خاص جداً لكل خطيبين

البيت السعيد بالسلوك السليم القويم. ففي كل بيت أسرة مكونة من أب وأم وأولاد. وقبل ذلك كان زواج، وقبله كان هناك خطيبان.

الخطبة هي فترة تعارف بين الخطيبين، وتعارف الأسرتين، وتعاون الكل معاً من أجل تأسيس بيت الزوجية السعيد. والأصل في كلمة "الخطبة" أنها مشتقة من "الخطابة" إذ يتكلم الجميع في مصارحة بناءة.

هناك حكمة صينية تقول: "فكر سبع مرات قبل قص الثوب الذي تفصله مرة واحدة" ونحن نتزوج "مرة واحدة" لذلك يجب أن نفكر سبع مرات قبل اختيار الزوجة. والسبعة كما نعلم عدد الكمال، فلنفكر بكمال حتى يكون اختيارنا صحيحاً مناسباً.

تقدم خطيب إلى خطيبته وقال لها: "إني أحبك ومستعد أن أتزوج بك ولكن يجب أن تعلمي أنه قد تأتي علينا أوقات لا تجدين فيها لحماً في الإناء ولا زيتاً في الكوز"، فردت عليه بابتسامة قائلة: "إنني أحبك ومستعدة أن أتزوجك، وإذا جاء الحال الذي تكلمت عنه أرفع صوتي معك قائلة باركي يا نفسي الرب ولا تنسي كل حسناته". وقد تزوجا وجازا ظروفاً مختلفة إنما باركهما الله روحياً وجسدياً. فهل الخطيبان مستعدان للسراء والضراء؟

داعبت سيدة خطيبة طويلة مع خطيبها القصير بالقول: "يجدر بك أن تنكمش قامتك إذا ما خرجت مع زوجك". فأجابتها في زهو: "إن كلاً منا يكمل الآخر، فطولي يعوض قصره، وعقله الكبير يعوض قصور عقلي، أرأيت أننا متعادلان؟".

هناك بعض الملاحظات الهامة التي يجب مراعاتها في حياة الخطبة:

* قد يجد الخطيبان أحياناً صعوبة في أن يجلسا سوياً فترة من الوقت دون وجود أحد أفراد أسرة المخطوبة، ولكن محاولة بث الثقة والاطمئنان في الأسرة يجعل الوالدين يطمئنان. ويجب أن يأتي الأمر بالتدريج والإقناع بهدوء.

* في أول الأمر قد يكون الطرف الآخر خجولاً، ولا يميل إلى الحديث كثيراً ولهذا يجب على الطرف الآخر أن يتفهم طبيعته وألا يضغط عليه للتعبير عن مشاعره، ولكن بالثقة والاطمئنان والشعور الطيب المتبادل تزول هذه الحالة فيستطيع الطرف الخجول أن يتحدث باطمئنان إلى الطرف الآخر بتلقائية وصراحة.

* يشعر الخطيبان أحياناً بالحاجة إلى التعبير عما في الصدور ببعض كلمات الإعجاب، ومن الطبيعي أنه إذا كانت هذه الكلمات تقديرية ومتزنة في حدودها وصادقة فهي مقبولة. أما المبالغات والألفاظ التي لا تعبر عن صدق ما يقوله القلب والمجاملات على حساب الحق فهي أمر يسهل اكتشافه.

إن التمادي في وصف الجسد ومحاسنه ليدل على نظرة جسدية بحتة ويقود في بطء غير محسوب للكثيرين إلى بعد عن التقدير الأساسي الذي يجب أن يتجه إلى الصفات الروحية والكيان الشخصي. فضلاً عن أن هذا النوع من الإعجاب يثير انفعالات جسدية.

* وقد يحاول الخطيبان إتاحة الفرصة لنفسيهما للاختلاء بعيداً عن الأعين ويسعيان لتوفير الزمان والمكان لهذه الخلوة، وتعد هذه الأمور عاملاً هاماً من عوامل تطور العلاقة إلى علاقة جسدية غير بناءة وغير مسموح بها. فقد يعتقد الخطيبان أنهما في حل من أي لوم. وأن التلامسات مقبولة مادامت لم تصل إلى الزنى الفعلي ناسين أو متناسين أن كل من نظر إلى امرأة ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه. والملاحظ أن ذلك يتم بصورة تدريجية يصعب ملاحظتها. ويلاحظ أيضاً أن التهاون فيما يتصوره الناس أنه بسيط يمكن أن يقود إلى تهاون أكبر، فالنار من مستصغر الشرر.

فالعفة أمر أساسي في فترة الخطوبة. وإننا نناشد الشباب أن يحفظ عفة نفسه بمستوى العلاقة بين الخطيبين إلى مستوى التقدير الطاهر والتعبير عن الحب بأساليب عفيفة طاهرة. ولاشك أن شهامة الرجل تمنعه أن يفسد عفة خطيبته ولو بقبلة كإنسان أؤتمن على شيء لم يصبح بعد ملكاً له.

* أحب أن أهمس في أذن كل شاب مقدم على الزواج: إنك لا تستطيع أن تفوز بكسب إذا جرؤت على العبث بالجنس، لا سيما إذا كان هذا العبث مع الفتاة التي اخترتها لتكون شريكة لحياتك، والتي لا تلبث أن تكون لك بقلبها وجسمها وكل كيانها لو أنك صبرت قليلاً.

وأنت يا ابنتي ثقي أنك إذا صددت خطيبك في رفق أولاً ثم في خشونة إذا استدعى الأمر فلن تخسري شيئاً، بل إنك ستكسبين الكثير، احترام خطيبك، وسعادتك في حياتك الزوجية، وضمنياً أنك لا تريدين نزوة عابرة، وإنما أنت تنشدين اندماجاً كاملاً لا يعود عليك بالخزي والعار أمام الله والجميع، وإنما يجعلك ترفعين رأسك فخراً بأنك زوجة نبيلة.

* قد ينزلق لسان الفتاة في الحديث، فيصدر منها ما يوحي إلى الشاب بعكس ما تريد، ومما قد يبذر في نفسه بذور الشك، أو يدعوه إلى التحفظ، ومن ثم فخليق بك أن تقدري كل ما تريدين قوله فإن الإيحاء أقوى من الإقناع والمنطق أحياناً فاحذري الإيحاء.

ومن عوامل الإيحاء التي تثير الريب، الصوت العالي والضحك. فالفتاة التي ترفع صوتها أكثر مما يليق أو تسرف في استخدام اللهجة المدللة أو المسرفة في النعومة خليقة بأن توحي إلى خطيبها بأنها تحاول التأثير فيه بأساليب الإغراء.

* حينما يعطى للخطيبين فرصة للخروج معاً واختيار الأماكن التي يوجدان فيها، فمن المهم أن يميزا بين الأماكن اللائقة والغير لائقة وليعلما أن التأخر في العودة للمنزل ليلاً أمر يثير قلق الأهل خاصة أهل الخطيبة، ولا يجب أن نبدأ أول طريق الزواج بتجاهل مشاعر الأهل.

أيها الخطيب، أيتها الخطيبة مسئوليتكما كبيرة فاطلبا إرشاد الله ليساعدكما عليها.