الخروج 23 - تفسير سفر الخروج
الشريعة (يتبع) للقمص تادرس يعقوب
1. النفاق والعدالة
[1-3].
2. مساعدة الآخرين والعدالة
[4-6].
3. الرشوة والعدالة
[7-9].
4. السبت وحقوق الغير
[10-13].
5. الأعياد
[14-19].
6. الحضرة الإلهية
[20-23].
7. عدم مخالطة الأمم
[24-33].
1. النفاق وعدالة القضاء:
اهتمت الشريعة بتقديس الجماعة كما بتقديس كل عضو فيها، فإن كان من أجل الجماعة يلزم ألاَّ يتقبل العضو خبرًا كاذبًا ولا يشترك مع المنافق في ظلمة، فإنه أيضًا من أجل تقديس نفسه لا يجري وراء الجماعة إن انحرفت [2] ولا يتحدث بالكذب حتى لا يقتل بارًا [7].
كما يهتم الله بالفقير لئلا يظلمه الناس لحساب الغني: "لا تحرف حق فقيرك في دعواه" [6]، أيضًا يطالبنا في شفقتنا على الفقير لا نظلم الغني: "لا تحاب مع المسكين في دعواه" [3].
2. مساعدة الآخرين والعدالة:
مساعدة الآخرين ليست أمرًا اختياريًا لكنها وصية إلهية إلزامية، لا تقف عند حد الإنسان، وإنما مساندة حتى حمار العدو إن وقع تحت حمله.
إن كان الإنسان - تحت شريعة الناموس - يلتزم ألاَّ يستهين بحمار عدوه إن سقط فماذا تكون بالحري مسئوليته إن أهمل في مساندة نفس عدوه أو أخيه وهو في عهد النعمة؟ وكما يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [إن كان الأمر هكذا بالنسبة لمن يستهين بحمار عدوه، فماذا يكون بالنسبة لمن يحتقر الحيوان المستخدم للأحمال ولا يحتقر نفس عدوه وهي تهلك إنما يستخف بنفس صديقه؟! كيف ينال غفرانًا؟![322]].
3. الرشوة والعدالة:
تحذر الشريعة من الرشوة، فإنها تُعمى بصيرة الحكماء (المبصرين) وتعوج كلام الأبرار [8].
4. السبت وحقوق الغير:
سمعنا عن السبت في جمع المن (أصحاح 16)، وفي الوصايا العشر (أصحاح 20)، لكنه هنا في الشريعة إذ يتحدث عن حقوق الآخرين يتكلم عن السبت من وجهة نظر جديدة، فليس السبت هنا تقديسًا لحياة الإنسان الذي فيه يذكر الله الذي استراح في اليوم السابع، ولا تذكارًا لخروجه من أرض مصر وأعمال الله معه لأجل دخوله إلى الراحة، وإنما يذكر السبت لأجل حق الآخرين عليك. فيُعطي للأرض سبتًا للراحة (السنة السابعة) فتستريح الأرض ويجد الفقراء طعامًا، وأيضًا وحوش البرية، كذلك يُعطي راحة في اليوم السابع ليس لنفسه وعائلته فحسب وإنما لابن أمته والغريب ولثوره وحماره.
5. الأعياد:
يتحدث سفر اللاويين على الأعياد اليودية وطقوسها بأكثر تفصيل[323]، ولكنه هنا يركز على جانب معين، هو أهميتها في الحياة الاجتماعية، فقد تحدث عن ثلاثة أعياد وتحدث عن ثلاثة أمور:
أ. يأكلون الفطير ليس فقط في عيد الفطير وإنما أيضًا في العيدين الآخرين، وكما سبق أن تحدثنا (أصحاح 12) أن الفطير يُشير إلى "الحياة الجديدة"، وكأن العيد هو فرصة لمراجعة الإنسان حساباته الداخلية وعلاقاته بالآخرين لئلا يكون قد ظلم أحدًا، أو تجاهل حق الفقير أو الغريب.
ب. لا يبيت شحم عيد الرب إلى الغد. هنا يقول "عيدي" [18]، فهو ليس عيد الإنسان، ولكنه عيد الرب فيه يفرح الله بالإنسان. ولعله قصد بهذه الوصية أن يوزع كل ما يملكه بخصوص العيد في ذلك اليوم ولا يترك شيئًا لنفسه أو لعائلته بل يعطيه للمحتاجين.
ج. تقديم البكور وقد تحدثنا عنها قبلًا.
الأعياد الكبرى عند اليهود هي عيد الفطير الذي لا ينفصل عن الفصح (خر 12: 13؛ لا 23: 5)، وعيد الحصاد في بدء موسم الحصاد حيث يقدمون أبكار غلاتهم (لا 23: 15-22؛ عدد 28: 26-31، تث 16: 9-12). وعيد الجمع في نهاية الموسم (عد 29: 12 إلخ؛ لا 23: 34-43؛ تث 16: 13، 43).
يعلق القديس يوحنا الذهبي الفم على وصية الشريعة: "لا يظهروا أمامي فارغين" [15] قائلًا: [إنها تعني ألاَّ تدخل الهيكل بلا ذبائح. فإنه لا يليق بك أن تدخل بيت الله بدون ذبائح؛ فلا تذهب الاجتماع غير مصطحب إخوتك، فإن هذه الذبيحة والتقدمة أفضل من تلك، متى قدمت لله نفسًا معك في الكنيسة[324]].
6. الحضرة الإلهية:
وتعتبر هذه هي الوصية الوداعية، إنه يرسل ملاكه أمامهم ليحفظهم في الطريق ويدخل بهم إلى الموضع الذي أعده لهم [20]. هنا يتحدث عن حضور الله الذي يتنازل ليكون في وسطهم فيصير كملاك مرسل لحمايتهم وقيادتهم والدخول بهم إلى الوعود الإلهية. كلمة ملاك تعني "رسول"، أي يحمل رسالة، حينما ينزل الله إلينا إنما يحمل إلينا رسالة هي من قبله؛ وقد دعى "وجه يهوه" في (خر 33: 15-16).
في هذا إشارة إلى تجسد كلمة الله ونزوله إلينا ليقودنا إلى أورشليم العليا.
وكما ختمت الشريعة ووصاياها بهذا الوعد، هكذا ختم السيد حياته على الأرض بذات الوعد أنه يكون معنا إلى انقضاء الدهر. وقد دلل القديس غريغوريوس أسقف نيصص[325] على أنه يقصد بملاكه، الرب نفسه، إذ يقول موسى بعد قليل "فليسر السيد في وسطنا" (3: 9) (راجع 33: 16) وكانت إجابة الرب "هذا الأمر الذي تكلمت عنه أفعله" (33: 17).
7. عدم مخالطة الأمم:
هي ليست وصية مستقلة لكنها امتداد للوصية السابقة، فإن كان من الجانب الإجابي يقبلون حضرة الله في وسطهم وتسلمه قيادة حياتهم، فمن الجاني السلبي يرفضون مخالطة الأمم علامة رفضهم لآلهتم، إذ لم يكن يستطيع اليهود أن يميزوا بين الخاطئ والخطية، وبين الشعوب الأممية والحياة الوثنية.