كلمه patrologia ماخوذه من الكلمة اللاتينية pater إي أب ،
فعلم الباترولوجي هو العلم الذي يبحث في حياه الإباء الأولين وإعمالهم (أقوالهم وكتاباتهم) وأفكارهم .
دراسة سيره الإباء أو حياتهم أمر حيوي ، يسندنا في تفهم شخصياتهم ومعرفه الظروف المحيطة بهم، والتي من خلالها سجلوا لنا كتابتهم ..
إما أعمالهم سواء كانت أقوالهم او كتاباتهم أو رسائلهم، فهي جزء لا يتجزأ من تاريخ حياتهم ..
إما الجانب الرئيسي في هذا العلم، فهو الكشف عن فكر الإباء وعقائدهم وتعاليمهم، بالدخول إلي روح الإباء والتعرف علي النقاط التي ركز عليها كل أب، ودراسة أرائه علي ضوء الصراعات المعاصرة له .
يلزم دراسة تعاليم كل أب وشروحاته وتعليقاته علي ضوء صوت الكنيسة الجامعة، بكونه عضوا في الجسد الواحد .
يلقب إبراهيم واسحق ويعقوب بطاركة (آباء) إسرائيل، وكان اللقب الرسمي للكتبة في التقليد اليهودي هو (آباء)
وفي كنيسة العهد الجديد
نسمع في استشهاد القديس بوليكاربوس جماعات من اليهود والوثنين يصرخون (هذا هو اب المسيحين)
وحين دافع القديس اثناسيوس عن استخدام تعبير (امونسيوس) ذكر إن الآباء استخدموها، قاصدا بتعبير (الآباء) القديسين ديونيسيوس السكندري وديونيسيوس الروماني وغيرهما ..
" عندما يتعلم انسان من فم اخر يقال عنه انه ابن ذاك الذي علمه ويحسب الاخر اباه "
القديس ايريانوس
" الكلام ابن النفس لهذا ندعو الذين يعلمونا اباء لنا ....ويحسب الذي يتعلم في خضوع الابن "
القديس اكليميندس السكندري
في علم الإباء لا يحصر تعبير (آباء) علي الاساقفه والكهنة والشمامسة الذين لهم تراث أدبي وروحي أو لاهوتي وإنما يضم المدافعين عن الأيمان المسيحي في القرون الأولي كما يضم الرهبان الذين هربوا من الكهنوت لكنهم تلمذوا كثيرين بفكر نسكي إنجيلي ..
يشترط في الأب الأتي :
1- إن يكون له مقالات أو كتب أو رسائل أو أقوال سجلها له أبناؤه .
2-أن يكون ارثوزكسي - مستقيم المعتقد - يعيش بروح الكنيسة هذا وتستفيد الكنيسة بتراث بعض الشخصيات التي عرفت بخصوبة إنتاجها مع ارتباطهم بالكنيسة، وان كانوا قد سقطوا في بعض الانحرافات مثل العلامة ترتليان وتاتيان واوريجينوس الخ
كما يعطي علم الباترولوجي اهتماما بكتابات الهراطقه أيضا والكتب الابوكريفا (المزورة) لنتفهم جو الكنيسة الأولي ، ونعترف كيف شهدت الكنيسة الحق بالرغم من مقاومه الهراطقه ..
3- قداسه الحياة : فنحن ندرس هذا العلم من اجل التمتع بالحياة الكنسية الانجيليه الاصيله .
4- يضع بعض علماء الباترولوجي شرط (الزمن) بمعني إن يكون الأب منتميا إلي الكنيسة حتى زمن معين، حددها البعض بالقرن السادس وآخرون بالقرن الثامن ، ويري آخرون إن عصر الإباء ممتد مادام روح الرب يرافق الكنيسة ويعمل فيها،لهذا لا ينقطع عنها أباء قديسون معلمون .
5- يضع الكاثوليك شرط القبول الكنسي للأب ، لكننا بروح الكنيسة الارثوزكسية لا تقوم الكنيسة بتقنين(اللاهوت الابائي) في كل كلمه، ولا تقدم فهرسا إلزاميا عن الإباء وتراثهم، وإنما تكتفي في مجامعها بفرز الكتابات والآراء المنحرفة إيمانيا وتحذر منها كما تحرم الهراطقه من شركتها حتى يرجعوا عن ضلالهم .
سلطان الآباء :
يمثل الآباء القديسون فكر الكنيسة الجامعة الذي تسلمته من الرسل بفعل الروح القدس الذي يعمل بلا انقطاع في حياه الكنيسة
يتحدث عنهم القديس اغسطينوس قائلا :
( تمسكوا بما وجدوه في الكنيسة، عملوا بما تعلموه ، وما تسلموه من الآباء واودعوه في أيدي الأبناء)
( من يحتقر الإباء القديسين ليعرف انه يحتقر الكنيسة كلها )
يقوم هذا السلطان علي عاملين
عامل طبيعي :
إذا اتسم الآباء بالحياة القدسية والامانه في استلام وديعة الأيمان الحي من أيدي الرسل لذلك فهم اقدر علي الشهادة للحياة الكنسية من كل جوانبها، خاصة وأنهم يحملون الفكر الواحد، بالرغم من اختلاف الثقافات والمواهب والظروف، مع بعد المسافات بين الكراسي الرسولية وصعوبة الاتصالات في ذلك الحين .
والعامل الثاني الهي :
حيث عاش الإباء منحصرين بالروح القدس ، قائد الكنيسة ومرشدها إلي كل الحق، يحفظها داخل دائرة صليب المسيح .
هذا لا يعني عصمه الإباء كإفراد، وإنما تعيش الكنيسة الجامعة ككل محفوظة بروح الرب .
كيف تستخدم كتاتبات الاباء :
1- لا يقدر احد من الإباء بمفرده آن يتعرف علي (الحق) كله كما تعرف الكنيسة في كليتها، لهذا لا يليق بنا آن نقبل رأي أب ما بطريقه مطلقه بغير تحفظ ، إنما يجب آن يكون رأيه أنجيليا يحمل روح الكتاب المقدس ومطابقا لفكر الكنيسة الجامعة .
2- يلزمنا أن لا تبتر بعض فقرات من تراث الإباء لتأكيد فكره مسبقة في أذهاننا .
3- دراسة معاني بعض التعبيرات التي يستخدمها الأب، إذ توجد عبارات أو كلمات كانت تحمل مفاهيم فلسفيه أو شعبيه في ذلك الحين .
4- يمكننا فهم بعض العبارات الصعبة الواردة في كتابات احد الإباء بمقارنتها بما ورد في كتابات واعمال الإباء المعاصرين له
الالتجاء الي تراث الاباء :
اعتمد القديس اثناسيوس علي تراث الآباء في دفاعه ، كما اعتمد القديس باسيليوس علي كثير من التقاليد الكنسية خلال أقوال الإباء السابقين له .
تزايد هذا الاتجاه ، إي الالتجاء إلي أقوال الإباء السابقين ، في القرن الرابع ، ونما جدا في القرن الخامس
فالقديس كيرلس السكندري كمثال ،، في كتاباته إلي الرهبان المصريين دفاعا عن لقب القديسة مريم ثيؤطوكوس - لتاكيد أن المولود هو كلمه الله المتانس دون انفصال اللاهوت عن الناسوت - أشار إليهم آن يقتفوا اثار القديسين وفي حديثه ضد نسطور التجأ الي تعليم الكنيسة المقدسة الممتدة في كل العالم والي الآباء المكرمين أنفسهم ، معلنا ان الروح القدس تحدث فيه. ولتدعيم حديثه عن السيد المسيح استند إلي بعض مقتطفات ابائيه في كتابتهم الجدلية، قدمها إلي مجمع افسس .
اهتمام الأقباط منذ نشاه الكنيسة علي صله وثيقة بالفكر الابائي للكنيسة الجامعة ،فقد قاموا بترجمته إلي لغة الشعب حتى في صعيد مصر، والدليل علي ذلك وجود مخطوطات قبطية قديمة لكتابات الإباء الرسوليين ، بكر الكتابات الابائيه .