زيادة الاسعار .... ارتفاع البطالة ؟؟؟

يشكو الناس في مصر من شيئين رئيسيين.. الأسعار والبطالة.. حتي في أيام الاشتراكية والناصرية تذمر المصريون من اختفاء بعض السلع وبيعها في السوق السوداء علي أيدي الدلالات. وهو ما اختفي تماماً الآن بعد توفرها رغم زيادة عدد السكان ثلاث مرات عن عصر جمال عبدالناصر.. ومع ذلك ما زال المواطنون يشكون من الأسعار.
مازال في مخيلة الناس أن الحكومة تستطيع كبح الأسعار من خلال فرض تسعيرة جبرية وإنشاء شرطة تموين تضبط التجار الجشعين. وتحدد لهم سعراً لا يمكنهم تجاوزه.. هذا غير ممكن الآن لأن مصر تأخذ بالاقتصاد الحر. وانعكس ذلك علي أسعار هذه السلع في مصر.. لكن الدولة لم تترك الناس فريسة للارتفاع المجنون في أسعار المواد الغذائية التي تحددها بورصة عالمية للقمح والسكر والزيوت والأرز وغيرها..ولكنها تدخلت من خلال شراء كميات كبيرة من السلع الاستهلاكية وطرحها علي البطاقات التموينية وفي المجمعات الاستهلاكية.. جاء المردود الإيجابي في 2009 بعد تطوير بطاقات التموين والتوسع فيها.. لكن الأسعار التهبت مرة أخري في 2010 نتيجة التأثير المناخي السيئ علي المحاصيل وارتفاع الأسعار العالمية للسكر واللحوم الحمراء.. وانخفض عدد الأسر التي تري أن الأوضاع الاقتصادية جيدة من 51% في 2009 إلي 40% هذا العام.. ومن ثم زاد عدد الأسر التي تري أن الأوضاع الاقتصادية ساءت هذا العام إلي 50% مقارنة ب37% في ..2009
ويبقي الأهم في استطلاعات الرأي التي يجريها الحزب الوطني..وهو أن سمات الاستطلاع هي الشفافية والدقة والتحليل الجيد.. الحزب الوطني لا يخفي السلبيات الكثيرة التي توصل إليها فريق البحث.. حزب قوي يقف علي أرض صلبة ولديه شجاعة إعلان الحقيقة حتي لو كانت مُرهّ في بعض النواحي.. الأرقام ثبت أنها تعبر فعلاً عن 80 مليون مصري. لأن العينات مأخوذة من الريف والحضر والمدن والبيئات الساحلية والصناعية وبالتالي فإن تحليل الأرقام يوضح أن الحزب ليس "نظرياً" يضع نظريات تناقشها وسائل الإعلام. ولكنه حزب واقعي يضع يده علي العيوب ويحصن نفسه ببدائل تحميه من الأزمات المفاجئة. كما يستطيع في الوقت ذاته التعامل مع متطلبات البيئات والمجتمعات المختلفة كل علي حسب احتياجاتها وأولوياتها.. فلا يعطي دائرة انتخابية ما تحتاجه دائرة أخري. لكن الغريب أن مصر بها علاقة تبادلية غريبة بين البطالة والأسعار.. فإذا ارتفعت الأسعار تنخفض البطالة وإذا زادت البطالة تنخفض الأسعار.
البطالة تراجعت في 2010 إلي 9.2% بعد أن كانت 11% في 2008 و14% في .2005
الحكومة تدخلت في التشغيل كما ضبطت الأسعار.. غير أن الآليات التي استخدمتها ليست آليات الستينات والسبعينات.. كانت الحكومة توظف كل الخريجين حتي بداية الثمانينات. ثم اكتظ الجهاز الإداري. وتبلدت القدرات الذهنية للموظفين وتعطلت مواهب الإبداع. ولم يعد هذا النظام قادراً علي مواجهة متطلبات العصر من منافسة وجودة الإنتاج ووفرته ورخص الأسعار وتحقيق الأرباح.. من ثم حل القطاع الخاص محل الحكومة وأصبح يساهم ب 75% من قوة العمل وهو ما ساعد علي تراجع البطالة. واستيعاب حوالي 750 ألف وافد جديد لسوق العمل سنوياً..
الحكومة استطاعت أيضاً تقديم اعتمادات إضافية بلغت 33 مليار جنيه وهو ما أدي إلي رفع معدل النمو إلي 5.2% هذا العام بعد أن انخفض ل 4.7% العام الماضي.. هذه المليارات ساعدت علي خلق الوظائف وحافظت علي تدفق الاستثمار ورفع نسب التشغيل.
المواطنون الذين يعمل منهم حوالي 16 مليون شخص في القطاع الخاص و7 ملايين في الحكومة. هم الذين يتولون الرد علي المزاعم التي تفيد بأن هذا القطاع يعمل بنظام السخرة وأكل السحت.. لقد ثبت صحة توجه الوطني نحو هذا القطاع.
لقد تدخل الحزب من خلال عدة تشريعات لخلق فرص عمل في مصر منها قانون المشاركة مع القطاع الخاص الذي تبناه البرلمان في دورته الأخيرة. ومن المقرر أن يقيم القطاع الخاص شبكات المياه والصرف الصحي ومحطات الكهرباء وتوفير وظائف مع عدم رفع الخدمة للمواطنين عما هي عليه الآن.
شفافية الحزب الوطني دفعته للاعتراف بأن خدمة جمع القمامة وشبكات الصرف الصحي والنقل العام المنظم غير متوفرة لنصف عدد السكان أي ل 40 مليون مواطن.. ويسعي الحزب بكل قواه لتوفير موارد مالية للقضاء علي مشكلة الزبالة والمخلفات وتوفير وسائل النقل العام لأنها تمس المواطن في حياته.
المعادلة التي يحلها الحزب الوطني يومياً صعبة جداً. فليس هناك دولة تزيد مليونا ونصف المليون نسمة سنوياً وليس لها ناتج إجمالي يعوض هذه الزيادة. وصادراتها لا تتعدي 25% من هذا الناتج المحلي الإجمالي "ماليزيا صادراتها 110%" ومع ذلك فالحزب وحكومته مطالبان بالسيطرة علي الأسعار وخلق وظائف جديدة دون أن يكون هناك موارد كافية وصادرات تسمح بتقليل العجز في الموازنة.
الحزب الوطني لم يتبرم يوماً بصعوبة البرنامج الانتخابي الذي ينفذه بعد أن قطع الرئيس مبارك وعداً علي نفسه بانتهائه قبل نهاية ولايته في 2011 بمشيئة الله.. لم يسمح الحزب الوطني لنفسه أن يتعلل بصعوبة الأزمة المالية العالمية وأن هناك دولاً كبري أفلست.. لذا طرح البدائل.. اشتبك مع المستجدات وانتصر في نواح كثيرة. ومازال يواصل الاشتباك مع السلبيات والثغرات التي لم يكمل البرنامج الانتخابي تنفيذها.

ربنا يرحم . النهردة كيلو اللحم 48 جنية .