سيكولوجية التعصب

يعرِّف علم النفس الحديث التعصب بأنه "اتجاه نفسي لدى الفرد يجعله يدرك موضوعاً معيناً أو فرداً آخر غيره أو جماعة من الناس أو طائفة أو مذهباً إدراكاً إيجابياَ او سلبياً دون أن يكون لطبيعة هذا الإدراك بجانبيه ما يبرره من المنطق أو الأحداث أو الخبرات الواقعية" ووفقاً لهذا التعريف، فإن المتعصب عندما يقوم بإدراك موضوع ما (رؤية عقدية مثلا) إدراكاً إيجابياً متعاطفاً معها فإنه لا يأخذها على أنها مجرد أحد المعطيات النسبية للحياة الإنسانية، أو أنها مجرد رأي ينضاف إلى آراء أخرى عديدة لكل منها الحق في خوض غمار تأويله الخاص لذلك الموضوع المثار، أما عندما يدركها في جانبها السلبي فأنه سيعتبر كل من يشاركه الإدراك بجانبيه فهو السعيد سعادة لن يشقى بعدها أبدا، بنفس الوقت الذي يرى فيه كل من لا يشاركه إدراكه ذلك على أنه هالك لا محالة. من هنا فالتعصب كما يرى عالم النفس العربي الدكتور مصطفى زيور "ظاهرة اجتماعية لها بواعثها النفسية"
إمكانيات تغيير الاتجاهات التعصبية و الوقاية منها
سبق أن بينا أن هناك شكلين أساسيين للتعصب، هما : التعصب الإيجابي و التعصب السلبي. و لا شك أن التعصب السلبي هو الذي يتطلب توجيه الجهود إلى مقاومته و محاولة التخفيف من حدته و التخلص منه بأساليب أو برامج معينة، لما يسببه من صور القهر و العنف و العدوان ومن أشكال التأثير السلبي في بناء المجتمع.

و بوجه عام تهدف برامج مكافحة الاتجاهات التعصبية، و محاولة تغييرها أو الوقاية منها، إلى القيام بالآتي :

1- إقناع جماعات الأغلبية بقبول جماعات الأقلية، و التسليم باختلاف الرأي، و الفروق في وجهة النظر، فيما بينهم قدر الإمكان، و التسامح معهم، و العيش معا في ظل ما يطلق عليه اسم "التعددية" الحضارية أو الثقافية أو الاجتماعية ... الخ.
2- محاولة التخلص من القوالب النمطية و المعتقدات الخاطئة التي كونتها كل جماعة، عن الأخرى، و ذلك بتصحيحها في ضوء الوقائع و المعلومات الحقيقية.
3- العمل على تخفيف حدة مشاعر الكراهية و العداوة التي تكنها مختلف الجماعات نحو بعضها البعض.

4- تغيير مقاصد السلوك أو نوايا السلوك السلبية، التي يمكن أن توجد لدى بعض الأشخاص ممن لم يسلكوا بصورة تمييزية بعد، و ذلك حتى لا يصلوا إلى مرحلة التمييز ( أو التفرقة ) في صورته الصريحة.
5- تغيير أساليب الاستجابات التمييزية التي تسلك بعض الجماعات في ضوئها ضد الجماعات الأخرى في شتى النواحي الاقتصادية و الاجتماعية و الدينية ... الخ.و رغم تعدد الاستراتيجيات و البرامج التي تستخدم في مواجهة الاتجاهات التعصبية، فانه يمكن تصنيفها في فئتين أساسيتين :


أ ) برامج تستهدف تغيير الموقف الذي يسوده التعصب
ب ) البرامج التي تستهدف تغيير اتجاهات الأفراد المتعصبين