القديس البتول مار مرقس الإنجيلي كاروز الديار المصرية الجزء(3)
الفصل الثاني: صفة مارمرقس المسكونية
12- مارمرقس كاروز المسكونة كلها وليس لمصر فقط
إن كان مرقس الرسول كاروزًا للديار المصرية بصفة خاصة،
فهو من الناحية العامة كاروز مسكوني، للخليقة كلها.
ولذلك صدق الأنبا ساويرس أسقف نستروه (من آباء القرن التاسع) عندما قال عن مارمرقس:
[ذلك القديس العظيم الذي لم يضيء مصر فحسب، بل العالم كله].
هو أحد السبعين رسولًا الذين أرسلهم الرب للخدمة.
وهو أحد الإنجيليين الأربعة الذين بشروا المسكونة كلها بأناجيلهم،
ومازال العالم كله ينتفع ببشاراتهم، دون أن يقتصر عملهم على كنيسة معينة.
كذلك فإن قداسه قد انتفع به العالم كله، والمدرسة اللاهوتية التي أسسها في الإسكندرية،
قد أشرقت بعلمها ومعرفتها على العالم كله.
كان العالم المعروف في وقته هو آسيا وأفريقيا وأوروبا.
وفيها كلها قد بشر مرقس بكلمة الله..
13- كرازته في آسيا وأوروبا
كرز مارمرقس في اليهودية، وفي جبل لبنان، وفى مناطق من سوريا وبخاصة في كولوسى، وقيل أيضًا في البندقية واكويلا..
14- كرازته في اليهودية
كرز مع القديس بطرس في اليهودية، وفي أورشليم وبيت عنيا، وجهات أخرى..
15- كرازته في أنطاكية
صحب مارمرقس القديسين بولس وبرنابا في رحلتهما الأولى، وبشر معهما في نواحى سوريا، وبخاصة في أنطاكية عندما ذهبا إليها (أع 11: 27 30) (وأخذا معهما يوحنا الملقب مرقس) (أع 12: 25).
وهكذا زف معهما كلمة الخلاص إلى انطاكية حوالى سنة 45 م (1) وقد شهد بهذا أيضًا يوسيفوس المؤرخ الشهير (2).
وأنحدر معهما إلى سلوكية (أع 13: 4) وهى ميناء قديمة لانطاكية (3) وظهر القديس مرقس مرة أخرى في أنطاكية (أع 15: 37) مع برنابا الرسول بعد مجمع أورشليم (4)
16- كرازته في قبرص
وفى هذه الرحلة الأولى للقديسين بولس وبرنابا، بر معهما في قبرص،
إذ يروى سفر أعمال الرسل عن هذين الرسولين أنهما (إنحدر إلى سلوكية. ومن هناك سافرا في البحر إلى قبرص. ولما صارا في سلاميس (5) ناديا بكلمة الله في مجامع اليهود. وكان معهما يوحنا خادمًا) (أع 13: 4 5).
ويقول هيستنجز في قاموس الكتاب المقدس (6):
وكان مرقس معهما خادمًا أي أنه كان مساعدًا لهما في التبشير. وقد استعملت الكلمة بهذا المعنى في (لو 4: 20) وربما كان مرقس معروفًا بين زملائه اليهود باسم يوحنا الخادم (أى الذي يقوم بخدمة الرب)
ثم نرجع ونسمع عن مارمرقس بعد مجمع أورشليم الذي عقد سنة 50 م أو سنة 51 م أنه ذهب مرة أحرى إلى قبرص مع القديس برنابا. إذ يروى سفر أعمال الرسل (وبرنابا أخذ مرقس وسافرا في البحر إلى قبرص) (أع 15: 39).
17- كرازته في جهات أخرى من آسيا
وفى الرحلة الأولى للقديس بولس وبرنابا، نلاحظ أيضًا أن مارمرقس بشر معهما في بافوس. وذهب معهما حتى برجة بمفيلية. ثم فارقهما هناك ورجع إلى أورشليم (أع 13: 13).
ولسنا ندرى سبب مفارقته لهما هناك. ولكننا نعلم أن رجوعه هذا قد آلم قلب القديس بولس الرسول، حتى أنه رفض أنيأخذ مرقس معه عند عودته لافتقاد المؤمنين في سورية وكيليكية. وبسبب هذا حدثت مشاجرة بين بولس وبرنابا حتى فارق أحدهما الآخر. على أن بولس عاد وعرف أهمية مارمرقس للخدمة فيما بعد كما سنرى.
ويعتقد أهل لبنان أن القديس مرقس كان أحد مبشريهم، وكان أول أسقف على جبيل. وفي ذلك يقول صاحب الغبطة مار أغناطيوس يعقوب بطريرك السريان الأرثوذكسى: [وجبيل تفتخر بأول أسقفتها يوحنا مرقس] (7).
وقد ورد ذلك أيضًا في كتاب (مدينة الله انطاكية العظمى) للدكتور أسد رستم (8) إذ يقول إنه يوجد تقليد في جبل لبنان عن تبشير مارمرقس في أماكن معينة منه. ولكن يضيف المؤلف بأن رسولنا مرقس أقيم من القديس بطرس أسقفًا على جبيل!!
ونحن لا نمانع في أن يكون القديس مارمرقس قد بشر بعض مناطق لبنان، أو جبيل بالذات، كما بشر جهات أخرى في هذه المنطقة وغيرها. ولكننا لا نوافق على أنه أقيم أسقفًا هناك، فأسقفية مارمرقس هى كرسى الإسكندرية والخمس مدن الغربية وما يتبع ذلك الكرسى..
أما كون مارمرقس قد أقيم اسقفًا من يد القديس بطرس، فإن هذه نزعة كاثوليكية لا نوافق عليها الدكتور رستم ومن يعبر عن آرائهم من (الروم الأرثوذكسى) الذين قاسوا من الرئاسة البطرسية وهاجموها زمنا طويلًا..!!
18- كرازته في رومة
إشتراك مارمرقس مع بولس الرسول في تأسيس كنيسة رومه. والكاثوليك يرون أنه تعب أيضًا في تأسيس كنيستهم، ولكن مع بطرس الرسول! وكما يقول كتاب مروج الأخيار عن علاقة القديس مرقس ببطرس:
[وسافر معه إلى رومية المكرمة، واشترك معه في أتعاب الرسولية] (10) كما يقول أيضًا إن بطرس عندما سافر بعيدًا عن رومية [أمر تلميذ العزيز (مرقس) بخدمة هذه الكنيسة] (11) ولقد أفردنا فصلًا خاصًا بتأسيس كنيسة رومه لشرح هذه النقطة بالتفصيل، يمكن للقارئ الكريم أن يرجع إليه..
19- كرازته في كولوسي
يتضح هذا الأمر من توصية بولس الرسول عليه في رسالته إلى أهل كولوسى، إذ يقول لهم:
(يسلم عليكم أرسترخس المأسور معى، ومرقس ابن أخت برنابا الذي أخذتم لأجله وصايا. إن إتى إليكم، فأقبلوه) (كو 4: 10).
20- كرازته في البندقية وأكويلا
أخذت كثير من الكنائس في محاولة الانتساب إلى كرازة مارمرقس أيضًا، فلم يكتف أهل البندقية بسرقة جسد القديس، وباتخاذه شفيعًا لهم وبطلًا لبلادهم (Patron ) (12) وإنما بحسب التقاليد الموجودة عندهم يقولون انه بشرهم، ثم ذهب إلى الخمس مدن الغربية.. ومادام قد ذهب إلى إيطاليا وبشر في روما فما الذي يمنع أن يكون قد بشر في تلك المنطقة التي بنيت فيها البندقية!!
وكذلك أكويلا، من أعمال البندقية بايطاليا، حاولت الانتساب إلى كرازة مارمرقس أيضا. فقيل إن مارمرقس بشر بإنجيله في أكويلا (13)،
وأن له فيها آثارًا عظيمة جعلت اسمه مخلدًا، واعترف الإيطاليون بفضله عليهم للخدمات الجليلة التي أداها لهم..
وفى غير آسيا وأوروبا، كانت كرازة مارمرقس الأساسية في أفريقيا، في الخمس مدن الغربية في ليبيا، وفي الإسكندرية والأقاليم المصرية.
وقد أمتد كرسى الإسكندرية بعد استشهاده إلى النوبة (14) وبلاد السودان وإلى أثيوبيا..
هذا هو القديس مارمرقس، الذي لا نستطيع أن نحصر كرازته في مصر فقط..إن عمله الكرازى لا يقتصر على كنيستنا القبطية وحدها.
ولكن هذه الكنيسة المجيدة هى عمله الأساسى، يضاف إليها عمله في المسكونة كلها.
21- كرازته في أفريقيا
لذلك حسنًا يقال عنه في طقس سيامة البطاركة:
(كرسى مارمرقس الإنجيلى ذى المعرفة الحقيقية، الذي نادى في كل المسكونة بالعزاء وخلاص النفوس).
Vhetaf\iwi] 'en ;oikumenh thrc
وهذا العمل الواسع قام به اشتراكًا مع الرسل أحيانا، وبمفرده أحيانا أخرى.
ويضم إلى هذا العمل المسكونى إنجيله، وقداسه، والمدرسة اللاهوتية التي أنشأها في الإسكندرية.
إننا عندما نحتفل بعيد هذا القديس،
إنما يحتفل به معنا العالم أجمع، الذي يعترف بفضل مارمرقس عليه..
هذا الفضل الذي تعجز عن إيفائه صفحات هذا الكتاب الصغير..