- الأمانة فى حياة الخادم

- الأمانة فى حياة الخادم

الأمانة وعدم الأمانة تكون سمة لحياة الإنسان ككل. ولا يمكن أن يكون إنسان أمينا فى شيء، وغير أمين فى شيء آخر وكما قال السيد :

الأمين في القليل أمين أيضا في الكثير والظالم في القليل ظالم أيضا في الكثير (لو 16 : 10)
لذلك فالأمانة ينبغى أن تتخلل حياة المسيحى ككل، فماذا عن الخادم؟

الأمانة فى حياة الخادم هى الشرط الأساسى لدخول فرح سيده :

فقال له سيده نعما أيها العبد الصالح والأمين كنت أمينا في القليل فأقيمك على الكثير ادخل إلى فرح سيدك (مت 25 : 21)

فقال الرب فمن هو الوكيل الأمين الحكيم الذي يقيمه سيده على خدمه ليعطيهم العلوفة في حينها (لو 12 : 42)

ينبغى أن تكون الأمانة طابع الخادم فى حياته، وفى خدمته. ونوجز الحديث فى أمانة الخادم فى النقاط الآتية :
أمانة نحو الله، نحو الكنيسة، والآباء.

أمانة نحو الخدام. أمانة نحو المخدومين. أمانة نحو النفس. أمانة نحو التعليم.

أولا ـ أمانة نحو الله :

حب الله لى ظهر كأوضح مايمكن فى عمل الفداء الذى كلف الرب الكثير عما احتمله لأجل خلقتى، حيث بذل ذاته لأجلى. وليس حب أعظم من هذا.

والذى بذل ذاته لأجلى أعطانى هذه الوصية :
أن تحبوا بعضكم بعضا كما أحببتكم أنا
النفس التى ذاقت محبة الرب لا يمكن أن تستريح حتى تأتى بإخوتها ليشاركوها هذا الحب الإلهى (زكا، والمرأة السامرية )

ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب

وهذا هو منطلق الخدمة، كيف أرد للرب بعض هذا الحب, أو كيف أستجيب لهذا الحب الإلهى الفائق لأى وصف بقدر طاقتى؟ ولذلك ينبغى :

1ـ تقديم السيد المسيح للمخدومين، وليس الذات (خطورة الحديث عن الخبرات.. ).

ثانيا ـ الأمانة نحو الخدام :

لا تحزب ولا تحيز، ولا شقاق. بل تعاون لأن الهدف واحد.
الالتزام فى التعامل مع الخدام (الاحترام المتبادل، التعامل بين الخدام والخادمات... ).

ثالثا ـ أمانة نحو المخدومين :

(1) محبة المخدومين، أو محبة السيد المسيح فى أشخاص المخدومين.

وفى الكتاب المقدس صور رائعة للحب الحقيقى فبولس الرسول أراد أن يكون هو نفسه محروما من المسيح من أجل أنسبائه بالجسد؟!!

ويحدثنا القديس أوغسطينوس عن محبة الشهداء لمضطهديهم واهتمامهم بخلاصهم وعلى رأسهم اسطفانوس فيقول : ( قبل اسطفانوس أول الشهداء الموت الجسدى بسرور لكنه شفق على موت راجميه روحيا، لذلك طلب لأجل غفران خطاياهم... والشهداء فى وسط آلامهم وعذاباتهم، أو حتى فى وسط بهجتهم بلقائهم بالرب يسوع كانوا يطلبون خلاص مضطهديهم.. أى حب مثل هذا؟ )

(2) قيمة النفس الواحدة :

ويحدثنا فم الذهب عن محبة بولس الرسول لأغريباس الملك حتى أنه كان طول الليل مشغولا بالصلاة من أجله ومن أجل كل الذين حضروا معه. حتى أن الملك فى النهاية قال له بقليل تقنعنى أن أصير مسيحيا.
وهكذا ينبغى أن تكون لنا غيرة على خلاص كل نفس.
ويقول يوحنا الدرجى ( التقرب بنفس واحدة إلى الله بالتوبة، أفضل عند الله من جميع القرابين. إذ ليس فى العالم عند الله أفضل من النفس الإنسانية، لأن كل ما فى العالم يزول إلا النفس المذكورة فإنها ما تزول. )
كما يقول القديس إغريغوريوس ( إن كان الذى يخلص أحدا من الموت الجسدانى، مع أنه إن لم يجده الموت اليوم يموت غدا، يستحق مكافأة عظيمة، فأى مكافأة يستحقها من يخلص نفسا من الموت الأبدى ويسبب لها حياة مجد أبدى لا تخسره أبدا؟ )

(3) القدوة لعدم إعثار المخدومين :

ونسمع بولس الرسول يخاطب تيموثاوس، وتيطس :
لا يستهن احد بحداثتك بل كن قدوة للمؤمنين في الكلام في التصرف في المحبة في الروح في الايمان في الطهارة (1 تى 4: 12)

مقدما نفسك في كل شيء قدوة للاعمال الحسنة و مقدما في التعليم نقاوة ووقارا واخلاصا. و كلاما صحيحا غير ملوم ( تى 2: 7، 8)

لكى لا يستهين أحد بحداثة تيموثاوس ينبغى أن يكون قدوة.
الخدمة ليست مجرد وعظ إنما هى تلمذة. فهى تسليم أكثر منها تعليم. فالمدرس هو الدرس، والمعلم هو العلم.

ويقول القديس غريغوريوس الناطق بالإلهيات : ( إن الذى يعظ بالكلام لا بالأعمال يقدم النفوس نحو الخلاص باليد الواحدة ويؤخرهم باليد الأخرى. بواحدة يبنى وبالأخرى يهدم. فهؤلاء هم الكتبة والفريسيون الذين وبخهم السيد بقوله الويل لمن يقول ولا يعمل لأن مثل هؤلاء لا يحركون للرب الخطاة، ولا يأتون فى تعاليمهم بالثمار. )
ولكى يكون الخادم قدوة، لابد أولا أن يتتلمذ هو على السيد المسيح :
يقول القديس يوحنا الدرجى :

يا من تهذب من هم دونك علمهم ما هو من فوق حين تكون أنت قد تهذبت من فوق.
كما يحتاج الكتاب المقدس فالسلاح الرئيسى للخادم هو الكتاب المقدس الذى ينبغى أن يتتلمذ عليه بل ويحمله فى قلبه وفى فكره، ويقول القديس يوحنا الدرجى : المعلم الحقيقى هو من يحمل فى ذاته كتاب المعرفة الروحى المكتوب بإصبع الله أى بالإستنارة الآتية منه تعالى، ولا يعود يحتاج لكتاب آخر.
ومع الكتاب المقدس دوام القراءة والاطلاع بشرط ألا تكون خدمته تقليدا لغيره، بل يأكل ويهضم ويخرج مما يتناول ومن نفسه وخبرته الجديد وفى هذا يقول : كما أنه عار على الرسامين أن يقتصر فنهم على نسخ الرسوم القديمة، كذلك عار على الرعاة أن يقلدوا غيرهم فى تعليمهم.

ولأن الخادم قدوة ينبغى عليه السلوك بحكمة وتدقيق:

فالخادم قدوة ويؤثر فى المخدومين بسلوكياته أكثر مما يؤثر فيهم بكلماته ويقول القديس يوحنا الدرجى : بقدر مايرى الرئيس أن ليس أبناؤه فقط بل الغرباء أيضا يولونه ثقة كبيرة، بهذا المقدار عليه أن يحترس كل الإحتراس فى كل مايفعل ويقول، عالما أن الجميع ينظرون إليه كإلى مثال يحتذى، ويعدون أقواله وأفعاله قياسا يعمل بمقتضاه.

وإذ كل إنسان له ضعفاته، فينبغى للخادم ألا يعمد إلى كشف ضعفاته للمخدومين لئلا يكون سبب عثرة لهم، إنما يجاهد فى التخلص منها فى الخفاء. وفى هذا يقول القديس : كثيرا ما يضع الرب حجابا على أعين الإخوة ليستر عنهم بعض نقائص رئيسهم، فإذا عمد هذا إلى كشفها لهم ولد فيهم الإرتياب.
القدوة فى الكلام من الرسالة إلى تيطس :

1 ـ النقاوة : عدم الخلط بأى شوائب، الأمانة والدقة فى الالتزام بالإنجيل، فالمعلم واحد وهو السيد المسيح، ولا رأى شخصى.

2 ـ الوقار : ليس مجرد الكلام الخفيف المسر الذى يرضى السامعين. ولا الكلام الذى لا يليق. وإنما كلام الله، والكلام عن الدينونة واليوم الأخير ( الإمبل ).

3 ـ الإخلاص : عن إيمان واقتناع. وإذا لم أكن مقتنع بما أقوله فلن أقنع آخرين.

4 ـ صحيح غير ملوم : المستقيم، المسلم مرة للقديسين. لا يلام عليه من السماء ولا الكنيسة، وهذا يتطلب فهم وتعمق للتعليم :

ولكن إن بشرناكم نحن أو ملاك من السماء بغير ما بشرناكم فليكن أناثيما (غلا 1 : 8)
ونضيف :

5 ـ الالتزام بآباء الكنيسة الجامعة.

6ـ الكلمة المناسبة، للشخص المناسب، فى الوقت المناسب، وبالأسلوب المناسب.
التصرف :

الخادم يوضع دائما تحت الميكروسكوب لذلك ينبغى أن يسلك بحكمة وتدقيق.

والناس يتأثرون بالسلوك أكثر مما بالكلام، فهم يسمعون بعيونهم أكثر مما بآذانهم. لذلك ينبغى بالإضافة إلى ماسيرد الحديث عنه فى بقية الآية :

1ـ أن يتطابق العمل مع الكلام (السيد المسيح نفسه.. فلا يكون فاصل ولا تعارض بين الكلام والسلوك).
2 ـ الالتزام بالممارسات ( القداس والتناول والاعتراف.. ألخ )
3 ـ الاهتمام بالخدمة (تحضير، افتقاد.. ألخ)
4 ـ الحذر من الأعمال التى قد تبدو صغيرة، أو تافهة وبلا تأثير والتى قد يكون لها آثار أكثر من كل ما نتوقع.
أسلوب الكلام (الهزل، والضحك الزائد غير المتزن.. ). والمظهر والملبس.. الخ.

ولنعلم :
1 ـ أن كلامنا وأعمالنا بمجرد ما تصدر عنا لا يمكن سحبها مرة أخرى، بل هى تقف شاهدا إما لنا أو علينا ).
2 ـ أن عثرة الخادم لمخدوميه، بكلمة أو بتصرف، وخصوصا كلما زادت ثقة المخدومين فيه، ستكون بعيدة الأثر جدا، وخطيرته، لذلك ينبغى التقيق بشدة فى كل كلمة وكل عمل.
4ـ عدم اليأس من خلاص أحد :

وذلك مهما طالت مدة خدمته، فالرب الذى تركه فى العالم حتى الآن يعلم أن هناك رجاء له. وانظر إلى اللص الذى ذهب إلى الصليب بسبب جرائمه وهناك وعلى الصليب وعد بالفردوس، ونساء زانيات كثيرات صرن قديسات، ورجال من أشر الخطاة صاروا قديسين، مريم المصرية، وموسى الأسود، وأوغسطينوس، بل والمرأة السامرية، وزكا، ومتى... . ألخ
ويقول ذهبى الفم ( أن بولس لم يكن
ييأس من خلاص الذين رجموه بالحجارة أو ضربوه بالعصى فإنه ممكن لديهم أن ينالوا الملكوت.. )
ويعزو القديس هذا إلى تعلمه من السيد المسيح الذى أعطى وصية المحبة، والذى غفر لصالبيه.

رابعا ـ أمانة فى التعليم :

التعليم الصحيح، وليس الرأى الخاص

الالتزام بالدرس بالمنهج الموضوع، والتعليم الأرثوذكسى، والأسلوب الأرثوذكسى، والآباء.
الالتزام بالتحضير. فلابد من بذل الجهد فى الدراسة والبحث لتحضير الدرس. وينبغى أن يحضر الخادم الدرس على مستواه الخاص، ثم يخصص ما يناسب المخدومين.

ولا يقال هنا لماذا التحضير والكتاب يقول لستم أنتم المتكلمين؟ أليس الله هو الذى يعطى الكلمة؟ ولنس مع بولس الرسول وهو يقول :
إلى أن أجيء اعكف على القراءة والوعظ والتعليم (1 تي 4 : 13)

+ إن بداية أى حياة روحية هى الخلوة. ومواجهة الذات. وهى أمر خاص بالقلب، لا يعتمد على الانفراد الجسدى.

خامسا ـ الأمانة نحو النفس :

الالتزام فى الانتطام فى الممارسات الروحية (حضور القداسات الإلهية، والتناول المنتظم، وحضور اجتماع الخدام، والالتزام بالاجتماع المناسب (شباب، موظفين، عام.. ).

كثيرة هى ومتنوعة الأنشطة التى يدخل فيها الخادم ومن اللائق أن يستفيد الخادم من خدمته.
وهذه بعض ملاحظات سريعة :

1 ـ ليس أهم ما فى الخدمة هى الخدمة ذاتها، بل الروح التى تؤدى بها الخدمة.
2 ـ ليست قيمة الإنسان بما يحيطه، بل بشخصه (ميزان القيمة).
ومن أهم ما يميز المسيحية المحبة المسيحية التى تهتم بالأكثر بمن لا يستطيع الاهتمام بنفسه.
3 ـ إن للعطاء غبطة لا يمكن أن يعطيها شيء غير العطاء.
4 ـ لابد من فهم الخدمة التى أقوم بها والهدف منها، حتى أقدمها كما ينبغى، وحتى أستفيد أنا أيضا.
فالمفترض أن الخدمة التى أقدمها تفيدنى قبل أن تفيد من أخدمه.
5 ـ لابد أن أفهم طبيعة من أخدمه واحتياجه الحقيقى، حتى أقدمه له.
وفى هذا الفهم إثراء للخادم نفسه.

6 ـ لابد أن أتذوق الجمال الحقيقى فى خدمتى.
7 ـ تمكن من الخبرات المتعلقة بخدمتك (تبادل الخبرات، ومناقشة المواقف، والقراءة المستمرة.. الخ).
8 ـ كن مبدعا فى خدمتك. وتطور باستمرار.
9 ـ صحح أخطاءك واجتهد فى سد فجوات خبرتك.

10 ـ تمتع بما تفعله.

11ـ اعلم أن خدمتك هى الفلك الذى يحملك فى بحر العالم، وأنك أنت المستفيد الأول من خدمتك.
واعلم أن خلاصك فى خلاص الآخرين الذين تخدمهم أيضا :

فلا يحتج البعض بالخوف على نموهم الروحى بسبب الإنشغال بخلاص الآخرين.
يقول القديس إكليمندس الإسكندرى : ( إنك بمقدار ما تستقى من البئر ماء يزيد ماؤها صفاء وعذوبة، وإذا أهملته صار كدرا دنسا. والسكين أيضا طالما تستعملها تزيد لمعانا، وإذا تركتها علاها الصدأ. وهذا نفسه نراه أيضا فى تدريس العلوم، فالمعلم يزداد علمه بتدريس غيره. قس على هذا العلم الروحى الإلهى، لا سيما ما يقوله الرسول لأن كلمة الله حية وفعالة وأمضى من كل سيف ذى حدين (عب 14 : 4) فهى تؤثر من جهتين، تؤثر على من يستخدمها ومن جهة أخرى تؤثر على من تصل إليه، أعنى الفاعل والمفعول به. لأن ما تقوله لغيرك تحتاج إليه أنت أيضا ويشهد بذلك ضميرك الذى يؤنبك قائلا " إنك لم تعمل ما تقوله لغيرك وقد كتب الويل لمن يقول ولا يعمل " )

ويشبه يوحنا ذهبى الفم هذا الأمر بإنسان يجلس فى بيته ويترك الحريق فى بيت جاره لئلا يسرقه أحد. والنتيجة ضياع البيت كله " بهذا تجد مايوافقك إن طلبت ما يوافق قريبك " )

2ـ كنسية المخدوم وأرثوذكسيته.

3ـ الآباء الذين حافظوا على الإيمان بالعرق والجهد والدم.
4ـ الأب الأسقف ووحدة التعليم والمنهج والأسلوب الذى لا يشكك المخدومين.

[justify][/صلوات العدراوالقديسين ايها الخادم الأمين
justify] - الأمانة فى حياة الخادم 787350

الله يفيض عليك من نعمه الجزيله

» الصلاة فى حياة الخادم
» التلمذة فى حياة الخادم
» - أهمية العقيدة فى حياة الخادم
» - العمق الروحى فى حياة الخادم
» الخادم السجين