منتدى البابا كيرلس و مارمينا و ابونا يسى
لوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي 16996
أهلا بكم فى منتدى البابا كيرلس و مارمينا و أبونا يسى
عزيزى الزائر / عزيزتى الزائرة : يرجى التكرم بالدخول اذا كنت عضوا بالضغط على كلمة دخول و كتابة اسمك و كلمة السر
واذا لم تكن قد سجلت بعد يسرنا اشتراكك فى المنتدى بالضغط على كلمة تسجيل
لإخفاء هذه النافذة اضغط على إخفاء
منتدى البابا كيرلس و مارمينا و ابونا يسى
لوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي 16996
أهلا بكم فى منتدى البابا كيرلس و مارمينا و أبونا يسى
عزيزى الزائر / عزيزتى الزائرة : يرجى التكرم بالدخول اذا كنت عضوا بالضغط على كلمة دخول و كتابة اسمك و كلمة السر
واذا لم تكن قد سجلت بعد يسرنا اشتراكك فى المنتدى بالضغط على كلمة تسجيل
لإخفاء هذه النافذة اضغط على إخفاء
منتدى البابا كيرلس و مارمينا و ابونا يسى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى البابا كيرلس و مارمينا و ابونا يسى



 
الرئيسيةالمجلةأفلام دينيةترانيمأحدث الصورعظاتبرامجالعابالتسجيلدخولمركز رفع الصور
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
أوامر مهمة
المواضيع الأخيرة
» شريط حياتي رضاك للشماس بولس ملاك
لوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالأحد 30 يونيو 2024, 10:20 am من طرف مايكل مجدى فوزى

» برنامج ps1 mix150 بحجم 21 ميجا لتشغيل العاب البلاى سيش
لوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالخميس 20 يونيو 2024, 10:33 pm من طرف غزول

» شريط / كنيستى - المعلم ابراهيم عياد
لوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالثلاثاء 02 أغسطس 2022, 12:07 am من طرف هاني الناجح

» شريط (( الشهداء )) للمرنم انطون ابراهيم عياد
لوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالثلاثاء 02 أغسطس 2022, 12:02 am من طرف هاني الناجح

» شريط (( ساكت ليه )) للمرنمة هايدى منتصر
لوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالثلاثاء 26 أبريل 2022, 9:59 am من طرف michel sobhy

» مجموعة اشرطة للمعلم ابراهيم عياد
لوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالجمعة 08 أبريل 2022, 11:51 am من طرف usama caribou

»  قصة الرحمة حياة
لوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالثلاثاء 08 مارس 2022, 10:48 pm من طرف kamel

» ملف كامل عن ظهورات العذراء حول العالم على مر العصور !!!
لوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالثلاثاء 08 مارس 2022, 10:38 pm من طرف kamel

» صلاة من عمق القلب لك يارب ????????????????
لوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالثلاثاء 08 مارس 2022, 10:26 pm من طرف kamel

» مقولة أعجبتنى.. ياريت الجميع بشارك..!!
لوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالثلاثاء 08 مارس 2022, 10:14 pm من طرف kamel

» من معجزات ابونا يسى
لوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالخميس 10 يونيو 2021, 10:25 am من طرف malak lopos

» قصه حياه ابونا يسى
لوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالخميس 10 يونيو 2021, 10:23 am من طرف malak lopos

» كتاب معجزات ابونا يسى ميخائيل الجزء ال 38 ( 3 )
لوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالخميس 10 يونيو 2021, 10:22 am من طرف malak lopos

» تمجيد للأنبا ابرآم اسقف الفيوم و الجيزة بمناسبة عيده
لوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالخميس 10 يونيو 2021, 10:17 am من طرف malak lopos

» من معجزات الأنبا ابرآم اسقف الفيوم والجيزة
لوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالخميس 10 يونيو 2021, 10:16 am من طرف malak lopos

» صلاة للبابا كيرلس كتبها لأحد الطلبة
لوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالثلاثاء 09 مارس 2021, 10:54 am من طرف malak lopos

» من اقوال البابا كيرلس السادس
لوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالثلاثاء 09 مارس 2021, 10:53 am من طرف malak lopos

» مفاجأة رائعة 19 شريط للبابا كيرلس بمناسبة عيد نياحته
لوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالثلاثاء 09 مارس 2021, 10:51 am من طرف malak lopos

» 56 معجزة للبابا كيرلس بمناسبة عيد نياحته
لوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالثلاثاء 09 مارس 2021, 10:51 am من طرف malak lopos

» woooooooooooooooow
لوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالجمعة 22 يناير 2021, 5:09 pm من طرف ماجد فايزفرج

» فيلم ابونا يسطس الانطونى________جمييييييييييييييل جداااااا
لوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالجمعة 22 يناير 2021, 5:07 pm من طرف ماجد فايزفرج

»  سنة جديدة ... ( كلمات الشاعر و الروائى / وائل كرمى )
لوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالأربعاء 13 يناير 2021, 10:48 am من طرف وائل كرمى

» شريط (( وفى دينى )) للمرنم الرائع ( فرج عزيز )
لوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالخميس 20 أغسطس 2020, 10:09 pm من طرف usama caribou

» اسطوانة الأجبية مكتوبة و مسموعة
لوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالسبت 15 أغسطس 2020, 6:03 pm من طرف malak lopos

» العذراء فى القداس الإلهى
لوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالخميس 06 أغسطس 2020, 10:27 am من طرف malak lopos

» معجزه العذراء والابره
لوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالخميس 06 أغسطس 2020, 10:23 am من طرف malak lopos

»  ليك فى قلبى كلام ... ( كلمات الشاعر و الروائى / وائل كرمى )
لوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالأربعاء 05 أغسطس 2020, 10:28 am من طرف وائل كرمى

» معجزات الشهيد ابانوب النهيسى
لوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالجمعة 31 يوليو 2020, 5:33 pm من طرف malak lopos

» معجزة للقديس ابانوب
لوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالجمعة 31 يوليو 2020, 5:32 pm من طرف malak lopos

» شريط (( طوباك يا ابانوب )) للشماس بولس ملاك
لوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالجمعة 31 يوليو 2020, 5:29 pm من طرف malak lopos

» الكتاب المقدس مكتوب و مسموع ( العهد القديم )
لوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالخميس 30 يوليو 2020, 5:28 pm من طرف malak lopos

»  شريط أيتها العذراء المعلم ابراهيم عياد + أنطون ابراهيم
لوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالثلاثاء 21 يوليو 2020, 8:35 pm من طرف كيرلس رزق

» شريط سحابة شهود للقديس يوليوس الاقفهصى بولس ملاك
لوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالثلاثاء 21 يوليو 2020, 8:23 pm من طرف كيرلس رزق

» اسطوانة الأسفار القانونية الثانية مكتوبة و مسموعة
لوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالجمعة 17 يوليو 2020, 6:50 pm من طرف malak lopos

» الكتاب المقدس مكتوب و مسموع
لوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالأحد 12 يوليو 2020, 11:32 am من طرف malak lopos

»  مدينة الحب ... كلمات (الشاعر و الروائى / وائل كرمى )
لوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالجمعة 09 أغسطس 2019, 5:58 pm من طرف وائل كرمى

»  شريط غالي عليه (( روماني روؤف وفرج عزيز ))
لوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالخميس 18 يوليو 2019, 11:00 pm من طرف romany nasser

» شريط (( فى عينى دمعة )) للمرنم ذو الصوت الرائع فرج عزيز
لوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالخميس 18 يوليو 2019, 10:15 pm من طرف romany nasser

» شريط أنا المفدى للمرنم فرج عزيز
لوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالخميس 18 يوليو 2019, 10:14 pm من طرف romany nasser

» قصة كلام الناس
لوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالثلاثاء 09 يوليو 2019, 10:23 am من طرف مريانا

شارك اصدقائك على الفيس بوك و تويتر و جوجل
شروحات مهمة
لوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي 01010110


 لوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي 01010111


 لوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي 01010112

 لوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي 0011
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
malak lopos
لوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_rcapلوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_voting_barلوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_lcap 
سالى عبده
لوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_rcapلوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_voting_barلوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_lcap 
عزت
لوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_rcapلوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_voting_barلوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_lcap 
kamel
لوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_rcapلوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_voting_barلوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_lcap 
مريانا
لوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_rcapلوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_voting_barلوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_lcap 
د.محبوب
لوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_rcapلوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_voting_barلوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_lcap 
mmk
لوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_rcapلوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_voting_barلوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_lcap 
بهيج
لوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_rcapلوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_voting_barلوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_lcap 
مارونا
لوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_rcapلوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_voting_barلوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_lcap 
diana.wahba
لوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_rcapلوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_voting_barلوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_lcap 
احصائيات
هذا المنتدى يتوفر على 5599 عُضو.
آخر عُضو مُسجل هو مايكل مجدى فوزى فمرحباً به.

أعضاؤنا قدموا 38275 مساهمة في هذا المنتدى في 16742 موضوع
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 88 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 88 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحث

لا أحد

أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 563 بتاريخ الخميس 24 مايو 2012, 9:00 pm
اختار لغة المنتدى
أختر لغة المنتدى من هنا

 

 لوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
سالى عبده
عضو ماسى
 عضو ماسى
سالى عبده


عدد المساهمات : 5556
نقاط : 17236
تاريخ التسجيل : 04/02/2012
العمر : 45
الموقع : https://www.facebook.com/ssoly1

لوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Empty
مُساهمةموضوع: لوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي   لوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالثلاثاء 06 نوفمبر 2012, 10:27 am

لوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا  الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي 4196810853

لوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا

الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي
4. القطيع الجديد والشهادة

"وأقول لكم كل من اعترف بي قدام الناس

يعترف به ابن الإنسان قدام ملائكة الله.

ومن أنكرنى قدام الناس ينكر قدام ملائكة الله.

وكل من قال كلمة علي ابن الإنسان يُغفر له، وأما من جدف علي الروح القدس فلا يغُفر له

ومتى قدَّموكم إلي المجامع والرؤساء والسلاطين فلا تهتموا كيف أو بما تحتجون أو بما تقولون.

لأن الروح القدس يعلمكم في تلك الساعة ما يجب أن تقولوه" [8-12].

إن كانت الخطيَّة قد أفسدت العصافير الخمسة أي حواسنا الداخليَّة، فعوض انطلاقها بالروح القدس نحو الإلهيات لترى وتسمع وتتذوق وتلمس وتشتم ما هو أبدي وإلهي، إذا بها تسقط في فخاخ الملذّات وترتبط بحبال العالم، وتصير عاجزة عن الطيران أسيرة فخاخ العدو تحت سلطانه العنيف المهلك. لهذا فإن الإنسان حتى في تدينه لم يقدر أن يرتفع إلي فوق بل صار في عبادته وكرازته أسير المجد الباطل والرياء وأحيانا الطمع المادي الأمور التي وهبته فكرًا فرِّيسيا ناموسيًا، يهتم بالحرف القاتل عوض الروح العميق الذي يبنى. وقد افتدانا الرب ليطلقنا من هذه الفخاخ لنحيا في هذا العالم شهود حق للمخلِّص خلال حياتنا السماويَّة وفكرنا الجديد وإنساننا الروحي الذي هو من عمل إلهنا... نشهد له هنا فيشهد لنا ابن الإنسان في المقادس السماويَّة عينها.

لقد دفع دمه ثمنًا لانتزاعنا من فخ الرياء، مؤكدًا لنا أن ما نقوله في الظلمة يُستعلن في النور، وما ننادى به الأذن يعلن علي السطوح... والآن هاهو يؤكد أن ما نفعله هنا كما في الظلمة أو في الأذن يعلنه ربَّنا يسوع نفسه أمام ملائكته وقدِّيسيه في الرب العظيم.

إن كان المراؤون يفعلون الشر خفيَّة فينفضحون، فعلم الكنيسة الظاهر والخفي هو الاعتراف بالمخلِّص لكي تتمجد حقيقة!

* الرب غير مقتنع بالإيمان الداخلي وحده، إنما يسألنا الاعتراف الظاهر، حاثًا إيَّانا علي الثقة والحب العظيم. ولما كان هذا نافعًا للجميع قال: "كل من اعترف بي..."[463]

القديس يوحنا الذهبي الفم

* "لأنك أن اعترفت بفمك بالرب يسوع، وآمنت بقلبك أن الله أقامه من الأموات، خلصت" (رو 10: 9). لقد وضح سّر المسيح في هذه الكلمات بطريقة رائعة.

أول كل شيء من واجبنا أن نعترف بأن الابن المولود من الله الآب، الابن الوحيد الذي من جوهره، الله الكلمة، هو رب الكل، ليس كمن نال الربوبية من الخارج بل تُنسب له بكونه الرب بالحق بالطبيعة، كما الآب أيضا. ثانيًا يليق بنا أن نؤمن بأن الله أقامه من الأموات، بمعنى أنه إذ صار إنسانًا تألَّم في الجسد من أجلنا وقام من الأموات، لذلك كما قلت الابن هو الرب... هو وحده الرب بالطبيعة بكونه الله الكلمة فوق كل خليقة. هذا ما يعلمنا إيَّاه الحكيم بولس، قائلًا: " لأنه وإن وُجد ما يُسمى آلهة سواء كان في السماء أو علي الأرض كما يوجد آلهة كثيرون وأرباب كثيرة، لكن لنا إله واحد الآب الذي منه جميع الأشياء ونحن له، ورب واحد يسوع المسيح الذي به جميع الأشياء ونحن به" (1 كو 8: 5-6)...

من يعترف بالمسيح أمام الناس أنه الله الرب، يعترف به أمام ملائكة الله ولكن أين؟ وكيف؟ واضح أنه في ذلك الوقت عندما ينزل من السماء في مجد أبيه مع الملائكة القدِّيسين في نهاية هذا العالم، حيث يكلل المعترفين به الحقيقيين الذين لهم الإيمان الأصيل غير المتردد... هناك تتلألأ جماعة الشهداء القدِّيسين الذين احتملوا الجهاد حتى بذل الدم، وقد كرموّا المسيح بصبرهم، ولم ينكروا المخلِّص، ولم يكن مجده غير معروف لديهم، بل وقدَّموا ولاءهم له. مثل هؤلاء يمدحهم الملائكة القدِّيسون الذين يمجدون المسيح مخلِّص الكل من أجل الكرامات التي يهبها لقدِّيسيه والتي يستحقونها. هذا ما يعلنه المرتل: "تخبر السماوات بعدله (ببره)، لأن الله هو الديان" (مز 50: 6). هذا هو نصيب المعترفين به.

أما البقيَّة التي جحدته واستهانت به فستنكر، عندما يقول لهم كما سبق فقيل بأحد الأنبياء قديمًا: "كما فعلت يُفعل بَك، عملك يرتد علي رأسك" (عو 15). وينكرهم بهذه الكلمات: "لا أعرفكم... تباعدوا عنى يا جميع فاعلي الظلم" (لو 13: 27).

من هم هؤلاء الذين يُنكرون؟

أولًا، الذين عندما يسقطون تحت ضغط الاضطهاد وتحل بهم ضيقة ينكرون الإيمان، هؤلاء يفقدون الرجاء كلية من جذوره، فلا توجد كلمات بشريَّة يمكن أن تعبر عن ذلك إذ ينالون غضبًا ودينونة ونارًا لا تُطفأ.

بنفس الطريقة الذين يتبعون هرطقة والذين يعلّمون بها، هذه الهرطقة تنكره كأن يتجاسر البعض فيقول أن كلمة الله، الابن الوحيد، ليس هو الله بالطبيعة والحق[464].

القديس كيرلس الكبير

* [إنكار المسيح خلال الحياة الفاسدة التي لا تليق بنا].

توجد أيضًا وسائل أخرى للإنكار يصفها القدِّيس بولس، قائلًا: "يعترفون بأنهم يعرفون الله، ولكنهم بالأعمال ينكرونه" (تى 1: 16)، وأيضا: "وإن كان أحد لا يعتني بخاصته ولاسيما أهل بيته فقد أنكر الإيمان، وهو أشر من غير المؤمن" (1 تي 5: 8)، وأيضا: "(هربوا من) الطمع الذي هو عبادة الأوثان" (كو 3: 5).

وكما توجد أنواع مختلفة من الإنكار، فمن الواضح أيضًا توجد أنواع مختلفة من الاعتراف به، لاحظوا الاهتمام بالتحذير من الأعمال.

في اليونانية يقول: "من يعترف فيّin me" مظهرًا أن الاعتراف (بالمسيح) لا يتحقَّق بقوَّة الإنسان الذاتيَّة إنما بعون النعمة العلويَّة، فالإنسان يعترف بالمسيح. أما عن الإنكار فيقول "ينكرني"، فإن حُرم من النعمة ينكر، ومع هذا فهو يُدان لأن الحرمان تحقَّق بواسطته (إذ رفض النعمة) فالخطأ يُنسب له[465].

القديس يوحنا الذهبي الفم

ليتنا إذن نشهد للرب ونعترف به بفمنا وقلبنا وبإيماننا الحق وسلوكنا اللائق خلال عمل نعمته الواهب قوَّة الشهادة والعمل، ليظهر مسيحنا القائم من الأموات متجليًا في أعماقنا واضحًا في حياتنا اليومية خلال الحياة الجديدة التي لنا فيه. بهذه الشهادة وهذا الاعتراف اليومي نتأهل أن يعترف ربَّنا نفسه بنا أمام ملائكته، إذ يحسبنا ورثة الله، ووارثون مع المسيح، وشركاء في المجد الأبدي، لنا موضع في حضن الآب!

ولما كان الاعتراف بالسيِّد المسيح مكافأته العلنية الأبديَّة بلا رجعة، وأيضا للانكار جزاءه الأبدي بلا رجعة لهذا خشى لئلاَّ ينهار أحد بروح اليأس أن ضعف مرة وسقط في الجحود، فيظن أنه لايقدر أن يرجع ويتوب بل يسقط تحت هلاك ابدى لهذا يؤكد: "وكل من قال كلمة علي ابن الإنسان يُغفر له" [10]، فاتحًا أبواب الرجاء علي مصراعيه خلال التوبة. وقد جاءت تكملة حديثه تؤكد ذلك، بقوله: "وأما من جدف علي الروح القدس فلا يُغفر له" [10]. بمعنى أن من يرفض عمل الروح القدس واهب التوبة والمغفرة يفقد غفرانه. وقد سبق لنا الحديث في شيء من الاستفاضة عن "التجديف علي الروح القدس"، مؤكدين أن التجديف الذي لا يُغفر هو الإصرار علي عدم التوبة[466].

لقد أساء البعض فهم هذه العبارة الإلهية حاسبين أن من يقول كلمة على ابن الإنسان تُغفر له بينما من يقول كلمة على الروح القدس لا تُغفر، بمعنى أن من يخطئ ضد السيِّد المسيح بكونه قد تجسد مختفيًا يغفر له حين يكتشف الحق ويتوب، بينما من يخطئ ضد الروح القدس فلا توبة له. هذا التفسير لا يمكن قبوله، إذ أكّد الكتاب المقدَّس أن كل خطيَّة نقدَّم عنها توبة تُغفر، هذا أيضًا ما أعلنه آباء الكنيسة فاتحين أبواب الرجاء حتى أمام الهراطقة الذين جدفوا ضد الروح القدس وأتباعهم أن رجعوا عن خطأهم، وقد قبلتهم الكنيسة فعلًا عند توبتهم.

يؤكد القديس أمبروسيوس أن التمايز هنا يقوم علي أساس تمايز أعمال الثالوث القدُّوس، وأن الإنكار للروح القدس أو التجديف عليه إنما يعنى رفض عمله تمامًا، أي رفض عمل التوبة الذي يبعثه الروح فينا. هذا ما يوضحه نفس حديث السيِّد، إذ يكمل قائلًا: ["لأن الروح القدس يعلمكم في تلك الساعة ما يجب أن تقولوه" [12]. فمن يرفض عمله الخفي في القلب لا ينال غفرانًا حتى يرجع ويقبله من جديد.]

ولما كانت الشهادة للسيد المسيح تضع تلاميذه أمام المجامع والرؤساء والسلاطين، فقد وهبهم إمكانية لهذا العمل، إذ عهد بهم في يدّي روحه القدُّوس، قائلًا: "لأن الروح القدس يعلمكم في تلك الساعة ما يجب لأن تقولوه" [12].

* يقول أن ما ننطق به ونجيب به (وقت الضيق) يوهب لنا في تلك الساعة من السماء التي تمدنا، فلا نتكلم نحن بل روح الله الذي لا يفارق من يعترفون به، ولا ينفصل عنهم، بل يتكلَّم فيهم ويتّوج فيهم.

* إن عمله هو أن نغلب وننال النصرة بإخضاع العدو في الصراع العظيم[467].

القديس كبريانوس

* عندما تثور خلافات أو صراعات بين الأصدقاء يأمرنا الرب أن نفكر جيدًا في الأمر، لكن حينما يصير رعب محاكم العدالة وتثور المخاوف من كل جانب، فإنه يعطينا قوَّته واهبة الشجاعة وما ننطق به وعدم ثبط الهمة[468].

القديس يوحنا الذهبي الفم
5. القطيع الجديد والطمع

كان حديثه السابق كله يحثُّنا علي الشهادة للرب والاعتراف به بالقلب كما باللسان، حتى في أحلك الظروف وعند شدة الضيق. الآن يسألنا الشهادة له خلال الحياة العملية الفاضلة، محذرًا من أخطر عدو يمكن أن يصيب المؤمن ألا وهو الطمع ومحبَّة العالم، إذ يمكن أن يربك حتى خدام الكلمة في الأمور الزمنيَّة ليسحب قلوبهم عن حمل سمات عريسهم السماوي.

إذ تشاجر أخان علي الميراث جاء أحدهما يطلب من السيِّد أن يقضي له، فأجابه: "يا إنسان من أقامني عليكما قاضيًا أو مقسمًا؟ وقال لهم: "أنظروا وتحفظوا من كل طمع" [14-15]. ولعل إجابة السيِّد المسيح هذه هدف بها إلي الآتي:

أولًا: أنيرفع عمل الكرازة بالكلمة فوق المشاكل الماديَّة، لكي يتفرغ خدام الكلمة للاهتمام بالدخول بكل نفسٍ إلي العمل الخلاصي والاهتمام بالأبديات.

ثانيًا: ألا نستغل الإيمان لحساب الاهتمام بالحقوق الزمنيَّة، وإنما تركيز الاهتمام بالفرح الأبدي.

ثالثًا: يحذِّر قطيعه الجديد من الطمع المفسد للحياة الجماعيَّة كما للقلب.

* أعطيت لنا العبارة السابقة كلها لتعدنا لاحتمال الألم من أجل الشهادة للرب، وللاستخفاف بالموت أو بترجي المكافأة أو عدم السقوط تحت العقوبة التي تنتظر من لا ينال الغفران. ولما كان الطمع بوجه عام مفسد للفضيلة لذلك أضيفت وصيَّة خاصة به مع مثال... "يا إنسان من أقامني عليكما قاضيا أو مقسمًا؟"

حسنًا، لقد تجنب الأمور الأرضية ذاك الذي نزل لأجل الأمور الإلهية، فلم يقبل أن يكون قاضيًا للنزاعات يفصل في القوانين الخاصة بغنى هذا العالم وهو ديّان الأحياء والأموات الذي يجازى الكل علي أعمالهم. فعندما تطلب منه تأمَّل في العاطى لا في العطيَّة، ولا تظن أن الفكر الذي يهتم بالأمور العالية يمكن أن يضطرب للأمور الدنيا. لهذا صرف الرب هذا الأخ الذي اهتم بتحصيل الخيرات الفانية دون السمائية.

رأي أنه ينبغي ألا يتدخل بين الإخوة كقاضٍ، وإنما يلزم أن يكون الحب (لا القضاء) هو وسيطهم في التفاهم، وتقسيم الميراث الأبدي لا ميراث الفضة، إذ باطل هو تكريس الأموال أن كان الإنسان لا يعرف كيف يستخدمها[469].

القديس أمبروسيوس

* حقا لقد ظهر الابن في شكلنا، وأقامه الآب رأسًا وملكًا علي صهيون جبل قدسه ككلمات المرتل (مز 2: 6)، وقد أظهر طبيعة عمله بوضوح، إذ يقول: "جئت لأكرز بوصيَّة الرب". ما هذا؟ يريد لنا سيدنا محب الفضيلة أن نترك الأمور الأرضية الزمنيَّة، وأن نهرب من محبَّة الجسد، ومن القلق الباطل علي العمل، ومن الشهوات الدنيئة، ولا نبالي بالمخازن، بل نحتقر الغنى ومحبَّة الربح (القبيح)، إنما نكون صالحين محبين لبعضنا البعض، وألا نجمع كنوزًا علي الأرض بل نرتفع فوق الصراعات والحسد، فلا نتنازع مع الإخوة، بل بالحري نرحب بهم حتى وإن أرادوا استغلالنا، إذ يقول: "من أخذ الذي لك فلا تطالبه" (لو 6: 30)، بل بالحري نصارع ونجاهد من أجل الأمور النافعة والضروريَّة لخلاص النفس...

لم يتركنا بدون تعليم، إذ وجد الفرصة سانحة ليقدَّم حديثًا نافعًا ومخلِّصا... معلنًا: "انظروا وتحفظوا من كل طمع". لقد أظهر أن الطمع هو الوجرة (الحفرة الخاصة بصيد الوحوش) التي يقيمها الشيطان، وهو أمر مكروه من الله، وقد دعاه الحكيم بولس عبادة أوثان (كو 3: 5)، ربَّما لأنه يناسب فقط الذين لا يعرفون الله، أو لأنه مساوِ للرجاسات التي يفعلها من يعبد الأصنام والحجارة.

الطمع هو فخ الأرواح الشرِّيرة، به يسبحون نفس الإنسان إلي شباك الهاويَّة. لهذا بعدل حقيقي لكي يجعلهم في آمان يقول: "انظروا وتحفظوا من كل طمع"، أي من الطمع الكثير أو القليل، ومن خداع الإنسان للآخر أيا كان هذا الإنسان. فكما قلت أن الطمع مكروه من الله والناس...

هذا نتعلمه من الله نفسه الذي يقول علي فم أنبيائه القدِّيسين: "لذلك من أجل أنكم تدوسون (رأس) المسكين وتأخذون منه هديَّة مختارة، بنيتم بيوتًا من حجارة منحوته ولا تسكنون فيها، وغرستم كرومًا شهية ولا تشربون خمرها، لأني علمت أن ذنوبكم كثيرة وخطاياكم وافرة" (عا 5: 11-12). وأيضًا: "ويل للذين يصلون بيتًا ببيت، ويقربون حقلًا بحقل حتى لم يبقَ موضع. هل تسكنون وحدكم في وسط الأرض؟ فقد بلغت هذه في أذني قال رب الجنود. فمع أن بيوتكم كثيرة تصير خرابًا، بيوت كبيرة وحسنة بلا ساكن. لأن عشرة فدادين كرم تصنع بثًا واحدًا، وحومر بذار يصنع إيفة" (إش 5: 8-10). فمع أنهم بظلم الآخرين يقتنون بيوتًا وحقولًا، لكنها تكون باطلة بلا ساكن، لا تنفع شيئا لصانعي الشر لأن غضب الله يحّل عليهم بعدل. لذلك فلا منفعة للطمع بأي طريق كان.

من وجهة نظر أخرى فإن الطمع لا ينفع شيئًا لأن حياة الإنسان كما يقول الرب لا تقوم علي ممتلكاته [15]، بتمتعه بالفيض. هذه حقيقة واضحة فإن حياة الإنسان لا تمتد مدتها حسب غناه، ولا مجموع حياته يتناسب مع ربحه القبيح[470]

القديس كيرلس الكبير
* " فإنه متى كان لأحد كثير، فليست حياته من أمواله" [15].يقول ربَّنا هذا ليوبخ دوافع الطامعين الذين يجمعون الغنى كمن يعيشون زمانًا طويلًا. لكن هل الغنى يجعلك تعيش لمدة أطول؟ فلماذا إذن تظهر شرورًا من أجل راحة غير مضمونه؟

الأب ثيؤفلاكتيوس

إذ أعلن السيِّد المسيح أن حياة الإنسان لا ترتبط بغناه، أراد تأكيد ذلك بمثل، إذ قال الإنجيلي:

"ضرب لهم مثلًا، قائلًا: إنسان غني أخصبت كورته.

ففكر في نفسه، قائلًا: ماذا أعمل لأن ليس لي موضع أجمع فيه أثماري.

وقال: أعمل هذا. أهدم مخازني، وابني أعظم، وأجمع هناك جميع غلاتي وخيراتي.

وأقول لنفسي: يا نفسي لك خيرات كثيرة موضوعة لسنين كثيرة،

استريحي وكلي واشربي، وافرحي.

فقال له الله: يا غبي هذه الليلة تطلب نفسك منك، فهذه التي أعددتها لمن تكون؟

هكذا الذي يكنز لنفسه، وليس هو غنيًا لله" [16-21].

يلاحظ في هذا المثل الآتي:

أولًا: يرى القديس يوحنا الذهبي الفم أن هذا الغني قد أخطأ إذ دعا غناه "خيرات"، فإن الغنى ليس خيرًا في ذاته ولا يُحسب شرًا. الخير هو الفضيلة مثل العفة والتواضع وما إلى ذلك، أن اختاره الإنسان يصير صالحًا، والشر هو الرذيلة ومن يختاره يُحسب شرِّيرا، أما الأمور الأخرى فهي طبيعيَّة ليست صالحة ولا شرِّيرة، إنما يمكن توجيهها للخير كما للشر، فالغنى أن استخدمناه في العطاء صار خيرًا، وإن حمل طمعًا صار شرًا. وقد وأضح القدِّيس هذا المفهوم في أكثر من موضع، خاصة في مقالة: "لا يقدر أحد أن يؤذى إنسانًا ما لم يؤذِ الإنسان نفسه" موضحًا أن الغنى كما الفقر لا يؤذيان الإنسان، لكن ما يؤذيه هو شر قلبه الداخلي وإساءة استخدام الغنى أو الفقر.

وكما أن الغنى في ذاته ليس خيرًا يؤكد القدِّيس إكليمنضس السكندري في كتابه: "من هو الغني الذي يخلص؟" أن الغنى ليس شرًا، بل هو نافع أن أُحسن استخدامه، وأن أغنياء كثيرين أيضًا يتمتعون بالملكوت خلال محبَّتهم للعطاء.

ثانيًا: انصرف قلب هذا الغني الذي ذكره السيِّد المسيح إلي الغنى الأرضي فأُتخم قلبه جدّا بمحبَّة الزمنيات وتفجرت مخازن نفسه الشرِّيرة بالطمع، وظن أنه قادر أن يقيم لنفسه مخازن جديدة فإذا بنفسه تُطلب منه وقد تحطمت مخازنها تمامًا.

يقول القديس باسيليوس الكبير: ]إنه لم يذكر إخوته في الخليقة، ولا حسب أنه يجب أن يعطي من فائضه للمحتاجين. كانت مخازنه تتفجر من فيض المخزون، أما جشع ذهنه فلم يشبع بأية وسيلة... يقول: أعمل هذا، أهدم مخازني... حسنًا تفعل، فإن مخازنك الشرِّيرة تستحق الهدم. تهدم مخازنك التي لا تقدَّم راحة لأحد[471].[

ثالثًا: لم يدرك هذا الغني أن الله هو سّر حياة النفس البشريَّة، من يقتنيه في داخله يقتنى الحياة علي مستوى أبدي، فلا يغلبه الموت، بل ينطلق مرتفعًا بالحق فوق حدود الزمن. لقد أخطأ إذ حسب أن حياته تقّيم حسب غناه، فلما صار له فيض من الغنى حسب أن لنفسه خيرات لسنوات طويلة، ولم يدرك أنها تُطلب منه في ذات الليلة يقول القدِّيس إكليمنضس السكندري: ]لا تقوم حياة الإنسان على فيض ما يملكه من الأشياء[472].] ويقول القديس كيرلس السكندري: ]حقًا أن حياة الإنسان لا تقوم علي ممتلكاته خلال ما لديه من فيض، إنما يُحسب مطّوبًا وذا رجاء مجيد من كان غنيًا بالله[473].]

رابعًا: يرى القديس يوحنا كاسيان أن سّر انحراف هذا الغني هو اهتماماته بالغد، إذ يقول:]ليتنا لا نهتم بالغد فلا نسمح لأنفسنا قط بانحرافها عن قواعد التجرد والنسك[474]. [ويرى القديس أغسطينوس أن اهتمامه بنوال الكماليَّات هو سّر انحرافه، إذ يقول:]ألا ترى أن الطمع - أن طلبنا ما هو أكثر من الضروريات - يجعلنا نخطىء؟ لنحذر كل طمع أن أردنا التمتع بالحكمة الأبديَّة[475]. [

خامسًا: في مقدَّمة هذا السفر قلنا أنه "إنجيل الفرح"، فقد جاء صديقنا السماوي ليهبنا خلال صداقته فرحًا أبديًا لا يُنزع عنا، وقد رأينا أن هذا السفر أفتتح بالفرح والتسبيح وخُتم بالفرح. وإذ أراد أن يميز بين فرح الصديق وفرح العالم، قدَّم لنا هذا المثل، فيه يناجى الغني نفسه، قائلًا لها: "افرحي"، لكنه لم تمضِ ربَّما ساعات وقد فقدت نفسه ينبوع فرحها الزمني، بل وفقدت حياتها كلها لأنها جعلت من غنى هذا العالم علَّة لفرحها.

الإنسان الجسداني يفرح حين ينال زمنيات مهما كانت قيمتها لكنه سرعان ما يحزن حين يخسر ولو القليل مما ربح، يفقد فرحه وسلامه. لعل هذا ما أراد تأكيده القدِّيس جيروم حين قال:]حينما نربح فلسًا نمتلئ فرحًا، وحينما نخسر نصف فلس نغرق في الحزن[476].[

سادسًا: يُعلِّق الأب غريغوريوس (الكبير) علي قول السيِّد "هذه الليلة تطلب نفسك منك"، قائلًا: [تُطلب النفس بالليل هذه التي سلكت في ظلمة قلبها، إذ لم ترد أن نسلك في نور التأمَّل[.

ويُعلِّق القديس يوحنا الذهبي الفم علي قول السيِّد: فهذه التي أعددتها لمن تكون؟" قائلًا:]إنك تترك كل الأشياء هنا، فلا تخرج صفر اليدين فحسب، وإنما تخرج مثقلًا بحمل خطايا علي كتفيك، وما جمعته هنا غالبًا ما يقع في أيدي الأعداء، وفي نفس الوقت تُطالب أنت به
6. القطيع الجديد والزمنيات

"وقال لتلاميذه: من أجل هذا أقول لكم، لا تهتموا لحياتكم بما تأكلون،

ولا للجسد بما تلبسون.

الحياة أفضل من الطعام، والجسد أفضل من اللباس" [22-23].

إذا يريد ربَّنا يسوع المسيح صديقنا السماوي أن يرتفع بقطيعه الجديد ليحمل سمات لائقة به يرتفع به تدريجيًا، فبعد أن حثه علي الاعتراف بالإيمان حذره من الطمع كعدوٍ خطير يفقد الإنسان علاقته بالله والناس، ويحطم حياته الداخليَّة، ثم قدَّم له مثل الغني الغبي الذي وضع قلبه في مخازن ترابية، حاثًا إيَّانا ألا نهتم بالكماليَّات، والآن يرتفع بنا إلي مستوى أعلى، وهو ألا نرتبك حتى بالضروريات كالطعام والملبس. أنه يؤكد لنا أنه خالقنا وهبنا الحياة أفلا يهتم بإطعامنا وإن كان قد صنع لنا الجسد أما يهتم بملبسنا... أنه يود أن يكون قطيعه لا في حالة تواكل أو تراخٍ، وإنما في اتزان الفكر بلا همّ أو قلق، يتكئ علي صدر راعيه الصالحة بلا اضطراب.

* الكلمات "لا تهتموا..." لا تعني "لا تعملوا"، إنما لا تكن أفكاركم مرتبطة بالأرضيات، إذ يمكن للإنسان أن يعمل دون أن يهتم[478].

القديس يوحنا الذهبي الفم

* لم يقل "لا تهتموا" فقط وإنما "لحياتكم" أي لا تركزوا حرصكم علي هذه الأمور، بل ليكن شغفكم منصبًا علي أمور أعظم. فإن الحياة حقًا هي أفضل من الطعام، والجسد أفضل من اللباس. فإن كان يوجد خطر علي حياتنا وأجسادنا فيسقط السالكون الحياة شرِّيرة تحت الألم والعقاب لذا يلزم تجنب الاهتمام بالملبس والطعام.

بجانب هذا؛ يا له من أمر دنيء لمحبي الفضيلة ولتابعي الفضائل الجادة بغيرة لكي يُحسبوا ممتازين ومزكين أمام الله أن يرتبكوا بلباس جميل كأطفال صغار، أو يجروا وراء ولائم مكلّفة. فإنه يتبع هذه الأمور جمهور آخر من الشهوات العنيفة وتكون النتيجة ارتداد عن الله، إذ قيل: "لا تحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم" (ا يو 2: 15)، وأيضًا: "أما تعلمون أن محبَّة العالم عداوة لله؟" (يع 4: 4). فمن واجبنا إذن أن نحفظ أقدامنا بعيدًا عن الشهوات العالمية، بل بالحري أن نبتهج بالأمور التي تسرّ الله.

ربما تسأل: فمن إذن يعطينا ضروريات الحياة؟ فنجيب هكذا: ليكن الرب موضع ثقة، فقد وعدك بوضوح بهذه الأمور مقدَّما لك بأمور صغيرة (اهتمامه بالغربان وزنابق الحقل) تأكيدًا أنه صادق في الأوامر الكبرى[479].

القديس كيرلس الكبير

يرى القديس أمبروسيوس[480] أن الله خلق النفس والجسد معًا في وحدة، فالجسد هو لباس النفس، والنفس هي حياة الجسد، وكأنه يريدنا ألا نهتم بالطعام والملبس بل بالنفس والجسد معًا لأجل بلوغنا الحياة الأبديَّة الدائمة.

يريد لنا أن نرتفع حتى فوق الضروريات لا لنهملها، وإنما لكي لا تمتص تفكيرنا وتحطم سلامنا الداخلي، وإنما نمارسها بفكر مقدَّس، فنرى مع الرسول أننا إن أكلنا أو شربنا نفعل ذلك لمجد الله، حتى تعزيتنا ففي المسيح يسوع ربنا. بهذا يحيا الإنسان في العالم بلا هّم فينجح هنا وينال مئة ضعف خلال سلامه الداخلي ويُحسب هذا له رصيدًا علي مستوى أبدي! الحياة التي بلا هم هي سّر نجاح المؤمن وسلامه وفرحه في هذا العالم ومجده في العالم الأبدي
7. القطيع الجديد والسماويَّات

الله لا يريد أن يحرم قطيعه العاقل من شيء، إذ خلق كل شيء من أجل الإنسان، لكنه إذ رأى الإنسان قد تعلق بالعالم فأفسد قلبه بالطمع ونفسه بالهم وحياته بانشغاله عن خالقه، أوصاه أن يترك الزمنيات لكي ينعم بالسماويات. أراده أن يترك العطيَّة من قلبه ليلتصق بالعاطي، فيكون له فيض من العطايا. لهذا أكمل السيِّد المسيح حديثه معنا مؤكدًا لنا ثلاثة أمور:



أولًا: أن الله ليس جامدًا من جهتنا، بل هو محب للبشر، إن كان من أجلنا يهتم بخليقته غير العاقلة، فيقوت الغربان ويلبس زنابقِ الحقل جمالًا فائقًا، أفلا يهتم بالأولى بالإنسان الذي من أجله خلق الغربان والزنابق [24]؟



ثانيًا: أن الاهتمام لا يُصلح من أمرنا، فلا نستطيع أن نزيد علي قامتنا ذراعًا واحدة، فلماذا نعيش مهمومين نفقد سلامنا الداخلي وعلاقتنا بالله دون نفعٍ زمنيٍ أيضًا [25]؟



ثالثًا: أنه لا يود الحرمان لأجل الحرمان، بل يود أن يهب ما هو أعظم: "اطلبوا ملكوت الله وهذه كلها تزاد لكم" [31]. بمعنى آخر ليكن قلبنا متفرغًا من الزمنيات، فيدخل الرب ويقيم مملكته دون أن يحرمنا حتى مما تركنا".



إن عدنا إلي النص الإنجيلي نجده هكذا:

"تأمَّلوا الغربان إنها لا تزرع ولا تحصد،

وليس لها مخدع ولا مخزن، والله يقيتها،

كم أنتم بالحري أفضل من الطيور؟

ومن منكم إذا اهتم يقدر أن يزيد علي قامته ذراعًا واحدة.

فان كنتم لا تقدرون ولا على الأصغر،

فلماذا تهتمون بالبواقي؟

تأمَّلوا الزنابق كيف تنمو، لا تتعب ولا تغزل،

ولكن أقول لكم أنه ولا سليمان في كل مجده كان يلبس كواحدة منها.

فإن كان العشب الذي يوجد اليوم في الحقل

ويطرح غدًا في التنور

يلبسه الله هكذا فكم بالحري يلبسكم أنتم يا قليلي الإيمان؟

فلا تطلبوا أنتم ما تأكلون وما تشربون ولا تقلقوا.

فإن هذه كلها تطلبها أمم العالم،

وأما أنتم فأبوكم يعلم أنكم تحتاجون إلي هذه.

بل أطلبوا ملكوت الله وهذه كلها تزاد لكم" [24-31].

سبق لنا عرض مقتطفات من تعليقات لبعض آباء الكنيسة علي هذه العبارات الإنجيلية[481]، أضيف عليها المقتطفات التالية:

* إن كانت طيور السماء التي لا تزرع ولا تحصد محاصيل وفيرة والعناية الإلهيَّة تعولها علي الدوام، يليق بنا نحن بالحري أن نرى في طمعنا علامة من علامات فقرنا.

مصادر قوت الطيور كثيرة ووفيرة ليست من صنعها، لأنها لا تعرف ملكيَّة خاصة بها، والثمار التي تُعطى لها مشتركة للجميع، أما نحن ففقدنا الخيرات المشتركة مطالبين بالملكيات الخاصة...

ليتك لا تتطلع إلي الخيرات كملكٍ خاصٍ بك، فقد أراد الرب أن يكون الطعام مشتركًا بينك وبين الطيور والحيوانات.

طيور السماء لا تطلب ملكًا خاصًا بها، لذلك فهي لا تعرف العوز للطعام، كما لا تحسد الآخرين.

"تأمَّلوا الزنابق كيف تنمو..."، بهذه الكلمات يدعونا الرب للثقة فيه. إنه يهبنا رحمته. المعنى الحرفي لهذه العبارات يعني أننا لا نستطيع أن نضيف شيئًا لقامة أجسادنا، وأما المعنى الروحي فهو أننا لا نستطيع أن نتخطى حدود مستوانا دون معونة الله...

وضع الرب الزنبقة كما في مرتبة أعلى من الإنسان ذاته وجعلها أكثر مجدّا من الناس الذين يمثلهم سليمان الذي تمتع بامتياز بنائه هيكل الرب في الظاهر الممثل لكنيسة المسيح رمزيًا.

ألوان الزنبقة الزاهية تشير لمجد ملائكة السماء الذين هم زهور هذا العالم، إذ أضاءوا العالم بنورهم رائحة المسيح الذكيَّة. وإذ تسندنا طلباتهم ومعونتهم يمكننا أن نقول: "لأننا رائحة المسيح الذكيَّة لله في الذين يخلصون" (2 كو 2: 15)، فلا تعوقنا أية عاطفة ولا نضطرب لضرورة عملٍ، بل نحتفظ في أنفسنا ببركات الحريَّة الإلهيَّة ومواهب الطبيعة الإلهيَّة.

حقًا أنه من المناسب جدّا أن يشير الرب إلي سليمان وقد لبس المجد... إذ كان يغطي طبيعته الجسديَّة بقوَّة الروح، ويلبسها بهاء أعمال الروح[482].

* هذا حق، فإن الزنابق وغيرها من الزهور التي تنبت في الحقول تحمل جمالًا عجيبًا في رونق ألوانها سواء بتنوعها وتنسيقها وبهائها في ثوب طبيعي... هذا كله يقلده الإنسان بفنه سواء بالرسم بمهارة أو بالتطريز، لكنه لا يبلغ الحقيقة، مهما بلغ العمل الفني من نجاح، فلن يصل إلي الحقيقة نفسها... إذن باطل هو تعبنا مهما حمل من مظهر جميل![483]

القديس كيرلس الكبير

* ليتنا لا نطلب مثل هذا الطعام الذي هو ليس بضروري بل نافلة، إنما نطلب الطعام الذي يمس خلاص النفس. لا نطلب الثياب الثمينة بل نطلب كيف ننقذ جسدنا من النار والدينونة. لنفعل هذا، طالبين ملكوته وكل ما يعيننا لنكون شركاء ملكوت المسيح[484].

القديس كيرلس الكبير

* الارتباك بالأمور المنظورة هو من نصيب الذين بلا رجاء في الحياة العتيدة، والذين بلا مخافة من جهة الدينونة المقبلة.

القديس غريغوريوس أسقف نيصص

هكذا يريد السيِّد المسيح أن يرفعنا نحن قطيعه الجديد لنحيا كطيور السماء المرتفعة نحو السماويات، لا نهتم بملكيَّة خاصة، وبلا مخازن ترابية، إنما نحلق كما في الأبديَّة في جو حبّي كامل؛ وأن نعيش كزنابق الحقل نحمل المجد الملائكي البهي الذي ليس هو من صنع أيدينا، بل من عمل نعمته الفائق. نرى في الله أبانا [31] المهتم بشركتنا في ملكوته، مقدَّما لنا الأمور الزمنيَّة كأمر ثانوي وزهيد بالنسبة لعطاياه الأبويَّة الخالدة.
8. القطيع الجديد ومسرة الآب

"لا تخف أيها القطيع الصغير، لأن أباكم قد سّر أن يعطيكم الملكوت" [32].

يا لها من عبارة معزية فإنه يدعو الله "أبانا"، فنطمئن من جهة رعايته واهتمامه وتدابيره لحسابنا. حقًا تبقى الكنيسة على الدوام "القطيع الصغير" لأن كثيرين يُدعون وقليلين ينتخبون. تختفي هذه القلة في العالم، لكنها محصاة في عيني الله، إذ يقول الرب لإيليا الذي ظن أن القطيع قد فني تمامًا: "قد أبقيت في إسرائيل سبعة آلاف كل الركب التي لم تجثُ للبعل، وكل فم لم يقبله" (ا مل 19: 18).

إنه قطيع ليس فقط من جهة العدد، ولكن من جهة الإمكانيات البشريَّة، لا حول له ولا قوَّة زمنيَّة، لكنه موضع سرور الآب، ووارث الملكوت الأبدي! إنه القطيع الصغير في عيني العالم لكنه علي صدر الله يتمتع بنعمته الإِلهيَّة، ويغتصب بالحب ملكوت السماوات!

* هذه بالحقيقة هي تعزية روحيَّة، والطريق الذي يقودنا إلي الإيمان الأكيد... بقوله: "لا تخف" يقصد أنه يجب أن يؤمنوا بهذا الأمر المؤكد الذي لا يحمل شكًا وهو أن أباهم السماوي يهب طريق الحياة للذين يحبُّونه. أنه لن يتجاهل خاصته، بل يفتح يده التي تشبع المسكونة بالصلاح...

الذي يهب هذه الأمور العظيمة والثمينة، ويمنح ملكوت السماوات هل يمتنع من جانبه عن أن يترفق بنا؟ أو هل لا يمدنا بالطعام والملبس؟ أي خير أرضي يعادل ملكوت السماوات؟ ماذا يمكن أن يُقارن بما سيمنحه الله من أمور لا يمكن إدراكها ولا أن ينطق بها؟ "ما لم تر عين، ولم تسمع أذن ولم يخطر علي بال إنسان ما أعده الله للذين يحبُّونه" (1 كو 2: 9). عندما تمتدح الغنى الأرضي وتعجب بالسلطان الزمني فإن هذه لا تقارن بالنسبة لما قد أُعد، إذ قيل: "لأن كل جسد كعشب وكل مجد إنسان كزهر عشب" (1 بط 1: 24). فإن كنت تتحدَّث عن الغنى والترف والولائم، فقد قيل: "العالم يمضي وشهوته" (1 يو 2: 17). الأمور الإلهيَّة لا تقارن بما للعالم. فإن كان الله يهب ملكوته لمحبيه أفلا يريد أن يقدَّم لهم طعامًا وثيابًا؟

لقد دعاهم "قطيعًا صغيرًا"، لأننا أقل من جموع الملائكة غير المحصيَّة، التي تفوق في القدرة أمورنا المائتة بما لا يقاس. هذا ما علمنا إيَّاه المخلِّص بنفسه في المثل المذكور في الأناجيل، إذ يقول: "أي إنسان منكم له مئه خروف وأضاع واحدًا منها ألا يترك التسعة والتسعين في البريَّة (علي الجبال) ويذهب من أجل الضال حتى يجده؟ وإذا وجده فالحق أقول لكم يفرح به أكثر من التسعة والتسعين الذين لم يضلوا (لو 15: 4 الخ). لاحظوا إن كان عدد الكائنات العاقلة يمتد إلي عشرة مضروبة في عشرة، فإن القطيع الذي علي الأرض ليس إلا واحدًا من مئة.

مع أنه صغير من جهة الطبيعة والعدد والكرامة أن قورن بطغمات الأرواح العلويَّة التي بلا عدد لكنه بصلاح الآب الذي يفوق كل وصف ويُعطى له نصيب مع الأرواح الفائقة، أقصد ملكوت السماوات[485].

القديس كيرلس الكبير

* يعني ربَّنا بالقطيع الصغير أولئك الذين يريدون أن يصيروا تلاميذه (القليلي العدد)، أو ليظهر أن القدِّيسين في العالم يبدون صغارًا بسبب مقرهم الإختياري، أو لأنهم يُضمون إلي جموع الملائكة الذين يفوقوننا في كل ما نعتز به بما لا يقارن.

لقب "الصغير" أعطاه ربَّنا لمختاريه بمقارنتهم بالأعداد الضخمة من الأشرار، أو ربَّما من أجل تواضعهم الورع[486].

الأب ثيؤفلاكتيوس

* انظر أن تنتمي إلي القلة المختارة، ولا تسلك ببرود متمثلًا بتراخي الكثيرين. عش كالقلة حتى تتأهل معهم للتمتع بالله "لأن كثيرين يدعون وقليلين ينتخبون" (مت 20: 16)[487].

القديس يوحنا كاسيان

* لكل واحد منا قطيع يقوده إلي المراعي الخضراء[488].

القديس يوحنا الذهبي الفم

9. القطيع الجديد والصدقة

إن كان السيِّد المسيح قد دعا قطيعه بالصغير ليُحسب أهلًا لمسرة الآب الذي يهبهم الملكوت، فإنه يليق بهذا القطيع أن يعلن شوقه لهذا الملكوت المجاني بتخليه عن كنوز العالم وتقديمها للفقراء كمن يحفظونها لهم في البيت الجديد أي في السماء. بهذا يقدَّم لنا السيِّد المسيح مفهومًا جديدًا للعطاء أو الصدقة، ألا وهو الكشف عن تفريغ القلب من حب الزمنيات بقصد الشبع السماوي.

"بيعوا مالكم وأعطوا صدقة.

أعملوا لكم أكياسًا لا تفنى، وكنزًا لا ينفذ في السماوات،

حيث لا يقرب سارق، ولا يبلى سوس.

لأنه حيث يكون كنزكم هناك يكون قلبكم أيضًا" [33- 34].

يقول القديس أغسطينوس:]ليت أعماله تعلن صوته[489] [، بمعنى أن كان المؤمن يتحدَّث عن الملكوت، فليعلن حديثه هذا عمليًا بالعطاء.

* ليكن شغفنا نحو الأمور المقبلة ثابتًا، لنخزن الرجاء في الأمور العتيدة ككنزٍ لنا. لنجمع أمامنا لأنفسنا كل هذه الأمور التي بها نتأهل لعطايا الله[490].

القديس كيرلس الكبير

* الصدقة دواء لكل جرح. لكن الصدقة لا تُمارس بالعطاء المالي وحده، بل بكل ما يمكن للإنسان أن يريح به آخر، فالطبيب يعالج والحكيم يقدَّم مشورة[491].

القديس يوحنا الذهبي الفم

* قد يسأل أحد: على أي أساس يلزمنا أن نبيع مالنا؟ هل لأنها أمور ضارة بطبعها؟ أو لأنها تمثل تجربة لنفوسنا؟

نجيب علي ذلك أولا بأن لو كان كل ما في العالم شرِّيرا في ذاته لما حُسبت خليقة الله، لأن خليقة الله صالحة (1تى 4: 4). ثانيًا أن وصيَّة ربَّنا تعلمنا أن ننزع الشر الذي فينا لا أن نقدَّمه للغير، قائلًا "اعطوا صدقة"[492].

القديس باسيليوس الكبير
لوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي 4. القطيع الجديد والشهادة "وأقول لكم كل من اعترف بي قدام الناس يعترف به ابن الإنسان قدام ملائكة الله. ومن أنكرنى قدام الناس ينكر قدام ملائكة الله. وكل من قال كلمة علي ابن الإنسان يُغفر له، وأما من جدف علي الروح القدس فلا يغُفر له ومتى قدَّموكم إلي المجامع والرؤساء والسلاطين فلا تهتموا كيف أو بما تحتجون أو بما تقولون. لأن الروح القدس يعلمكم في تلك الساعة ما يجب أن تقولوه" [8-12]. إن كانت الخطيَّة قد أفسدت العصافير الخمسة أي حواسنا الداخليَّة، فعوض انطلاقها بالروح القدس نحو الإلهيات لترى وتسمع وتتذوق وتلمس وتشتم ما هو أبدي وإلهي، إذا بها تسقط في فخاخ الملذّات وترتبط بحبال العالم، وتصير عاجزة عن الطيران أسيرة فخاخ العدو تحت سلطانه العنيف المهلك. لهذا فإن الإنسان حتى في تدينه لم يقدر أن يرتفع إلي فوق بل صار في عبادته وكرازته أسير المجد الباطل والرياء وأحيانا الطمع المادي الأمور التي وهبته فكرًا فرِّيسيا ناموسيًا، يهتم بالحرف القاتل عوض الروح العميق الذي يبنى. وقد افتدانا الرب ليطلقنا من هذه الفخاخ لنحيا في هذا العالم شهود حق للمخلِّص خلال حياتنا السماويَّة وفكرنا الجديد وإنساننا الروحي الذي هو من عمل إلهنا... نشهد له هنا فيشهد لنا ابن الإنسان في المقادس السماويَّة عينها. لقد دفع دمه ثمنًا لانتزاعنا من فخ الرياء، مؤكدًا لنا أن ما نقوله في الظلمة يُستعلن في النور، وما ننادى به الأذن يعلن علي السطوح... والآن هاهو يؤكد أن ما نفعله هنا كما في الظلمة أو في الأذن يعلنه ربَّنا يسوع نفسه أمام ملائكته وقدِّيسيه في الرب العظيم. إن كان المراؤون يفعلون الشر خفيَّة فينفضحون، فعلم الكنيسة الظاهر والخفي هو الاعتراف بالمخلِّص لكي تتمجد حقيقة! * الرب غير مقتنع بالإيمان الداخلي وحده، إنما يسألنا الاعتراف الظاهر، حاثًا إيَّانا علي الثقة والحب العظيم. ولما كان هذا نافعًا للجميع قال: "كل من اعترف بي..."[463] القديس يوحنا الذهبي الفم * "لأنك أن اعترفت بفمك بالرب يسوع، وآمنت بقلبك أن الله أقامه من الأموات، خلصت" (رو 10: 9). لقد وضح سّر المسيح في هذه الكلمات بطريقة رائعة. أول كل شيء من واجبنا أن نعترف بأن الابن المولود من الله الآب، الابن الوحيد الذي من جوهره، الله الكلمة، هو رب الكل، ليس كمن نال الربوبية من الخارج بل تُنسب له بكونه الرب بالحق بالطبيعة، كما الآب أيضا. ثانيًا يليق بنا أن نؤمن بأن الله أقامه من الأموات، بمعنى أنه إذ صار إنسانًا تألَّم في الجسد من أجلنا وقام من الأموات، لذلك كما قلت الابن هو الرب... هو وحده الرب بالطبيعة بكونه الله الكلمة فوق كل خليقة. هذا ما يعلمنا إيَّاه الحكيم بولس، قائلًا: " لأنه وإن وُجد ما يُسمى آلهة سواء كان في السماء أو علي الأرض كما يوجد آلهة كثيرون وأرباب كثيرة، لكن لنا إله واحد الآب الذي منه جميع الأشياء ونحن له، ورب واحد يسوع المسيح الذي به جميع الأشياء ونحن به" (1 كو 8: 5-6)... من يعترف بالمسيح أمام الناس أنه الله الرب، يعترف به أمام ملائكة الله ولكن أين؟ وكيف؟ واضح أنه في ذلك الوقت عندما ينزل من السماء في مجد أبيه مع الملائكة القدِّيسين في نهاية هذا العالم، حيث يكلل المعترفين به الحقيقيين الذين لهم الإيمان الأصيل غير المتردد... هناك تتلألأ جماعة الشهداء القدِّيسين الذين احتملوا الجهاد حتى بذل الدم، وقد كرموّا المسيح بصبرهم، ولم ينكروا المخلِّص، ولم يكن مجده غير معروف لديهم، بل وقدَّموا ولاءهم له. مثل هؤلاء يمدحهم الملائكة القدِّيسون الذين يمجدون المسيح مخلِّص الكل من أجل الكرامات التي يهبها لقدِّيسيه والتي يستحقونها. هذا ما يعلنه المرتل: "تخبر السماوات بعدله (ببره)، لأن الله هو الديان" (مز 50: 6). هذا هو نصيب المعترفين به. أما البقيَّة التي جحدته واستهانت به فستنكر، عندما يقول لهم كما سبق فقيل بأحد الأنبياء قديمًا: "كما فعلت يُفعل بَك، عملك يرتد علي رأسك" (عو 15). وينكرهم بهذه الكلمات: "لا أعرفكم... تباعدوا عنى يا جميع فاعلي الظلم" (لو 13: 27). من هم هؤلاء الذين يُنكرون؟ أولًا، الذين عندما يسقطون تحت ضغط الاضطهاد وتحل بهم ضيقة ينكرون الإيمان، هؤلاء يفقدون الرجاء كلية من جذوره، فلا توجد كلمات بشريَّة يمكن أن تعبر عن ذلك إذ ينالون غضبًا ودينونة ونارًا لا تُطفأ. بنفس الطريقة الذين يتبعون هرطقة والذين يعلّمون بها، هذه الهرطقة تنكره كأن يتجاسر البعض فيقول أن كلمة الله، الابن الوحيد، ليس هو الله بالطبيعة والحق[464]. القديس كيرلس الكبير * [إنكار المسيح خلال الحياة الفاسدة التي لا تليق بنا]. توجد أيضًا وسائل أخرى للإنكار يصفها القدِّيس بولس، قائلًا: "يعترفون بأنهم يعرفون الله، ولكنهم بالأعمال ينكرونه" (تى 1: 16)، وأيضا: "وإن كان أحد لا يعتني بخاصته ولاسيما أهل بيته فقد أنكر الإيمان، وهو أشر من غير المؤمن" (1 تي 5: 8)، وأيضا: "(هربوا من) الطمع الذي هو عبادة الأوثان" (كو 3: 5). وكما توجد أنواع مختلفة من الإنكار، فمن الواضح أيضًا توجد أنواع مختلفة من الاعتراف به، لاحظوا الاهتمام بالتحذير من الأعمال. في اليونانية يقول: "من يعترف فيّin me" مظهرًا أن الاعتراف (بالمسيح) لا يتحقَّق بقوَّة الإنسان الذاتيَّة إنما بعون النعمة العلويَّة، فالإنسان يعترف بالمسيح. أما عن الإنكار فيقول "ينكرني"، فإن حُرم من النعمة ينكر، ومع هذا فهو يُدان لأن الحرمان تحقَّق بواسطته (إذ رفض النعمة) فالخطأ يُنسب له[465]. القديس يوحنا الذهبي الفم ليتنا إذن نشهد للرب ونعترف به بفمنا وقلبنا وبإيماننا الحق وسلوكنا اللائق خلال عمل نعمته الواهب قوَّة الشهادة والعمل، ليظهر مسيحنا القائم من الأموات متجليًا في أعماقنا واضحًا في حياتنا اليومية خلال الحياة الجديدة التي لنا فيه. بهذه الشهادة وهذا الاعتراف اليومي نتأهل أن يعترف ربَّنا نفسه بنا أمام ملائكته، إذ يحسبنا ورثة الله، ووارثون مع المسيح، وشركاء في المجد الأبدي، لنا موضع في حضن الآب! ولما كان الاعتراف بالسيِّد المسيح مكافأته العلنية الأبديَّة بلا رجعة، وأيضا للانكار جزاءه الأبدي بلا رجعة لهذا خشى لئلاَّ ينهار أحد بروح اليأس أن ضعف مرة وسقط في الجحود، فيظن أنه لايقدر أن يرجع ويتوب بل يسقط تحت هلاك ابدى لهذا يؤكد: "وكل من قال كلمة علي ابن الإنسان يُغفر له" [10]، فاتحًا أبواب الرجاء علي مصراعيه خلال التوبة. وقد جاءت تكملة حديثه تؤكد ذلك، بقوله: "وأما من جدف علي الروح القدس فلا يُغفر له" [10]. بمعنى أن من يرفض عمل الروح القدس واهب التوبة والمغفرة يفقد غفرانه. وقد سبق لنا الحديث في شيء من الاستفاضة عن "التجديف علي الروح القدس"، مؤكدين أن التجديف الذي لا يُغفر هو الإصرار علي عدم التوبة[466]. لقد أساء البعض فهم هذه العبارة الإلهية حاسبين أن من يقول كلمة على ابن الإنسان تُغفر له بينما من يقول كلمة على الروح القدس لا تُغفر، بمعنى أن من يخطئ ضد السيِّد المسيح بكونه قد تجسد مختفيًا يغفر له حين يكتشف الحق ويتوب، بينما من يخطئ ضد الروح القدس فلا توبة له. هذا التفسير لا يمكن قبوله، إذ أكّد الكتاب المقدَّس أن كل خطيَّة نقدَّم عنها توبة تُغفر، هذا أيضًا ما أعلنه آباء الكنيسة فاتحين أبواب الرجاء حتى أمام الهراطقة الذين جدفوا ضد الروح القدس وأتباعهم أن رجعوا عن خطأهم، وقد قبلتهم الكنيسة فعلًا عند توبتهم. يؤكد القديس أمبروسيوس أن التمايز هنا يقوم علي أساس تمايز أعمال الثالوث القدُّوس، وأن الإنكار للروح القدس أو التجديف عليه إنما يعنى رفض عمله تمامًا، أي رفض عمل التوبة الذي يبعثه الروح فينا. هذا ما يوضحه نفس حديث السيِّد، إذ يكمل قائلًا: ["لأن الروح القدس يعلمكم في تلك الساعة ما يجب أن تقولوه" [12]. فمن يرفض عمله الخفي في القلب لا ينال غفرانًا حتى يرجع ويقبله من جديد.] ولما كانت الشهادة للسيد المسيح تضع تلاميذه أمام المجامع والرؤساء والسلاطين، فقد وهبهم إمكانية لهذا العمل، إذ عهد بهم في يدّي روحه القدُّوس، قائلًا: "لأن الروح القدس يعلمكم في تلك الساعة ما يجب لأن تقولوه" [12]. * يقول أن ما ننطق به ونجيب به (وقت الضيق) يوهب لنا في تلك الساعة من السماء التي تمدنا، فلا نتكلم نحن بل روح الله الذي لا يفارق من يعترفون به، ولا ينفصل عنهم، بل يتكلَّم فيهم ويتّوج فيهم. * إن عمله هو أن نغلب وننال النصرة بإخضاع العدو في الصراع العظيم[467]. القديس كبريانوس * عندما تثور خلافات أو صراعات بين الأصدقاء يأمرنا الرب أن نفكر جيدًا في الأمر، لكن حينما يصير رعب محاكم العدالة وتثور المخاوف من كل جانب، فإنه يعطينا قوَّته واهبة الشجاعة وما ننطق به وعدم ثبط الهمة[468]. القديس يوحنا الذهبي الفم 5. القطيع الجديد والطمع كان حديثه السابق كله يحثُّنا علي الشهادة للرب والاعتراف به بالقلب كما باللسان، حتى في أحلك الظروف وعند شدة الضيق. الآن يسألنا الشهادة له خلال الحياة العملية الفاضلة، محذرًا من أخطر عدو يمكن أن يصيب المؤمن ألا وهو الطمع ومحبَّة العالم، إذ يمكن أن يربك حتى خدام الكلمة في الأمور الزمنيَّة ليسحب قلوبهم عن حمل سمات عريسهم السماوي. إذ تشاجر أخان علي الميراث جاء أحدهما يطلب من السيِّد أن يقضي له، فأجابه: "يا إنسان من أقامني عليكما قاضيًا أو مقسمًا؟ وقال لهم: "أنظروا وتحفظوا من كل طمع" [14-15]. ولعل إجابة السيِّد المسيح هذه هدف بها إلي الآتي: أولًا: أنيرفع عمل الكرازة بالكلمة فوق المشاكل الماديَّة، لكي يتفرغ خدام الكلمة للاهتمام بالدخول بكل نفسٍ إلي العمل الخلاصي والاهتمام بالأبديات. ثانيًا: ألا نستغل الإيمان لحساب الاهتمام بالحقوق الزمنيَّة، وإنما تركيز الاهتمام بالفرح الأبدي. ثالثًا: يحذِّر قطيعه الجديد من الطمع المفسد للحياة الجماعيَّة كما للقلب. * أعطيت لنا العبارة السابقة كلها لتعدنا لاحتمال الألم من أجل الشهادة للرب، وللاستخفاف بالموت أو بترجي المكافأة أو عدم السقوط تحت العقوبة التي تنتظر من لا ينال الغفران. ولما كان الطمع بوجه عام مفسد للفضيلة لذلك أضيفت وصيَّة خاصة به مع مثال... "يا إنسان من أقامني عليكما قاضيا أو مقسمًا؟" حسنًا، لقد تجنب الأمور الأرضية ذاك الذي نزل لأجل الأمور الإلهية، فلم يقبل أن يكون قاضيًا للنزاعات يفصل في القوانين الخاصة بغنى هذا العالم وهو ديّان الأحياء والأموات الذي يجازى الكل علي أعمالهم. فعندما تطلب منه تأمَّل في العاطى لا في العطيَّة، ولا تظن أن الفكر الذي يهتم بالأمور العالية يمكن أن يضطرب للأمور الدنيا. لهذا صرف الرب هذا الأخ الذي اهتم بتحصيل الخيرات الفانية دون السمائية. رأي أنه ينبغي ألا يتدخل بين الإخوة كقاضٍ، وإنما يلزم أن يكون الحب (لا القضاء) هو وسيطهم في التفاهم، وتقسيم الميراث الأبدي لا ميراث الفضة، إذ باطل هو تكريس الأموال أن كان الإنسان لا يعرف كيف يستخدمها[469]. القديس أمبروسيوس * حقا لقد ظهر الابن في شكلنا، وأقامه الآب رأسًا وملكًا علي صهيون جبل قدسه ككلمات المرتل (مز 2: 6)، وقد أظهر طبيعة عمله بوضوح، إذ يقول: "جئت لأكرز بوصيَّة الرب". ما هذا؟ يريد لنا سيدنا محب الفضيلة أن نترك الأمور الأرضية الزمنيَّة، وأن نهرب من محبَّة الجسد، ومن القلق الباطل علي العمل، ومن الشهوات الدنيئة، ولا نبالي بالمخازن، بل نحتقر الغنى ومحبَّة الربح (القبيح)، إنما نكون صالحين محبين لبعضنا البعض، وألا نجمع كنوزًا علي الأرض بل نرتفع فوق الصراعات والحسد، فلا نتنازع مع الإخوة، بل بالحري نرحب بهم حتى وإن أرادوا استغلالنا، إذ يقول: "من أخذ الذي لك فلا تطالبه" (لو 6: 30)، بل بالحري نصارع ونجاهد من أجل الأمور النافعة والضروريَّة لخلاص النفس... لم يتركنا بدون تعليم، إذ وجد الفرصة سانحة ليقدَّم حديثًا نافعًا ومخلِّصا... معلنًا: "انظروا وتحفظوا من كل طمع". لقد أظهر أن الطمع هو الوجرة (الحفرة الخاصة بصيد الوحوش) التي يقيمها الشيطان، وهو أمر مكروه من الله، وقد دعاه الحكيم بولس عبادة أوثان (كو 3: 5)، ربَّما لأنه يناسب فقط الذين لا يعرفون الله، أو لأنه مساوِ للرجاسات التي يفعلها من يعبد الأصنام والحجارة. الطمع هو فخ الأرواح الشرِّيرة، به يسبحون نفس الإنسان إلي شباك الهاويَّة. لهذا بعدل حقيقي لكي يجعله
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://kermarysa.yoo7.com/f25-montada
 
لوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  لوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي
» لوقا 12 - تفسير إنجيل لوقا الصديق السماوي والقطيع الصغير الجزء(3) للقمص تادرس يعقوب ملطي
» لوقا 2 - تفسير إنجيل لوقا ميلاد الصديق السماوي الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي
» لوقا 2 - تفسير إنجيل لوقا ميلاد الصديق السماوي الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي
»  لوقا 3 - تفسير إنجيل لوقا الإعلان عن الصديق السماوي للقمص تادرس يعقوب ملطي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى البابا كيرلس و مارمينا و ابونا يسى :: قسم الكتاب المقدس ::  منتدى العهد الجديد-
انتقل الى: