كان الإسكافي القروي فيكتور محبآ لله ، تقيآ ،أمينأ في عمله؛ يبتسم بالبشاشة والكرم في لقائه مع الناس كثيرآ
ماكان يصرخ في بساطة قلب :
(إلهى المحبوب يسوع!
تشتاق نفسى إليك!
أريد أن أراك !
أود أن التقي بك ياشهوة قلبى !)
في إحدى الليالى رأى فيكتور حلمآ ، فيه أدرك أن السيد المسيح يعده بأنه سيأتى أليه في اليوم التالى . قام من نوم
فرحآ، وذهب إلي الغابة القريبة منه ، وقطع بعض أغصان الشجر والزهور وزين بهاحجرته البسيطة التى يمارس
فيها عمله ، وفيها ينام ويطهى الطعام.... إلخ.
كان يصلى ويسبح الله متهللآ وهو يمارس عمله مترقبآ مجىء مخلصه . وفجأة رأي شيخآ بدت عليه علامات التعب
. في بشاشة تحدث معه ، وبكل إحترام وتوقير سأله أن يستريح .
جلس الشيخ ،وإذا بالإسكافي يتطلع إلي حذائه فيجده عتيقإ ومهلهلآ ،ومملوء ثقوبآ .أحضر له الإسكافي حذاء
جديدآ وقدمه له هدية .إعتذر الشيخ بأنه لم يملك ثمن الحذاء ، أما الإسكافي فسأله أن يكفيه أن يصلي من
أجله ويباركه . وإذا فارق الشيخ الإسكافي ، بقي فيكتور يترقب مجىء الضيف الإلهى .إذا بسيدة متقدمة في الأيام
تسير ببطء شديد تحت ثقل الحمل الذي علي كتفيها . طلب منها الإسكافي أن تستريح قليلآ في دكانه ، ثم
أحضر لها بغضآ من الطعام الذي أعده . فصارت تأكل وهى متهللة ، تشكره علي محبته وسخائه .
وعند الغروب لاحظ فيكتور صبيآ صغير يبكى في الطريق ، فترك مافي يده وذهب يسأله عن سبب البكاء
،فقال له الصبى بأنه ضل الطريق . وفي بشاشة مع حنان هدأ من نفس الصبى ، وقال له إنه يعرف والديه
وإنه سيذهب معه إلي بيته . بالفعل ترك دكانه وإنطلق مع الصبى الصغير ، وكان يسرع في خطواته
ذهابآ وإيابآ خشية أن يأتى السيد المسيح ولا يجده .
إذا حل المساء أغلق فيكتور دكانه وجلس يفكر هل يأتيه المسيح في المساء ،وماذا يفعل عندما يفتقده ، فقد
آمن بأن السيد حتمآ يتمم له وعده .قال في نفسه :
" إنى أغسل يديه وقدميه اللتين ثقبتها المسامير. وأجلس عند قدميه ، كما جلست مريم تستمع إلي صوته
العذب في بهجة . وأقدم له مع مرثا طعامآ من عمل يدى !
مرت ساعات زلم يظهر له السيد المسيح. عندئذ بدأ يعاتبه ، قائلا :
لماذا أبطات ياسيدى ؟
لماذا لم تفرح قلبي بقدومك ؟
ألم تعدنى بظهورك لي اليوم ؟
وفيما هو يعاتب مخلصه الصالح سمع صوتآ رقيقآ يهمس في أذنيه ، قائلآ :
لقد تممت وعدي لك يافيكتور
فقد جئت إليك اليوم ثلاث مرات .
جئت إليك في شكل شيخ منهك القوي ، وقد قدمت لي حذاءّ جديدآ بحب وبشاشة .
جئت إليك في شكل سيدة متقدمة في العمر ، وقدمت لي طعامآمن عمل يديك.
جئت لك في شكل صبى تائه وسرت معي
عندئذ ركع فيكتور أمام الله ورفع عينيه نحو السماء يقدم ذبيحة شكرلله الذي يلتقي به خلال المحتاجين
والتائهين! ويقبل خلالهم من يديه عطاياه .