منتدى البابا كيرلس و مارمينا و ابونا يسى
مرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي 16996
أهلا بكم فى منتدى البابا كيرلس و مارمينا و أبونا يسى
عزيزى الزائر / عزيزتى الزائرة : يرجى التكرم بالدخول اذا كنت عضوا بالضغط على كلمة دخول و كتابة اسمك و كلمة السر
واذا لم تكن قد سجلت بعد يسرنا اشتراكك فى المنتدى بالضغط على كلمة تسجيل
لإخفاء هذه النافذة اضغط على إخفاء
منتدى البابا كيرلس و مارمينا و ابونا يسى
مرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي 16996
أهلا بكم فى منتدى البابا كيرلس و مارمينا و أبونا يسى
عزيزى الزائر / عزيزتى الزائرة : يرجى التكرم بالدخول اذا كنت عضوا بالضغط على كلمة دخول و كتابة اسمك و كلمة السر
واذا لم تكن قد سجلت بعد يسرنا اشتراكك فى المنتدى بالضغط على كلمة تسجيل
لإخفاء هذه النافذة اضغط على إخفاء
منتدى البابا كيرلس و مارمينا و ابونا يسى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى البابا كيرلس و مارمينا و ابونا يسى



 
الرئيسيةالمجلةأفلام دينيةترانيمأحدث الصورعظاتبرامجالعابالتسجيلدخولمركز رفع الصور
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
أوامر مهمة
المواضيع الأخيرة
» شريط حياتي رضاك للشماس بولس ملاك
مرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالأحد 30 يونيو 2024, 10:20 am من طرف مايكل مجدى فوزى

» برنامج ps1 mix150 بحجم 21 ميجا لتشغيل العاب البلاى سيش
مرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالخميس 20 يونيو 2024, 10:33 pm من طرف غزول

» شريط / كنيستى - المعلم ابراهيم عياد
مرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالثلاثاء 02 أغسطس 2022, 12:07 am من طرف هاني الناجح

» شريط (( الشهداء )) للمرنم انطون ابراهيم عياد
مرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالثلاثاء 02 أغسطس 2022, 12:02 am من طرف هاني الناجح

» شريط (( ساكت ليه )) للمرنمة هايدى منتصر
مرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالثلاثاء 26 أبريل 2022, 9:59 am من طرف michel sobhy

» مجموعة اشرطة للمعلم ابراهيم عياد
مرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالجمعة 08 أبريل 2022, 11:51 am من طرف usama caribou

»  قصة الرحمة حياة
مرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالثلاثاء 08 مارس 2022, 10:48 pm من طرف kamel

» ملف كامل عن ظهورات العذراء حول العالم على مر العصور !!!
مرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالثلاثاء 08 مارس 2022, 10:38 pm من طرف kamel

» صلاة من عمق القلب لك يارب ????????????????
مرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالثلاثاء 08 مارس 2022, 10:26 pm من طرف kamel

» مقولة أعجبتنى.. ياريت الجميع بشارك..!!
مرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالثلاثاء 08 مارس 2022, 10:14 pm من طرف kamel

» من معجزات ابونا يسى
مرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالخميس 10 يونيو 2021, 10:25 am من طرف malak lopos

» قصه حياه ابونا يسى
مرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالخميس 10 يونيو 2021, 10:23 am من طرف malak lopos

» كتاب معجزات ابونا يسى ميخائيل الجزء ال 38 ( 3 )
مرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالخميس 10 يونيو 2021, 10:22 am من طرف malak lopos

» تمجيد للأنبا ابرآم اسقف الفيوم و الجيزة بمناسبة عيده
مرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالخميس 10 يونيو 2021, 10:17 am من طرف malak lopos

» من معجزات الأنبا ابرآم اسقف الفيوم والجيزة
مرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالخميس 10 يونيو 2021, 10:16 am من طرف malak lopos

» صلاة للبابا كيرلس كتبها لأحد الطلبة
مرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالثلاثاء 09 مارس 2021, 10:54 am من طرف malak lopos

» من اقوال البابا كيرلس السادس
مرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالثلاثاء 09 مارس 2021, 10:53 am من طرف malak lopos

» مفاجأة رائعة 19 شريط للبابا كيرلس بمناسبة عيد نياحته
مرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالثلاثاء 09 مارس 2021, 10:51 am من طرف malak lopos

» 56 معجزة للبابا كيرلس بمناسبة عيد نياحته
مرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالثلاثاء 09 مارس 2021, 10:51 am من طرف malak lopos

» woooooooooooooooow
مرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالجمعة 22 يناير 2021, 5:09 pm من طرف ماجد فايزفرج

» فيلم ابونا يسطس الانطونى________جمييييييييييييييل جداااااا
مرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالجمعة 22 يناير 2021, 5:07 pm من طرف ماجد فايزفرج

»  سنة جديدة ... ( كلمات الشاعر و الروائى / وائل كرمى )
مرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالأربعاء 13 يناير 2021, 10:48 am من طرف وائل كرمى

» شريط (( وفى دينى )) للمرنم الرائع ( فرج عزيز )
مرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالخميس 20 أغسطس 2020, 10:09 pm من طرف usama caribou

» اسطوانة الأجبية مكتوبة و مسموعة
مرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالسبت 15 أغسطس 2020, 6:03 pm من طرف malak lopos

» العذراء فى القداس الإلهى
مرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالخميس 06 أغسطس 2020, 10:27 am من طرف malak lopos

» معجزه العذراء والابره
مرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالخميس 06 أغسطس 2020, 10:23 am من طرف malak lopos

»  ليك فى قلبى كلام ... ( كلمات الشاعر و الروائى / وائل كرمى )
مرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالأربعاء 05 أغسطس 2020, 10:28 am من طرف وائل كرمى

» معجزات الشهيد ابانوب النهيسى
مرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالجمعة 31 يوليو 2020, 5:33 pm من طرف malak lopos

» معجزة للقديس ابانوب
مرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالجمعة 31 يوليو 2020, 5:32 pm من طرف malak lopos

» شريط (( طوباك يا ابانوب )) للشماس بولس ملاك
مرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالجمعة 31 يوليو 2020, 5:29 pm من طرف malak lopos

» الكتاب المقدس مكتوب و مسموع ( العهد القديم )
مرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالخميس 30 يوليو 2020, 5:28 pm من طرف malak lopos

»  شريط أيتها العذراء المعلم ابراهيم عياد + أنطون ابراهيم
مرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالثلاثاء 21 يوليو 2020, 8:35 pm من طرف كيرلس رزق

» شريط سحابة شهود للقديس يوليوس الاقفهصى بولس ملاك
مرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالثلاثاء 21 يوليو 2020, 8:23 pm من طرف كيرلس رزق

» اسطوانة الأسفار القانونية الثانية مكتوبة و مسموعة
مرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالجمعة 17 يوليو 2020, 6:50 pm من طرف malak lopos

» الكتاب المقدس مكتوب و مسموع
مرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالأحد 12 يوليو 2020, 11:32 am من طرف malak lopos

»  مدينة الحب ... كلمات (الشاعر و الروائى / وائل كرمى )
مرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالجمعة 09 أغسطس 2019, 5:58 pm من طرف وائل كرمى

»  شريط غالي عليه (( روماني روؤف وفرج عزيز ))
مرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالخميس 18 يوليو 2019, 11:00 pm من طرف romany nasser

» شريط (( فى عينى دمعة )) للمرنم ذو الصوت الرائع فرج عزيز
مرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالخميس 18 يوليو 2019, 10:15 pm من طرف romany nasser

» شريط أنا المفدى للمرنم فرج عزيز
مرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالخميس 18 يوليو 2019, 10:14 pm من طرف romany nasser

» قصة كلام الناس
مرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالثلاثاء 09 يوليو 2019, 10:23 am من طرف مريانا

شارك اصدقائك على الفيس بوك و تويتر و جوجل
شروحات مهمة
مرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي 01010110


 مرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي 01010111


 مرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي 01010112

 مرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي 0011
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
malak lopos
مرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_rcapمرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_voting_barمرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_lcap 
سالى عبده
مرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_rcapمرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_voting_barمرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_lcap 
عزت
مرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_rcapمرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_voting_barمرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_lcap 
kamel
مرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_rcapمرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_voting_barمرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_lcap 
مريانا
مرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_rcapمرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_voting_barمرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_lcap 
د.محبوب
مرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_rcapمرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_voting_barمرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_lcap 
mmk
مرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_rcapمرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_voting_barمرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_lcap 
بهيج
مرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_rcapمرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_voting_barمرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_lcap 
مارونا
مرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_rcapمرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_voting_barمرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_lcap 
diana.wahba
مرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_rcapمرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_voting_barمرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_lcap 
احصائيات
هذا المنتدى يتوفر على 5599 عُضو.
آخر عُضو مُسجل هو مايكل مجدى فوزى فمرحباً به.

أعضاؤنا قدموا 38275 مساهمة في هذا المنتدى في 16742 موضوع
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 102 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 102 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحث

لا أحد

أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 563 بتاريخ الخميس 24 مايو 2012, 9:00 pm
اختار لغة المنتدى
أختر لغة المنتدى من هنا

 

 مرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
سالى عبده
عضو ماسى
 عضو ماسى
سالى عبده


عدد المساهمات : 5556
نقاط : 17236
تاريخ التسجيل : 04/02/2012
العمر : 45
الموقع : https://www.facebook.com/ssoly1

مرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي Empty
مُساهمةموضوع: مرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي   مرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالإثنين 29 أكتوبر 2012, 11:04 am

مرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي 4196810853

مرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس
علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي
دخل السيد المسيح إلى أورشليم ليعلن حبه لنا عمليًا بالصليب، لكي يدخل بنا إلى أورشليمه السماوية وينعم علينا بأمجاده الأبدية.

في الأصحاحات السابقة تلمسنا عمل السيد المسيح الذي جاء ليهدم الإنسان القديم الترابي، ويقيم فينا الإنسان الجديد الروحي الذي على صورة خالقه.بنفس الروح إذ يتحدث عن مجيئه الأخير يكشف عن هدم الأبنية القديمة لننعم ببناء أبدي غير مصنوع بيد.أما علامات المنتهى الواردة هنا، فقد سبق شرحها خلال فكر الآباء عند دراستنا لإنجيل متى (ص24)، وقد جاءت هنا بذات الترتيب والفكر:



1. هدم الهيكل القديم


1-2.

2. ظهور مسحاء كذبة


3-6.

3. قيام حروب وحدوث كوارث


7-8.

4. حدوث مضايقات


9-13.

5. رجسة الخراب


14.

6. وصايا للدخول في الملكوت


15-18.

7. الضيقة العظمى


19-20.

8. ظهور أنبياء كذبة


21-23.

9. انهيار الطبيعة


24-25.

10. مجيء ابن الإنسان


26-27.

11. مثل شجرة التين المخضرة


28-29.

12. تأكيد مجيئه


30-31.

13. عدم معرفة الساعة


32.

هل يجهل السيد المسيح الساعة؟



14. الدعوة للسهر


33-37.
******* مقدمة

جاء هذا الحديث الخاص بعلامات المنتهى في جلسة خاصة للسيد مع تلاميذه وحدهم، في لقاء هادىء بعد دخوله أورشليم وتطهيره الهيكل ولعن شجرة التين، خاصة وأن أحداث الآلام والصلب كانت قد اقتربت جدًا، فما غاية هذا الحديث؟

يمكننا أن نتعرف على غاية هذا الحديث الودي من خلال قراءات يوم الثلاثاء من البصخة المقدسة (أسبوع الآلام)، حيث ركزت الكنيسة نظر أولادها في هذا اليوم على مجيء السيد المسيح الأخير.



أولًا: لعل ما يلفت نظرنا في قراءات الساعة الأولى من هذا اليوم ما أعلنه الله في سفر الخروج (ص19) أنه حمل شعبه كما على أجنحة النسور لا لينقلهم من أرض العبودية وينطلق بهم إلى أرض الموعد، بل ينقلهم إليه هو شخصيًا، إذ يقول: "وأنا حملتكم على أجنحة النسور، وجئت بكم إليّ" (خر 19: 4).

لعل التلاميذ إذ رأوا السيد المسيح حازمًا كل الحزم في تطهير الهيكل، وفي لعنه شجرة التين تملكهم روح اليأس، وخشي كل منهم لئلا يكون نصيبهم كشجرة التين، لهذا جاء حديثه هنا يطمئن التلاميذ، أنه يعد لهم سماواته مقدمًا لهم علامات مجيئه، وإن كانت مرة لكنها مطمئِنة.إن كان قد حمل آباءهم كما بأجنحة النسور ليجيء بهم إليه، فإنه يرسل لهم روحه القدوس ليحملهم فوق كل الأحداث لينعموا بلقائه الأخير على السحاب.

يؤكد لنا السيد: "أنتم من أسفل وأما أنا فمن فوق.أنتم من هذا العالم، وأما أنا فلست من هذا العالم[308]" (يو 8: 23). كأنه يؤكد لنا أننا غير قادرين بذواتنا أن نرتفع إليه لنلتقي معه على سحاب السماء، لكنه هو من فوق يقدر أن يضمنا إليه، فيجعلنا حاملين سمته: "لست من هذا العالم".به ترتفع قلوبنا التي تصير ليست من هذا العالم، أي تحمل سمته، فتدخل معه في شركة أمجاده.لعله أيضًا أراد أن يعلن بعلامات المنتهى المرة أنه سمح بها لكي يدفعنا دفعًا إلى الانطلاق من هذا العالم، أي نخلع عنا محبة الزمنيات، ونترك سمتنا أننا من هذا العالم، فنقدر أن نلتقي مع ذاك الذي ليس من هذا العالم.

حقًا إن العلامات التي قدمها لتلاميذه مرهبة جدًا، لكن إشعياء النبي يقول: "لولا أن رب الجنود أبقى بنا بقية صغيرة لصرنا مثل سدوم وشابهنا عمورة[309]" (إش 1: 9).وكأن التلاميذ هم البقية الصغيرة التي تعجز عن الخلاص بذاتها لكن مراحم رب الجنود تترفق بها.بمعنى آخر ملكوته السماوي قد أُعد للبقية الصغيرة التي يهتم الله نفسه بها، إذ يقول: "لا تخف أيها القطيع الصغير لأن أباكم قد سرّ أن يعطيكم الملكوت" (لو 12: 32).

هكذا أبرزت القراءات اهتمام الله نفسه بتقديم الملكوت.ولعل سرد السيد المسيح لتلاميذه علامات مجيئه بما تحمله من مرارة إنما ليعلن لهم أنه يعرف أن الطريق ضيق للغاية وكرب، لكنه في يديه، أو هم في قبضة يده يحفظهم حتى يجتاز بهم وينطلق بهم إليه.



ثانيًا: عرض السيد المسيح لعلامات المنتهى على تلاميذه ليس فقط يؤكد لهم دور الله نفسه واهتمامه بملاقاتهم معه على السحاب، وإنما دور المؤمنين أيضًا.جاءت هذه العلامات تحمل في مجملها هدمًا تامًا للحياة الزمنية بل وللطبيعة إعلانًا لحياة أفضل أبدية.

حملت قراءات الساعة الثالثة من يوم الثلاثاء من البصخة المقدسة تحذيرًا من الشبع من هذا العالم والاهتمام ببناء بيوت جميلة (تث 8)، تدفعنا نحو اختيار طريق خدمة الرب حيث تنتظرنا التجارب (ابن سيراخ 2: 1)، وتؤكد لنا أنه لا يُترك حجر على جدر إلا ويُنقض (مت 24). كأن الكنيسة وهي تقدم لنا علامات المنتهى ترسم لنا الطريق الإنجيلي للتمتع بالمسيح القادم على السحاب فتطالبنا ألا تمتليء بطوننا الداخلية بسكر هذا العالم وملذاته، ولا يرتبك ذهننا ببناء بيوت أرضية ونزينها كمن يستقر على الأرض أبديًا، إنما بالحري نمسك بصليب ربنا يسوع المسيح لنحمل التجارب بقلب متسع، ونهدم كل حجر في داخلنا، ليقيم الله فينا بناءً جديدًا يليق بنفوس منطلقة نحو أورشليم العليا، تتحد بعريس سماوي.



ثالثًا: السيد المسيح في حديثه مع تلاميذه عن علامات المنتهى، بالرغم مما قدمه من طريق طويل وشاق للغاية لكنه بسلطان ألهب قلوبهم غيرة للدخول فيه؛ لهذا السبب تقدم لنا الكنيسة في قراءات يوم الثلاثاء من البصخة قصتين غاية في الأهمية: لقاء إيليا مع الله وسماعه صوته الإلهي لا خلال الريح العاصف الشديد ولا الزلزلة ولا النار بل خلال النسيم الهادئ اللطيف (1 مل 19: 4-9)، وتمتع نوح بالخلاص في الفلك وسط الطوفان.تمثل قصة إيليا الحاجة إلى الغيرة المقدسة للقاء مع الله، لكنها غيرة ملتهبة داخلية تقوم خلال النفس الهادئة في الرب، التي تحمل سماته حيث لا يصيح ولا يسمع أحد صوته في الشوارع (إش 42: 2؛ مت 12: 19). أما فلك نوح فيلتحم بغيرة إيليا ليترجم أعماقنا الداخلية واشتياقنا القلبي لملاقاة الرب إلى عمل جاد، فنقبل صليب الرب عمليًاكمن يدخل الفلك مع عائلته وحيواناته وطيوره لينعم باللقاء مع الله وسط هياج العالم الشديد والطوفان المهلك للكثيرين.هذا الفلك يمثل البيت الجديد الذي نقطنه هنا فيحملنا، مرتفعًا بنا فوق المياه، لذلك جاءت القراءات تحدثنا عن بيت الحكمة (أم 9: 1-11) المؤسس على الأعمدة السبعة التي هي أعمال الروح القدس.

بمعنى آخر، لكي نلتقي بربنا يسوع القادم على السحاب يليق بنا ونحن هنا على الأرض أن نتدرب بالروح القدس الذي فينا أن نسكن الفلك الذي يرفعنا إلى فوق، وأن نقطن الجبال العالية، إذ يقول النبي: "أصعد على جبل عال يا مبشر صهيون" (إش 40: 9) كما جاء في نبوات ذات اليوم، حينئذ ننعم مع دانيال (ص 7) برؤية السيد القادم على السحاب.



رابعًا: أخيرًا لكي تلهب الكنيسة شوقنا للتمتع بهذا اللقاء الأبدي تحدثنا عن بهاء المجد الذي ننعم به حينذاك، فتقتبس في قراءاتها ما قاله إشعياء: "نور القمر كنور الشمس" (إش 30: 26)، وما قاله السيد نفسه: "كل من له يعطى فيزداد" (مت 25: 29). بمعنى آخر ما نناله من بهاء داخلي هنا يكون عربونًا لبهاء أعظم أبدي، فإن صرنا بالرب قمرًا نصير هناك شمسًا، وإن صار لنا مكافأة داخلية فإن ما يُعطى لنا هنا يزداد هناك.



بجانب هذا الفكر الكنسي تجاه ما ورد في هذا الأصحاح نود أن نوضح سمات أخرى لهذا المقال:



أولًا: يُعتبر ما ورد في هذا الأصحاح أحد المقالين الطويلين للسيد المسيح في هذا الإنجيل، الأول ورد في الأصحاح الرابع (1-34). وقد لاحظ بعض الدارسين في المقال الذي بين أيدينا أنه اختلف في طابعه عن بقية أحاديث السيد المسيح، فدعاه البعض "الرؤيا الصغيرةLittle Apocalypse" وإن كان البعض الآخر رفض تمامًا هذه التسمية، متطلعًا إلى المقال أنه لم يقم على رؤيا معينة، إنما هو حديث مفتوح خاص بين السيد المسيح العالم بالأسرار وتلاميذه.



ثانيًا: لا يستطيع القارئ المعاصر - مهما كانت قراءاته أو معرفته - أن يدرك أثر هذا الحديث على نفسية الإنسان اليهودي في أيام السيد المسيح من جهة خراب الهيكل، فقد كان الهيكل هو كل شيء في حياته، يمثل ملكوت الله وعلامة حلول الله في وسط شعبه ورضاه عليه. يتعلق اليهودي بالهيكل تمامًا، ويحسب أي مساس به علامة غضب الله الشديد نحو شعبه كله! لهذا كان لائقًا أن يكشف الرب عن دمار العالم المادي كله كطريق تمهيدي لمجيء المسيح الأخير على السحاب، ودمار الهيكل المادي لإقامة هيكل الرب الروحي.



ثالثًا: هذا المقال في حقيقته لم يقدمه السيد لنتعرف على الأزمنة والأوقات، ولا كعملٍ نبوي به نتعقب الأحداث، لكنه مقال يكشف عن أسرار المستقبل جاء بقصد عمل رعوي، فيه يحث السيد المسيح كنيسته على الجهاد المستمر وتخطي العقبات التي تقوم على الدوام حتى مجيئه، كما يحذرنا من المسحاء والأنبياء الكذبة، ويوصينا بالسهر الدائم ترقبًا لمجيئه!



رابعًا: أخيرًا يرى كثير من الدارسين أنه "حديث ختامي" أو "وداعي" قدمه السيد المسيح لأربعة من خاصته، كما اعتاد بعض آباء وأنبياء العهد القديم أن يفعلوا هكذا قبيل موتهم مثل إسحق (تك 27)، ويعقوب (تك 49)، وموسى (تث 31: 28 الخ، 32)، ويشوع (يش 24)، وصموئيل (1صم 12)، وداود (1أي 28-29)، وطوبيا (طو 14).

هذا الحديث الوداعي الخاص - إن صح تسميته - بجانب حديثه الوداعي العام لتلاميذه (يو14-16) يختلف تمامًا عن كل حديث وداعي قديم قدمه أحد الآباء أو الأنبياء قبل موته. فاسحق ودّع ابنيه في شيخوخته وهو فاقد البصر لا يميز يعقوب من عيسو، أما يسوع رب المجد فيحدث تلاميذه قبل الصلب بقوة معلنًا أن قوات الظلمة لن تحطم خطته لخلاص البشرية، فاتحًا بصيرتهم الداخلية لمعاينته قادمًا على السحاب ليحملهم إلى مجده.ويعقوب يتحدث مع أبنائه لتأسيس شعب الله على الأرض، أما رب المجد فيعُلن تأسيس ملكوته الأبدي.وموسى يوصي شعبه بعد أن حُرم من الدخول معهم إلى أرض الموعد، أما يسوع المسيح فيأتي ليحملهم إلى مجده الفائق.وهكذا بقية الآباء والأنبياء، ما قد عجزوا عن تقديمه لأنفسهم اشتهوه لإخوتهم وأولادهم وشعبهم، أما السيد المسيح فهو الرأس المنطلق إلى أمجاده ليحمل مؤمنيه جميعًا إلى حضن أبيه في قوة.

الآن نعود إلى النص الإنجيلي راجيًا الرجوع إلى تفسير الأصحاح الرابع والعشرين من إنجيل معلمنا متى البشير منعًا من التكرار، مشتاقًا أن يلهب الرب أعماقنا جميعًا لشهوة الالتقاء معه عند مجيئه إلينا في اليوم العظيم.
1. هدم الهيكل القديم

"وفيما هو خارج من الهيكل، قال له واحد من تلاميذه:

يا معلم، انظر ما هذه الحجارة؟ وما هذه الأبنية.

فأجاب يسوع وقال له: أتنظر هذه الابنية العظيمة؟

لا يُترك حجر على حجر لا يٌنقض" [1-2].

هذا السؤال قدمه أحد التلاميذ فيما كان السيد المسيح يخرج من الهيكل، فقد كانت أبنية الهيكل العظيمة بملحقاته تشغل ذهن اليهود كعلامة رضا الرب عنهم.لقد بدأ بناء الهيكل الثاني في عهد زربابل بسماح كورش ملك الفرس الذي أحسن لليهود وسمح لهم بالعودة من السبي والبدء في بناء الهيكل في القرن السادس ق.م، وقد امتاز الهيكل الجديد عن القديم بضخامته وإن كان أقل منه في الفخامة.وفي أيام هيرودس قبل ميلاد السيد المسيح، حوالي سنة 20 ق.م. بدأت عملية ترميم ضخمة بقيت حتى حوالي سنة 60 م. أي قبل خرابه بحوالي سبع سنوات كما يقول المؤرخ اليهودي يوسيفوس[310]، موقعه حاليًا الحرم الشريف أو قبة الصخرة في مدينة أورشليم القديمة.

تم هذا التساؤل فيما كان السيد "يخرج" من الهيكل، أما سرّه فغالبًا أن هذا التلميذ أراد أن يسمع من فم معلمه ما جال في خواطر التلاميذ أن السيد جاء ليطهر الهيكل حتى يجعله مركز مملكته وقصره الملوكي، من خلاله يملك على العالم. فجاءت إجابة السيد المسيح تحطم خواطرهم المادية تمامًا، على نقيض ما كانوا يتوقعون، فقد استغل السيد المسيح هذا السؤال ليعُلن لتلاميذه عن إزالة الهيكل تمامًا، وخراب أورشليم، بل ونهاية العالم المادي كله حتى يسحب قلوبهم إلى الملكوت الروحي والمجد السماوي الأخروي.

يقول القديس كيرلس الكبير: [توقع (التلاميذ) أن يُعجب بالمنظر حين يراه، لكنه هو الله، عرشه السماء.أقول في لطفه لم يعطِ اهتمامًا للأبنية الأرضية بكونها تافهة بل وتُحسب كلا شيء تمامًا، إن قورنت بالمواضع العلوية.لقد أوقف الحوار الخاص بهذه الأبنية ووجهه إلى ما هو لازم لنفعهم.إن كان الهيكل بالنسبة لهم يستحق أن ينال كل الإعجاب، لكنه في الوقت المناسب يُخرب من أساساته حين يهدمه الرومان وتُحرق أورشليم بالنار، فينال إسرائيل جزاءه لقتله الرب، فقد حلت بهم هذه الأمور بعد صلب المخلص[311].]

لكن السيد وهو ينطق بهذا لا يطلب الانتقام، ولا يشتهي خراب مقاوميه، إنما بكونه كلمة الله يُعلن حقيقة الأحداث حتى يكشف لتلاميذه معالم الطريق.فمن جهة يلزمهم ألا يربطوا قلوبهم بحجارة وأبنية بل بهيكل روحي داخلي يسكنه الرب ويقيم فيه ملكوته ومن جهة أخرى يلزم هدم الحجارة من الفكر الحرفي فلا نسلك بالناموس حرفيًا بل ننعم به بالروح خلال هدم الحرف القاتل. أخيرًا فإنه يلزم أن ننعم بهدم هيكل إنساننا القديم تمامًا ولا يترك عمل من أعماله أو حجر على حجر إلا وينقض.هذه هي خبرتنا في مياه المعمودية حيث يحطم روح الله القدوس إنساننا القديم لكي لا يكون له أثر في حياتنا.فإن سلكنا بروح الله يقوم في داخلنا البناء الروحي الجديد الذي من عمل نعمة الله المجانية، أما إن عادت قلوبنا تطلب ما هو وراء يصير في داخلنا هيكل الخطية القديم وتتحول حياتنا إلى عمود ملح كامرأة لوط ونفقد بهاء ملكوت الرب فينا وأمجاده الفائقة.

يقول القديس أمبروسيوس: [تشير هذه الكلمات إلى هيكل سليمان وهدمه بواسطة الأعداءقبل زمن الدينونة، لأنه لا يوجد عمل لأيدينا إلا ويتآكل ويُقاوم فيهلك أو تلتهمه النيران. وتشير أيضًا إلى مجمع يهودي...حيث يُهدم الهيكل المادي المنظور الذي للناموس المادي، وأيضًا الفصح المادي المنظور...ويصبح الهيكل روحيًا، والناموس روحيًا، والفصح أيضًا روحيًا[312].]
2. ظهور مسحاء كذبة

"وفيما هو جالس على جبل الزيتون تجاه الهيكل،

سأله بطرس ويعقوب ويوحنا وأندراوس على انفراد:

قل لنا متى يكون هذا؟

وما هي العلامة عندما يتم جميع هذا؟

فأجابهم يسوع وابتدأ يقول: انظروا لا يضلكم أحد.

فإن كثيرين سيأتون باسمي قائلين: أني أنا هو،

ويضلون كثيرين" [3-6].

كان حديث السيد المسيح عن خراب الهيكل فرصة ليتحدث مع أربعة من تلاميذه على انفراد حديثًا خاصًا، هؤلاء الأربعة هم الذين اختارهم السيد ودعاهم للتلمذة قبل بقية التلاميذ، دعاهم اثنين فاثنين.وكما سبق فرأينا[313] أنهم يمثلون الفرس المنطلقة بالمركبة الإلهية نحو السماء، أي المرتفعة بالكنيسة كمركبة نارية ملتهبة تنطلق من مجدٍ إلى مجدٍ نحو الحضن الإلهي.أو يمثلون أربعة حجارة حية أقامها السيد لبناء كنيسته الحيةّ.ولعل هؤلاء الأربعة يشيرون إلى الفضائل الأربعة اللازمة للكنيسة لتتمتع بمعرفة أسرار مجيئه الأخير: بطرس يشير إلى صخرة الإيمان، ويعقوب أي التعقب يشير إلى الجهاد أو المصارعة بلا توقف، ويوحنا أي الله حنان يشير إلى نعمة الله وحنانه، وأنداروس يعني "الجدية" أو "الرجولة" يشير إلى الانطلاق نحو الأبدية في جدية بلا تراخي. بمعنى آخر تمتع هؤلاء التلاميذ الأربعة بهذا الحديث الإلهي الخاص بمجيئه حتى ننعم نحن به إن كان في داخلنا هؤلاء الأربعة: الإيمان الذي يرفعنا عن الأرضيات نحو المسيّا المخلص، الجهاد العملي النابع عن إيماننا بالذي أحبنا، نعمة الله التي تتكئ عليها لتنقلنا من الأرضيات وترفعنا إلى الأبديات وأخيرًا الجدية في الطريق، إذ لا يعمل الله في المتهاونين.

وقد تم هذا الحديث حين كان السيد المسيح جالسًا على جبل الزيتون تجاه الهيكل، ولم يكن هذا بلا معنى، فجبل الزيتون هو الجبل الذي يقف عليه الرب بقدميه في يوم الرب ليبيد الشر (زك 14: 4)؛ وهو الجبل الذي شرقي المدينة، عليه رفع الكاروبيم أجنحته وانطلق بالمركبة الإلهية لتفارق لا الهيكل وحده وإنما كل مدينة أورشليم (حز 11: 22-23).على هذا الجبل أعلن الرب مفارقته للهيكل القديم رافعًا أنظارنا إلى الهيكل الجديد الذي يقوم هو نفسه ببنائه في داخلنا، حيث يقيم ملكوته السماوي داخلنا.

جبل الزيتون أيضًا هو كنيسة الله المقدسة التي يُغرس فيها المؤمنون كأشجار زيتون في بيت الرب، فيها يجلس الرب نفسه مع مؤمنيه ليحملهم إلى أسراره الإلهية الفائقة.يكشف لهم عن هدم الهيكل القديم، وقيام هيكل جديد في داخلهم لا يقدم ولا يشيخ، بل يتجدد على الدوام بروحه القدوس.

أول علامة لمجيئه هي ظهور مسحاء وأنبياء كذبة لخداع البشرية، فيقيمون مملكة إبليس تحت ستار المسيح أو اسم الله. لعل السيد بدأ بها لخطورتها، ففي كل جيل يعمل عدو الخير بطرق كثيرة لخداع الكثيرين وسحبهم عن مملكة الله والتمتع بخلاصه.

قدم لهم هذه العلامة في بداية حديثه عن نهاية الأزمنة وإعلان ملكوته الأبدي ليكشف لهم أن طريق الملكوت ضيق للغاية، يتطلب جهادًا لا ينقطع مع قوات الظلمة.فإن كان التلاميذ قد حزنوا حين سمعوا بخراب الهيكل تمامًا ونقض كل حجارته، فتساءلوا عن الزمان الذي يتحقق فيه ذلك، لعلهم ينعمون مع السيد في ملكوته ويكون لهم نصيب معه في الهيكل قبل خرابه الشامل سحب السيد المسيح قلوبهم من الحزن على هدم حجارة وأبنية إلى الاستعداد لمقاومة عدو الخير نفسه الذي يطلب هدم ملكوت الله في كل نفس.لذلك يقول معلمنا بولس الرسول: "أخيرًا يا إخوتي تقوّوا في الرب وفي شدة قوته، البسوا سلاح الله الكامل لكي تقدروا أن تثبتوا ضد مكايد إبليس، فإن مصارعتنا ليست مع دم ولحم، بل مع الرؤساء مع السلاطين، مع ولاة العالم على ظلمة هذا الدهر مع أجناد الشر الروحية في السماويات" (أف 6: 10-12).

كأن السيد المسيح يحذر تلاميذه طالبًا منهم ألا يرتبكوا بهدم الهيكل، بل بالحري يحذروا خداعات العدو الشرير الذي يقاوم تحت ستار اسم المسيح نفسه، مؤكدًا: "انظروا لا يضلكم أحد، فإن كثيرين سيأتون باسمي قائلين: إني أنا هو، ويضلون كثيرين".

قال يوسيفوس المؤرخ اليهودي أن مزورين كثيرين وسحرة جذبوا إليهم كثيرين إلى البرية يخدعونهم، فمنهم من جنّ، ومنهم من عاقبه فيلكس الوالي. من بينهم ذلك المصري الذي ذكره الأمير حين قال لبولس الرسول: "أفلست أنت المصري الذي صنع قبل هذه الأيام فتنة، وأخرج إلى البرية أربعة الآلاف الرجل من القتلة؟" (أع 21: 38).

إن كان كلمة الله يقدم كل الحب عمليًا ليجتذب النفوس إليه بالحق لتنعم بالاتحاد معه، فإن عدو الخير يخدع الكثيرين، ويضللَّهم بإرساله كثيرين يدعون التقوى ليضلوا النفوس، بل وأحيانًا يحملون اسم المسيح نفسه.

يحذرنا الشهيد كبريانوس ليس فقط من عدو الخير الذي يختفي أحيانًا تحت اسم المسيح للخداع، وإنما من أنفسنا لئلا نحمل نحن اسم المسيح دون قوته، قائلًا: [كما أنه يخدع بالاسم وهو ليس المسيح حقيقة، هكذا من (يحمل الاسم) ولا يسكن في حق إنجيله والإيمان به لا يكون بحق مسيحيًا.]
3. قيام حروب وحدوث كوارث

"فإن سمعتم بحروب وبأخبار حروب فلا ترتاعوا،

لأنها لابد أن تكون.

ولكن ليس المنتهى بعد.

لأنه تقوم أمة على أمة، ومملكة على مملكة،

وتكون زلازل في أماكن وتكون مجاعات واضطرابات.

هذه مبتدأ الأوجاع" [8].

هذه العلامة تسبق هدم الهيكل على يدّي تيطس الروماني، فقد التهبت المملكة الرومانية بنيران الحروب في الفترة ما بين صعود السيد المسيح وخراب الهيكل، منها الحرب التي اشتعلت في الإسكندرية حوالي عام 38م بين المصريين واليهود المقيمين فيها، والحرب التي نشبت في سلوكيةوقُتل فيها خمسون ألفًا من اليهود.كما حدث هياج شديد بين اليهود والسامريين، وحدثت مجاعات كالتي تنبأ عنها أغابوس (أع 11: 28) وحدثت عام 49م.وتفشى وباء في روما عام 65م مات به ثلاثون ألفًا، كما حدثت زلازل في كريت عام 46م، وفي روما عام 51م، وفي أفاميا سنة 53م وفي لاذقية فريجية عام 60م، وفي أورشليم سنة 67م الخ.

هذه العلامة من ظهور حروب وانقسامات وزلازل ومجاعات واضطرابات تسبق أيضًا نهاية العالم ومجيء السيد المسيح، فكلما اقترب اليوم الأخير شعر عدو الخير بانهيار مملكته وقيام ملكوت الله الأبدي في كنيسته السماوية يبذل كل طاقاته لسحب النفوس إليه وجذبهم عن السيد المسيح فيربكهم بأعمال بشرية محطمة للإنسان كالحروب وهياج الطبيعة نفسها كالزلازل والمجاعات، أما النفس الثابتة في المسيح فلا تضطرب، بل ترتفع فوق كل الأحداث الزمنية لتنعم بعربون ملكوته وتختبر سلامه الفائق.

بنفس الفكر لا يطيق عدو الخير لقاءك مع مخلصك، فيثير حولك الكثير من الأحداث ليشغلك عنه ويحرمك من تجليه في قلبك.ليتك لا ترتبك بالحروب التي في داخلك ولا بالمجاعات والزلازل، بل ثق في السيد المسيح واهب السلام والشبع والراحة الحقيقية.

يقول القديس أمبروسيوس: [بجوار الأوبئة والحروب والمجاعات نجد حروبًا أخرى يتعرض لها المسيحي هي حروب مختلف الشهوات والصراع بين الرغبات...فتارة تثيرنا الشهوة، وأخرى تشتعل العاطفة، وتارة يرعبنا الخوف، وأخرى تحاول أجناد الشر التي في السماويات (أف 6: 12) أن تخيفنا، أما الإنسان الشجاع فيقول: "إن قام عليّ جيش لا أخاف لأنك أنت معي" (مز 26: 3).يقف حتى وإن قام ضده جليات العملاق ليفترسه، يقوم وسط رعب الآخرين كداود المتواضع الذي ألقى أسلحة الملك على الأرض (1صم 17) وأمسك بمقلاع الإيمان الحقيقي، ليضع فيه حجر الإيمان الطاهر، به يكسر تجّبر المضطهد ويستهين بتهديداته، ولا يخشى سلطانه، فاستحق أن يتحدث عنه المسيح
...يتقدم هذا الغالب الذي ضرب جليات بسيفه هو. يقبل الموت من أجل المسيح، فيهرب أمامه الفلسطينيون وتتقدم الفتيات كالنسور، وهن يقلن: "ضرب شاول ألوف وداود ربوات" (1 صم 18: 7).هذا دليل على أن الذين يغلبون هذا العالم سيسبقون الملوك[314].]
4. حدوث مضايقات

لا تقف العلامات عند الضيقة الخارجية العامة من حروب ومجاعات وأوبئة وزلازل، لكنها تدخل إلى ضيقة خاصة بالمؤمن نفسه، ليحمل صليب الرب، إذ يقول:"فانظروا إلى نفوسكم، لأنهم سيسلمونكم إلى مجالس، وتُجلدون في مجامع، وتقفون أمام ولاة وملوك من أجلي شهادة لهم. وينبغيأن يُكرز أولًا بالإنجيل في جميع الأمم. فمتى ساقوكم ليسلموكم، فلا تعتنوا من قبل بما تتكلمون ولا تهتموا، بل مهما أُعطيتم في تلك الساعة فبذلك تكلموا، لأن لستم أنتم المتكلمين بل الروح القدس.وسيسلم الأخ أخاه إلى الموت، والأب ولده.ويقوم الأولاد على والديهم ويقتلونهم. وتكونون مبغضين من الجميع من أجل اسمي، ولكن الذي يصبر إلى المنتهى فهذا يخلص" [9-13].

"المضايقات" بالنسبة لمؤمن ليست مجرد علامة وسط علامات كثيرة لمجيء السيد، إنما هي المناخ الحيّ الذي فيه يتجلى الرب المصلوب داخل القلب.فالضيق هو قبول صليب ربنا يسوع المسيح ليُعلن ملكوته داخلنا. الضيق ليس بالأمر العارض في حياة المؤمن لكنه يلازم المؤمن على الدوام حتى يعبر من هذا العالم كما من الضيقة العظيمة (رؤ 7: 14).هذا ما أعلنه لنا الرب بوضوح، وكما يقول الأب ثيؤفلاكتيوس: [نطق بهذا لكي بسماعهم عنه يستعدون لاحتمال الاضطهادات والشرور بصبر عظيم.]

ويلاحظ في هذا الحديث الإلهي الآتي:



أولًا: يقول الرب: "انظروا إلى نفوسكم"، بمعنى آخر مهما اشتدت الضيقة، وأيا كان مصدرها سواء من أصحاب سلاطين كالولاة والملوك أو من المقربين جدًا كالآباء والأبناء أو الإخوة فإن سرّ القوة أو الضعف يتوقف على أعماق النفس الداخلية.إن نظرنا بالإيمان إلى نفوسنا الداخلية نجد فيها رب المجد مالكًا بمجد داخلي وبهاء فلا تستطيع الضيقة أن تجتاز إلى نفوسنا بل تبقى في الخارج! يمكننا أن نقول إن انفتحت بصيرتنا على السماء الداخلية لا تقدر الأرض بكل خداعها وإمكانياتها أن تلحق بنا، بل يرفعنا الروح القدس فوق التراب ويحملنا أعلى من التيارات الزمنية ويحفظنا في سلام إلهي فائق.



ثانيًا: إن كان الضيق يحل بالضرورة، فالكرازة بالإنجيل أيضًا لن تتوقف.وكأن ربنا يسوع يطمئننا أن عمل الله على الدوام يُقاوم، لكنه بالمقاومة يزداد قوة ويتجلى بأكثر بهاء.



ثالثًا: يتحول الضيق إلى شهادة للمضايقين أنفسهم،ففيما يحسبون أنهم قادرون أن يكتموا صوت الحق بالسلطان الزمني والعنف، إذا بالحق يتجلى أمامهم، ويزداد صوته وضوحًا في فكرهم.هذا ما رأيناه حين أراد هيرودس أن يكتم أنفاس القديس يوحنا المعمدان، فصار صوت يوحنا يدوي في أذنيه حتى بعد استشهاده.



رابعًا: إن مصدر الضيق الحقيقي ليس البشر، وإنما الحرب القائمة بين الله وإبليس، لهذا يليق بنا ألا نهتم بما نتكلم به، بل كما قال السيد: "لستم أنتم المتكلمون بل الروح القدس".روح الله هو قائد الكنيسة الذي أرسله الابن الصاعد إلى السماوات من عند أبيه ليتسلم تدبير الكنيسة وقيادتها.
مرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي دخل السيد المسيح إلى أورشليم ليعلن حبه لنا عمليًا بالصليب، لكي يدخل بنا إلى أورشليمه السماوية وينعم علينا بأمجاده الأبدية. في الأصحاحات السابقة تلمسنا عمل السيد المسيح الذي جاء ليهدم الإنسان القديم الترابي، ويقيم فينا الإنسان الجديد الروحي الذي على صورة خالقه.بنفس الروح إذ يتحدث عن مجيئه الأخير يكشف عن هدم الأبنية القديمة لننعم ببناء أبدي غير مصنوع بيد.أما علامات المنتهى الواردة هنا، فقد سبق شرحها خلال فكر الآباء عند دراستنا لإنجيل متى (ص24)، وقد جاءت هنا بذات الترتيب والفكر: 1. هدم الهيكل القديم 1-2. 2. ظهور مسحاء كذبة 3-6. 3. قيام حروب وحدوث كوارث 7-8. 4. حدوث مضايقات 9-13. 5. رجسة الخراب 14. 6. وصايا للدخول في الملكوت 15-18. 7. الضيقة العظمى 19-20. 8. ظهور أنبياء كذبة 21-23. 9. انهيار الطبيعة 24-25. 10. مجيء ابن الإنسان 26-27. 11. مثل شجرة التين المخضرة 28-29. 12. تأكيد مجيئه 30-31. 13. عدم معرفة الساعة 32. هل يجهل السيد المسيح الساعة؟ 14. الدعوة للسهر 33-37. ******* مقدمة جاء هذا الحديث الخاص بعلامات المنتهى في جلسة خاصة للسيد مع تلاميذه وحدهم، في لقاء هادىء بعد دخوله أورشليم وتطهيره الهيكل ولعن شجرة التين، خاصة وأن أحداث الآلام والصلب كانت قد اقتربت جدًا، فما غاية هذا الحديث؟ يمكننا أن نتعرف على غاية هذا الحديث الودي من خلال قراءات يوم الثلاثاء من البصخة المقدسة (أسبوع الآلام)، حيث ركزت الكنيسة نظر أولادها في هذا اليوم على مجيء السيد المسيح الأخير. أولًا: لعل ما يلفت نظرنا في قراءات الساعة الأولى من هذا اليوم ما أعلنه الله في سفر الخروج (ص19) أنه حمل شعبه كما على أجنحة النسور لا لينقلهم من أرض العبودية وينطلق بهم إلى أرض الموعد، بل ينقلهم إليه هو شخصيًا، إذ يقول: "وأنا حملتكم على أجنحة النسور، وجئت بكم إليّ" (خر 19: 4). لعل التلاميذ إذ رأوا السيد المسيح حازمًا كل الحزم في تطهير الهيكل، وفي لعنه شجرة التين تملكهم روح اليأس، وخشي كل منهم لئلا يكون نصيبهم كشجرة التين، لهذا جاء حديثه هنا يطمئن التلاميذ، أنه يعد لهم سماواته مقدمًا لهم علامات مجيئه، وإن كانت مرة لكنها مطمئِنة.إن كان قد حمل آباءهم كما بأجنحة النسور ليجيء بهم إليه، فإنه يرسل لهم روحه القدوس ليحملهم فوق كل الأحداث لينعموا بلقائه الأخير على السحاب. يؤكد لنا السيد: "أنتم من أسفل وأما أنا فمن فوق.أنتم من هذا العالم، وأما أنا فلست من هذا العالم[308]" (يو 8: 23). كأنه يؤكد لنا أننا غير قادرين بذواتنا أن نرتفع إليه لنلتقي معه على سحاب السماء، لكنه هو من فوق يقدر أن يضمنا إليه، فيجعلنا حاملين سمته: "لست من هذا العالم".به ترتفع قلوبنا التي تصير ليست من هذا العالم، أي تحمل سمته، فتدخل معه في شركة أمجاده.لعله أيضًا أراد أن يعلن بعلامات المنتهى المرة أنه سمح بها لكي يدفعنا دفعًا إلى الانطلاق من هذا العالم، أي نخلع عنا محبة الزمنيات، ونترك سمتنا أننا من هذا العالم، فنقدر أن نلتقي مع ذاك الذي ليس من هذا العالم. حقًا إن العلامات التي قدمها لتلاميذه مرهبة جدًا، لكن إشعياء النبي يقول: "لولا أن رب الجنود أبقى بنا بقية صغيرة لصرنا مثل سدوم وشابهنا عمورة[309]" (إش 1: 9).وكأن التلاميذ هم البقية الصغيرة التي تعجز عن الخلاص بذاتها لكن مراحم رب الجنود تترفق بها.بمعنى آخر ملكوته السماوي قد أُعد للبقية الصغيرة التي يهتم الله نفسه بها، إذ يقول: "لا تخف أيها القطيع الصغير لأن أباكم قد سرّ أن يعطيكم الملكوت" (لو 12: 32). هكذا أبرزت القراءات اهتمام الله نفسه بتقديم الملكوت.ولعل سرد السيد المسيح لتلاميذه علامات مجيئه بما تحمله من مرارة إنما ليعلن لهم أنه يعرف أن الطريق ضيق للغاية وكرب، لكنه في يديه، أو هم في قبضة يده يحفظهم حتى يجتاز بهم وينطلق بهم إليه. ثانيًا: عرض السيد المسيح لعلامات المنتهى على تلاميذه ليس فقط يؤكد لهم دور الله نفسه واهتمامه بملاقاتهم معه على السحاب، وإنما دور المؤمنين أيضًا.جاءت هذه العلامات تحمل في مجملها هدمًا تامًا للحياة الزمنية بل وللطبيعة إعلانًا لحياة أفضل أبدية. حملت قراءات الساعة الثالثة من يوم الثلاثاء من البصخة المقدسة تحذيرًا من الشبع من هذا العالم والاهتمام ببناء بيوت جميلة (تث 8)، تدفعنا نحو اختيار طريق خدمة الرب حيث تنتظرنا التجارب (ابن سيراخ 2: 1)، وتؤكد لنا أنه لا يُترك حجر على جدر إلا ويُنقض (مت 24). كأن الكنيسة وهي تقدم لنا علامات المنتهى ترسم لنا الطريق الإنجيلي للتمتع بالمسيح القادم على السحاب فتطالبنا ألا تمتليء بطوننا الداخلية بسكر هذا العالم وملذاته، ولا يرتبك ذهننا ببناء بيوت أرضية ونزينها كمن يستقر على الأرض أبديًا، إنما بالحري نمسك بصليب ربنا يسوع المسيح لنحمل التجارب بقلب متسع، ونهدم كل حجر في داخلنا، ليقيم الله فينا بناءً جديدًا يليق بنفوس منطلقة نحو أورشليم العليا، تتحد بعريس سماوي. ثالثًا: السيد المسيح في حديثه مع تلاميذه عن علامات المنتهى، بالرغم مما قدمه من طريق طويل وشاق للغاية لكنه بسلطان ألهب قلوبهم غيرة للدخول فيه؛ لهذا السبب تقدم لنا الكنيسة في قراءات يوم الثلاثاء من البصخة قصتين غاية في الأهمية: لقاء إيليا مع الله وسماعه صوته الإلهي لا خلال الريح العاصف الشديد ولا الزلزلة ولا النار بل خلال النسيم الهادئ اللطيف (1 مل 19: 4-9)، وتمتع نوح بالخلاص في الفلك وسط الطوفان.تمثل قصة إيليا الحاجة إلى الغيرة المقدسة للقاء مع الله، لكنها غيرة ملتهبة داخلية تقوم خلال النفس الهادئة في الرب، التي تحمل سماته حيث لا يصيح ولا يسمع أحد صوته في الشوارع (إش 42: 2؛ مت 12: 19). أما فلك نوح فيلتحم بغيرة إيليا ليترجم أعماقنا الداخلية واشتياقنا القلبي لملاقاة الرب إلى عمل جاد، فنقبل صليب الرب عمليًاكمن يدخل الفلك مع عائلته وحيواناته وطيوره لينعم باللقاء مع الله وسط هياج العالم الشديد والطوفان المهلك للكثيرين.هذا الفلك يمثل البيت الجديد الذي نقطنه هنا فيحملنا، مرتفعًا بنا فوق المياه، لذلك جاءت القراءات تحدثنا عن بيت الحكمة (أم 9: 1-11) المؤسس على الأعمدة السبعة التي هي أعمال الروح القدس. بمعنى آخر، لكي نلتقي بربنا يسوع القادم على السحاب يليق بنا ونحن هنا على الأرض أن نتدرب بالروح القدس الذي فينا أن نسكن الفلك الذي يرفعنا إلى فوق، وأن نقطن الجبال العالية، إذ يقول النبي: "أصعد على جبل عال يا مبشر صهيون" (إش 40: 9) كما جاء في نبوات ذات اليوم، حينئذ ننعم مع دانيال (ص 7) برؤية السيد القادم على السحاب. رابعًا: أخيرًا لكي تلهب الكنيسة شوقنا للتمتع بهذا اللقاء الأبدي تحدثنا عن بهاء المجد الذي ننعم به حينذاك، فتقتبس في قراءاتها ما قاله إشعياء: "نور القمر كنور الشمس" (إش 30: 26)، وما قاله السيد نفسه: "كل من له يعطى فيزداد" (مت 25: 29). بمعنى آخر ما نناله من بهاء داخلي هنا يكون عربونًا لبهاء أعظم أبدي، فإن صرنا بالرب قمرًا نصير هناك شمسًا، وإن صار لنا مكافأة داخلية فإن ما يُعطى لنا هنا يزداد هناك. بجانب هذا الفكر الكنسي تجاه ما ورد في هذا الأصحاح نود أن نوضح سمات أخرى لهذا المقال: أولًا: يُعتبر ما ورد في هذا الأصحاح أحد المقالين الطويلين للسيد المسيح في هذا الإنجيل، الأول ورد في الأصحاح الرابع (1-34). وقد لاحظ بعض الدارسين في المقال الذي بين أيدينا أنه اختلف في طابعه عن بقية أحاديث السيد المسيح، فدعاه البعض "الرؤيا الصغيرةLittle Apocalypse" وإن كان البعض الآخر رفض تمامًا هذه التسمية، متطلعًا إلى المقال أنه لم يقم على رؤيا معينة، إنما هو حديث مفتوح خاص بين السيد المسيح العالم بالأسرار وتلاميذه. ثانيًا: لا يستطيع القارئ المعاصر - مهما كانت قراءاته أو معرفته - أن يدرك أثر هذا الحديث على نفسية الإنسان اليهودي في أيام السيد المسيح من جهة خراب الهيكل، فقد كان الهيكل هو كل شيء في حياته، يمثل ملكوت الله وعلامة حلول الله في وسط شعبه ورضاه عليه. يتعلق اليهودي بالهيكل تمامًا، ويحسب أي مساس به علامة غضب الله الشديد نحو شعبه كله! لهذا كان لائقًا أن يكشف الرب عن دمار العالم المادي كله كطريق تمهيدي لمجيء المسيح الأخير على السحاب، ودمار الهيكل المادي لإقامة هيكل الرب الروحي. ثالثًا: هذا المقال في حقيقته لم يقدمه السيد لنتعرف على الأزمنة والأوقات، ولا كعملٍ نبوي به نتعقب الأحداث، لكنه مقال يكشف عن أسرار المستقبل جاء بقصد عمل رعوي، فيه يحث السيد المسيح كنيسته على الجهاد المستمر وتخطي العقبات التي تقوم على الدوام حتى مجيئه، كما يحذرنا من المسحاء والأنبياء الكذبة، ويوصينا بالسهر الدائم ترقبًا لمجيئه! رابعًا: أخيرًا يرى كثير من الدارسين أنه "حديث ختامي" أو "وداعي" قدمه السيد المسيح لأربعة من خاصته، كما اعتاد بعض آباء وأنبياء العهد القديم أن يفعلوا هكذا قبيل موتهم مثل إسحق (تك 27)، ويعقوب (تك 49)، وموسى (تث 31: 28 الخ، 32)، ويشوع (يش 24)، وصموئيل (1صم 12)، وداود (1أي 28-29)، وطوبيا (طو 14). هذا الحديث الوداعي الخاص - إن صح تسميته - بجانب حديثه الوداعي العام لتلاميذه (يو14-16) يختلف تمامًا عن كل حديث وداعي قديم قدمه أحد الآباء أو الأنبياء قبل موته. فاسحق ودّع ابنيه في شيخوخته وهو فاقد البصر لا يميز يعقوب من عيسو، أما يسوع رب المجد فيحدث تلاميذه قبل الصلب بقوة معلنًا أن قوات الظلمة لن تحطم خطته لخلاص البشرية، فاتحًا بصيرتهم الداخلية لمعاينته قادمًا على السحاب ليحملهم إلى مجده.ويعقوب يتحدث مع أبنائه لتأسيس شعب الله على الأرض، أما رب المجد فيعُلن تأسيس ملكوته الأبدي.وموسى يوصي شعبه بعد أن حُرم من الدخول معهم إلى أرض الموعد، أما يسوع المسيح فيأتي ليحملهم إلى مجده الفائق.وهكذا بقية الآباء والأنبياء، ما قد عجزوا عن تقديمه لأنفسهم اشتهوه لإخوتهم وأولادهم وشعبهم، أما السيد المسيح فهو الرأس المنطلق إلى أمجاده ليحمل مؤمنيه جميعًا إلى حضن أبيه في قوة. الآن نعود إلى النص الإنجيلي راجيًا الرجوع إلى تفسير الأصحاح الرابع والعشرين من إنجيل معلمنا متى البشير منعًا من التكرار، مشتاقًا أن يلهب الرب أعماقنا جميعًا لشهوة الالتقاء معه عند مجيئه إلينا في اليوم العظيم. 1. هدم الهيكل القديم "وفيما هو خارج من الهيكل، قال له واحد من تلاميذه: يا معلم، انظر ما هذه الحجارة؟ وما هذه الأبنية. فأجاب يسوع وقال له: أتنظر هذه الابنية العظيمة؟ لا يُترك حجر على حجر لا يٌنقض" [1-2]. هذا السؤال قدمه أحد التلاميذ فيما كان السيد المسيح يخرج من الهيكل، فقد كانت أبنية الهيكل العظيمة بملحقاته تشغل ذهن اليهود كعلامة رضا الرب عنهم.لقد بدأ بناء الهيكل الثاني في عهد زربابل بسماح كورش ملك الفرس الذي أحسن لليهود وسمح لهم بالعودة من السبي والبدء في بناء الهيكل في القرن السادس ق.م، وقد امتاز الهيكل الجديد عن القديم بضخامته وإن كان أقل منه في الفخامة.وفي أيام هيرودس قبل ميلاد السيد المسيح، حوالي سنة 20 ق.م. بدأت عملية ترميم ضخمة بقيت حتى حوالي سنة 60 م. أي قبل خرابه بحوالي سبع سنوات كما يقول المؤرخ اليهودي يوسيفوس[310]، موقعه حاليًا الحرم الشريف أو قبة الصخرة في مدينة أورشليم القديمة. تم هذا التساؤل فيما كان السيد "يخرج" من الهيكل، أما سرّه فغالبًا أن هذا التلميذ أراد أن يسمع من فم معلمه ما جال في خواطر التلاميذ أن السيد جاء ليطهر الهيكل حتى يجعله مركز مملكته وقصره الملوكي، من خلاله يملك على العالم. فجاءت إجابة السيد المسيح تحطم خواطرهم المادية تمامًا، على نقيض ما كانوا يتوقعون، فقد استغل السيد المسيح هذا السؤال ليعُلن لتلاميذه عن إزالة الهيكل تمامًا، وخراب أورشليم، بل ونهاية العالم المادي كله حتى يسحب قلوبهم إلى الملكوت الروحي والمجد السماوي الأخروي. يقول القديس كيرلس الكبير: [توقع (التلاميذ) أن يُعجب بالمنظر حين يراه، لكنه هو الله، عرشه السماء.أقول في لطفه لم يعطِ اهتمامًا للأبنية الأرضية بكونها تافهة بل وتُحسب كلا شيء تمامًا، إن قورنت بالمواضع العلوية.لقد أوقف الحوار الخاص بهذه الأبنية ووجهه إلى ما هو لازم لنفعهم.إن كان الهيكل بالنسبة لهم يستحق أن ينال كل الإعجاب، لكنه في الوقت المناسب يُخرب من أساساته حين يهدمه الرومان وتُحرق أورشليم بالنار، فينال إسرائيل جزاءه لقتله الرب، فقد حلت بهم هذه الأمور بعد صلب المخلص[311].] لكن السيد وهو ينطق بهذا لا يطلب الانتقام، ولا يشتهي خراب مقاوميه، إنما بكونه كلمة الله يُعلن حقيقة الأحداث حتى يكشف لتلاميذه معالم الطريق.فمن جهة يلزمهم ألا يربطوا قلوبهم بحجارة وأبنية بل بهيكل روحي داخلي يسكنه الرب ويقيم فيه ملكوته ومن جهة أخرى يلزم هدم الحجارة من الفكر الحرفي فلا نسلك بالناموس حرفيًا بل ننعم به بالروح خلال هدم الحرف القاتل. أخيرًا فإنه يلزم أن ننعم بهدم هيكل إنساننا القديم تمامًا ولا يترك عمل من أعماله أو حجر على حجر إلا وينقض.هذه هي خبرتنا في مياه المعمودية حيث يحطم روح الله القدوس إنساننا القديم لكي لا يكون له أثر في حياتنا.فإن سلكنا بروح الله يقوم في داخلنا البناء الروحي الجديد الذي من عمل نعمة الله المجانية، أما إن عادت قلوبنا تطلب ما هو وراء يصير في داخلنا هيكل الخطية القديم وتتحول حياتنا إلى عمود ملح كامرأة لوط ونفقد بهاء ملكوت الرب فينا وأمجاده الفائقة. يقول القديس أمبروسيوس: [تشير هذه الكلمات إلى هيكل سليمان وهدمه بواسطة الأعداءقبل زمن الدينونة، لأنه لا يوجد عمل لأيدينا إلا ويتآكل ويُقاوم فيهلك أو تلتهمه النيران. وتشير أيضًا إلى مجمع يهودي...حيث يُهدم الهيكل المادي المنظور الذي للناموس المادي، وأيضًا الفصح المادي المنظور...ويصبح الهيكل روحيًا، والناموس روحيًا، والفصح أيضًا روحيًا[312].] 2. ظهور مسحاء كذبة "وفيما هو جالس على جبل الزيتون تجاه الهيكل، سأله بطرس ويعقوب ويوحنا وأندراوس على انفراد: قل لنا متى يكون هذا؟ وما هي العلامة عندما يتم جميع هذا؟ فأجابهم يسوع وابتدأ يقول: انظروا لا يضلكم أحد. فإن كثيرين سيأتون باسمي قائلين: أني أنا هو، ويضلون كثيرين" [3-6]. كان حديث السيد المسيح عن خراب الهيكل فرصة ليتحدث مع أربعة من تلاميذه على انفراد حديثًا خاصًا، هؤلاء الأربعة هم الذين اختارهم السيد ودعاهم للتلمذة قبل بقية التلاميذ، دعاهم اثنين فاثنين.وكما سبق فرأينا[313] أنهم يمثلون الفرس المنطلقة بالمركبة الإلهية نحو السماء، أي المرتفعة بالكنيسة كمركبة نارية ملتهبة تنطلق من مجدٍ إلى مجدٍ نحو الحضن الإلهي.أو يمثلون أربعة حجارة حية أقامها السيد لبناء كنيسته الحيةّ.ولعل هؤلاء الأربعة يشيرون إلى الفضائل الأربعة اللازمة للكنيسة لتتمتع بمعرفة أسرار مجيئه الأخير: بطرس يشير إلى صخرة الإيمان، ويعقوب أي التعقب يشير إلى الجهاد أو المصارعة بلا توقف، ويوحنا أي الله حنان يشير إلى نعمة الله وحنانه، وأنداروس يعني "الجدية" أو "الرجولة" يشير إلى الانطلاق نحو الأبدية في جدية بلا تراخي. بمعنى آخر تمتع هؤلاء التلاميذ الأربعة بهذا الحديث الإلهي الخاص بمجيئه حتى ننعم نحن به إن كان في داخلنا هؤلاء الأربعة: الإيمان الذي يرفعنا عن الأرضيات نحو المسيّا المخلص، الجهاد العملي النابع عن إيماننا بالذي أحبنا، نعمة الله التي تتكئ عليها لتنقلنا من الأرضيات وترفعنا إلى الأبديات وأخيرًا الجدية في الطريق، إذ لا يعمل الله في المتهاونين. وقد تم هذا الحديث حين كان السيد المسيح جالسًا على جبل الزيتون تجاه الهيكل، ولم يكن هذا بلا معنى، فجبل الزيتون هو الجبل الذي يقف عليه الرب بقدميه في يوم الرب ليبيد الشر (زك 14: 4)؛ وهو الجبل الذي شرقي المدينة، عليه رفع الكاروبيم أجنحته وانطلق بالمركبة الإلهية لتفارق لا الهيكل وحده وإنما كل مدينة أورشليم (حز 11: 22-23).على هذا الجبل أعلن الرب مفارقته للهيكل القديم رافعًا أنظارنا إلى الهيكل الجديد الذي يقوم هو نفسه ببنائه في داخلنا، حيث يقيم ملكوته السماوي داخلنا. جبل الزيتون أيضًا هو كنيسة الله المقدسة التي يُغرس فيها المؤمنون كأشجار زيتون في بيت الرب، فيها يجلس الرب نفسه مع مؤمنيه ليحملهم إلى أسراره الإلهية الفائقة.يكشف لهم عن هدم الهيكل القديم، وقيام هيكل جديد في داخلهم لا يقدم ولا يشيخ، بل يتجدد على الدوام بروحه القدوس. أول علامة لمجيئه هي ظهور مسحاء وأنبياء كذبة لخداع البشرية، فيقيمون مملكة إبليس تحت ستار المسيح أو اسم الله. لعل السيد بدأ بها لخطورتها، ففي كل جيل يعمل عدو الخير بطرق كثيرة لخداع الكثيرين وسحبهم عن مملكة الله والتمتع بخلاصه. قدم لهم هذه العلامة في بداية حديثه عن نهاية الأزمنة وإعلان ملكوته الأبدي ليكشف لهم أن طريق الملكوت ضيق للغاية، يتطلب جهادًا لا ينقطع مع قوات الظلمة.فإن كان التلاميذ قد حزنوا حين سمعوا بخراب الهيكل تمامًا ونقض كل حجارته، فتساءلوا عن الزمان الذي يتحقق فيه ذلك، لعلهم ينعمون مع السيد في ملكوته ويكون لهم نصيب معه في الهيكل قبل خرابه الشامل سحب السيد المسيح قلوبهم من الحزن على هدم حجارة وأبنية إلى الاستعداد لمقاومة عدو الخير نفسه الذي يطلب هدم ملكوت الله في كل نفس.لذلك يقول معلمنا بولس الرسول: "أخيرًا يا إخوتي تقوّوا في الرب وفي شدة قوته، البسوا سلاح الله الكامل لكي تقدروا أن تثبتوا ضد مكايد إبليس، فإن مصارعتنا ليست مع دم ولحم، بل مع الرؤساء مع السلاطين، مع ولاة العالم على ظلمة هذا الدهر مع أجناد الشر الروحية في السماويات" (أف 6: 10-12). كأن السيد المسيح يحذر تلاميذه طالبًا منهم ألا يرتبكوا بهدم الهيكل، بل بالحري يحذروا خداعات العدو الشرير الذي يقاوم تحت ستار اسم المسيح نفسه، مؤكدًا: "انظروا لا يضلكم أحد، فإن كثيرين سيأتون باسمي قائلين: إني أنا هو، ويضلون كثيرين". قال يوسيفوس المؤرخ اليهودي أن مزورين كثيرين وسحرة جذبوا إليهم كثيرين إلى البرية يخدعونهم، فمنهم من جنّ، ومنهم من عاقبه فيلكس الوالي. من بينهم ذلك المصري الذي ذكره الأمير حين قال لبولس الرسول: "أفلست أنت المصري الذي صنع قبل هذه الأيام فتنة، وأخرج إلى البرية أربعة الآلاف الرجل من القتلة؟" (أع 21: 38). إن كان كلمة الله يقدم كل الحب عمليًا ليجتذب النفوس إليه بالحق لتنعم بالاتحاد معه، فإن عدو الخير يخدع الكثيرين، ويضللَّهم بإرساله كثيرين يدعون التقوى ليضلوا النفوس، بل وأحيانًا يحملون اسم المسيح نفسه. يحذرنا الشهيد كبريانوس ليس فقط من عدو الخير الذي يختفي أحيانًا تحت اسم المسيح للخداع، وإنما من أنفسنا لئلا نحمل نحن اسم المسيح دون قوته، قائلًا: [كما أنه يخدع بالاسم وهو ليس المسيح حقيقة، هكذا من (يحمل الاسم) ولا يسكن في حق إنجيله والإيمان به لا يكون بحق مسيحيًا.] 3. قيام حروب وحدوث كوارث "فإن سمعتم بحروب وبأخبار حروب فلا ترتاعوا، لأنها لابد أن تكون. ولكن ليس المنتهى بعد. لأنه تقوم أمة على أمة، ومملكة على مملكة، وتكون زلازل في أماكن وتكون مجاعات واضطرابات. هذه مبتدأ الأوجاع" [8]. هذه العلامة تسبق هدم الهيكل على يدّي تيطس الروماني، فقد التهبت المملكة الرومانية بنيران الحروب في الفترة ما بين صعود السيد المسيح وخراب الهيكل، منها الحرب التي اشتعلت في الإسكندرية حوالي عام 38م بين المصريين واليهود المقيمين فيها، والحرب التي نشبت في سلوكيةوقُتل فيها خمسون ألفًا من اليهود.كما حدث هياج شديد بين اليهود والسامريين، وحدثت مجاعات كالتي تنبأ عنها أغابوس (أع 11: 28) وحدثت عام 49م.وتفشى وباء في روما عام 65م مات به ثلاثون ألفًا، كما حدثت زلازل في كريت عام 46م، وفي روما عام 51م، وفي أفاميا سنة 53م وفي لاذقية فريجية عام 60م، وفي أورشليم سنة 67م الخ. هذه العلامة من ظهور حروب وانقسامات وزلازل ومجاعات واضطرابات تسبق أيضًا نهاية العالم ومجيء السيد المسيح، فكلما اقترب اليوم الأخير شعر عدو الخير بانهيار مملكته وقيام ملكوت الله الأبدي في كنيسته السماوية يبذل كل طاقاته لسحب النفوس إليه وجذبهم عن السيد المسيح فيربكهم بأعمال بشرية محطمة للإنسان كالحروب وهياج الطبيعة نفسها كالزلازل والمجاعات، أما النفس الثابتة في المسيح فلا تضطرب، بل ترتفع فوق كل الأحداث الزمنية لتنعم بعربون ملكوته وتختب
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://kermarysa.yoo7.com/f25-montada
 
مرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(3) للقمص تادرس يعقوب ملطي
» مرقس 13 - تفسير إنجيل مرقس علامات المنتهى الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي
» مرقس 1 - تفسير إنجيل مرقس بدء الخدمة الجزء(2)للقمص تادرس يعقوب ملطي
»  مرقس 1 - تفسير إنجيل مرقس بدء الخدمة الجزء(1)للقمص تادرس يعقوب ملطي
» مرقس 14 - تفسير إنجيل مرقس الإعداد للصليب الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى البابا كيرلس و مارمينا و ابونا يسى :: قسم الكتاب المقدس ::  منتدى العهد الجديد-
انتقل الى: