القديس البتول مار مرقس الإنجيلي كاروز الديار المصرية الجزء(2)
7- أحد السبعين رسولًا | آراء المؤرخين
جميع مؤرخى الأقباط في كافة عصورهم أجمعوا على أن مارمرقس كان من السبعين رسولًا الذين ذكرهم لوقا الإنجيلى (10: 1 12) ليس فقط كتاب عصرنا الحاضر (19)، وإنما مؤرخو العصور الوسطى أيضًا. فقد ذكر هذه الحقيقة ساويرس بن المقفع أسقف الأشمونين في القرن العاشر (20) وقد وضعه ابن كبر في قائمتين بأسماء السبعين رسولًا إحدهما نقلًا عن الأصل القبطى، والثانية نقلًا عن اليونانى (21).
وذكر هذه الحقيقة أيضًا المقريزى؛ من مؤرخى المسلمين في العصور الوسطى فقال: [ومن هؤلاء السبعين مرقس الإنجيلى. وكان إسمه أولًا يوحنا. وعرف ثلاثة ألسن: الفرنجى والعبرانى واليونانى] (22).
ومن الآباء الأول ذكر هذه الحقيقة القديس ابيقانيوس أسقف قبرص في كتابه ضد الهرطقات (51: 5) وذكرها من قبله العلامة أوريجانوس في أواخر القرن الثانى وأوائل الثالث في كتابه عن الإيمان بالله، فقال إن مرقس كان من تلاميذ الرب السبعين الذين شرفهم بالرسالة (24).
ومن غير الأرثوذكسى نجد أن المشرق في مقدمة تفسيره لإنجيل مرقس يقول إنه [دعى للتلمذة برفقة السبعين تلميذًا، وسمى الثيئوفورس أي حامل الله]
وشينو (الكاثوليكى) في كتابه (قديسو مصر) Les Saints d, Egypte يلقب مرقس رسولًا apotre.
8- الرسول بشهادة التقليد وطقوس الكنيسة
إن لقب هذا القديس الثابت في كل صلوات الكنيسة وتسابيحها هو " مرقس الرسول" (25) Piapoctoloc.
وهناك لقب آخر نجده في كتاب الإبصاليات، في أبصالية واطس (26)، هو "تلميذ المسيح" W pimaqhthc nte P,c، وهذا اللقب عينه "تلميذ المسيح" يتكرر في لحن للقديس في كتاب التماجيد السنوية (27). ونلاحظ أننا في قراءة إنجيله، نقول في مقدمته: "فصل شريف من إنجيل معلمنا مارمرقس البشير والتلميذ الطاهر".
وهكذا نتسمك باستمرار بكونه رسولا وتلميذا للرب.
وفى عيد القديس في 30 برومودة، نجد كل القراءات عن إختيار الرسل، وعملهم وسلطانهم (28)
ومن الشهادات البارزة جدًا العميقة الدلالة على اعتقاد الكنيسة في أن مار مرقس هو أحد السبعين تلميذًا، الإنجيل الخاص به في دورة الصليب والشعانين. حيث يقرأ أمام كل أيقونة ما يناسبها من الفصول: امام أيقونة الملاك ما يخص الملائكة، وأمام أيقونة الشهيد ما يخص الشهداء..إلخ. وعندما نصل إلى أيقونة مارمرقس تقرأ الكنيسة فصل الإنجيل من (لو 10: 1 12) الذي أوله (وبعد ذلك عين الرب سبعين آخر أيضًا، وأرسلهم اثنين أمام وجهه..).
واخوتنا الكاثوليك يعترفون هم أيضًا برسولية مرقس الرسول. وهذا واضح من كتاب الثيئوتوكيات (29) حيث يقولون فيه :
أ (مرقس، أيها الرسول الإنجيلى.. بك تباركت جميع قبائل الأرض، وبلغ كلامك إلى أقاصى المسكونة) وهذه العبارة الأخيرة المأخوذة من (مز18: 4) تعطى فكرة عن أن مرقس الرسول رسالته مسكونية أكثر منها مكانية.
ب (ثلاثة أسماء سماوية أنت نلتها يا مرقس، المتكلم بالإلهيات، والإنجيلى، والرسول. وقد نلت ثلاثة أكاليل يا حبيب المسيح: إكليل الرسولية، وإكليل الشهادة، وإكليل الإنجيلي).
ج (رفقاؤك الرسل يفتخرون بك. ونحن نفتخر بك وبهم) والعبارة الأولى (رفقاؤك الرسل) neksfhr napoctoloc تجعله في نفس صفوف الرسل، تربطه بهم رابطة الزمالة وليس التلمذة..
أليس عجيبًا بعد كل هذا..
أن نقرأ عبارة منسوبة إلى بابياس أسقف هيرابوليس يقول فيها عن القديس مرقس إنه: [لا سمع الرب ولا تبعه]!! ثم أليس عجيبًا بالأكثر أن ينقل عن بابياس مؤرخون آخرون؟!
كيف هذا وقد كان مرقس يستضف الرب في بيته، وكان هو نفسه من تلاميذه، وكانت أسرته كلها من أتباع المسيح. وآخر بيت خرج منه الرب إلى جثسيمانى ثم إلى الجلجثة هو بيت مرقس..
كذلك يجمع كل علماء الكتاب المقدس على أن مرقس الرسول هو الشاب الذي تبع المسيح عند القبض عليه (وكان لابسًا ازارًا على عريه) فلما هاجمه الشبان هرب عريانًا (مر 14: 51 52)
مظلوم هذا القديس العظيم مع أمثال هؤلاء المؤرخين.
لذلك، لكي تحمى الكنيسة أبناءها من هذه المغالطات التاريخية، أصرت أن تلقب مارمرقس باستمرار بلقبه المعروف لنا جميعًا (ناظر الإله) qeorimoc.
9- المعجزة الأولى في بدء كرازة مارمرقس
إن أول شخص جذبه مارمرقس إلى الإيمان هو أبوه أرسطو بولس، فلقد حدث أنهما بينما كان سائرين في طريقهما إلى الأردن أن لاقاهما أسد ولبؤة في الطريق. فعرف أرسطو بولس أن نهايته ونهاية مرقس قد اقتربت، فقال له: [إهرب يا إبنى لتنجو بنفسك، واتركنى أنا لينشغل هذان الوحشان بافتراسى]
فقال مرقس لأبيه: [إن المسيح الذي بيده نسمة كل منا، لا يدعهما يقعان بنا]. ثم صلى قائلًا: [أيها المسيح إبن الله أكفف عنا شر هذين الوحشين، واقطع نسلهما من هذه البرية]. واستجاب الله صلاته في الحال. فانشق الوحشان، وانقطع نسلهما من تلك البرية.
وكان لتلك المعجزة أثرها السريع المباشر، فآمن أرسطوبولس بالمسيح (30) على يد إبنه مرقس؛ وأعلن له إيمانه. وهكذا كان أول شخص جذبه هذا القديس إلى الإيمان هو أبوه، الذي قيل إنه مات بعد إيمانه بقليل (31).
وكما صحبت المعجزة كرازة مارمرقس في هذه الواقعة، كذلك صحبته المعجزات في كرازته في الخمس مدن الغربية ومصر كما سنرى فيما بعد.
10- أسد مارمرقس
أخذ أسد مارمرقس شهرة كبيرة، واصبح عنصرًا ظاهرًا في جميع صوره. وهو إما يرجع إلى أولى معجزاته حيث قتل أسدًا ولبؤة باسم الرب. وإما أنه يرجع إلى إنجيله الذي يبدأ بصراخ الأسد: (صوت صارخ في البرية)؛
أو لأن إنجيله يمثل السيد المسيح في جلاله وملكه؛ على اعتبار أنه:
(الأسد الخارج من سبط يهوذا) (رؤ 5: 5). وهكذا عندما يرمز إلى الإنجيليين الأربعة بالحيوانات الأربعة الواردة في سفر الرؤيا (4: 7)، يرمز إلى القديس مرقس بالأسد هذه الحيوانات.
وهكذا فإن أهل البندقية عندما اتخذوا القديس شفيعًا لهم، إتخذوا أسده رمزًا لهم، وأقاموا تمثالًا كبيرًا لهذا الأسد المجنح في ساحة مارمرقس بمدينتهم.. واصبح أسد مارمرقس مجالًا لإبداع الفنانيين. وهم يصورونه على الدوام أسدًا هادئًا أليفًا، انتزع منه القديس مرقس ما فيه من وحشية واستبقى ما فيه من شجاعة.
11- بشارته مع الرسل
بدأ مارمرقس كرازته وهو شاب صغير السن، لذلك لم يبدأ كرازته منفردًا صحب الرسل أولًا.
ويروى لنا سفر أعمال الرسل كرازته مع القديسين بولس وبرنابا الرسولين.
ويروى لنا التقليد أنه قبل كرازته مع بولس وبرنابا، عمل في الكرازة أولًا مع بطرس الرسول في أورشليم واليهودية، وهكذا يقول ساويرس بن المقفع:
[بعد صعود المسيح صحب مرقس بطرس وبشبرا الجموع في أورشليم، وذهبا إلى بيت عنيا وبشرا بكلام الله] (32).