القديسة براكسيا العذراء
القديسة إبراكسية
نشأتها:
وحيدة أبوين محبين للعبادة والرحمة، وكان والدها أندئكيانوس أميرًا يمت بصلة قرابة للملك هونريوس (395 ـ 423 م) إمبراطور الغرب. وإذ تنيح الأب وهو يوصي ابنته التي رباها على حفظ الوصية الإنجيلية سألها أن تهتم بخلاص نفسها وألا تحيد عن طريق الرب، بكاه الكل من أجل تقواه ومحبته. وإذ كان الإمبراطور يحب هذه الأسرة طلب من الأم والابنة أن يعيشا معه في القصر، وكانت الإمبراطورة تحبهما جدًا، معتنية بابراكسيا التي وهبها الله مع جمالها الفائق روح الوداعة والتعبد.
في مصر:
سألت الأم ابنتها ابراكسية التي كانت في سن التاسعة، أن تسافر معها إلى مصر لتتصرف في بعض ممتلكات أندئكيانوس التي هناك، فانطلقت الابنة وهي متألمة لمفارقة الإمبراطور وزوجته إذ كانت قد تعلقت بهما جدًا، ترد لهما حبهما بالحب.
في مصر بدأت الأم ومعها ابنتها تزوران بعض الأماكن المقدسة خاصة أديرة الراهبات لتنال بركة، فشاع خبرهما.
دخلت ابراكسية من دير إلى دير، وكانت تشعر كمن يهيم في السماء أو ينتقل بين جوانب الفردوس. فالتهب في داخلها الاشتياق للحياة النسكية، تكرس حياتها لعريسها السماوي الذي قدم دمه مهرًا لها.... خلال هذه الأحاسيس المتزايدة دخلت أحد الأديرة وقررت عدم الخروج منه.
مع الأخت يوليطة:
تعرفت على إحدى الراهبات تسمى يوليطة، فنشأت بينهما صداقة قوية على صعيد الروح، تسندان إحداهما الأخرى في الجهاد الروحي.
شعر الملك هونريوس وزوجته بالقلق تجاه ابراكسية ووالدتها إذ غابتا جدًا في مصر، فبعث رسلًا يبحثون عنهما، وبعد جهد شاق عرفوا مكانهما. عندئذ سألت الأم ابنتها أن تعود معها إلى الإمبراطور وزوجته، أما هي فأصرت ألاّ تخرج من باب الدير، ولا تتراجع عما عزمت عليه.... وإذ أدركت الأم صدق نية ابنتها أبلغت الرسل أنهما سيقضيان حياتهما معًا في الدير، ثم قامت بتوزيع كل ممتلكاتهما على المساكين.
عاشت الأم سنوات قليلة ثم انتقلت بسلام إلى الفردوس، وبقيت ابنتها تمارس الحياة النسكية بحب شديد وغيرة متقدة في الرب.
عطايا الله لها:
أظهرت ابراكسية غيرة صادقة في عبادتها ونسكها ومعاملاتها، فصارت تكرس وقتها للصلاة ودراسة الكتاب مع التسبيح المستمر، تصوم أيامًا بأكملها انقطاعيًا، تلبس المسوح عوض ثيابها الفاخرة وتفترش الأرض.... وكانت منفتحة القلب مع صديقتها يوليطة، تشتركان معًا في كل شيء.
دخلت في آلام جسدية، ومع هذا لم تتراخ في جهادها.... فتحنن الرب عليها وشفاها. وإذ رأى الله اتساع قلبها بالحب لله وهبها عطية الشفاء وإخراج الشياطين، فذاع صيتها وتحول الدير إلى مركز روحي حيّ يجد الكثيرون فيه راحتهم الروحية والنفسية والجسدية.
بقيت سنوات طويلة في الدير، يلجأ إليها المتألمون والمرضى بكل نوع يطلبون صلواتها.
نياحتها:
رأت رئيسة الدير في أحد الليالي كأن رجلين بهيين يلبسان ثيابًا بيضاء موشاة بالذهب عليها الصليب كبير يضيء كالنور، يطلبان منها ابراكسية، قائلين بأن الملك يود منها أن تأتي إليه، ثم أخذاها إلى موضع مجيد للغاية.
استيقظت الأم لتروي ما رأت لبعض الراهبات، فحزن الكل جدًا على فراقها، وقد طلبت الأم منهن ألا يخبرن إياها بشيء بل يصلين من أجلها. سمعت يوليطة فكانت تبكي بدموع لا تتوقف.... وكانت تصلي إلى الرب إلا يطيل غربتها على الأرض حتى تلحق بصديقتها.
مرضت ابراكسية بحمى شديدة، وإذ أدركت أن ساعتها قد اقتربت تهللت بالروح وكانت تسبح الله وتشجع الراهبات اللواتي جلسن بجوارها يبكين. أما يوليطة فكانت تجلس عند قدميها تقرأ لها الكتاب المقدس.... وإذ أدركت أن الوقت قد حان، بدموع قالت يوليطة: "أسألك أيتها الأخت المباركة ابراكسية من أجل المحبة التي جمعت بيننا والصداقة التي تأصلت فينا، إن كنت قد وجدت نعمة أن تطلبي منه لأجلي وأنتِ أمام عرشه لكي ينعم عليّ بالانتقال من هذا العالم".
تحولت الدموع إلى تسابيح الرجاء.... وإذ بها تنظر إليهن تشكرهن على محبتهن لها وتعبهن من أجلها.... وفي نظرة مملوءة حبًا تطلعت إلى رئيسة الدير والأخت الراهبة يوليطة، وما عجز لسانها عن الحديث به عبرت به بنظرتها الوداعية، ثم رفعت عينيها نحو السماء ورشمت نفسها بعلامة الصليب لتسلم روحها في يدي الرب في 26 برمهات.
----------------------------------------------------
نياحة القديسة براكسيا العذراء (26 برمهات)
فى مثل هذا اليوم تنيحت القديسة الطوباوية براكسية العذراء، وهذه كانت ابنة لوالدين من عظماء مدينة رومية ومن عائلة الملك أنوريوس. وعند نياحة والدها أوصى الملك بها واتفق أن أتت والدتها إلى مصر لتحصيل أجرة الأملاك والبساتين التى تركها لها زوجها فأحضرت ابنتها معها وكان عمرها وقتئذ تسع سنين ونزلتا بأحد أديرة العذارى. وكانت راهبات ذلك على غاية النسك والتقشف فلا يأكلن المأكولات الدسمة ولا زيتا ولا فاكهة، ولا يذقن خمرا، وينمن على الأرض فأحبت هذه الصبية الدير واستأنست بالخادمة التى فيه. فقالت لها الخادمة: "عاهدينى أنك لا تتركين هذا الدير " فعاهدتها على ذلك ولما أنهت والدتها عملها الذي كانت قد أتت لا جله امتنعت ابنتها عن العودة معها قائلة " أنى قد نذرت نفسي للمسيح ولا حاجة بي إلى هذا العالم، لان عريسى الحقيقي هو السيد المسيح،. فلما عرفت والدتها ذلك منها وزعت كل مالها على المساكين وأقامت معها في الدير عدة سنين ثم تنيحت بسلام. وسمع أنوريوس هذا الخبر فأرسل يطلبها. فأجابته قائلة بأنها نذرت نفسها للسيد المسيح ولا تقدر أن تخلف نذرها فتعجب الملك من تقواها على صغر سنها وتركها أما هي فسارت سيرة فاضلة وتعبدت تعبدا زائدا فكانت تصوم يومين يومين ثم ثلاثة فأربعة فأسبوعا وفي صوم الأربعين لم تكن تأكل شيئا مطبوخا. فحسدها الشيطان وضربها في رجلها ضربة آلمتها زمانا طويلا إلى أن تحنن الرب عليها وشفاها وقد أنعم الرب عليها بموهبة شفاء المرضى. وكانت محبوبة من الأخوات والآم الرئيسة لطاعتها العظيمة لهن.
وفى إحدى الليالي رأت الرئيسة أكاليل معدة. فسألت لمن هذه؟ فقيل لها: "لابنتك بركسية " وهى ستجيء الينا بعد قليل " وقصت الام الرؤيا علي الأخوات وأوصتهن ألا يعلمن براكسية بها. ولما حانت أيامها لتترك هذا العالم اعترتها حمى بسيطة فاجتمع عندها الام والأخوات والخادمة وطلبن منها أن تذكرهن أمام العرش الإلهي ثم تنيحت بسلام.
ثم تنيحت بعدها الخادمة صديقتها وبعدها بقليل مرضت الأم فجمعت الأخوات وقالت لهن " تدبرن في من تقمنها عليكن لاني ذاهبة إلى الرب " وفي صباح اليوم التالي افتقدنها فوجدن أنها قد تنيحت. صلا’ الجميع تكون معنا. آمين..