منتدى البابا كيرلس و مارمينا و ابونا يسى
الأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء 16996
أهلا بكم فى منتدى البابا كيرلس و مارمينا و أبونا يسى
عزيزى الزائر / عزيزتى الزائرة : يرجى التكرم بالدخول اذا كنت عضوا بالضغط على كلمة دخول و كتابة اسمك و كلمة السر
واذا لم تكن قد سجلت بعد يسرنا اشتراكك فى المنتدى بالضغط على كلمة تسجيل
لإخفاء هذه النافذة اضغط على إخفاء
منتدى البابا كيرلس و مارمينا و ابونا يسى
الأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء 16996
أهلا بكم فى منتدى البابا كيرلس و مارمينا و أبونا يسى
عزيزى الزائر / عزيزتى الزائرة : يرجى التكرم بالدخول اذا كنت عضوا بالضغط على كلمة دخول و كتابة اسمك و كلمة السر
واذا لم تكن قد سجلت بعد يسرنا اشتراكك فى المنتدى بالضغط على كلمة تسجيل
لإخفاء هذه النافذة اضغط على إخفاء
منتدى البابا كيرلس و مارمينا و ابونا يسى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى البابا كيرلس و مارمينا و ابونا يسى



 
الرئيسيةالمجلةأفلام دينيةترانيمأحدث الصورعظاتبرامجالعابالتسجيلدخولمركز رفع الصور
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
أوامر مهمة
المواضيع الأخيرة
» شريط / كنيستى - المعلم ابراهيم عياد
الأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء Emptyالثلاثاء 02 أغسطس 2022, 12:07 am من طرف هاني الناجح

» شريط (( الشهداء )) للمرنم انطون ابراهيم عياد
الأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء Emptyالثلاثاء 02 أغسطس 2022, 12:02 am من طرف هاني الناجح

» شريط (( ساكت ليه )) للمرنمة هايدى منتصر
الأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء Emptyالثلاثاء 26 أبريل 2022, 9:59 am من طرف michel sobhy

» مجموعة اشرطة للمعلم ابراهيم عياد
الأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء Emptyالجمعة 08 أبريل 2022, 11:51 am من طرف usama caribou

»  قصة الرحمة حياة
الأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء Emptyالثلاثاء 08 مارس 2022, 10:48 pm من طرف kamel

» ملف كامل عن ظهورات العذراء حول العالم على مر العصور !!!
الأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء Emptyالثلاثاء 08 مارس 2022, 10:38 pm من طرف kamel

» صلاة من عمق القلب لك يارب ????????????????
الأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء Emptyالثلاثاء 08 مارس 2022, 10:26 pm من طرف kamel

» مقولة أعجبتنى.. ياريت الجميع بشارك..!!
الأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء Emptyالثلاثاء 08 مارس 2022, 10:14 pm من طرف kamel

» من معجزات ابونا يسى
الأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء Emptyالخميس 10 يونيو 2021, 10:25 am من طرف malak lopos

» قصه حياه ابونا يسى
الأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء Emptyالخميس 10 يونيو 2021, 10:23 am من طرف malak lopos

» كتاب معجزات ابونا يسى ميخائيل الجزء ال 38 ( 3 )
الأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء Emptyالخميس 10 يونيو 2021, 10:22 am من طرف malak lopos

» تمجيد للأنبا ابرآم اسقف الفيوم و الجيزة بمناسبة عيده
الأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء Emptyالخميس 10 يونيو 2021, 10:17 am من طرف malak lopos

» من معجزات الأنبا ابرآم اسقف الفيوم والجيزة
الأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء Emptyالخميس 10 يونيو 2021, 10:16 am من طرف malak lopos

» صلاة للبابا كيرلس كتبها لأحد الطلبة
الأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء Emptyالثلاثاء 09 مارس 2021, 10:54 am من طرف malak lopos

» من اقوال البابا كيرلس السادس
الأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء Emptyالثلاثاء 09 مارس 2021, 10:53 am من طرف malak lopos

» مفاجأة رائعة 19 شريط للبابا كيرلس بمناسبة عيد نياحته
الأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء Emptyالثلاثاء 09 مارس 2021, 10:51 am من طرف malak lopos

» 56 معجزة للبابا كيرلس بمناسبة عيد نياحته
الأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء Emptyالثلاثاء 09 مارس 2021, 10:51 am من طرف malak lopos

» woooooooooooooooow
الأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء Emptyالجمعة 22 يناير 2021, 5:09 pm من طرف ماجد فايزفرج

» فيلم ابونا يسطس الانطونى________جمييييييييييييييل جداااااا
الأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء Emptyالجمعة 22 يناير 2021, 5:07 pm من طرف ماجد فايزفرج

»  سنة جديدة ... ( كلمات الشاعر و الروائى / وائل كرمى )
الأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء Emptyالأربعاء 13 يناير 2021, 10:48 am من طرف وائل كرمى

» شريط (( وفى دينى )) للمرنم الرائع ( فرج عزيز )
الأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء Emptyالخميس 20 أغسطس 2020, 10:09 pm من طرف usama caribou

» اسطوانة الأجبية مكتوبة و مسموعة
الأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء Emptyالسبت 15 أغسطس 2020, 6:03 pm من طرف malak lopos

» العذراء فى القداس الإلهى
الأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء Emptyالخميس 06 أغسطس 2020, 10:27 am من طرف malak lopos

» معجزه العذراء والابره
الأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء Emptyالخميس 06 أغسطس 2020, 10:23 am من طرف malak lopos

»  ليك فى قلبى كلام ... ( كلمات الشاعر و الروائى / وائل كرمى )
الأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء Emptyالأربعاء 05 أغسطس 2020, 10:28 am من طرف وائل كرمى

» معجزات الشهيد ابانوب النهيسى
الأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء Emptyالجمعة 31 يوليو 2020, 5:33 pm من طرف malak lopos

» معجزة للقديس ابانوب
الأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء Emptyالجمعة 31 يوليو 2020, 5:32 pm من طرف malak lopos

» شريط (( طوباك يا ابانوب )) للشماس بولس ملاك
الأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء Emptyالجمعة 31 يوليو 2020, 5:29 pm من طرف malak lopos

» الكتاب المقدس مكتوب و مسموع ( العهد القديم )
الأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء Emptyالخميس 30 يوليو 2020, 5:28 pm من طرف malak lopos

»  شريط أيتها العذراء المعلم ابراهيم عياد + أنطون ابراهيم
الأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء Emptyالثلاثاء 21 يوليو 2020, 8:35 pm من طرف كيرلس رزق

» شريط سحابة شهود للقديس يوليوس الاقفهصى بولس ملاك
الأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء Emptyالثلاثاء 21 يوليو 2020, 8:23 pm من طرف كيرلس رزق

» اسطوانة الأسفار القانونية الثانية مكتوبة و مسموعة
الأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء Emptyالجمعة 17 يوليو 2020, 6:50 pm من طرف malak lopos

» الكتاب المقدس مكتوب و مسموع
الأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء Emptyالأحد 12 يوليو 2020, 11:32 am من طرف malak lopos

»  مدينة الحب ... كلمات (الشاعر و الروائى / وائل كرمى )
الأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء Emptyالجمعة 09 أغسطس 2019, 5:58 pm من طرف وائل كرمى

»  شريط غالي عليه (( روماني روؤف وفرج عزيز ))
الأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء Emptyالخميس 18 يوليو 2019, 11:00 pm من طرف romany nasser

» شريط (( فى عينى دمعة )) للمرنم ذو الصوت الرائع فرج عزيز
الأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء Emptyالخميس 18 يوليو 2019, 10:15 pm من طرف romany nasser

» شريط أنا المفدى للمرنم فرج عزيز
الأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء Emptyالخميس 18 يوليو 2019, 10:14 pm من طرف romany nasser

» قصة كلام الناس
الأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء Emptyالثلاثاء 09 يوليو 2019, 10:23 am من طرف مريانا

»  معجزة لبابا كيرلس السادس
الأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء Emptyالجمعة 21 يونيو 2019, 10:20 am من طرف malak lopos

» قصة أين ذهب الرسم؟
الأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء Emptyالجمعة 21 يونيو 2019, 10:11 am من طرف malak lopos

شارك اصدقائك على الفيس بوك و تويتر و جوجل
شروحات مهمة
الأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء 01010110


 الأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء 01010111


 الأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء 01010112

 الأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء 0011
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
malak lopos
الأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء I_vote_rcapالأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء I_voting_barالأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء I_vote_lcap 
سالى عبده
الأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء I_vote_rcapالأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء I_voting_barالأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء I_vote_lcap 
عزت
الأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء I_vote_rcapالأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء I_voting_barالأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء I_vote_lcap 
kamel
الأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء I_vote_rcapالأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء I_voting_barالأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء I_vote_lcap 
مريانا
الأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء I_vote_rcapالأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء I_voting_barالأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء I_vote_lcap 
د.محبوب
الأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء I_vote_rcapالأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء I_voting_barالأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء I_vote_lcap 
mmk
الأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء I_vote_rcapالأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء I_voting_barالأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء I_vote_lcap 
بهيج
الأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء I_vote_rcapالأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء I_voting_barالأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء I_vote_lcap 
مارونا
الأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء I_vote_rcapالأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء I_voting_barالأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء I_vote_lcap 
diana.wahba
الأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء I_vote_rcapالأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء I_voting_barالأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء I_vote_lcap 
احصائيات
هذا المنتدى يتوفر على 5588 عُضو.
آخر عُضو مُسجل هو mohamed38389393hany فمرحباً به.

أعضاؤنا قدموا 38273 مساهمة في هذا المنتدى في 16742 موضوع
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 3 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 3 زائر

لا أحد

أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 563 بتاريخ الخميس 24 مايو 2012, 9:00 pm
اختار لغة المنتدى
أختر لغة المنتدى من هنا

 

 الأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
بابا جورج
عضو نشيط
 عضو نشيط
بابا جورج


عدد المساهمات : 179
نقاط : 5446
تاريخ التسجيل : 04/09/2010
العمر : 75

الأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء Empty
مُساهمةموضوع: الأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء   الأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء Emptyالأحد 28 نوفمبر 2010, 1:55 pm

عشيــــــــة باكــــــــــــر قراءات القــــــداس
مز 144 : 5 ، 7
لو 7 : 36 - 50 مز 72 : 6 ، 7
لو 11 : 20 - 28 رو 3 : 1
- 4 : 3 ا يو 1 : 1
- 2 : 2 أع 7
30 – 34 مز 45 : 10 – 11
لو 1 : 26 – 38
: عشية: لو 7: 36 – 55
قصة المرأة الخاطئة
إن السيِّد المسيح كصديقٍ سماويٍ يفتح قلبه للغرباء (يهتم بقائد المائة)، وللأرامل (إقامة أبن أرملة نايين)، ويجذب تلاميذ يوحنا المعمدان كممثِّلي أبناء العهد القديم ليتلامسوا مع أعمال محبَّته الفائقة، الآن تقتحم امرأة خاطئة - تستحق في عيني اليهود الرجم - هذه الصداقة فتلتقي مع ربَّنا يسوع المسيح كعريسٍ سماويٍ لها، بالتقائها معه في بيت سمعان الفرِّيسي دون دعوة ظاهرة توجَّه إليها.
لقاء هذه الخاطئة جذب نفوسًا كثيرة للتوبة، إذ أعلن صداقة الله الحقيقية للخطاة ومحبَّته لكل نفسٍ واشتياقه لخلاص الكل. وقد سجَّل لنا كثير من الآباء تعليقاتهم علي هذا اللقاء، منهم القدِّيس مار أفرام السرياني الذي عرض هذا اللقاء في أسلوب قصصي رائع تحت عنوان "حب ودموع" في سلسلة "القصة المسيحيّة".
يمكننا بروح الآباء أن نقدَّم الملاحظات التالية في قصَّة المرأة الخاطئة:
أولاً: يقول القدِّيس أغسطينوس: [انطلقت المرأة الخاطئة إلي الوليمة بدون دعوة، إذ كان الطبيب على المائدة، وبجرأة مقدَّسة سألته الصحَّة... لقد عرفت جيِّدًا قسوة ما تعانيه من المرض، كما أدركت أن الذي تأتي إليه قادر أن يهبها الصحَّة، لذا انطلقت في الطريق بقوّة... اقتربت لا إلى رأس الرب بل إلى قدَّميه، هذه التي سلكت في الشر زمانًا تطلب (قدميه) خطوات البرّ.[ كأن هذه المرأة وهي تمثِّل النفس المحطَّمة بالرجاسات وجدت قدميّ مخلِّصها سِرْ إمكانيّة السلوك في طريق البِرّ، والانطلاق به وفيه إلى حضن الآب تنعم بالصداقة الإلهيّة أبديًا.
ثانيًا: سأل أحد الفريِّسيِّين السيِّد المسيح أن يأكل معه، فدخل السيِّد بيته لكنه لم يدخل قلبه، فقد أعدَّ الوليمة، وربَّما كلَّفته الكثير وحسده كثيرون، أن المعلِّم في داخل البيت... لكن المرأة دخلت مقتحمة بدالة الحب البيت والتقت مع السيِّد كعريسٍ لنفسها. يمثِّل الفريسي النفس التي تتخفَّى وراء المظاهر الخارجيّة دون الأعماق، تستضيف الرب في البيت لا القلب، أما المرأة فتُمثِّل النفس الجادة في خلاصها تهتم باللقاء الخفي مع العريس السماوي.
يقارن القدِّيس أمبروسيوس في إحدى رسائله بين الفريسي والمرأة الخاطئة فيقول:
أ. لم يقدِّم الفريسي ماء لغسل قدَّمي السيِّد أما المرأة فقدَّمت دموعًا لغسلهما. الأول يمثِّل اليهود أو غير المؤمنين الذين ليس لهم ماء لغسل قدَّميّ السيِّد، الذي يود أن يسير في ضميرهم. [كيف يقدر أن يغسل ضميره من لا يتقبَّل ماء المسيح؟ أما الكنيسة فلها هذا الماء (المعموديّة) ولها هذه الدموع (التوبة).]
ويعلِّق القدِّيس أمبروسيوس على هذا الغسل في موضع آخر، قائلاً: [غسلت خطاياها بغسلها قدَّميّ المخلِّص بدموعها. أيها الرب يسوع، فلتسمح لي أن أغسل قدميْك ممَّا اِنطبع عليهما بسيرك في داخلي (مع أنهما لم يتنجَّسا)... لكن من أين لي أن آتي إليك بماء الحياة الذي أغسل به قدميْك؟ فإذ ليس لي ماء أقدِّم دموعًا. وإذ أغسل قدميك إنما أثق أنني أنا نفسي أغتسل، حيث تقول لي: "خطاياك الكثيرة مغفورة لك، لأنك أحببت كثيرًا".]
في موضع آخر يقول: [اِعترف بخطاياك بدموعك ليقول عنك العدل الإلهي: غسلتْ قدميْ بدموعها ومسحَتها بشعر رأسها... فدموع محبَّتنا لا تستطيع فقط أن تغسل خطايانا، وإنما تغسل أيضًا خطوات الكلمة الإلهيّة لتُثمر خطواته فينا! إنها دموع نافعة ليس فقط تكفِّل قيام الخطاة، وإنما هي غذاء للصدِّيقين. بارٌ هو الإنسان القائل: "صارت لي دموعي خبزًا" (مز 41: 4). إن كنت لا تستطيع الاقتراب من رأس المسيح اِلمس قدميه برأسك.]
ب. لم يكن للفرِّيسي شعر يمسح به القدمين، إذ لم يكن نذيرًا للرب، أما الكنيسة فلها شعر، وهي تطلب النذير. ويرى القدِّيس أمبروسيوس هذا الشعر الذي مسحت به المرأة قدميْ المخلِّص يشير إلى الغِنى الذي لا قيمة له ما لم يقدَّم منه للفقراء - قدميْ المخلِّص- يغسل جراحاتهم وآلامهم.
في موضع آخر يقول: [" حِلْ شعرك واَخْضِع له كل مواهب جسدك".] فطاقاتنا الجسديّة ومواهبنا وإمكانيَّاتنا وعواطفنا تبقى كالشعر لا قيمة له ما لم يتقدَّس باستخدامه في مسح قدميْ المخلِّص، أي في خدمة إخوته الأصاغر!
ج. بالنسبة لقبلات هذه المرأة الخاطئة التي لم يمارسها الفريسي، يقول القدِّيس أمبروسيوس: [القبلة هي علامة الحب. لهذا لم يستطع اليهودي (غير المؤمن) أن يمارس قُبلة؛ لأنه لا يعرف سلام المسيح ولا يقبله، هذا الذي قيل عنه: "سلامًا أعطيكم، سلامي أتركه لكم" (يو 14: 7). هكذا ليس للمجمع اليهودي قبلات، وإنما للكنيسة التي ترقَّبت المسيح وأحبَّته، قائلة: "ليُقبِّلني بقبلات فمه" (نش 1: 2). أرادت أن تطفئ لهيب شوقها الطويل مترقبَّة مجيء الرب بقبلاته وأن تروي عطشها بهذه العطيّة.] يكمل القدِّيس حديثه في ذات الرسالة فيقول: [الكنيسة وحدها لها قبلات العروس، بكون القبلة عربونًا للزواج وامتيازًا خاصًا بالعرس.]
قبلات الكنيسة صادقة وأمينة، إذ هي قبلات العروس الملتهبة حبًا نحو عريسها، هذه التي لم يختبرها يهوذا حين قدَّم قبلته الغاشة عند تسليمه سيِّده، لذا يخاطبه القدِّيس أمبروسيوس، قائلاً: [لقد قدَّمت قبلة يا من لا تعرف سِر القُبلة... فالمطلوب هو قُبلة القلب والنفس لا قُبلة الشفتين... فإنَّه حيث لا يوجد حب ولا إيمان ولا عاطفة أيّة عذوبة تكون للقُبلات؟]
ثالثًا: إذ يقارن القدِّيس أمبروسيوس بين المرأة التي سكبت الطيب على رأس المخلِّص حين كان في بيت سمعان الأبرص في قرية بيت عنيا (مت 26) وبين المرأة المذكورة هنا، يرى أنهما إن كانتا حادثتين مختلفين لكن كلتاهما قدَّمت طيبًا. الأولى تمثِّل النفس التي تدخل إلى الصداقة الإلهيّة وتسمو في الحياة الكاملة في الرب فتسكب الطيب على رأس المخلِّص، إذ تبلغ الكثير من أسراره الإلهيّة، أما نحن فنمتثل بالثانيةk إذ نشعر بخطايانا فنأتي إليه من ورائه ونبكي مشتاقين بلوغ قدميه، لكننا لا نحرم من تقديم الطيب، إذ يقول القدِّيس: [مع أنها خاطئة لكن كان لها الطيب.]
نقول إن كنا خطاة نسلك طريق توبتنا فليتنا نقتحم بيت سمعانk ونلتقي بربَّنا أينما وجد، مقدِّمين طيبًا مسكوبًا على قدميه. طيب التوبة الصادقة الممتلئة رجاءً خلال الدم المقدَّس المنسكب من الجنب المطعون.
مرَّة أخرى في تفسيره لإنجيل لوقا يرى القدِّيس أمبروسيوس هذا الطيب المسكوب على قدميْ المخلِّص خاص بالكنيسة وحدها، إذ يقول: [مغبوط هو الإنسان الذي يستطيع أن يمسح قدميْ المسيح بالطيب، الأمر الذي لم يفعله سمعان!... الطيب هو خُلاصة روائح زهور كثيرة لذا ينشر روائح زكيَّة ومتنوِّعة، وربَّما لا يستطيع أحد أن يسكب هذا الطيب إلا الكنيسة وحدها التي تملك الكثير من الزهور ذات الروائح المتنوِّعة. هنا تندمج صورة المرأة الخاطئة بالمسيح الذي حمل صورة عبد (حاملاً شبة جسد الخطيّة).]
رابعًا: لم ينتفع الفرِّيسي بلقائه مع المخلِّص، بسبب إصراره على الكبرياء أما المرأة الخاطئة فربحت الكثيرk لأنها أحبَّت كثيرًا خلال روح التواضع. بالكبرياء يفقد الإنسان كل بركة روحيَّة. وبالحب المملوء تواضعًا ينعم بحب المخلِّص نفسه ومغفرة خطاياه.
+ جلس سيِّد التواضع في منزل فرِّيسي متكبِّر يُدعى سمعان، وبالرغم من جلوسه في منزله لم يكن في قلبه مكان يسند (ابن الإنسان) فيه رأسه (9: 57).القدِّيس أغسطينوس
+ حِبْ كثيرًا فيُغفر لكَ كثيرًا. لقد أخطأ بولس كثيرًا، بل واِضطهد الكنيسة، ولكنه أحبَّ كثيرًا مثابرًا حتى الاستشهاد وغفرت له خطاياه الكثيرة... إذ لم يبخل بدمه لأجل اسم الله.القدِّيس أمبروسيوس
+ لم تضل المرأة الطريق المستقيم، أما الفريسي الجاهل فقد ضل، إذ قال في نفسه: "لو كان هذا نبيًا لعلِم من هذه المرأة التي لمسته، وما هي أنها خاطئة". كان الفرِّيسي إذن فخورًا بنفسه، معجبًا بطائفته، ضعيف المادة العقليّة، فلم يدرك الموضوع على حقيقته. كان لزامًا عليه أن يروِّض حياته، ويزيِّنها بالسجايا السامية، فلا يدين المريض والعليل ويحكم عليه بما هو براء منه. ترك الفريسي هذا كله، وتعلّق بأهداف الناموس الجامد، وطلب إلى الرب يسوع المسيح أن يطيع شريعة موسى، فقد أمرت هذه الشريعة الناس المقدَّسين أن يتجنَّبوا الأشرار الدنسين، ولام الله كل من اُختير رئيسًا لمجمع اليهود، وفرَّط في حقِّه بأن اِقترب من دنس مرذول وصغير ممقوت. فقد ورد على لسان أحد الأنبياء أنهم لا يميِّزون بين "المقدَّس والمرذول" ولكن المسيح قام لا ليُخضِعنا تحت لعنة الناموس، بل ليفدي الخطاة برحمته التي فاقت الناموس، لأن الناموس "قد زيد بسبب التعديَّات" (غل 3: 19)، "لكي يُستد كل فم ويصير كل العالم تحت قصاص من الله، لأنه بأعمال الناموس كل ذي جسد لا يتبرَّر أمامه، لأن بالناموس معرفة الخطيّة" (رو 3: 19).
جاء المسيح حتى يفي للمدين دينه، مهما كثر الدين أو قلَّْ، ويترأف على الناس بأسرهم كبيرهم وصغيرهم، حتى لا يُحرم إنسان أيًا كان مشاركة المسيح في صلاحه. ولكي يقدِّم لنا السيِّد مثالاً واضحًا لرحمته حرَّر هذه المرأة الخاطئة من شرورها بقوله لها: "مغفورة لك خطاياك". ولا يمكن أن تخرج هذه العبارة إلا من فم الله لأنها تتضمَّن سلطانًا فوق كل سلطان لأنه لما كان الناموس يحاكم الخاطئ، فمن ذا الذي يمكنه الارتفاع فوق مستوى الناموس إلا الذي وضعه وأمر به؟ في الحال حرَّر السيِّد المرأة ونبَّه الفريسي ومن جلس معه على المائدة إلى أمور سامية، إذ تعلَّموا أن المسيح الكلمة هو الله، ولذلك فهو ليس أحد الأنبياء بل يفوق كل إنسان ولو أنه تجسَّد وصار إنسانًا...
لا تقلق وتيأس إذا أحسست بثِقل وطأة خطاياك السابقة، فإنَّ رحمة المسيح واسعة المدى. لتكن خطيئتك عظيمة إلا أن رحمة المسيح أعظم، فبنعمته يتبرَّر الخاطئ، ويُطلق سراح الأسير. ولكن اعلم أن الإيمان بالمسيح هو الذي يؤهِّلنا لهذه البركات الخلاصية، لأن الإيمان هو طريق الحياة والنعمة. وفيه نسير إلى المخادع السمائيّة حيث نرث ملكوت القدِّيسين الأبرار ونصبح أعضاء في مملكة المسيح.
القدِّيس كيرلس الكبير
أخيرًا نختم حديثنا عن المرأة الخاطئة، بأنها قد كشفت عن أعماق محبَّة الله الفائقة للبشر، وكما يقول القدِّيس إيريناؤس: [كما يُزكِّي الطبيب بمرضاه، هكذا يعلن عن الله خلال البشر.]
باكر: لو 11: 20 – 28
يسمي السيِّد المسيح الروح القدس "إصبع الله"، ربَّما لأن الإنسان صاحب السلطان حين يشير بإصبعه يتحقَّق كل ما يريده، وكأن الآب والابن يعملان بروحهما القدُّوس كما بالإصبع. يقول القدِّيس كيرلس [يدعى الروح القدس إصبع الله لهذا السبب. قيل عن الابن أنه يد الله وذراعه (مز 98: 1)، به يعمل الآب كل شيء. ولما كان الإصبع غير منفصل عن اليد بل بالطبيعة هو جزء منها، هكذا (مع الفارق) الروح القدس متَّحد مع الابن، وخلاله يعمل الابن كل شيء.]
هذا والأصابع مع اختلاف مواضعها وأحجامها وأطوالها تعمل معًا بلا اِنقسام، فتشير إلى تنوُّع الخدمات أو المواهب والروح واحد. كقول الرسول بولس: "فأنواع مواهب موجودة، ولكن الروح واحد، وأنواع خِدم موجودة، ولكن الرب واحد. وأنواع أعمال موجودة، ولكن الله واحد، الذي يعمل الكل في الكل، ولكنه لكل واحد يعطي إظهار الروح للمنفعة" (1 كو 12: 4-7).
يقول القدِّيس أغسطينوس: [يُدعى الروح القدس إصبع الله بسبب توزيع المواهب، فيه ينال كل واحد موهبته، سواء للبشر أو الملائكة، إذ لا يوجد في أعضائنا تقسيم مناسب أكثر من أصابعنا.] كم يقول القدِّيس أمبروسيوس [لقب "الإصبع" يشير إلى الوحدة لا إلى اِختلاف السلطان.]
+ من هم أبناؤهم الذين يُخرجون الشيَّاطين ويكونون قضاة عليهم، إلا جماعة من التلاميذ البسطاء، الذين هم من الأُمّة اليهوديَّة يعيشون ببساطة قلب بينهم، وأُميُون، يُخرجون الشيَّاطين بقوَّة وسلطان، فيدينون بهذا كل اِتهام يوجِّهه الفرِّيسيُّون والكتبة ضد سلطان السيِّد المسيح. يقول القدِّيس كيرلس الكبير: [كان التلاميذ الطوباويُون يهودًا، وأبناء لليهود حسب الجسد، وقد نالوا سلطانًا من المسيح باستدعاء هذه الكلمات: "باسم يسوع المسيح". فإن بولس أيضًا مرَّة أمر الروح النجس بسلطان رسولي: "أنا آمرك باسم يسوع أن تخرج منها" (أع 16: 18). فإن كان أبناؤكم ـ كما يقول ـ باسمي يطئون بأقدامهم على بعلزبول باِنتهارهم أتباعه (شيَّاطينه) وإخراجهم من الساكنين فيهم، أفليس واضح أنه تجديف بجهل عظيم أن تتَّهمونني بأني أحمل سلطان بعلزبول؟ أنتم الآن متَّهمون خلال إيمان أبنائكم.]
ينتقل السيِّد المسيح من إظهار أنه يخرج الشيَّاطين بروحه القدُّوس (إصبع الله) إلى السلطان الذي وهبه لتلاميذه الذين هم أبناء اليهود، ليجذب أنظارهم وأفكارهم من المناقشات الغبيَّة التي يُثيرونها خلال حقدهم وحسدهم إلى التطلُّع نحو السلطان الجديد الذي وُهب للتلاميذ خلاله، وإلى الإمكانيَّة التي صارت للبشريَّة خلال السيِّد المسيح. فما يفعله المسيح يسوع ربَّنا ليس اِستعراضًا لقوَّته الإلهيَّة وإنما هو رصيد يقدِّمه لحساب مملكته في قلوبنا، أي لحساب كنيسته التي في داخلنا، لذلك يقول:
"فقد أقبل عليكم ملكوت الله" [20].
بمعنى آخر يوَد إن يقول لهم: عوض إن تتَّهموني بأن أعمل بقوَّة بعلزبول تمتَّعوا بسلطاني الذي أهبه للبشر لتحطيم بعلزبول وطرد أرواحه الشرِّيرة من النفوس والأجساد المحطَّمة. في هذا يقول القدِّيس كيرلس الكبير: [يقول: إن كنتٌ كإنسان قد صرتُ مثلكم، وأخرج الشيَّاطين بروح الله، فقد نالت الطبيعة البشريَّة فيّ أولاً الملكوت الإلهي، إذ صارت ممجَّدة بكسر سلطان الشيطان واِنتهار الأرواح الدنسة، هذا هو معنى الكلمات: "أقبل عليكم ملكوت الله". لكن اليهود لم يفهموا تدبير الابن الوحيد في الجسد، وأنه كان يجب عليهم بالحري إن يتأمََّلوا أن الابن الوحيد الجنس، كلمة الله قد صار جسدًا دون أن يتغيَّر عما هو عليه، ممجِّدًا طبيعة الإنسان، إذ لم يستنكف أن يأخذ حقارتها لكي يُضفي عليها غناه هو.]
+ إذ نالت البشريَّة في المسيح يسوع سلطانًا بروحه القدُّوس وأعلن عن ملكوت الله فيها، فإنه لم يعد هناك مجال لمملكة الظلمة التي سادت زمانًا، والتي تملَّكت بشراسةٍ وعنفٍ وسلطانٍ خلال ضعفنا. لقد جاء القوي الذي يحطِّم من ظن في نفسه قويًا وأعطيناه الفرصة زمانًا ليسيطر علينا، إذ يقول السيِّد المسيح:
"حينما يحفظ القوي داره متسلِّحًا تكون أمواله في أمان. ولكن متى جاء من هو أقوى منه، فإنه يغلبه، وينزع منه سلاحه الكامل الذي اتكل عليه، ويوزِّع غنائمه" [21-22].
هكذا يقدِّم لنا العمل المسيحاني في حياتنا بمثل إنسانٍ قوي متسلِّح في داره، تملك على القلب والعالم كدارٍ له، أسلحته الخبث والدهاء، لكن جاء المسيَّا الأقوى، سلاحه الحب والبذل يحطِّم بالحق الباطل، وبالحب الخبث، وبالنور الظلمة، فيطرد من استعمر القلب وملك على العالم، ساحبًا منه الغنائم. هكذا يوضِّح السيِّد أنه لا هوادة بين النور والظلمة، ولا اِتِّفاق بين المسيح وبليعال.
يقول القدِّيس يوحنا الذهبي الفم: [دُعي الشيطان قويًا، ليس لأنه بالطبيعة هو هكذا، إنما بالإشارة إلى سلطانه القديم الذي صار له بسبب ضعفنا.] ويقول القدِّيس كيرلس الكبير: [هذا هو مصير عدوُّنا العام، الشيطان الخبيث، ذي الرؤوس المتعدِّدة، مبتدع الشرّ. فإنه قبل مجيء المخلِّص، كان في قوَّة عظيمة، يسوق القطعان التي ليست له إلى حظيرته، ويغلق عليها، هذه التي هي قطعان الله، فكان كلصٍ مفترسٍ ومتصلِّف للغاية. لكن إذ هاجمه كلمة الله الذي هو فوق الكل، واهب كل قوَّة، رب القوات، بكونه قد صار إنسانًا، فنهب منه أمتعته ووزَّع غنائمه. فإن أولئك الذين كانوا قبلاً قد أُسروا بواسطته في الخطأ والجحود دعاهم الرسل القدِّيسون إلى معرفة الحق والاقتراب إلى الله الآب خلال الإيمان بالابن.]
+ بعد أن قدَّم السيِّد المسيح هذا المثل، قال هذا المبدأ:
"من ليس معي فهو عليّ، ومن لا يجمع معي فهو يُفرِّق" [23].
هنا يبرز السيِّد المسيح خطورة الحياة السلبيَّة التي خلالها يظن الإنسان أنه يقف في منتصف الطريق. فإن السيِّد المسيح يقدِّم طريقين لا ثالث لهما: النور أو الظلمة، مملكة الله أو إبليس. من كان يعمل بروح بعلزبول لا يطرد الشيَّاطين لحساب مملكة الله، إنما ينحني لمملكة الظلمة، وهكذا من يحمل روح الله لا يقبل إلا أن يعمل لحساب مملكة الله. وكأنه يطالبهم بمراجعة أنفسهم ليعرفوا بالحق أين هو مركزهم؟ هل هم معه يعملون على الجمع لحسابه، أو ضدُّه يعملون على تشتيت النفوس؟
كأنه يقول لهم قد جئت لأجمع أبناء الله فيّ، هؤلاء الذين شتَّتهم العدو إبليس، فالشيطان لا يعمل معي، بل يود تشتيت من أجمعهم، فهل تطلبونني لتعملوا للجمع أم تطلبونه فتقومون بالتشتيت؟ وكما يقول القدِّيس كيرلس الكبير: [إنه يقول: جئت لأخلِّص كل إنسان من يدّ الشيطان، لأنقذهم من خبثه الذي اِصطادهم به، لأحرِّر المأسورين، وأُشرق نورًا على الذين في الظلمة، أُقيم الساقطين وأشفي منكسري القلوب، وأجمع أبناء الله المشتَّتين. وأما الشيطان فهو ليس معي، بل عليّ. بالعكس هو ضدِّي، إذ يتجاسر ليشتِّت الذين أجمعهم وأخلِّصهم. كيف إذن يمكن لذاك الذي يقاومني ويبُث شروره ضد غاياتي أن يعطيني سلطانًا ضدُّه؟ أليس من الغباوة إن تتخيَّلوا هذا؟]
يُعلِّق القدِّيس يوحنا الذهبي الفم على كلمات السيِّد، قائلاً على لسانه: [إن كان الذي لا يعمل معي يكون خصمًا لي، فكم بالأكثر من يقاومني؟ على أي الأحوال يبدو لي أنه قد أشار بهذا المثل إلى اليهود الذين ثاروا ضدَّه بواسطة الشيطان، إذ كانوا يعملون ضدَّه ويُشتِّتون من يجمعهم.]
+ بعد أن عرض المثَل الأول الخاص بالأقوى الذي يطرد القوي ويوزِّع غنائمه معطيًا إيَّانا رجاء أن نختفي فيه لكي به نحارب العدو ونطرده من أعماقنا، يقدِّم لنا مثلاً آخر لتحذيرنا:
"متى خرج الروح النجس من الإنسان يجتاز في أماكن ليس فيها ماء يطلب راحة،
وإذ لا يجد يقول: أرجع إلى بيتي الذي خرجتُ منه.
فيأتي ويجده مكنوسًا مزيَّنًا.
ثم يذهب ويأخذ سبعة أرواح أُخر أشرّ منه،فتدخل وتسكن هناك،
فتصير أواخر ذلك الإنسان أشرّ من أوائله" [24- 26].
بالمثلين وضَّح السيِّد المسيح الفارق بين عمل السيِّد المسيح وعمل الفرِّيسيِّين، ففي المثل الأول أظهر السيِّد المسيح بكونه الأقوى الذي يحرِّرنا ممن اِستقْوَى علينا وأسَرْنا بخُبثه، وفي المثَل الثاني أظهر عمل الفرِّيسيِّين وقادة اليهود الذين يجولون البَرّ والبحر لاصطياد إنسانٍ، وبعد قبوله الإيمان يجعلونه أشرّ منهم، إذ يتعثَّر فيهم. هكذا ينحرف للشرّ أكثر مما كان عليه قبل قبوله الإيمان. وكما قال الرب:
"ويلٍ لكم أيها الكتبة والفرِّيسيُّون المراؤون، لأنكم تطوفون البحر والبَرْ، لتكسبوا دخيلاً واحدًا، ومتى حصل تصنعونه ابنًا لجُهنَّم أكثر منكم مضاعفًا" (مت 23: 15).
بهذا المثَل يحذِّرنا لئلاَّ نبدأ الطريق ولا نكمِّله، فإننا إذ نبدأ نطرد الشيَّاطين من قلوبنا كما من مسكنه، لكنه لا يجد راحته إلا في العودة من حيث طُرد، وهكذا يبقى متربِّصًا لعلَّه في تهاوننا يرجع بصورة أشرّ وأقوى لكي يسكن من جديد. هذا هو حال كثير من المسيحيِّين بدأوا بالروح وللأسف كمَّلوا بالجسد (غل 3: 3)، فعاد إبليس ليجد قلوبهم مسكنًا له مكنوسًا ومزيَّنًا لاستقباله.
هذا هو حال اليهود الذين سبقوا الأمم في معرفة الله، وكأنهم قد تمتَّعوا بطرد إبليس من قلوبهم، لكنهم إذ جحدوا الرب صاروا أشرّ ممَّا كان عليه قبل الإيمان، بل وأشرّ من الأمم. هذا ما يقوله القدِّيس أمبروسيوس: [بإنسان واحد يُرمز لكل الشعب اليهودي، فالروح النجس خرج بالناموس، ولما لم يجد راحة في الأمم، إذ قبلوا الإيمان المسيحي الذي يحرق الروح النجس، وقد ارتوت قلوب الأمم الجافة بندى الروح القدس وانطفأت سهام العدو الملتهبة نارًا (أف 6: 16)، رجع الروح النجس إلى الشعب اليهودي ومعه أرواح أشرّ منه. هنا رقم 7 يشير إلى كمال العدد.] بنفس المعنى يقول القدِّيس كيرلس الكبير: [إذ كانوا تحت العبوديَّة بمصر، يعيشون حسب عادات المصريِّين ونواميسهم المملوءة دنسًا سلكوا حياة دنسة وسكن الروح النجس فيهم، إذ يسكن في القلوب الشرِّيرة. ولكن إذ خلصوا بواسطة موسى خلال رحمة الله وتقبَّلوا الشريعة كمعلِّم في مدرسة، ودُعوا إلى نور معرفة الله الحقيقيَّة، طُرد منهم الروح النجس الفاسد. ولكنهم إذ لم يؤمنوا بالمسيح بل جحدوا المخلِّص، هاجمهم الروح النجس من جديد، فوجد قلبهم فارغًا، خاليًا من مخافة الله، كما لو كان مكنوسًا فسكن فيهم. فكما أن الروح القدس إذ يجد قلبًا متحرِّرا من كل دنس، طاهرًا، يأتي ويسكن فيه ويستريح هناك، هكذا الروح الشرِّير اعتاد على السُكنى في قلوب الأشرار، لأنهم ـ كما قلت ـ خالون من كل فضيلة وليس فيهم خوف الرب. بهذا صار أواخر الإسرائيليِّين أشر من أوائلهم.]
الصداقة وكلمة الله
"وفيما هو يتكلَّم بهذا رفعت امرأة صوتها من الجمع. وقالت له:
"طوبى للبطن الذي حَملك، والثدْيين اللذيْن رضعتهما.
أما هو فقال: بل طوبى للذين يسمعون كلام الله ويحفظونه" [27-28].
إذ سمعت المرأة حديث السيِّد طوّبت من حملته وأرضعته. وبلا شك فإن القدِّيسة مريم تستحق الطوبى، غير إن السيِّد لم ينزع عنها التطويب، إنما حثنا لننال نحن أيضًا الطوبى بقوله:
"طوبى للذين يسمعون كلام الله ويحفظونه".
وكما يقول القدِّيس يوحنا الذهبي الفم أن القدِّيسة مريم قد تزكَّت بالأكثر بهذه الكلمات إذ حملته في نفسها كما حملته في جسدها. ويقول القدِّيس أغسطينوس: [اقترابها كأُم لا يفيد مريم لو لم تكن قد حملته في قلبها بطريقة طوباويَّة، أكثر من حملها إيّاه في جسدها.]
لقد فتح لنا الرب باب اللقاء معه والتمتُع بصداقته، فإن كان قد طالبنا في بداية الأصحاح بالصلاة بلجاجة ثم حثَّنا على وحدانيَّة الروح بلا انشقاق والتمتُع بعمل الروح القدس فينا، فإنه الآن يحثُنا على الالتصاق بكلمة الله وحفظها قلبيًا وسلوكيًا. إن كنَّا لم ننعم بحمل السيِّد المسيح جسديًا أو اللقاء معه كمن كانوا معه في أيامه، لكن إنجيله بين أيدينا، إن سمعناه وحفظناه رأيناه متجلِّيًا في الداخل.
يرى القدِّيس أغسطينوس أن هذا الحديث الإلهي يمس حياة الكنيسة كلها التي تختبر حياة الوحدة كجسد واحد للرب، إذ يقول: [ليته لا يفرح أحد من أجل نسله المؤقت، بل بالحري بالروح الذي يربطهم بالله.]
البولس: رو 3: 1 – 4: 3
أوجى بى ايهوؤ وامبى يوذاى بى آش ايهؤو إمبى سيفى.
الكاثوليكون: 1 يو 1:1 – 2: 1 و 2
فيئتاف شوب يسجين هي فيئتان سوثميف: في ايتاتناف ايروف انتين فالى فيئتان سومس ايروف. أووه أن نين جيج جيمجومف اثفى بى ساجى انتى إيؤنخ
الإبركسيس: أع 7: 30 – 34
أووه ايتاف جوك ايفول إنجى أهمى انرومبى. آف أوتف إيروف خين إبشافى انتى ابتوؤو
إنجيل القداس: لو 1: 26 – 38
البشارة بالتجسّد الإلهي
"وفي الشهر السادس أٌرسل جبرائيل الملاك من الله
إلى مدينة من الجليل اسمها ناصرة،
إلى عذراء مخطوبة لرجل من بيت داود اسمه يوسف ، واسم العذراء مريم..." [26-27].
أولاً: منذ خمسة أشهر سبق فبشَّر الملاك زكريَّا الكاهن، والآن مع بداية الشهر السادس جاء يبشِّر القدّيسة مريم، لكن شتَّان بين البشارتين. حقًا إن البشارة الأولى تمَّت داخل الهيكل أثناء العبادة الجماعيّة، رافقها زكريَّا أمام الجميع وتحدَّث عنها الكهنة، إذ تمَّت مع زميلهم الكاهن، لكن كانت بشارة بميلاد أعظم مواليد النساء يوحنا السابق خادم الكلمة؛ أما البشارة الثانية فتمَّت في بيت مجهول في قريّة فقيرة بطريقة سريّة لم يلمسها حتى صاحب البيت نفسه "يوسف النجار"، وقد كانت بشارة بتجسّد الكلمة ذاته! لقد أخلى الابن ذاته، حتى في البشارة به لم تتم به بين كهنة، ولا في داخل الهيكل، ولا على مستوى الجماعة، إنما تمَّت مع فتاة فقيرة في مكان بسيط.
ثانيًا: أٌرسل الملاك إلى "عذراء مخطوبة لرجل"، لماذا لم يُرسل إلى عذراء غير مخطوبة؟
أ. يجيب العلامة أوريجينوس بأن وجود الخاطب أو رجل مريم ينزع كل شكٍ من جهتها عندما تظهر علامات الحمل عليها، ويقول القدّيس أمبروسيوس: [ربَّما لكي لا يُظن أنها زانية. ولقد وصفها الكتاب بصفتين في آن واحد، أنها زوجة وعذراء. فهي عذراء لأنها لم تعرف رجلاً، وزوجة حتى تُحفظ ممَّا قد يشوب سمعتها، فانتفاخ بطنها يشير إلى فقدان البتوليّة (في نظر الناس). هذا وقد اِختار الرب أن يشك البعض في نسبه الحقيقي عن أن يشكُّوا في طهارة والدته... لم يجد داعيًا للكشف عن شخصه على حساب سمعة والدته.]
+ كانت الخطبة حسب التقليد اليهودى تعادل الزواج حاليًا في كل شيء ماخلا العلاقات الجسديّة، لهذا دعيت القدّيسة مريم "امرأة يوسف".
ب. يرى العلامة أوريجينوس نقلاً عن القدّيس أغناطيوس أن وجود يوسف يشكِّك الشيطان في أمر المولود ويُربكه من جهة التجسّد الإلهي. وقد قدَّم لنا القدّيس أمبروسيوس ذات الفكر حين قال: [هناك سبب آخر لا يمكن إغفاله وهو أن رئيس هذا العالم لم يكتشف بتوليّة العذراء، فهو إذ رآها مع رجلها لم يشك في المولود منها، وقد شاء الرب أن ينزع عن رئيس هذا العالم معرفته. هذا ظهر عندما أوصى السيِّد تلاميذه ألا يقولوا لأحد أنه المسيح (مت 16: 22)، كما منع الذين شفاهم من إظهار اسمه (مت 5: 4) وأمر الشيَّاطين ألا تتكلَّم عن ابن الله (لو 4: 35). يؤيِّد ما ذكره الرسول أيضًا: "بل نتكلَّم بحكمة الله في سّر، الحكمة المكتومة التي سبق الله فعيَّنها قبل الدهور لمجدنا، التي لم يعملها أحد من عظماء هذا الدهر، لأن لو عرفوا لما صلبوا رب المجد" (1 كو 2: 7-8)... إذن لقد توارى الرب عن إبليس لأجل خلاصنا. توارى لكي ينتصر عليه، توارى عنه في التجربة، وحين كان يصرخ إليه ويلقبِّه "ابن الله" لم يؤكِّد له حقيقة لاهوته. توارى الرب أيضًا عن رؤساء البشر. وبالرغم من تردّد إبليس حين قال: "إن كنت ابن الله فاطرح نفسك إلى أسفل" (مت 4: 6) إلا أن الأمر قد انتهى بمعرفته إيَّاه، فقد عرفتْهُ الشيَّاطين حين صرخت: "ما لنا ولك يا يسوع ابن الله أجئت إلى هنا قبل الوقت لتعذِّبنا؟!" (مت 8: 29). لقد عرفتْه الشيَّاطين إذ كانت تترقَّب مجيئه، أما رؤساء العالم فلم يعرفوه... استطاع الشيطان بمكر أن يكشف الأمور المكتوبة أما الذين اقتنصتهم كرامات هذا العالم فلم يستطيعوا أن يعرفوا أعمال الله.]
ثالثًا: كرَّر الإنجيلي كلمة "عذراء" وكأنه أراد تأكيد عذراويَّتها ليعلن أن السيِّد المسيح ليس من زرع بشر. هذا ما أعلنه حزقيال النبي بقوله عن الباب الشرقي: "هذا الباب يكون مغلقًا لا يُفتح، ولا يدخل منه إنسان، لأن الرب إله إسرائيل دخل منه فيكون مغلقًا، الرئيس، الرئيس هو يجلس فيه" (حز 44: 2-3). ولذلك جاء في الطقس البيزنطي عن السيِّدة العذراء: [السلام لكَ، أيها الباب الفريد الذي عبر منه الكلمة وحده.]
إنها عذراء وزوجة (عروس) في نفس الوقت، إذ تمثِّل العضو الأول في الكنيسة العذراء عروس المسيح، وكما يقول القدّيس أمبروسيوس: [كانت مريم الزوجة العذراء تمثِّل في آن واحد الكنيسة العروس التي بلا عيب. فالكنيسة عروس المسيح البتول، حبلت بنا بالروح القدس وولدتنا بغير ألم، ومريم حبلت بالروح لا بالزواج، وهكذا صارت تمثِّل كل الكنائس التي تثمر بالروح والنعمة، وإن كانت تتَّحد ظاهريًا تحت لواء راعٍ بشري.]
يقول القدّيس أغسطينوس: [كما ولدت مريم ذاك الذي هو رأسكم، هكذا ولدتكم الكنيسة، لأن الكنيسة هي أيضًا أم وعذارء، أم في أحشاء حبنا، وعذراء في إيمانها غير المزعزع. هي أم لأمم كثيرة الذين يمثِّلون جسدًا واحدًا، وذلك على مثال العذراء أُم الكثيرين وفي نفس الوقت هي أُم للواحد.]
يقول القدّيس كيرلس الكبير: [لنُطوِّب مريم دائمة البتوليّة بتسابيح الفرح، التي هي نفسها الكنيسة المقدَّسة.]
رابعًا: يحدّد الإنجيل اسم المدينة التي جاء إليها الملاك ليلتقي بالقدّيسة العذراء مريم، وهى "ناصرة". مدينة في الجليل بشمال فلسطين، تبعد 88 ميلاً شمال أورشليم، و15 ميلاً جنوب غربي طبريّة. عاش فيها القدّيس يوسف والقدّيسة العذراء مريم، وقد قضى السيِّد المسيح القسط الأوفر من الثلاثين عامًا الأولى في حياته فيها (لو 3: 23؛ مر 1: 9)، فدُعيَ بالناصري (مت 12: 11؛ مر 1: 24). إذ بَدَأ رسالته رفضَهُ أهلها مرّّتيْن (لو 4: 28-31؛ مت 4: 13؛ 13: 54-58؛ مر 6: 1-6). تقع على تل (لو 4: 29)، ولم يكن لها أهميّة تُذكر، فلم ترد في العهد القديم، ولا في وثائق الدول العظمى قبل مجيء المسيح، ولا في كتابات المؤرِّخ اليهودي يوسيفوس. لعلَّ كلمة "ناصرة" تعني "قضيب" أو "غصن"... ولهذا السبب كثيرًا ما دُعي السيِّد المسيح بالغُصن.
خامسًا: جاءت تحيّة الملاك: "سلامٌ لكِ أيَّتها الممتلئة نعمة، الرب معك، مباركة أنت في النساء" [28]. لم تكن بالتحيّة العاديّة وإنما جاءت تحيَّة فريدة، حملت كل معنى الفرح، فالكلمة اليُّونانيّة "شيريه" التي تُرجمت هنا "سلام" ورد فعلها حوالي 80 مرة في الترجمة السبعينيّة للعهد القديم، تُرجم نصفها "يفرح" والنصف الآخر استخدم للتعبير عن فرح شعب الله بعمل مثير يمس خلاصهم. وكأن القدّيسة مريم قد نالت باسم الكنيسة كلها التي هي عضو فيها فرحًا فائقًا خلال تجسّد الله الكلمة وحلوله فيها.
فيما يلي بعض التعليقات للآباء على هذه التحيّة الفريدة:
+ انفردت بدعوتها "الممتلئة نعمة"، إذ وحدها نالت النعمة التي لم يقتنيها أحد آخر غيرها، إذ امتلأت بمواهب النعمة.
القدّيس أمبروسيوس
+ هذا الميلاد مطلقًا هو نعمة، فيه تمَّ الاتِّحاد، اتِّحاد الإنسان بالله، والجسد بالكلمة... لم تكن الأعمال الصالحة هي الاستحقاق لتحقيقه.
القدّيس أغسطينوس
+ التحفت بالنعمة الإلهيّة كثوب، امتلأت نفسها بالحكمة الإلهيّة،
في القلب تنعَّمت بالزيجة مع الله،وتسلَّمت الله في أحشائها!
الأب ثيؤدسيوس أسقف أنقرة
سمعت القدّيسة مريم الملاك يقول لها: "الرب معكِ"، وكان لهذا التعبير مفهومه الخاص بالنسبة لها، فقد ذاقت معيّة الله على مستوى فريد، إذ حملت كلمة الله في أحشائها، وقدَّمت له من جسدها ودمها!
"مباركة أنت في النساء"... وكما يقول العلامة أوريجينوس: [الفرح الذي بوَّق به جبرائيل لمريم نزع حكم الحزن الصادر من الله ضد حواء]، [كما بدأت الخطيّة بالمرأة وبعد ذلك عبرت إلى الرجل، هكذا بدأت البشارة بالنسوة (مريم واليصابات).]
سادسًا: "فلما رأتهُ اضطربت من كلامه وفكَّرت ما عسى أن تكون هذه التحيّة. فقال لها الملاك: لا تخافي يا مريم، لأنك قد وجدت نعمة عند الله" [29-30].
يقول القدّيس جيروم: [لقد اضطربت ولم تستطع أن تجاوبه، إذ لم يسبق لها أن قدَمت تحيّة لرجلٍ من قبل، لكنها إذ عرفته من هو أجابته، هذه هي التي كانت تخاف الحديث مع رجل، صارت تتحدَّث مع ملاك بلا خوف.]
هكذا يرى كثير من الآباء أن السيِّدة العذراء كنموذج حيّ للعذارى اللواتي تكرَّسن للعبادة يسلُكن بحياءٍ شديدٍ، ولا يلتقين برجالٍ، بل يقضين حياتهنَّ في بيوتهنَّ أو في بيوت العذارى، لا يتعاملْن مع الرجال. لكننا لا نستطيع أن ننكر أن مع ما اتَّسَمت به العذراء من حياء شديد وتكريس كامل لحساب الرب، وعدم رغبتها في الزواج، كما يظهر من قولها للملاك: "كيف يكون لي هذا وأنا لست أعرف رجلاً" لكنها كانت الإنسانة الفعّالة في الجماعة المقدَّسة. فعّالة بصلواتها وتقواها، وفعّالة أيضًا بقبولها عطيّة الله الفائقة (تجسّد الكلمة في أحشائها)، وفعّالة في الخدمة، ففي أول معجزة للسيِّد المسيح طلبت منه "ليس لهم خمر" (يو 2: 3)، ورافقت السيِّد حتى الصليب، وبعد الصعود كانت مع التلاميذ تسندهم. فالبتوليّة لا تعني السلبيّة، إنما إيجابيّة الحّب الباذل المُعلن خلال العبادة والعمل، في حدود مواهب الإنسان التي يتسلّمها من الرب نفسه. لذلك يقول القدّيس أغسطينوس: [لا تكرم البتوليّة من أجل ذاتها، وإنما لانتسابها لله.]
سابعًا: جاء الوعد الإلهي للقدّيسة مريم على لسان الملاك:
"وها أنت ستحبلين وتلدين ابنًا وتسمِّينه يسوع.
هذا يكون عظيمًا وابن العلي يُدعى،
ويعطيه الرب الإله كرسي داود أبيه،
ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد،
ولا يكون لمُلكه نهاية" [31-33].
تمتَّعت القدّيسة مريم بهذا الحبل الإلهي، إذ تجسّد ابن العلي فيها، هذا الذي ترقبه رجال العهد القديم كملكٍ يجلس على كرسي داود ويملك أبديًا، وكمخلِّصٍ لذا يدعى "يسوع" الذي يعني "يهوه خلاصي".
+ ليس من يشبه والدة الإله، فإنَّك وأنت تسكنين الأرض صرِت أُمًا للخالق.
(بارالكس) لحن البركة
+ إن كان ابن الله قد صار ابنًا لداود، فلا تشك يا ابن آدم أنك تصير ابنًا لله.إن كان الله قد نزل أعماقًا كهذه، فإنَّه لم يفعل هذا باطلاً، إنما ليرفعنا للأعالي!وُلد بالجسد، لكي تولد أنت ثانية حسب الروح.وُلد من امرأة، لكي تصير أنت ابنًا لله.
القدّيس يوحنا ذهبي الفم
ثامنًا: إذ سمعت القدّيسة مريم الوعد الإلهي بروح التواضع وفي إيمان، دُهشت إذ كان الوعد فريدًا لم يُسمع في الكتب المقدَّسة إنسانًا ناله، لهذا تساءلت:
"كيف يكون هذا وأنا لست أعرف رجلاً؟!.
فأجاب الملاك، وقال لها:
الروح القدس يحلُّ عليكِ، وقوّة العليّ تظلِّلك،
فلذلك أيضًا القدِّوس المولود منك يُدعى ابن الله" [34-35].
أ. يظهر من حديث العذراء أنها قد نذرت البتوليّة، فلو أنها كانت تود الزواج لما قالت هكذا، بل تقول: "متى يكون هذا؟!" منتظرة تحقيق الوعد خلال الزواج. لقد وضعت في قلبها أن تكون بتولاً للرب، فحلّ البتول فيها، ليُقدِّس فيها بتوليّة الكنيسة الروحيّة. وكما يقول القدّيس أغسطينوس: [اليوم تحتفل الكنيسة البتول بالميلاد البتولي... فقد أكّد السيِّد المسيح بتوليّة القلب التي يريدها للكنيسة أولاً خلال بتوليّة جسد مريم. فالكنيسة وحدها هي التي تستطيع أن تكون بتولاً فقط حين ترتبط بعريس، ألا وهو ابن البتول، إذ تقدِّم له ذاتها تمامًا.]
ب. يقول القدّيس أمبروسيوس: [لم ترفض مريم الإيمان بكلام الملاك، ولا اعتذرت عن قبوله، بل أبدت استعدادها له، أما عبارة: "كيف يكون هذا؟" فلن تنم عن الشك في الأمر قط، إنما هو تساؤل عن كيفيّة إتمام الأمر... إنها تحاول أن تجد حلاً للقضيّة... فمن حقِّها أن تعرف كيف تتم الولادة الإعجازيّة العجيبة.] لذلك جاءت إجابة الملاك لها تكشف عن سرّ عمل الله فيها لتحقيق هذه الولادة: "الروح القدس يحلُّ عليك، وقوّة العليِّ تظلِّلك، فلذلك أيضًا القدِّوس المولود منك يُدعى ابن الله".
الروح القدس يحلُّ عليها لتقديسها، روحًا وجسدًا، فتتهيَّأ لعمل الآب الذي يُرسل ابنه في أحشائها يتجسّد منها. حقًا يا له من سرّ إلهي فائق فيه يًعلن الله حبُّه العجيب للإنسان وتكريمه له!
أما هذا الإعلان أحنت رأسها بالطاعة لتقول: "هوذا أنا أَمَة الرب ليكن لي كقولك" [38].
شك زكريَّا الكاهن في إنجاب زوجته، والبتول آمنت، وفي طاعتها قبِلت عمل الله، وكما يقول القدّيس أمبروسيوس: [لقد سَمت بإيمانها على الكاهن؛ فالكاهن أخطأ وتوارى، والعذراء قامت بإصلاح الخطأ.] هكذا صمت زكريَّا بسبب شكِّه وحملت العذراء بالكلمة المتجسّد أو النطق الإلهي الذي لن يصمت.
يرى القدّيس إيريناؤس أن طاعة القدّيسة مريم قد حلَّت موضع عِصيان أُمِّها حواء؛ الأخيرة بعِصيانها عقَّدت الأمر، وجاءت ابنتها تحِل العقدة بالطاعة.
ويرى اللاهوتيون أنه في هذه اللحظات التي قدَّمت الطاعة لله والخضوع قبلت التجسُّد، إذ لم يكن ممكنًا أن يتم التجسّد بغير إرادتها وقبولها للعمل، إذ يقدِّس الله الحريّة الإنسانيّة.
يقول القدّيس أمبروسيوس: [إنها تصف نفسها أَمََة للرب مع أنها اُختيرت أُمًا له، فإنَّ الوعد الذي تحقّق لم يُسقطها في الكبرياء.] ويقول القدّيس أغسطينوس أن السيِّد المسيح المتواضع لا يُعلِّم أُمة - في الحبل به- الكبرياء بل التواضع!
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
messi
عضو جديد
 عضو جديد
messi


عدد المساهمات : 44
نقاط : 5046
تاريخ التسجيل : 27/09/2010
العمر : 26
الموقع : markousmahboub@yahoo.com

الأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء   الأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء Emptyالأحد 28 نوفمبر 2010, 4:29 pm

شكرا بابا جورج
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
malak lopos
Admin
 Admin
malak lopos


عدد المساهمات : 10215
نقاط : 21898
تاريخ التسجيل : 21/03/2010
العمر : 41
الموقع : malaklopos@yahoo.com

الأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء   الأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء Emptyالأحد 28 نوفمبر 2010, 4:31 pm

الأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء IZq70960
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://kermarysa.yoo7.com
 
الأحد الثانى من كيهك : بشارة الملاك للعذراء
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى البابا كيرلس و مارمينا و ابونا يسى :: قسم القراءات اليومية و السنكسار و الأجبية و الخدمة ::  القراءات اليومية والسنكسار -
انتقل الى: