكتب بأن "مدينة نينوس (نينوى – المترجم) كانت قد محيت مباشرة بعد الإطاحة بالسوريين (Syrians)" بينما زميل عصره الأكبر ديودوروس (Diodorus) وهو يستشهد بهيرودوتس (Herodotus) بقوله بأنه "بعد أن حكم الآشوريون آسيا لمدة خمسمائة عام انتصر عليهم الميديون". الصيغتان بدئتا فقط في عهد الرومان باكتساب المعاني المميزة كالتي تحملها اليوم كل من تسمية أشور (Assyria) وسوريا (Syria).
أن كل من تسميتي سوريا (Syria) وأشور (Assyria) لازالتا تستعملان الواحدة مكان الأخرى وتشيران إلى الإمبراطورية الآشورية حسب جغرافية سترابو (Strabo) (في زمن ولادة المسيح) الذي على أية حال يمييز بين الآشوريين بصورة عامة ووطن الآشوريين على نهر دجلة الذي يشير إليه بـ أتوريا/أسيريا (Aturia/Assyria):
"أن بلاد الآشوريين تحد البرسـس (Persis) وسوسيانا (Susiana) وقد أعطى هذا الاسم لبابل ولغالبية المناطق حولها، والتي سميت بصورة جزئية بـ آتوريا (Aturia)، حيث تقع كل من نينوس (Ninus) ... كالاجينة (Calachene) و... نصيبين (Nisibis)، وتمتد حتى زيوكما (Zeugma) الواقعة على الفرات، وكذلك معظم مناطق ما وراء الفرات ... وتشمل هؤلاء الناس الذين يُسَمَّون اليوم بالسوريين (Syrians) المتواجدين حتى بلاد السيليسيين (Cilicians) وبلاد الفينيقيين Phoenicians) وحتى البحر المقابل للبحر المصري وخليج أسوس (Issus). ويبدو أن اسم السوريين (Syrians) لم يمتد فقط من بابل (Babylonia) إلى خليج أسوس، بل في العصور القديمة من هذا الخليج أيضا وحتى يوكزين (Euxine) ... عندما يقول هؤلاء الذين كتبوا تواريخ إمبراطورية سوريا (the Syrian Empire) بأن الميديين أُطيح بهم من قبل الفرس وأن السوريين (the Syrians) أُطيح بهم من قبل الميديين فأنهم لا يعنون بالسوريين إلا هؤلاء الناس الذين بنوا القصور الملكية في بابل (Babylon) ونينوس (Ninus)، ومن هؤلاء السوريين (Syrians) كان نينوس (Ninus) الرجل الذي أسـس نينوس في آتوريا (Aturia) وزوجته سميراميس (Semiramis) كانت قد خلفت زوجها وأسست مدينة بابل. هاتان المدينتان حازتا على سيادة آسيا ... ولكن انتقلت فيما بعد الى الميديين".
جيلان بعد ذلك وبينما كان بلينيوس الأرشد (Pliny the Elder) حوالي 70 ب.م. يستفيد من عمل سترابو (Strabo) فانه يفضل تسمية أشور للإمبراطورية. وعلى نفس الغرار فان معاصره فلافيوس يوسيفوس (Flavius Josephus) يشير إلى الإمبراطورية بثبات بـ أشور (Assyria)، ويستعمل سوريا (Syria) للإشارة إلى الإمبراطورية السلوقية (Seleucid Empire) ولمقاطعة سوريا (Syria) الرومانية. هذا المصطلح يسبق الحالة بعد حكم ترايانُس (Trajan) الذي بعد حملته ضد الفرثيين سنة 116 ب.م. أسس مقاطعة في الشرق سميت أشور (Assyria)، ربما بإلحاق مملكة حدياب (Adiabene) الشبه المستقلة التي افلح الآشوريون في تأسيسها ضمن وطنهم القديم.
الفارق الجديد الجاري بين سوريا (Syria) في الغرب وأشور (Assyria) في الشرق يعيد إلى الأذهان انقسام الإمبراطورية الآشورية الى المرزبانيتين الاخمينيتين آثورا (Athura) ومادا (Mada) ويمكن تفسير ذلك كما يلي:-
في فقرة سترابو المقتبسة توا، إن الصفة سيروس (Syros) استُعملت تاريخيا للإشارة إلى سكان الإمبراطورية الآشورية وأيضا كدلالة عرقية لغوية للإشارة إلى الناطقين باللغة الآرامية الذين كانوا يُعرفون أنفسهم كـ آشوريين. المنطقة المسماة سيرو- ميديا (Syro-Media) كانت الجزء الذي جعل آشوريا من ميديا حيث كانت الآرامية لغة المخاطبة بصورة عامة بدلا من اللغات الإيرانية.
كل هذه المنطقة الناطقة بالآرامية والتي هي بلاد أشور/سوريا كانت منذ أمد طويل تحت سيطرة الإمبراطورية السلوقية. في الوقت الذي ضُمت فيه الولاية السلوقية إلى الإمبراطورية الرومانية في سنة 64 ق.م. كانت رقعتها على أية حال قد تقلصت لتضم القسم ما وراء الفرات فقط من أشور/سوريا الذي كان قد اصبح الآن ولاية سوريا الرومانية. هذه المنطقة من الإمبراطورية السلوقية كانت لا تزال متميزة جدا بخصائص بلاد أشور ولم يكن هناك أي داع بتمييزها عن بلاد أشور القديمة. ولكن عندما توسعت الإمبراطورية الرومانية شرقا حينئذ فقط ظهرت الحاجة للتمييز بصورة أدق. الآن أصبح اسم سوريا (Syria) مخصصا للمقاطعة الرومانية، بينما كان اسم أشور قد خصص لمنطقة ما وراء دجلة آتوريا/حدياب (Aturia/Adiabene) وكذلك لبلاد أشور لبقديمة على وجه التقريب. من المرجح أن هذا التمييز يعكس حقائق لغوية لكون الألفاظ الآرامية لتسمية اشور كانت قد فقدت المقطع الهجائي الأول في المنطقة الغربية بينما احتفظ به في لهجات الآرامية الشرقية.
خلاصة للبحث أعلاه، أن تسمية بلاد سوريا (Syria) وبلاد أشور (Assyria) أيا كان مدلولهما في الفترة الأخيرة فكلاهما في الاستعمال الإغريقي واللاتيني يشيران أصلا للإمبراطورية الآشورية، بينما عرف الناطقين بالآرامية كـ آشوريين والكتابة التي استعملوها بالكتابة الآشورية. كيف، متى، ولماذا حصلت هذه العلاقة الجوهرية لبلاد أشور والآشوريين باللغة الآرامية وبالآراميين؟
لقد توسعت الإمبراطورية الآشورية إلى ما وراء الفرات في القرن الثاني عشر ق.م. ومن ذلك الحين ألف الآراميون الغالبية العظمى من سكانها في إقليم ما وراء الفرات، وفي القرن التاسع ق.م. باشر الملوك الآشوريون بسياسة فعالة للاستيعاب والدمج هدفها وضع حد نهائي للثورات اللامتناهية التي أغاظت الإمبراطورية في السابق. وقد ظهرت نتائج هذه السياسة الجديدة بسرعة حيث تم ضم البلدان المتمردة إلى الإمبراطورية كمقاطعات جديدة ووفقا لهذا النهج تم ترحيل مئات الألوف من السكان إلى الأقسام الأخرى للإمبراطورية والبلد المضموم كان يتم تنظيمه وفقا للنمط الآشوري. هذا الأمر شمل فرض ضريبة موحدة ونظام التجنيد الإلزامي الموحد ونظام المعايير والمقاييس الموحد وتحويل مدينة البلاط المحلية الى أداري آشوري، وقبل كل شئ فرض خط كتابة واحد ولغة جامعة واحدة إلا وهما الخط واللغة الآرامية.
في نهاية القرن الثامن ق.م. كان نظام المقاطعات قد شمل المشرق كله من فلسطين وحتى أواسط إيران وكان هذا النظام قد وُسع بثورة أكبر في القرن السابع ق.م. وفي ذلك الحين كانت اللغة الآرامية هي المتداولة على امتداد الإمبراطوية الآشورية هي المهيمنة في كل مكان ولمدة عدة قرون.
أن فرض اللغة الآرامية في الإمبراطورية الآشورية كان سياسة مقصودة هدفها خلق وحدة وهوية وطنية من النوع الذي يثعب بلوغه لو بقيت الإمبراطورية عبارة عن مزيج راخ من أمم ولغات مختلفة، وفعلا حققت تلك السياسة هدفها، وبالرغم من كون الأكدية قد احتفظت بمنزلتها كلغة النخبة الحاكمة وكذلك استمرار استعمال الخط المسماري للأغراض ذات المقام والاعتبار، فأن الآرامية تحولت وبسرعة إلى جزء أساسي في إدارة الإمبراطورية ولم تعد على الإطلاق لغة الشعوب المخضوعة فقط، بل أصبحت مساوية تماما للأكدية واخيرا أصبحت لغة الطبقة الحاكمة أيضا.
منذ القرن التاسع ق.م. زما بعده نرى وجود أشخاص ذوي أسماء آرامية في مناصب الدولة العليا، وفي القرن الثامن ق.م. كُتبت جميع الوثائق الرسمية بكلتي اللغتين الأكدية والآرامية، وفي مطلع القرن السابع ق.م. كان مجمل الطبقة الحاكمة بالتأكيد ثنائي اللغة تماما لأن أغلب المراسلات الإدارية للإمبراطورية دونت في هذا الوقت باللغة الآرامية. ويبدو أن العديد من الكتبة الذين كتبوا بالمسمارية كانوا يتكلمون الآرامية كلغة الأم، وعلى سبيل المثال فأن الكاتب الذي كتب نسخة بديعة للوحة الأولى من ملحمة كلكامش المخصصة لمكتبة أشور بانيبال أرتكب خطأ لا يعمله إلا المتكلم بالآرامية، إذ أنه استعمل العلامة المسمارية "السيد" (lord) لكتابة كلمة "الابن" (son) لكون الكلمة الآرامية "مارا" والتي تعني السيد متجانسة صوتيا مع الأكدية "مارا" التي تعني الابن.
مع نهاية القرن السابع ق.م. يمكن القول يقينا بأن اللغة الآرامية وحضارة الإمبراطورية الآشورية أصبحتا جزأين أساسيين للهوية الآشورية، وبينما كانت الآرامية لغة التوحيد في الإمبراطورية فأنها لم تكن مستعملة خارجها. نفس الشئ ينطبق على حضارة الإمبراطورية وديانتها. بينما استمرت عبادة الآلهة المحلية في أجزاء مختلفة من الإمبراطورية فأن الإمبراطورية كلها اشتركت في الإيمان بإله واحد كلي القدرة وبممثله على الأرض الملك الآشوري.
كل هذه الميزات استمرت في الوجود رغم سقوط الإمبراطورية الآشورية وساعدت في إعطاء الطابع الآشوري للذين تعاقبوا على السلطة على الرغم من إدخال تقاليد وعناصر ثقافية دخيلة من قبل الحكام الجدد. كذلك يمكن الحدس بأن التقاليد الأجنبية للحكام الجدد قد عززت بالأحرى الهوية الآشورية للعامة. هكذا كان الأمر ولاسيما في المناطق التي ألحقت ببلاد أشور لمدة أطول وبالتحديد في إقليم آثورا/سوريا (Athura/Syria) الأخميني/الروماني اللاحق وكذلك في موطن الآشوريين ذاته.
أنه من البديهي القول أن حضارة الإمبراطورية الآشورية خضعت لتغييرات هامة في القرون التالية لسقوط بلاد أشور. هذا أمر طبيعي، وحت
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
malak lopos
Admin
 Admin
malak lopos


عدد المساهمات : 10215
نقاط : 21881
تاريخ التسجيل : 21/03/2010
العمر : 41
الموقع : malaklopos@yahoo.com

آخر ملوك بابل Empty
مُساهمةموضوع: رد: آخر ملوك بابل   آخر ملوك بابل Emptyالخميس 09 سبتمبر 2010, 12:54 pm

آخر ملوك بابل 930792
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://kermarysa.yoo7.com
 
آخر ملوك بابل
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى البابا كيرلس و مارمينا و ابونا يسى :: قسم تاريخ الكنيسة ::  منتدى تاريخ الكنيسة القبطية-
انتقل الى: