أسلوب تأكيد الذات والحرية والانفعالية‏ (ج2)

1- أساليب لفظية :

هذه الأساليب من شأنها أن تعلم المريض أن يزيد من حريته الإنفعاليه وقدرته على تأكيد الذات . ومن اهم الاساليب فعالية في هذا الصدد تعويد المريض وتشجيعه على التعبير المتعمد عن إنفعالته بطريقه تلقائية .ويطلق على هذا الأسلوب اسم (( تنطيق المشاعر )) feeling telk أي تحويل المشاعر والإنفعالات الداخلية إلى كلمات صريحة منطوقة وبطريقة تلقائية . وبالطبع يجب أن يكون ذلك في حالات الإنفعالات المختلفة سواء كانت تتعلق بإبداء الحب أو الرغبة ( إإنني - أحب هذا الشيء ، انه يوم جميل ) ، او عدم الرغبة ( انني لأحب هذا الرجل وكل مايدعو إليه ) ، والمدح ( انك تبدو أنيقا اليوم، ان الكلمة التي قلتيها ذكية بحق ) ، أو التوقع ( إنني أتطلع للقائك والحديث معك فيما بعد ) أو الدهشة ( انه يوم الخميس ستكون الإجازة غدا لاأصدق ) ، أو النقد الذاتي ( ما أحمقني إذا افعل هذا ) أو الاسف ( إنني أشعر بالأسى ، لأنني سأترك هذا المكان ) أو التصميم ( سأظل هكذا مستمرا إلى أن أكسب في النهاية ) ، او التشكك ( هل تعتقد انني اصدق ماتقوله ؟ ) أو حب الاستطلاع ( إنني سأحلم بما سيحدث في المرة القادمة ) ، أو الشعور بالخلاص ( حمدا لله انه يوم الخميس لم أصدق أنه سيأتي ؟ ) أو الشعور بعدم الراحة ( إن قدامي تتعبانني ) .. إلخ
بعبارة أخرى فإن تنطيق المشاعر والحديث عنها بصوت عال يجب أن يشمل كل التنوعات الإنفعالية المختلفة ، والقاعدة الذهبية في ذلك هي الصدق والأمانة مع الشكل الإنفعالي السائد والشعور المسيطر على الشخص


2- التعبير الحر عن الرأي وتأكيد الأنا :

عندما تختلف في الرأي مع أحد الأشخاص . أظهر مشاعرك الحقيقية بدلا من الموافقة وأبد معارضتك في شكل واضح . قد تكون معارضتك في البداية انفعالية ولا تقوم على أساس منطقي ، لابأس . غن هدفك هو الحرية الإنفعالية وليس كتابة بحث لمجلة علمية محترمة . كذلك الاستخدام المتعمد لكلمة " أنا " استخدام أن في بداية التدريب على تأكيد الذات بأكبر قدر ممكن أو " إنني أرى .. في إعتقادي .. سمعت .. إلخ " كل هذه العبارت ضرورية . قد يتهمك البعض بإنك واثق من نفسك او مغرور . مره أخرى لا بأس أنك ستستطيع في النهاية أن تضبط كل ذلك . تذكر أيضا أن من يتهمونك بهذا قد يتهمونك بإنك شخص ضعيف ولا رأي لك إذا كنت العكس من ذلك . ومن الأساليب الملائمة أيضا التعبير عن الموافقه عندما تمتدح ، لاتتحرج عندما يمتدح بعض الاشخاص آراءك أو زيك أو شخصيتك بل على العكس أظهرم وافقتك على ذلك . انك ستدعم لديهم البحث عن الإيجابيات فيك . وبالتالي ستتلقى عائدا ايجابيا من المجتمع انك تحول كل من حولك إلى مجتمع علاجي لك يدعم عاداتك الصحية الجديدة ، ويدعم الإستجابات الفعالة التي لاتزال في بدايتها .

3- التدريب على أحداث استجابات بدنية ملائمة :

في تدريب القدرة على تأكيد الذات والحرية الإنفعالية من الضروري أن تكون الإستجابات البدنية ملائمة . ويوجه المعالجون النفسيون في الوقت الراهن جزءا من إهتماماتهم إلى تدريب التعبيرات الوجهيه ، وأساليب الحركة والكلام والمشي كجزء من العلاج النفسي . ومن المهم على أية حال التنبه إلى عدد من هذه الإستجابات مثل : نبرة الصوت، إذ يجب على الصوت أن يكون قاطعا ، مسموعا ، واثقا ، كذلك التقاء العيون مباشرة بالشخص أو الأشخاص الذين نتحدث معهم ، كذلك تشكيل الجسم وحركاته . فإستخدام عدد كبير من الشارات باليد والذراع تساعد الشخص على التحرر من قيود التعبير . ومن المهم أن تكون تعبيرات الوجه ملائمة ولمحتوى الكلام . لاتبتسم وأنت توجه نقدا لشخص ما ، أو وأنت تريد أن تعبر عن الغضب . كذلك لاتصلب وجهك ، ولا تجعل له تعبيرات العداوة ، وانت تحاول أن تعبر عن حب وإعزازك لشخص معين . إكشف بإختصار مشاعرك الداخلية مع إزالة القناع الظاهري . إجعلهما متطابقين .

4- التأكيد السلبي :

ويستخدم هذا الاسلوب عندما ترى أنك بالفعل قد قمت بخطأ ما يستحق اللوم والنقد من زميل أو رئيس أو قريب . عندها إعترف بوضوح غنك أخطأت لكن على أن تبين بوضوح أيضا أن خطأك لايعني إنك سيء ، أو إنك فعلت ذلك بسوء قصد أو نية مثلا .
- نعم للأسف فعلت ذلك الخطأ على غير عادتي ولم يكن هذا مقصودا أو بنية سيئة
أو مستنكرا - آه مالذي فعلته !! إنني عادة لا أفعل هذا


5-تجريد إنفعالات الآخرين الغاضبة من قوتها :

ويتضمن هذا الأسلوب أن تتجاهل الحديث أو ( الرسالة ) التي تأتيك من الشخص آخر بشكل إنفعالي غاضب أو ثائر ، بأن تجعل تركيزك لا على موضوع الحديث ، أو محتوى الرسالة الغاضبة ، ولكن على حقيقة أن الشخص غاضب هنا / وأنك لذلك غير مستعد للدخول معه في مناقشة مالم يهدأ الان ، أو فيما بعد . كل ذلك بهدوء وإصرار وبصوت معتدل النبرات متوسط الشدة . إن من شأن هذا الأسلوب أن يجنبك من الدخول في معركة لم تبدأها وغير مستعد لخوضها .

6-التعمية والإرباك :

يستخدم هذا الأسلوب مع الأشخاص الذين يتطوعون للجدال والمعارضة ، والنقد لأشياء هي من شأنك أنت . ويكون بأن تقول له أنك على حق فيما تقول .، ولكن بطريقة توضح له أن موافقتك لاتعني موافقه حقيقية على محتوى مايقوله ، بقدر ماتعني أنك غير مستعد لتبادل الحوار أو الحكم على موضوع هو من شأنك أنت فحسب .

ويستخدم هذا الأسلوب للإعانة على تلقي نقد الاخرين أو هجومهم بطريقة هادئه ودون أن تتحول للقلق أو الانسحاب او العدوان . وبالتالي لا تدعم للناقد سلوكا قد يستخدمه كلما أراد اثارتك انفعاليا .

7- أسلوب الاسطوانة المشروخة :

في الحالات التي يقاطعك شخص ويعترض على ماتقول ، قبل أن تنهي كلامك أو توضح فكرتك .. إنتظر إلى أن ينتهي الشخص الذي يقاطعك من الحديث . وعندئذ تجاهل تماما ماقاله وإستأنف توضيح فكرتك الأصلية بإستخدام عبارات مثل :
- هذا صحيح .. ولكن الموضوع الذي أريد مناقشته هو ..
- إن القضية الرئيسية هي ..
ويمكنك هذا الأسلوب من الإحساس الهادئ عند مواجهه المناقشات الغير الملائمة ، وتجاهل الدخول في "متاهات" جانبية تبعدك عن الموضوع الأصلي الذي تريد إبرازه .


8- التساؤ ل السلبي :

ويستخدم هذا الأسلوب مع الأصدقاء والأشخاص الأعزاء لديك عندما تريد أن تنهي الخلافات المنفرة في العلاقة بهم . وذلك بإن تستجيب للنقد الذي يوجه لك من شخص معين ، بأن تسأله بأن يعطيك مزيدا من الإنتقادات المماثلة التي سببت ضيقه .. إلى أن ينتهي من سرد كل الجوانب التي يأخذها عليك ، وعندئذ إبدأ في تلخصيها من جديد ، وأشكره على إهتمامه ، وأنك ستكون سعيدا أكثر في المستقبل إذا ماصارحك بأي مأخذ قد يحدث منك عفوا . ويجعل منك هذا الأسلوب شخصا هادئا في مواجهه الضغوط الإجتماعية ومايظهر من أخطاء في سلوكك وتصرفاتك مع الاخرين. ويظهرك في نفس الوقت بمظهر الحريص والراغب في تحسين الإتصال بالأشخاص المهمين في حياتك ، بإنهاء مصادر الخلاف معهم .

9- أسلوب لعب الأدوار :

قد تكون العقبة في تأكيد الذات ناتجه عن عدم فهم الشخص لمتطلبات الدور الذي يقوم به . فالشخص الذي يتقد لإجراء مقابلة شخصية للحصول على عمل معين ، قد لايكون مدركا لمتطلبات الوظيفة أو (( الدور )) المطلوب القيام به . ويستخدم المعالجون السلوكيون لهذا أسلوب تمثيل الدور فبل حدوثه مع المريض بغرض زيادة قدراته على مواجهه الإحباط والعجز في المواقف الإجتماعية الحاسمة ، ولنضرب مثالا على ذلك : معالج يطلب من المريض القيام بدور التقدم لإجراء مقابلة شخصية مع رئيسه في العمل .. بينما قام المعالج بدور المدير . ثم يعكس الأداء فيقوم هو نفسه بدور المتقدم للعمل .. ويقوم المريض بدور المدير . لكي يطلعه المعالج على أنماط السلوك والإستجابات الملائمة للموقف - خلال الإقتداء له ومحاكاته .
والحقيقه أن كل فرد منا يقوم في اللحظه الواحدة بعدد كير من الأدوار الإجتماعية التي لا تكون محدده بشكل دقيق أو رسمي كما هو الحال في حالة الموظف المطلوب لملء وظيفة شاغره .
فبعض الأدوار الإجتماعية كدور الزوج أو الزوجة .. أو الصديق أو المرؤوس أو الرئيس لاتكون محدده بلوائح .. ولكنها تكون مطلبا من مطالب العلاقات الإجتماعية بالاخرين .
ويقوم جزء كبير من نجاح الشخص إجتماعيا وفعاليته وصحته على قدرته على القيام بالدور المطلوب منه قياما ناجحا واثقا . ويقوم الفرد الواحد _ عادة بأكثر من دور . فالطبيب طبيب بين مرضاه ، وهو صديق وزوج وأب وموظف بحسب العلاقة المرسومة له مع الاخرين . ولهذا يصعب أحيانا على الشخص أن يقوم بهذه الأدوار مجتمعه بإتقان ، خاصة إذا تعارضت مطالب أداء دور معين بنجاح - كدور الطبيب مثلا - بأداء دور آخر كالزوج في المنزل أو الأب بين أبنائه . وليس نادرا أن نجد مشكلات نفسية وانفعالية تنتج بسبب تعارض هذه الأدوار .
لهذا يستخدم المعالجون السلوكيون أساليب متعدده لتدريب المرضى على إتقان أدوارهم في الحياة .. وتعلم مهارات إجتماعية تتطلبها العلاقات بالاخرين بالتالي توقعاتهم عنها.
ويستخدم أسلوب لعب الأدوار أيضا في الحلات التي يكون من المطلوب فيها أن يدرب المريض نفسه على تحمل الإحباط والتحكم في الغضب .. وتجنب الإندفاعات الحمقاء . ويتم ذلك من خلال إثارة مواقف في جلسات العلاج بطريق التخيل ويكون من شأنها إثارة الغيظ أو الغضب أو الإحباط ومن خلال ذلك يقوم المعالج على تدريب المريض على إظهار استجابة ملائمة تدل على ظبط النفس والثقة وذلك بتوجيه اهتمامه لتطوير جوانب السلوك
والإستجابات منها :

أ-تأكيد الالتقاء البصري المباشر بالشخص المثير للإحباط
ب- إتخاذ موضع جسمي واثق ولكن بطريقة لاتثير الإنفعال
ج-التدريب على بعض الاستجابات اللفظية أو العملية بحيث ينتهي الموقف نهاية إيجابية مفيده.
د-التدريب على العارضة والهجوم.. وذلك بإبداء رأيك في التصرف المثير لضيقك بوضوح وصدق


وأخيرا قد يتسائل القارئ ماذا لو أن حرية التعبير الانفعالي وتأكيد الذات جرت بعض المتاعب الجانبية .. مثل خسارة عمل .. أو خسارة شخص .. أو خسارة مادية ؟.
لاينبغي في الحقيقة أن تقلل من النتائج السلبية التي قد يحدثها هذا الشكل من السلوك . ولكني اعتقد فيما يتوحي لي خبرتي في هذا الميدان أن المشكلات التي يثيرها التدريب على تأكيد الذات .. تتم في واقع الأمر في بداية الجلسات الأولى للعلاج النفسي وهي بذلك تحمل المسحة الأولى للنزعة العصابية السابقة للمريض، ولا تعبر عن تأكيد الذات بمقدار ما تعبر عن الحساسية المبالغ فيها لتصرفات الاخرين نحونا ، وهذا عين ماتهدف تدريبات تأكيد الذات على التخلص منه ، ولهذا فان علاج المشكلات التي قد يثيرها تأكيد الذات .. لاتتم بالتخلي عن هذا الأسلوب لكن بمزيد من التدريب عليه .. حتى يتمكن الشخص من إتقان اللغة الإجتماعية ةالمهارات الملائمة في معالجة سلوك الاخرين بشكل يؤدي إلى الإحترام والحب معا ! .
إن الهدف من تدريب القدرة على تأكيد الذات هو في صميمه تدريب للمهارات الإجتماعية الناضجة التي تتطلبها حياة الفرد في الجماعة .. دون تضحية بالفرد .. أو تدمير للآخرين وتحويلهم لأعداء
لكن يجب أن نعي أيضا أننا نضطر أحيانا للأختيارات دقيقة وحاسمة : كالاختيار بين بعض المكاسب المادية أو عمل يدر دخلال معتدلا وبين طريق الصحة النفسية خاصة إذا كان هذا العمل مملا ولا يتلائم مع إمكانيات الشخص أو قيمته . هنا في واقع الامر لا يبقى إلا الشخص نفسه الذي ينبغي ان يقرر أي الطريقين يختار