منتدى البابا كيرلس و مارمينا و ابونا يسى
لوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي 16996
أهلا بكم فى منتدى البابا كيرلس و مارمينا و أبونا يسى
عزيزى الزائر / عزيزتى الزائرة : يرجى التكرم بالدخول اذا كنت عضوا بالضغط على كلمة دخول و كتابة اسمك و كلمة السر
واذا لم تكن قد سجلت بعد يسرنا اشتراكك فى المنتدى بالضغط على كلمة تسجيل
لإخفاء هذه النافذة اضغط على إخفاء
منتدى البابا كيرلس و مارمينا و ابونا يسى
لوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي 16996
أهلا بكم فى منتدى البابا كيرلس و مارمينا و أبونا يسى
عزيزى الزائر / عزيزتى الزائرة : يرجى التكرم بالدخول اذا كنت عضوا بالضغط على كلمة دخول و كتابة اسمك و كلمة السر
واذا لم تكن قد سجلت بعد يسرنا اشتراكك فى المنتدى بالضغط على كلمة تسجيل
لإخفاء هذه النافذة اضغط على إخفاء
منتدى البابا كيرلس و مارمينا و ابونا يسى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى البابا كيرلس و مارمينا و ابونا يسى



 
الرئيسيةالمجلةأفلام دينيةترانيمأحدث الصورعظاتبرامجالعابالتسجيلدخولمركز رفع الصور
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
أوامر مهمة
المواضيع الأخيرة
» شريط حياتي رضاك للشماس بولس ملاك
لوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالأحد 30 يونيو 2024, 10:20 am من طرف مايكل مجدى فوزى

» برنامج ps1 mix150 بحجم 21 ميجا لتشغيل العاب البلاى سيش
لوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالخميس 20 يونيو 2024, 10:33 pm من طرف غزول

» شريط / كنيستى - المعلم ابراهيم عياد
لوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالثلاثاء 02 أغسطس 2022, 12:07 am من طرف هاني الناجح

» شريط (( الشهداء )) للمرنم انطون ابراهيم عياد
لوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالثلاثاء 02 أغسطس 2022, 12:02 am من طرف هاني الناجح

» شريط (( ساكت ليه )) للمرنمة هايدى منتصر
لوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالثلاثاء 26 أبريل 2022, 9:59 am من طرف michel sobhy

» مجموعة اشرطة للمعلم ابراهيم عياد
لوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالجمعة 08 أبريل 2022, 11:51 am من طرف usama caribou

»  قصة الرحمة حياة
لوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالثلاثاء 08 مارس 2022, 10:48 pm من طرف kamel

» ملف كامل عن ظهورات العذراء حول العالم على مر العصور !!!
لوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالثلاثاء 08 مارس 2022, 10:38 pm من طرف kamel

» صلاة من عمق القلب لك يارب ????????????????
لوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالثلاثاء 08 مارس 2022, 10:26 pm من طرف kamel

» مقولة أعجبتنى.. ياريت الجميع بشارك..!!
لوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالثلاثاء 08 مارس 2022, 10:14 pm من طرف kamel

» من معجزات ابونا يسى
لوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالخميس 10 يونيو 2021, 10:25 am من طرف malak lopos

» قصه حياه ابونا يسى
لوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالخميس 10 يونيو 2021, 10:23 am من طرف malak lopos

» كتاب معجزات ابونا يسى ميخائيل الجزء ال 38 ( 3 )
لوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالخميس 10 يونيو 2021, 10:22 am من طرف malak lopos

» تمجيد للأنبا ابرآم اسقف الفيوم و الجيزة بمناسبة عيده
لوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالخميس 10 يونيو 2021, 10:17 am من طرف malak lopos

» من معجزات الأنبا ابرآم اسقف الفيوم والجيزة
لوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالخميس 10 يونيو 2021, 10:16 am من طرف malak lopos

» صلاة للبابا كيرلس كتبها لأحد الطلبة
لوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالثلاثاء 09 مارس 2021, 10:54 am من طرف malak lopos

» من اقوال البابا كيرلس السادس
لوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالثلاثاء 09 مارس 2021, 10:53 am من طرف malak lopos

» مفاجأة رائعة 19 شريط للبابا كيرلس بمناسبة عيد نياحته
لوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالثلاثاء 09 مارس 2021, 10:51 am من طرف malak lopos

» 56 معجزة للبابا كيرلس بمناسبة عيد نياحته
لوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالثلاثاء 09 مارس 2021, 10:51 am من طرف malak lopos

» woooooooooooooooow
لوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالجمعة 22 يناير 2021, 5:09 pm من طرف ماجد فايزفرج

» فيلم ابونا يسطس الانطونى________جمييييييييييييييل جداااااا
لوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالجمعة 22 يناير 2021, 5:07 pm من طرف ماجد فايزفرج

»  سنة جديدة ... ( كلمات الشاعر و الروائى / وائل كرمى )
لوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالأربعاء 13 يناير 2021, 10:48 am من طرف وائل كرمى

» شريط (( وفى دينى )) للمرنم الرائع ( فرج عزيز )
لوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالخميس 20 أغسطس 2020, 10:09 pm من طرف usama caribou

» اسطوانة الأجبية مكتوبة و مسموعة
لوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالسبت 15 أغسطس 2020, 6:03 pm من طرف malak lopos

» العذراء فى القداس الإلهى
لوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالخميس 06 أغسطس 2020, 10:27 am من طرف malak lopos

» معجزه العذراء والابره
لوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالخميس 06 أغسطس 2020, 10:23 am من طرف malak lopos

»  ليك فى قلبى كلام ... ( كلمات الشاعر و الروائى / وائل كرمى )
لوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالأربعاء 05 أغسطس 2020, 10:28 am من طرف وائل كرمى

» معجزات الشهيد ابانوب النهيسى
لوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالجمعة 31 يوليو 2020, 5:33 pm من طرف malak lopos

» معجزة للقديس ابانوب
لوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالجمعة 31 يوليو 2020, 5:32 pm من طرف malak lopos

» شريط (( طوباك يا ابانوب )) للشماس بولس ملاك
لوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالجمعة 31 يوليو 2020, 5:29 pm من طرف malak lopos

» الكتاب المقدس مكتوب و مسموع ( العهد القديم )
لوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالخميس 30 يوليو 2020, 5:28 pm من طرف malak lopos

»  شريط أيتها العذراء المعلم ابراهيم عياد + أنطون ابراهيم
لوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالثلاثاء 21 يوليو 2020, 8:35 pm من طرف كيرلس رزق

» شريط سحابة شهود للقديس يوليوس الاقفهصى بولس ملاك
لوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالثلاثاء 21 يوليو 2020, 8:23 pm من طرف كيرلس رزق

» اسطوانة الأسفار القانونية الثانية مكتوبة و مسموعة
لوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالجمعة 17 يوليو 2020, 6:50 pm من طرف malak lopos

» الكتاب المقدس مكتوب و مسموع
لوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالأحد 12 يوليو 2020, 11:32 am من طرف malak lopos

»  مدينة الحب ... كلمات (الشاعر و الروائى / وائل كرمى )
لوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالجمعة 09 أغسطس 2019, 5:58 pm من طرف وائل كرمى

»  شريط غالي عليه (( روماني روؤف وفرج عزيز ))
لوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالخميس 18 يوليو 2019, 11:00 pm من طرف romany nasser

» شريط (( فى عينى دمعة )) للمرنم ذو الصوت الرائع فرج عزيز
لوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالخميس 18 يوليو 2019, 10:15 pm من طرف romany nasser

» شريط أنا المفدى للمرنم فرج عزيز
لوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالخميس 18 يوليو 2019, 10:14 pm من طرف romany nasser

» قصة كلام الناس
لوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالثلاثاء 09 يوليو 2019, 10:23 am من طرف مريانا

شارك اصدقائك على الفيس بوك و تويتر و جوجل
شروحات مهمة
لوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي 01010110


 لوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي 01010111


 لوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي 01010112

 لوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي 0011
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
malak lopos
لوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_rcapلوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_voting_barلوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_lcap 
سالى عبده
لوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_rcapلوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_voting_barلوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_lcap 
عزت
لوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_rcapلوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_voting_barلوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_lcap 
kamel
لوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_rcapلوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_voting_barلوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_lcap 
مريانا
لوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_rcapلوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_voting_barلوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_lcap 
د.محبوب
لوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_rcapلوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_voting_barلوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_lcap 
mmk
لوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_rcapلوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_voting_barلوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_lcap 
بهيج
لوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_rcapلوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_voting_barلوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_lcap 
مارونا
لوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_rcapلوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_voting_barلوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_lcap 
diana.wahba
لوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_rcapلوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_voting_barلوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_lcap 
احصائيات
هذا المنتدى يتوفر على 5599 عُضو.
آخر عُضو مُسجل هو مايكل مجدى فوزى فمرحباً به.

أعضاؤنا قدموا 38275 مساهمة في هذا المنتدى في 16742 موضوع
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 63 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 63 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحث

لا أحد

أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 563 بتاريخ الخميس 24 مايو 2012, 9:00 pm
اختار لغة المنتدى
أختر لغة المنتدى من هنا

 

 لوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
سالى عبده
عضو ماسى
 عضو ماسى
سالى عبده


عدد المساهمات : 5556
نقاط : 17236
تاريخ التسجيل : 04/02/2012
العمر : 45
الموقع : https://www.facebook.com/ssoly1

لوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Empty
مُساهمةموضوع: لوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي   لوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالجمعة 16 نوفمبر 2012, 10:51 am

لوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي 4196810853

لوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا
الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي
4. الفصح الجديد

أولًا: يقول الإنجيلي لوقا: "ولما كانت الساعة اتكأ والإثنا عشر رسولًا معه" [14]. لقد حانت الساعة التي حددها رب المجد ليؤسس سرّ الإفخارستيا، مقدمًا للعالم سرّ الخلاص والحياة والشبع الداخلي.

اعتاد اليهود بحسب الطقس الموسوي أن يأكلوا الفصح وهم واقفون (خر 12: 11)، إذ يذكرهم بالانطلاق من العبودية التي عاشها آباؤهم في مصر، لأنه لم يكن للعبد حق الجلوس في حضرة سادته بل يقف ليخدم، أمّا السيد إذ قدّم لنا فصحه الجديد اتكأ ومعه الرسلليُعلن انتقالنا إلى حالة "المجد". فصحه عبور إلى الحياة السماوية، لكي نتكئ معه في حضن أبيه، وننعم بشركة أمجاده.



ثانيًا: إذ حانت الساعة ليحقق خلاصنا ببذل حياته عنا يعلن أنه مقدم على هذا العمل بكامل إرادته، في شوقٍ حقيقيٍ وشهوةٍ، إذ يطلب ما قد هلك، لذا "قال لهم: اشتهيت أن آكل هذا الفصح معكم قبل أن أتألم" [15].

* لماذا؟ لأنه كان يرحب بصليبه، إذ يتحقق خلاص العالم، وتُسلَّم الأسرار، وتزول الأمور المحزنة.

* هذا يعني: "إني أسلمكم الطقوس الجديدة، وأهبكم الفصح الذي أقدمه لكم روحيًا[861].

القديس يوحنا ذهبي الفم

* قال هذا لأن الصليب يقترب بعد هذا الفصح مباشرة؛ فإننا نجده دائمًا يتنبأ عن آلامه مشتهيًا تحقيقها[862]

القديس يوحنا ذهبي الفم

* كأنه يقول: إنه عشائي الأخير، أنه ثمين للغاية أرحب به، ذلك كما أن الذين يرحلون إلى مكان بعيد يقدمون لأصدقائهم كلماتهم الوداعية في غاية المحبة[863]

الأب ثيؤفلاكتيوس

أما قوله: "لأني أقول لكم إني لا آكل منه بعد حتى يُكمل في ملكوت الله... إني لا أشرب من نتاج الكرمة حتى يأتي ملكوت الله" [16-18]، فقد سبق لنا تفسيره في دراستنا لسفر اللاويين (10: 9) حيث رأينا السيد يشرب نتاج الكرمة الروحي، أي يفرح حينما يكمل المختارون في ملكوت الله.



ثالثًا: يلاحظ هنا وجود كأسين، الأولى تناولها السيد وشكر وقال: "خذوا هذه واقتسموها بينكم" [17]، والثانية بعد العشاء قال عنها: "هذه الكأس هي العهد الجديد بدمي الذي يسفك عنكم" [20]. كانت عادة اليهود في طقس الفصح أن تُستخدم ثلاث كؤوس، لذا يرى البعض أن الكأس الأولى هنا إنما هي أحد كؤوس الطقس اليهودي، أمّا الثانية فهي كأس العهد الجديد، التي جاءت لا ككأس بركة عامة، وإنما تقدست لتصير دم السيد المسيح المبذول. الأولى تشير للعهد القديم، والثانية تقدم لنا سرّ العهد الجديد.



رابعًا: قدّم السيد المسيح ذبيحته الحقيقية، قائلًا: "هذا هو جسدي الذي يبذل عنكم"، "هذه الكأس هي العهد الجديد بدمي الذي يسفك عنكم" [19-20]، أمّا قوله: "اصنعوا هذا لذكري" فكما رأينا في كتاب "المسيح سرّ الإفخارستيا" أن "الذكرى" هنا في اليونانية "أنامنسيس" لا تعني مجرد التذكر لأمر نتطلع إليه غائبًا عنّا، بل تحمل إعادة دعوته أو تمثيله في معنى فعّال[864]. الأنامنسيس هنا يعني تذكر المسيح المصلوب القائم من الأموات، أو تذكر ذبيحته لا كحدثٍ ماضٍ، بل تقديم ذبيحة حقيقية حاضرة وعاملة[865]، أي ذكرى فعّالة.

* الإفخارستيا هو جسد ربنا يسوع المسيح الذي تألم عن خطايانا، الذي أقامه الله الآب[866].

القديس أغناطيوس النوراني

* الكأس الممزوج والخبز المصنوع يتقبلان كلمة الله، ويصيران إفخارستيا جسد المسيح ودمه[867].

القديس إيريناؤس

* الخبز قبل التقديس هو خبز عام، لكن إذ يقدسه السرً يُدعى جسد المسيح[868]

القديس غريغوريوس أسقف نيصص

* عندما نتناول جسد المسيح المقدس، مخلص جميعنا، ونشرب دمه الثمين يكون لنا الحياة فينا، إذ نصير كما لو كنا واحدًا معه، نسكن فيه ونمتلكه فينا.

* لا تشك في أن هذا حق، إذ قال بوضوح: "هذا هو جسدي"، إنما اقبل كلمات مخلصك بإيمان، إذ هو الحق الذي لا يكذب[869]

القديس كيرلس الكبير

* فعل المسيح ذلك ليحضرنا إلى رباط صداقة حميمة، وليعلن حبه لنا، مقدمًا نفسه لمحبيه، لا ليروه ويمسكوه فحسب، وإنما لكي يتناولوه أيضًا، ويحتضنوه في كمال قلوبهم[870].

القديس يوحنا الذهبي الفم

* تعلم إذن كيف يليق بك أن تتناول جسد المسيح، أي في ذكرى طاعته حتى الموت، حتى أن الذين يعيشون لا يعيشون بعد لأنفسهم، وإنما لذاك الذي مات لأجلهم وقام[871]

القديس باسيليوس الكبير



خامسًا: يرى القديس يوحنا الذهبي الفم[872] أن السيد المسيح أعلن عن خائنه بعد تقديم الكأس واشتراك الخائن فيه، مظهرًا بأنه قد قدم له كل إمكانية للتوبة لكنه لم يرد أن يتوب. الله يفتح أبواب الرجاء للجميع، لكنه لا يُلزم أحدًا على التوبة بغير إرادته.

إذ أعلن السيد المسيح أن واحدًا منهم سيسلمه بدأ الكل يتساءل، فمع معرفتهم بحبهم الشديد له، لكنهم كانوا يثقون في كلماته أكثر من ثقتهم في أنفسهم، لذا خشي كل واحد منهم لئلا يكون هو المقصود، إذ يعرف الكل أنهم ضعفاء ومعرضون للسقوط . ليتنا نتشبه بالإحدى عشر رسولًا، فنعرف ضعفنا، ولا نتكل على ذواتنا، بل على نعمة الله التي تحفظنا من السقوط.
5. مناقشة حول من هو الأعظم

بينما كان السيد المسيح بكونه كلمة الله المتجسد يعلن عن اشتياق قلبه وشهوة نفسه أن يقدم حياته فصحًا عن البشرية، طالبًا صداقتهم على مستوى أبدي، كان قادة اليهود يتآمرون لقتل المسيّا والخلاص منه، أما التلاميذ ففي ضعف بشري كانوا يتشاحنون فكريًا على المراكز الأولى في الملكوت الجديد، حاسبين إياه ملكوتًا زمنيًا ماديًا.

"وكانت بينهم أيضًا مشاجرة، من منهم يُظن أن يكون أكبر.

فقال لهم: ملوك الأمم يسودونهم، والمتسلطون عليهم يدعون محسنين.

وأما أنتم فليس هكذا، بل الكبير فيكم ليكن كالأصغر، والمتقدم كالخادم.

لأن من هو أكبر، الذي يتكئ أم الذي يخدم؟!

أليس الذي يتكئ؟! ولكني أنا بينكم كالذي يخدم.

أنتم الذين ثبتّوا معي في تجاربي.

وأنا أجعل لكم كما جعل لي أبي ملكوتًا.

لتأكلوا وتشربوا على مائدتي في ملكوتي،

وتجلسوا على كراسي تدينون أسباط إسرائيل الاثني عشر" [24-30].



أولًا: يقول القديس يوحنا الذهبي الفم أن السيد المسيح ينسب طلب المراكز الأولى للأمم[873]. وكأن العلامة الأولى للانتساب للأمم هو "التشامخ" وطلب المجد الزمني، وعلى العكس علامة الانتساب لجسد المسيح هو "التواضع" والاشتياق لاحتلال المركز الأخير في وسط الكل، لكي بالتواضع المملوء حبًا يمكننا أن نحتضن الجميع. بمعنى آخر، إن كلمة الله في محبته للبشرية أخلى ذاته، محتلًا مركز العبد لكي يحمل في جسده العبيد ويرتفع بهم إلى البنوة للآب. بذات الروح اشتاق الرسول بولس أن يستعبد نفسه ليربح الكثيرين (1 كو 9: 19)، بمعنى أنه اشتهى أن يتمثل بسيده، فيكون له هذا الشرف أن يحسب نفسه عبدًا للجميع، لا عن يأسٍ أو تحطيمٍ نفسيٍ، إنما عن حب حقيقي لربح الكثيرين.

* ليت ذلك الذي هو رئيس لا ينتفخ بسبب عمله، لئلا يهوي من طوباوية التواضع، وإنما يليق به أن يعرف التواضع الحقيقي كخدمة للكثيرين... ليت الأعظم يكون كالأصغر.

* يليق بالذين يحتلون المراكز الرئيسية أن يكونوا مستعدين أن يقدموا حتى الخدمة الجسدية على مثال الرب الذي غسل أقدام تلاميذه. لذا قيل "(ليكن) المتقدم كالخادم[874]".

القديس باسيليوس الكبير

* احفظ الإيمان والتواضع داخل نفسك، لأنك بهما تجد الرحمة والمعونة، وتسمع أقوالًا إلهية في قلبك، ويرافقك ملاكك الحارس في الظاهر وفي الخفاء.

* التواضع وِشاح الألوهة، لأن الكلمة المتجسد تسربله، وكلّمنا عنه من خلال أجسادنا، فكل من يلبسه يتشبه حقًا بذاك الذي انحدر من علوه، وغطى فضيلة عظمته بالتواضع، وستر مجده به كي لا تلتهب الخليقة بمنظره.

* المتواضع لا يبغضه أحد ولا يوبخه ولا يحتقره، لأن سيده يحبه. يحب الجميع والجميع يحبونه ويشتهونه في كل مكان، وحيثما وُجد ينظرون إليه كملاكٍ نوراني، ويقدمون له الإكرام

* التواضع قوة خفية يحصل عليها القديسون الكاملون بعد تمام سيرتهم، ولا تعطي النعمة هذه القوة إلا للكاملين في الفضيلة[875]

مار إسحق السرياني

* لقد فتح التلاميذ طريقًا للضعف البشري، فكانوا يتنازعون فيما بينهم عمن يكون الأعظم والأكبر من الباقين... هذا الضعف أُثير فيهم وسُجل لأجل نفعنا، حتى أن ما حدث بين الرسل يكون علة لكي ننعم بالتواضع. إذ انتهر المسيح المرض، وكطبيبٍ ناجح ٍنزعه بوصية عميقة مملوءة غيرة...

* لنوقف هذا التعالي الفاقد للشعور والباطل، هذا الذي ينبع عن حب المجد الباطل أصل الكبرياء. فإن رغبة السيطرة على الآخرين، والنزاع لبلوغ هذا الأمر، يجعل الإنسان بالحق ملومًا، مع أنه لا يخلو تمامًا مما يستحق المديح. فإن السمو في الفضيلة يستحق التقدير (التكريم)، لكن الذين يريدون بلوغ هذا يلزمهم أن يكونوا متواضعي الفكر، لهم مشاعر متواضعة، لا يطلبون أن يكونوا الأولين وذلك خلال حبهم للإخوة. هذا ما يريده فينا الطوباوي بولس، إذ كتب: "مقدمين بعضكم بعضًا في الكرامة" (رو 12: 10). هذه المشاعر يتأهل لها القديسون وبها يتمجدون، إذ تجعل تقوانا نحو الله مكرمًا، وتمزق شبكة خبث إبليس وتحطم فخاخه المتعددة، وتخلصنا من حفرة الفساد، وتجعلنا كاملين في التشبه بالمسيح مخلص جميعنا. أنصت، كيف يضع نفسه أمامنا مثالًا للفكر المتواضع وللإرادة التي لا تطلب المجد الباطل، إذ يقول: "تعلموا مني لأني وديع ومتواضع القلب" (مت 11: 29).

* في العبارة التي قُرأت حالا يقول: "لأنه من هو أكبر، الذي يتكئ أم الذي يخدم؟ أليس الذي يتكئ؟ "ولكني أنا بينكم كالذي يخدم". حينما ينطق المسيح بذلك من لا ينزع عنه حب المجد الباطل، ويطرد عن ذهنه محبة الكرامة الفارغة، ويبقى في عناده وتصلفه؟! لأن الذي تخدمه كل الخليقة العاقلة المقدسة، الذي يسبحه السيرافيم... المساوي مع الله الآب في عرشه وملكوته احتل مركز العبد وغسل أقدام الرسل. بمعنى آخر أخذ مركز العبودية خلال تدبير الجسد... الذي يُخدم صار خادمًا، رب المجد أصبح فقيرًا، تاركًا لنا مثلًا كما هو مكتوب (1 بط 2: 21).

ليتنا إذن نتجنب حب المجد الباطل، ونخلص من عار الرغبة في الرئاسة. بهذا نصير مثله، ذاك الذي أخلى ذاته لأجلنا[876]

القديس كيرلس الكبير



ثانيًا: طلب العظمة الزمنية يسبب انشقاقًا بين الإخوة، أيا كان مركزهم، حتى وإن كانوا تلاميذ المسيح، وكأن هذا الاتجاه هو المحطم للجماعة المقدسة.

* إن كان التلاميذ قد تنازعوا، فهذا ليس عذرًا لك، وإنما هو تحذير. لنحذر لئلا يكون نزاعنا على المراكز الأولى هو هلاكنا.

القديس أمبروسيوس



ثالثًا: دعوة السيد المسيح لتلاميذه بعدم طلب المجد الباطل وحب الرئاسات ليس حرمانًا، وإنما هو توجيه نحو المجد الأبدي الذي نبلغه خلال الصليب. لهذا يؤكد لهم المراكز الكبرى التي ينالها الرسل بثبوتهم معه في تجاربه، أي حملهم صليبه كل يوم من أجل إيمانهم به وكرازتهم بإنجيله. يقول: "أنتم الذين ثبتوا معي في تجاربي، وأنا أجعل لكم كما جعل لي أبي ملكوتًا..." بمعنى آخر ليس فقط يدعوهم لترك المجد الباطل وإنما لحمل الصليب ومشاركة الرب آلامه ليشتركوا معه في أمجاده. وكما يقول الرسول بولس: "لأنه إن كنّا قد صرنا متحدين معه بشبه موته، نصير أيضًا بقيامته" (رو 6: 5).



رابعًا: إذ يتحدث هنا عن التمتع بالملكوت الأبدي، فلا يعني بالأكل والشرب والجلوس على الكراسي المعنى الحرفي، لأن ملكوت الله ليس أكلًا ولا شربًا (رو 14: 17)، إنما يعني حالة الشبع الأبدي والسلطان في الرب. وكما يقول القديس كيرلس الكبير أنه يصف الأمور الروحية خلال تشبيهات من الحياة الحاضرة، إذ يُحسب ذلك امتيازًا كبيرًا أن يجلس الناس مع الملوك على مائدتهم، ويشتركون معهم في طعامهم!

يقول القديس أمبروسيوس أن الرسل يدينون أسباط إسرائيل لا بجلوسهم على كراسي للقضاء بصورة مادية، وإنما يكونون علة تبكيت لهم خلال إيمانهم وفضائلهم، فينفضح جحود إسرائيل وإثمه.
6. تحذيره لبطرس

أعلن صديقنا قبوله الآلام واحتماله الصلب لتقديم حياته الفصحية لأجل خلاصنا، فقد قابل قادة اليهود الحب بالبغضة ومحاولة الخلاص منه، كما قابل تلميذه يهوذا هذه الصداقة بالخيانة في أبشع صورها، الآن إذ يعلن لتلاميذه: "أنتم الذين ثبتوا معي في تجاربي" [28]، يؤكد أن هذا الثبوت في حقيقته هو عطية إلهية أو نعمة مجانية بدونها كان يمكن أن يفنى إيمانهم. بمعنى آخر أن كان سقوط يهوذا إلى الحضيض هو ثمرة شره الشخصي بالرغم من تقديم كل فرصة له للتوبة، فإن ثبات الإحدى عشر رسولًا هو هبة من الله، لكنهم يقبلون هذه الهبة في كمال حريتهم. هذا ما أعلنه السيد في تحذيره لبطرس الرسول.

"وقال الرب: سمعان سمعان،

هوذا الشيطان طلبكم لكي يغربلكم كالحنطة.

ولكني طلبت من أجلك لكي لا يفنى إيمانك،

وأنت متى رجعت ثبت إخوتك.

فقال له: يا رب إني مستعد أن أمضي معك حتى إلى السجن وإلى الموت.

فقال: أقول لك يا بطرس لا يصيح الديك اليوم قبل أن تنكر ثلاث مرات أنك تعرفني"[31-35].

ويلاحظ في هذا الحوار الآتي:

أولًا: لعله اختار سمعان بطرس على وجه الخصوص، لأنه اتسم بالطموح والاندفاع، فربما كان أحد المنهمكين في الحديث عن "من هو الأكبر؟"، أو لأنه إذ سمع كلمات السيد: "أنتم الذين ثبتم في تجاربي" حسبَ نفسه أول الثابتين، فأراد الرب أن يكشف فيه ضعف الطبيعة البشرية بوجه عام، فيرى كل منا فيه ضعفه الشخصي. إن كان يهوذا يمثل "الخيانة" فإن بطرس يمثل "الضعف" الذي يحتاج إلى عونٍ إلهيٍ، فيقوم ليثبت ويثبت الآخرين معه خلال النعمة الفياضة التي ينالها.

* قيل هذا لبطرس لأنه كان أكثر جسارة من البقية، وربما يشعر بالكبرياء من أجل الوعود التي قدمها المسيح (أن يملكوا ويدينوا أسباط إسرائيل الإثني عشر).

الأب ثيؤفلاكتيوس

ثانيًا: في هذا الحديث أبرز السيد المسيح حقيقة المعركة الروحية من أجل ملكوت الله، فإن كان قلب الإنسان هو ميدانها، لكن المعركة في حقيقتها بين الله والشيطان. هنا نرى الشيطان وقد استولى على قلب يهوذا وملك فيه بالكامل، طمع أن يملك في قلوب الآخرين، وهو لا يقدر أن يقتحم حياتنا ويجربنا دون استئذان، إذ يقول السيد المسيح: "هوذا الشيطان طلبكم لكي يغربلكم كالحنطة" [31]. فإن كانت تجاربه أشبه بالغربلة التي تفرز الزوان لحسابه ولا تقدر أن تمس الحنطة، لكن حتى هذه الغربلة لا تتم بدون استئذان من الرب.

هنا تبرز حقائق روحية هامة، أن عدو الخير يبذل كل الجهد ليغربل ما استطاع كل البشر بتجاربه، لكنه وإن نال سماحًا من الله أن يغربل تبقى عناية الله على حنطته فلا تُمس بالتجارب بل تُفرز عن الحنطة وتتزكّى لكي تكلل؟ أقول إننا حنطة الله، موضع عنايته، لن يمسنا العدو الشرير مهما غربلنا. إلا إذا سمحنا لأنفسنا أن نتحول من حنطة الله إلى زوان إبليس.

أيها الحبيب حتى وإن كنت زوانًا، فأعلم أن الرب قد جاء ليحوّل زواننا إلى حنطة، فينتزعنا من مملكة إبليس لنكون مملكته.

حرب العدو متنوعة وبلا هوادة، وكما يقول القديس أوغريس للرهبان: أن العدو يحاربهم في النهار خلال من هم حولهم من البشر، أمّا في الليل فيقوم بمحاربتهم بنفسه مباشرة، إذ يقول: [في الليل تطلب الشياطين أن تغربل المعلم الروحي بأنفسهم، أما في النهار فتستخدم البشر ليحيطوه بأصناف المعاكسات والافتراءات والمخاطر[877].]

ثالثًا: استخدم القديس أغسطينوس كلمات السيد المسيح لبطرس الرسول: "ولكني طلبت لأجلك لكي لا يفنى إيمانك" للرد على أتباع بيلاجيوس الذين في دفاعهم الشديد عن الحرية الإنسانية كادوا أن ينكروا عمل النعمة الإلهية، حاسبين أن الإنسان قادر على الخلاص بإرادته وبجهاده الشخصي. هنا يؤكد القديس أغسطينوس أنه حتى الإيمان هو عطية الله، إذ يطلب الابن الوحيد الجنس من أجل رسوله كي لا يفنى إيمانه.

كان الرسول بطرس يظن في نفسه أنه قادر على مشاركة السيد المسيح كل آلامه حتى الموت، ففي غيرة بشرية لكن بقلب صادق قال: "يا رب إني مستعد أن أمضي معك حتى إلى السجن وإلى الموت" [33]، ولم يدرك أنه كان في حقيقته عاجزًا حتى عن الصلاة والسهر معه في البستان، ولا أن يقف أمام جارية في بيت رئيس الكهنة. لقد اعتمد بطرس على ذاته، ولم يدرك ضعفه الحقيقي... الأمر الذي يعرفه عنه سيده أكثر من معرفته هو لنفسه.

* ماذا طلب السيد من أجله إلا أن يبقى مثابرًا حتى النهاية؟! بالتأكيد لو كان الإنسان قادرًا على ذلك من نفسه لما طُلب ذلك من الله لأجله. لذلك عندما يقول الرسول: "أصلي إلى الله أنكم لا تعملون شيئًا رديًا" (2 كو 13: 7)، بلا شك يصلّي إلى الله لأجلهم من أجل المثابرة[878]

* بهذا لا نظن قط أن إيماننا يتوقف على حرية إرادتنا دون حاجة إلى عون إلهي[879].

* لقد عرف (السيد المسيح) بطرس على الدوام؛ عرفه حين كان بطرس لا يعرف نفسه. وذلك كما يحدث دومًا مع المرضى، فإن المريض لا يعرف ما يجري في داخله بينما يعرف الطبيب ذلك، حتى وإن كان الأول يتألم من المرض بينما الطبيب لا يتألم. يقدر الطبيب أن يخبرنا بما يدور في حياة الآخرين حسنًا، بينما لا يقدر المريض نفسه أن يخبر بما يدور في داخله.

* لا يعرف الإنسان ما في داخله، لكن خالق الإنسان يعرف ما بداخل الإنسان[880].

القديس أغسطينوس

* كان يعلمنا التواضع بكل وسيلة مؤكدًا أن الطبيعة البشرية بذاتها كلا شيء[881].

القديس يوحنا الذهبي الفم

* يعلمنا أنه يلزمنا أن نفكر بتواضع من جهة أنفسنا، إننا كلا شيء، وبحسب طبيعتنا البشرية واستعدادنا الفكري نسقط في الخطية، ولكن به وفيه فقط نتقوى، ونصير على ما نحن عليه. إن كنا نستعير منه خلاصنا، فنُحسب به فضلاء وأتقياء فأي مجال إذن لأفكار الكبرياء؟ كل ما لدينا هو من عنده، وليس شيء من عندنا. "أي شيء لك لم تأخذه؟! وإن كنت قد أخذت فلماذا تفتخر كأنك لم تأخذ؟!" (1 كو 4: 7)، هذا ما نطق به الحكيم بولس، كما يقول الطوباوي داود: "الله قوّتنا"؛ مرة أخرى يقول: "الله ملجأ لنا وقوتنا" (مز 46: 1). كما يقول النبي إرميا: "يا رب عِزّي وحِصني وملجأي في يوم الضيق" (إر 16: 19). وأيضًا الطوباوي بولس إذ يتقدم يقول: "أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني" (فى 4: 13). نعم والمسيح نفسه يقول لنا: "بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئًا" (يو 15: 5).

* يظهر المسيح أنه حتى ذاك الذي يبدو عظيمًا فهو كلا شيء وضعيف... إن كان الشيطان قد اعتاد أن يهاجم أناسًا ذوي سمو ممتاز غير عادي، فإنه يقيم معركة فريدة شرسة وبربرية ضد من لهم سمعة طيبة في الحياة التقوية[882]

القديس كيرلس الكبير

رابعًا: لقد طلب السيد المسيح من الآب لأجل بطرس، وكما يقول القديس كيرلس الكبير، أنه يتواضع لأجلنا، فيتحدث السيد هنا كما في حدود الإنسان، فإن كان هو الله بطبيعته، حتى وإن كان قد صار جسدًا، وهو قوة الآب الذي به يُحفظ كل شيء، ومنه ننال قدرة العمل الصالح، لكنه إذ صار إنسانًا يطلب من الآب. [كان ضروريًا، نعم كان لائقًا بذاك الذي لأجل التدبير أن يصير إنسانًا مثلنا أن يمارس أيضًا أعمالنا عندما يستلزم الأمر ذلك[883].]

خامسًا: يرى القديس أغسطينوس[884] إن طلبة السيد المسيح من أجل بطرس لم تقيد حرية إرادة بطرس، فإنه لا يلزمه بعدم السقوط. إنه يقدم العون الإلهي، ومن حق بطرس أن يقبل هذا العون أو يرفضه. في موضع آخر يؤكد ذات القديس[885] أن الله يهتم بحرية الإنسان، وإلا كانت وصاياه بلا نفع، لكنه يحتاج إلى النعمة الإلهية لتسنده على تنفيذ الوصية.

سادسًا: يميز القديس باسيليوس الكبير بين سقوط المندفعين مثل القديس بطرس وسقوط الآخرين، قائلًا بأن الله يسمح للمندفعين (في الغيرة) بالسقوط أحيانًا كعلاج لهم من الاتكال على الذات، وغالبًا ما يتم ذلك خفية وعن ضعف الإنسان وليس عن جحود وإصرار، أما الآخرون، فيسقطون عن جحود وإصرار. لهذا فالأولون يحتاجون إلى عون إلهي مع رقة لإِقامتهم، أما الآخرون فغالبًا ما يحتاجون إلى توبيخ شديد وتأديب حتى يدركوا أن الله ديان، ويرتعبوا فيتوبوا.

سابعًا: يربط السيد المسيح التوبة أو الرجوع إليه بالعمل الإيجابي في خدمة النفوس، إذ يطالب السيد المسيح سمعان بطرس: "وأنت متى رجعت ثبت إخوتك". هذه التوصية الإلهية عاشها داود النبي في لحظات توبته، إذ كان يصرخ في مزمور التوبة، قائلًا: "فأُعلم الآثمة طرقك" (مز 50: 13).

يقول القديس كيرلس الكبير[886] أن السيد المسيح وإن كان قد حذر من التجارب الشيطانية، لكنه قدم كلمة تعزية. بمعنى آخر، مسيحنا كصديقٍ حقيقيٍ وهو يحذرنا من الضعف، لكنه لا يقف عند الجانب السلبي بل يسندنا ويشجعنا لممارسة العمل الإيجابي بقوة، فلا نخف الحرب الشيطانية أو سلطان الخطية، إنما نؤمن بذاك الذي يسكن فينا ويعمل في داخلنا بسلطان للبناء الروحي.

أسلوب السيد المسيح في معاملاته معنا يدفعنا إلى "الرجاء الحيّ"، فمع التحذير يعطي قوة، ويدفعنا للعمل بلا تخوف أو تخاذل.

ثامنًا: إذ كان القديس بطرس بعد هذا الحديث لا يزال يظن أنه قادر على التبعية مع المسيح خلال غيرته البشرية، أكدّ له السيد أنه سينكره ثلاث مرات، وقد سبق لنا الحديث في هذا الأمر في تفسير مت 26: 34؛ مر 14: 30
7. تحذير عام

إذ قدم السيد المسيح تحذيره للقديس بطرس الرسول مؤكدًا له أنه سينكره ثلاث مرات قبل أن يصيح الديك، معلنًا له أنه سيرجع عن هذا الضعف خلال عمل الله ونعمته، الآن يطلب من تلاميذه ككل أن يتسلحوا بسيفي الإيمان والجهاد الروحي، أي بالإيمان العامل بالمحبة.

"ثم قال لهم: حين أرسلتكم بلا كيس ولا مزود ولا أحذية

هل أعوزكم شيء؟ فقالوا: لا.

فقال لهم: لكن الآن من له كيس فليأخذه، ومزود كذلك،

ومن ليس له فليبع ثوبه ويشترِ سيفًا.

لأني أقول لكم أنه ينبغي أن يتم فيّ أيضًا هذا المكتوب:

وأُحصيَ مع آثمة،

لأن ما هو من جهتي له انقضاء.

فقالوا: يا رب هوذا هنا سيفان.

فقال لهم: يكفي" [35-38].

أولًا: في إرساله لهم لم يسألهم شيئًا سوى التخلي عن كل شيء حتى الضروريات ليكون هو سرّ شبعهم والمدبّر لحياتهم الخاصة وعملهم الكرازي، أما الآن وقد حان وقت الصليب وجّه أنظارهم للجهاد، لا ليحملوا سيفًا ويحاربوا به كما ظن التلاميذ، وإنما ليحملوا سيف الإيمان الحيّ العامل بالمحبة. لهذا عندما قالوا له أنه يوجد سيفان، قال لهم: يكفي. وقد حسبوه أنه يقصد السيفين الماديين.

يشبه القديس يوحنا الذهبي الفم تصرفِ المسيح هذا أشبه بمدرب السباحة الذي يضع يديه تحت جسم من يدربهم وهم في المياه فيشعروا براحة وثقة، ثم يسحب يديه قليلًا قليلًا فيجاهدوا ويتعلموا. هكذا في البداية لم يحثهم السيد عن الجهاد الروحي، إنما أرسلهم للكرازة محمولين على يديه لا يحتاجون إلى شيء، والآن يسألهم الجهاد الروحي بسيف الروح الحق، ليواجهوا الضيقات ويحتملوا الصلب معه بفرح ولا يتعثروا.

لم يتركهم السيد المسيح في عوزٍ إلى شيء، بل بفيض أشبع كل احتياجاتهم حين كان معهم بالجسد، والآن لمحبته أراد لهم أن يتركهم ليحمل هو الصليب، ويصيرون كما في عوز، لكي ينعموا بخبراتٍ جديدةٍ وسط العوز والألم. المحبة التي من خلالها عاشوا فترة من الزمن في راحة بلا عوز هي بعينها التي سمحت لهم أن يمارسوا الشركة معه في آلامه. لهذا السبب كما يقول القديس أنبا أنطونيوس الكبير في رسائله أن الله غالبًا ما يعطي للتائبين في بداية توبتهم تعزيات كثيرة ليرفعهم ويسندهم، لكنه يسمح فينزع هذه التعزيات إلى حين، لكي يجاهدوا وسط الآلام فيتزكون، وينالون تعزيات أعظم من الأولى.

ثانيًا: يرى القديس أمبروسيوس أن السيف الذي طلب السيد من تلاميذه أن يقتنوه هو "كلمة الله" التي تُحسب كسيفٍ ذي حدين.

* "ومن ليس له، فليبع ثوبه ويشترِ سيفًا" [36].

لماذا تأمرني يا رب بهذا الشراء، بينما تمنعني من الضرب (مت 26: 52)؟

لماذا تأمرني باقتناء ما تمنعني عن إخراجه من غمده، حتى ولو للدفاع عن النفس؟!

كان الرب قادرًا على الانتقام، لكنه فضل أن يُذبح! يوجد أيضًا السيف الروحي الذي يجعلك تبيع ميراثك لتشتري الكلمة التي تكتسي بها أعماق الروح.

يوجد أيضًا سيف الألم الذي به تخلع الجسد لتشتري بنفايات جسدك المذبوح إكليل الاستشهاد المقدس...

ربما يقصد بالسيفين العهد القديم والعهد الجديد، اللذين بهما نتسلح ضد مكائد إبليس (أف 6: 11)، لذا قال الرب "يكفي" حتى نفهم أن التعلم الوارد في العهدين ليس فيهما نقص[887]

القديس أمبروسيوس

هذا ويرى القديس يوحنا الذهبي الفم أن هذين السيفين لم يكونا سوى سكينين كبيرين كانا مع بطرس ويوحنا، اُستخدمتا في إعداد الفصح (إن كان قد قُدم يوم خميس العهد).

ثالثًا: يلاحظ أن السيد المسيح يحدث التلاميذ عن الجهاد الروحي حالًا بعد مناقشتهم بخصوص أحاديثهم عمن يحتل المركز الأول، وكأنه يريد أن يوجههم إلى الجهاد عوض الانشغال بالكرامات الزمنية. كأنه يقول لهم أنه ليس وقت لطلب المجد، وإنما للصراع ضد عدو الخير، والجهاد لحساب الملكوت، وكما يقول القديس يوحنا كاسيان إننا الآن في وادي الدموع الذي يعبر بنا إلى الأمجاد الأبدية.

* بينما كانوا يتشاحنون فيما بينهم من يكون الأكبر، قال لهم: أنه ليس وقت الكرامات إنما هو وقت الخطر والذبح. انظروا، أنا سيدكم أُقاد للموت البشع، مُحتقرًا من العصاة!

الأب ثيؤفلاكتيوس

رابعًا: إذ حلّ وقت آلامه وصلبه، تحدث عن السيف لكي يهيئ أذهانهم لما سيحل به من أتعاب، فلا تكون مفاجئة لهم.

خامسًا: بلا شك وجود سيفين في أيدي أثنى عشر صيادًا لا يساويان شيئًا أمام جماهير اليهود وجنود الرومان القادمين للقبض عليه، خاصة إن كان السيفان مجرد سكينتين، حتى إن كانا سيفين حقيقيين فإن هؤلاء الصيادين بلا خبرة في استخدام السيوف، لهذا يرى البعض أن كلمة السيد المسيح "يكفي" إنما ترجمة للكلمة العبرية "دَييّر" التي كان معلمو اليهود يستخدمونها ليسكتوا بها جهالة بعض تلاميذهم. وكأن السيد المسيح أراد أن يسكت تلاميذه الذين انصرفت أفكارهم إلى السيف المادي لا سيف الروح.
لوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي 4. الفصح الجديد أولًا: يقول الإنجيلي لوقا: "ولما كانت الساعة اتكأ والإثنا عشر رسولًا معه" [14]. لقد حانت الساعة التي حددها رب المجد ليؤسس سرّ الإفخارستيا، مقدمًا للعالم سرّ الخلاص والحياة والشبع الداخلي. اعتاد اليهود بحسب الطقس الموسوي أن يأكلوا الفصح وهم واقفون (خر 12: 11)، إذ يذكرهم بالانطلاق من العبودية التي عاشها آباؤهم في مصر، لأنه لم يكن للعبد حق الجلوس في حضرة سادته بل يقف ليخدم، أمّا السيد إذ قدّم لنا فصحه الجديد اتكأ ومعه الرسلليُعلن انتقالنا إلى حالة "المجد". فصحه عبور إلى الحياة السماوية، لكي نتكئ معه في حضن أبيه، وننعم بشركة أمجاده. ثانيًا: إذ حانت الساعة ليحقق خلاصنا ببذل حياته عنا يعلن أنه مقدم على هذا العمل بكامل إرادته، في شوقٍ حقيقيٍ وشهوةٍ، إذ يطلب ما قد هلك، لذا "قال لهم: اشتهيت أن آكل هذا الفصح معكم قبل أن أتألم" [15]. * لماذا؟ لأنه كان يرحب بصليبه، إذ يتحقق خلاص العالم، وتُسلَّم الأسرار، وتزول الأمور المحزنة. * هذا يعني: "إني أسلمكم الطقوس الجديدة، وأهبكم الفصح الذي أقدمه لكم روحيًا[861]. القديس يوحنا ذهبي الفم * قال هذا لأن الصليب يقترب بعد هذا الفصح مباشرة؛ فإننا نجده دائمًا يتنبأ عن آلامه مشتهيًا تحقيقها[862] القديس يوحنا ذهبي الفم * كأنه يقول: إنه عشائي الأخير، أنه ثمين للغاية أرحب به، ذلك كما أن الذين يرحلون إلى مكان بعيد يقدمون لأصدقائهم كلماتهم الوداعية في غاية المحبة[863] الأب ثيؤفلاكتيوس أما قوله: "لأني أقول لكم إني لا آكل منه بعد حتى يُكمل في ملكوت الله... إني لا أشرب من نتاج الكرمة حتى يأتي ملكوت الله" [16-18]، فقد سبق لنا تفسيره في دراستنا لسفر اللاويين (10: 9) حيث رأينا السيد يشرب نتاج الكرمة الروحي، أي يفرح حينما يكمل المختارون في ملكوت الله. ثالثًا: يلاحظ هنا وجود كأسين، الأولى تناولها السيد وشكر وقال: "خذوا هذه واقتسموها بينكم" [17]، والثانية بعد العشاء قال عنها: "هذه الكأس هي العهد الجديد بدمي الذي يسفك عنكم" [20]. كانت عادة اليهود في طقس الفصح أن تُستخدم ثلاث كؤوس، لذا يرى البعض أن الكأس الأولى هنا إنما هي أحد كؤوس الطقس اليهودي، أمّا الثانية فهي كأس العهد الجديد، التي جاءت لا ككأس بركة عامة، وإنما تقدست لتصير دم السيد المسيح المبذول. الأولى تشير للعهد القديم، والثانية تقدم لنا سرّ العهد الجديد. رابعًا: قدّم السيد المسيح ذبيحته الحقيقية، قائلًا: "هذا هو جسدي الذي يبذل عنكم"، "هذه الكأس هي العهد الجديد بدمي الذي يسفك عنكم" [19-20]، أمّا قوله: "اصنعوا هذا لذكري" فكما رأينا في كتاب "المسيح سرّ الإفخارستيا" أن "الذكرى" هنا في اليونانية "أنامنسيس" لا تعني مجرد التذكر لأمر نتطلع إليه غائبًا عنّا، بل تحمل إعادة دعوته أو تمثيله في معنى فعّال[864]. الأنامنسيس هنا يعني تذكر المسيح المصلوب القائم من الأموات، أو تذكر ذبيحته لا كحدثٍ ماضٍ، بل تقديم ذبيحة حقيقية حاضرة وعاملة[865]، أي ذكرى فعّالة. * الإفخارستيا هو جسد ربنا يسوع المسيح الذي تألم عن خطايانا، الذي أقامه الله الآب[866]. القديس أغناطيوس النوراني * الكأس الممزوج والخبز المصنوع يتقبلان كلمة الله، ويصيران إفخارستيا جسد المسيح ودمه[867]. القديس إيريناؤس * الخبز قبل التقديس هو خبز عام، لكن إذ يقدسه السرً يُدعى جسد المسيح[868] القديس غريغوريوس أسقف نيصص * عندما نتناول جسد المسيح المقدس، مخلص جميعنا، ونشرب دمه الثمين يكون لنا الحياة فينا، إذ نصير كما لو كنا واحدًا معه، نسكن فيه ونمتلكه فينا. * لا تشك في أن هذا حق، إذ قال بوضوح: "هذا هو جسدي"، إنما اقبل كلمات مخلصك بإيمان، إذ هو الحق الذي لا يكذب[869] القديس كيرلس الكبير * فعل المسيح ذلك ليحضرنا إلى رباط صداقة حميمة، وليعلن حبه لنا، مقدمًا نفسه لمحبيه، لا ليروه ويمسكوه فحسب، وإنما لكي يتناولوه أيضًا، ويحتضنوه في كمال قلوبهم[870]. القديس يوحنا الذهبي الفم * تعلم إذن كيف يليق بك أن تتناول جسد المسيح، أي في ذكرى طاعته حتى الموت، حتى أن الذين يعيشون لا يعيشون بعد لأنفسهم، وإنما لذاك الذي مات لأجلهم وقام[871] القديس باسيليوس الكبير خامسًا: يرى القديس يوحنا الذهبي الفم[872] أن السيد المسيح أعلن عن خائنه بعد تقديم الكأس واشتراك الخائن فيه، مظهرًا بأنه قد قدم له كل إمكانية للتوبة لكنه لم يرد أن يتوب. الله يفتح أبواب الرجاء للجميع، لكنه لا يُلزم أحدًا على التوبة بغير إرادته. إذ أعلن السيد المسيح أن واحدًا منهم سيسلمه بدأ الكل يتساءل، فمع معرفتهم بحبهم الشديد له، لكنهم كانوا يثقون في كلماته أكثر من ثقتهم في أنفسهم، لذا خشي كل واحد منهم لئلا يكون هو المقصود، إذ يعرف الكل أنهم ضعفاء ومعرضون للسقوط . ليتنا نتشبه بالإحدى عشر رسولًا، فنعرف ضعفنا، ولا نتكل على ذواتنا، بل على نعمة الله التي تحفظنا من السقوط. 5. مناقشة حول من هو الأعظم بينما كان السيد المسيح بكونه كلمة الله المتجسد يعلن عن اشتياق قلبه وشهوة نفسه أن يقدم حياته فصحًا عن البشرية، طالبًا صداقتهم على مستوى أبدي، كان قادة اليهود يتآمرون لقتل المسيّا والخلاص منه، أما التلاميذ ففي ضعف بشري كانوا يتشاحنون فكريًا على المراكز الأولى في الملكوت الجديد، حاسبين إياه ملكوتًا زمنيًا ماديًا. "وكانت بينهم أيضًا مشاجرة، من منهم يُظن أن يكون أكبر. فقال لهم: ملوك الأمم يسودونهم، والمتسلطون عليهم يدعون محسنين. وأما أنتم فليس هكذا، بل الكبير فيكم ليكن كالأصغر، والمتقدم كالخادم. لأن من هو أكبر، الذي يتكئ أم الذي يخدم؟! أليس الذي يتكئ؟! ولكني أنا بينكم كالذي يخدم. أنتم الذين ثبتّوا معي في تجاربي. وأنا أجعل لكم كما جعل لي أبي ملكوتًا. لتأكلوا وتشربوا على مائدتي في ملكوتي، وتجلسوا على كراسي تدينون أسباط إسرائيل الاثني عشر" [24-30]. أولًا: يقول القديس يوحنا الذهبي الفم أن السيد المسيح ينسب طلب المراكز الأولى للأمم[873]. وكأن العلامة الأولى للانتساب للأمم هو "التشامخ" وطلب المجد الزمني، وعلى العكس علامة الانتساب لجسد المسيح هو "التواضع" والاشتياق لاحتلال المركز الأخير في وسط الكل، لكي بالتواضع المملوء حبًا يمكننا أن نحتضن الجميع. بمعنى آخر، إن كلمة الله في محبته للبشرية أخلى ذاته، محتلًا مركز العبد لكي يحمل في جسده العبيد ويرتفع بهم إلى البنوة للآب. بذات الروح اشتاق الرسول بولس أن يستعبد نفسه ليربح الكثيرين (1 كو 9: 19)، بمعنى أنه اشتهى أن يتمثل بسيده، فيكون له هذا الشرف أن يحسب نفسه عبدًا للجميع، لا عن يأسٍ أو تحطيمٍ نفسيٍ، إنما عن حب حقيقي لربح الكثيرين. * ليت ذلك الذي هو رئيس لا ينتفخ بسبب عمله، لئلا يهوي من طوباوية التواضع، وإنما يليق به أن يعرف التواضع الحقيقي كخدمة للكثيرين... ليت الأعظم يكون كالأصغر. * يليق بالذين يحتلون المراكز الرئيسية أن يكونوا مستعدين أن يقدموا حتى الخدمة الجسدية على مثال الرب الذي غسل أقدام تلاميذه. لذا قيل "(ليكن) المتقدم كالخادم[874]". القديس باسيليوس الكبير * احفظ الإيمان والتواضع داخل نفسك، لأنك بهما تجد الرحمة والمعونة، وتسمع أقوالًا إلهية في قلبك، ويرافقك ملاكك الحارس في الظاهر وفي الخفاء. * التواضع وِشاح الألوهة، لأن الكلمة المتجسد تسربله، وكلّمنا عنه من خلال أجسادنا، فكل من يلبسه يتشبه حقًا بذاك الذي انحدر من علوه، وغطى فضيلة عظمته بالتواضع، وستر مجده به كي لا تلتهب الخليقة بمنظره. * المتواضع لا يبغضه أحد ولا يوبخه ولا يحتقره، لأن سيده يحبه. يحب الجميع والجميع يحبونه ويشتهونه في كل مكان، وحيثما وُجد ينظرون إليه كملاكٍ نوراني، ويقدمون له الإكرام * التواضع قوة خفية يحصل عليها القديسون الكاملون بعد تمام سيرتهم، ولا تعطي النعمة هذه القوة إلا للكاملين في الفضيلة[875] مار إسحق السرياني * لقد فتح التلاميذ طريقًا للضعف البشري، فكانوا يتنازعون فيما بينهم عمن يكون الأعظم والأكبر من الباقين... هذا الضعف أُثير فيهم وسُجل لأجل نفعنا، حتى أن ما حدث بين الرسل يكون علة لكي ننعم بالتواضع. إذ انتهر المسيح المرض، وكطبيبٍ ناجح ٍنزعه بوصية عميقة مملوءة غيرة... * لنوقف هذا التعالي الفاقد للشعور والباطل، هذا الذي ينبع عن حب المجد الباطل أصل الكبرياء. فإن رغبة السيطرة على الآخرين، والنزاع لبلوغ هذا الأمر، يجعل الإنسان بالحق ملومًا، مع أنه لا يخلو تمامًا مما يستحق المديح. فإن السمو في الفضيلة يستحق التقدير (التكريم)، لكن الذين يريدون بلوغ هذا يلزمهم أن يكونوا متواضعي الفكر، لهم مشاعر متواضعة، لا يطلبون أن يكونوا الأولين وذلك خلال حبهم للإخوة. هذا ما يريده فينا الطوباوي بولس، إذ كتب: "مقدمين بعضكم بعضًا في الكرامة" (رو 12: 10). هذه المشاعر يتأهل لها القديسون وبها يتمجدون، إذ تجعل تقوانا نحو الله مكرمًا، وتمزق شبكة خبث إبليس وتحطم فخاخه المتعددة، وتخلصنا من حفرة الفساد، وتجعلنا كاملين في التشبه بالمسيح مخلص جميعنا. أنصت، كيف يضع نفسه أمامنا مثالًا للفكر المتواضع وللإرادة التي لا تطلب المجد الباطل، إذ يقول: "تعلموا مني لأني وديع ومتواضع القلب" (مت 11: 29). * في العبارة التي قُرأت حالا يقول: "لأنه من هو أكبر، الذي يتكئ أم الذي يخدم؟ أليس الذي يتكئ؟ "ولكني أنا بينكم كالذي يخدم". حينما ينطق المسيح بذلك من لا ينزع عنه حب المجد الباطل، ويطرد عن ذهنه محبة الكرامة الفارغة، ويبقى في عناده وتصلفه؟! لأن الذي تخدمه كل الخليقة العاقلة المقدسة، الذي يسبحه السيرافيم... المساوي مع الله الآب في عرشه وملكوته احتل مركز العبد وغسل أقدام الرسل. بمعنى آخر أخذ مركز العبودية خلال تدبير الجسد... الذي يُخدم صار خادمًا، رب المجد أصبح فقيرًا، تاركًا لنا مثلًا كما هو مكتوب (1 بط 2: 21). ليتنا إذن نتجنب حب المجد الباطل، ونخلص من عار الرغبة في الرئاسة. بهذا نصير مثله، ذاك الذي أخلى ذاته لأجلنا[876] القديس كيرلس الكبير ثانيًا: طلب العظمة الزمنية يسبب انشقاقًا بين الإخوة، أيا كان مركزهم، حتى وإن كانوا تلاميذ المسيح، وكأن هذا الاتجاه هو المحطم للجماعة المقدسة. * إن كان التلاميذ قد تنازعوا، فهذا ليس عذرًا لك، وإنما هو تحذير. لنحذر لئلا يكون نزاعنا على المراكز الأولى هو هلاكنا. القديس أمبروسيوس ثالثًا: دعوة السيد المسيح لتلاميذه بعدم طلب المجد الباطل وحب الرئاسات ليس حرمانًا، وإنما هو توجيه نحو المجد الأبدي الذي نبلغه خلال الصليب. لهذا يؤكد لهم المراكز الكبرى التي ينالها الرسل بثبوتهم معه في تجاربه، أي حملهم صليبه كل يوم من أجل إيمانهم به وكرازتهم بإنجيله. يقول: "أنتم الذين ثبتوا معي في تجاربي، وأنا أجعل لكم كما جعل لي أبي ملكوتًا..." بمعنى آخر ليس فقط يدعوهم لترك المجد الباطل وإنما لحمل الصليب ومشاركة الرب آلامه ليشتركوا معه في أمجاده. وكما يقول الرسول بولس: "لأنه إن كنّا قد صرنا متحدين معه بشبه موته، نصير أيضًا بقيامته" (رو 6: 5). رابعًا: إذ يتحدث هنا عن التمتع بالملكوت الأبدي، فلا يعني بالأكل والشرب والجلوس على الكراسي المعنى الحرفي، لأن ملكوت الله ليس أكلًا ولا شربًا (رو 14: 17)، إنما يعني حالة الشبع الأبدي والسلطان في الرب. وكما يقول القديس كيرلس الكبير أنه يصف الأمور الروحية خلال تشبيهات من الحياة الحاضرة، إذ يُحسب ذلك امتيازًا كبيرًا أن يجلس الناس مع الملوك على مائدتهم، ويشتركون معهم في طعامهم! يقول القديس أمبروسيوس أن الرسل يدينون أسباط إسرائيل لا بجلوسهم على كراسي للقضاء بصورة مادية، وإنما يكونون علة تبكيت لهم خلال إيمانهم وفضائلهم، فينفضح جحود إسرائيل وإثمه. 6. تحذيره لبطرس أعلن صديقنا قبوله الآلام واحتماله الصلب لتقديم حياته الفصحية لأجل خلاصنا، فقد قابل قادة اليهود الحب بالبغضة ومحاولة الخلاص منه، كما قابل تلميذه يهوذا هذه الصداقة بالخيانة في أبشع صورها، الآن إذ يعلن لتلاميذه: "أنتم الذين ثبتوا معي في تجاربي" [28]، يؤكد أن هذا الثبوت في حقيقته هو عطية إلهية أو نعمة مجانية بدونها كان يمكن أن يفنى إيمانهم. بمعنى آخر أن كان سقوط يهوذا إلى الحضيض هو ثمرة شره الشخصي بالرغم من تقديم كل فرصة له للتوبة، فإن ثبات الإحدى عشر رسولًا هو هبة من الله، لكنهم يقبلون هذه الهبة في كمال حريتهم. هذا ما أعلنه السيد في تحذيره لبطرس الرسول. "وقال الرب: سمعان سمعان، هوذا الشيطان طلبكم لكي يغربلكم كالحنطة. ولكني طلبت من أجلك لكي لا يفنى إيمانك، وأنت متى رجعت ثبت إخوتك. فقال له: يا رب إني مستعد أن أمضي معك حتى إلى السجن وإلى الموت. فقال: أقول لك يا بطرس لا يصيح الديك اليوم قبل أن تنكر ثلاث مرات أنك تعرفني"[31-35]. ويلاحظ في هذا الحوار الآتي: أولًا: لعله اختار سمعان بطرس على وجه الخصوص، لأنه اتسم بالطموح والاندفاع، فربما كان أحد المنهمكين في الحديث عن "من هو الأكبر؟"، أو لأنه إذ سمع كلمات السيد: "أنتم الذين ثبتم في تجاربي" حسبَ نفسه أول الثابتين، فأراد الرب أن يكشف فيه ضعف الطبيعة البشرية بوجه عام، فيرى كل منا فيه ضعفه الشخصي. إن كان يهوذا يمثل "الخيانة" فإن بطرس يمثل "الضعف" الذي يحتاج إلى عونٍ إلهيٍ، فيقوم ليثبت ويثبت الآخرين معه خلال النعمة الفياضة التي ينالها. * قيل هذا لبطرس لأنه كان أكثر جسارة من البقية، وربما يشعر بالكبرياء من أجل الوعود التي قدمها المسيح (أن يملكوا ويدينوا أسباط إسرائيل الإثني عشر). الأب ثيؤفلاكتيوس ثانيًا: في هذا الحديث أبرز السيد المسيح حقيقة المعركة الروحية من أجل ملكوت الله، فإن كان قلب الإنسان هو ميدانها، لكن المعركة في حقيقتها بين الله والشيطان. هنا نرى الشيطان وقد استولى على قلب يهوذا وملك فيه بالكامل، طمع أن يملك في قلوب الآخرين، وهو لا يقدر أن يقتحم حياتنا ويجربنا دون استئذان، إذ يقول السيد المسيح: "هوذا الشيطان طلبكم لكي يغربلكم كالحنطة" [31]. فإن كانت تجاربه أشبه بالغربلة التي تفرز الزوان لحسابه ولا تقدر أن تمس الحنطة، لكن حتى هذه الغربلة لا تتم بدون استئذان من الرب. هنا تبرز حقائق روحية هامة، أن عدو الخير يبذل كل الجهد ليغربل ما استطاع كل البشر بتجاربه، لكنه وإن نال سماحًا من الله أن يغربل تبقى عناية الله على حنطته فلا تُمس بالتجارب بل تُفرز عن الحنطة وتتزكّى لكي تكلل؟ أقول إننا حنطة الله، موضع عنايته، لن يمسنا العدو الشرير مهما غربلنا. إلا إذا سمحنا لأنفسنا أن نتحول من حنطة الله إلى زوان إبليس. أيها الحبيب حتى وإن كنت زوانًا، فأعلم أن الرب قد جاء ليحوّل زواننا إلى حنطة، فينتزعنا من مملكة إبليس لنكون مملكته. حرب العدو متنوعة وبلا هوادة، وكما يقول القديس أوغريس للرهبان: أن العدو يحاربهم في النهار خلال من هم حولهم من البشر، أمّا في الليل فيقوم بمحاربتهم بنفسه مباشرة، إذ يقول: [في الليل تطلب الشياطين أن تغربل المعلم الروحي بأنفسهم، أما في النهار فتستخدم البشر ليحيطوه بأصناف المعاكسات والافتراءات والمخاطر[877].] ثالثًا: استخدم القديس أغسطينوس كلمات السيد المسيح لبطرس الرسول: "ولكني طلبت لأجلك لكي لا يفنى إيمانك" للرد على أتباع بيلاجيوس الذين في دفاعهم الشديد عن الحرية الإنسانية كادوا أن ينكروا عمل النعمة الإلهية، حاسبين أن الإنسان قادر على الخلاص بإرادته وبجهاده الشخصي. هنا يؤكد القديس أغسطينوس أنه حتى الإيمان هو عطية الله، إذ يطلب الابن الوحيد الجنس من أجل رسوله كي لا يفنى إيمانه. كان الرسول بطرس يظن في نفسه أنه قادر على مشاركة السيد المسيح كل آلامه حتى الموت، ففي غيرة بشرية لكن بقلب صادق قال: "يا رب إني مستعد أن أمضي معك حتى إلى السجن وإلى الموت" [33]، ولم يدرك أنه كان في حقيقته عاجزًا حتى عن الصلاة والسهر معه في البستان، ولا أن يقف أمام جارية في بيت رئيس الكهنة. لقد اعتمد بطرس على ذاته، ولم يدرك ضعفه الحقيقي... الأمر الذي يعرفه عنه سيده أكثر من معرفته هو لنفسه. * ماذا طلب السيد من أجله إلا أن يبقى مثابرًا حتى النهاية؟! بالتأكيد لو كان الإنسان قادرًا على ذلك من نفسه لما طُلب ذلك من الله لأجله. لذلك عندما يقول الرسول: "أصلي إلى الله أنكم لا تعملون شيئًا رديًا" (2 كو 13: 7)، بلا شك يصلّي إلى الله لأجلهم من أجل المثابرة[878] * بهذا لا نظن قط أن إيماننا يتوقف على حرية إرادتنا دون حاجة إلى عون إلهي[879]. * لقد عرف (السيد المسيح) بطرس على الدوام؛ عرفه حين كان بطرس لا يعرف نفسه. وذلك كما يحدث دومًا مع المرضى، فإن المريض لا يعرف ما يجري في داخله بينما يعرف الطبيب ذلك، حتى وإن كان الأول يتألم من المرض بينما الطبيب لا يتألم. يقدر الطبيب أن يخبرنا بما يدور في حياة الآخرين حسنًا، بينما لا يقدر المريض نفسه أن يخبر بما يدور في داخله. * لا يعرف الإنسان ما في داخله، لكن خالق الإنسان يعرف ما بداخل الإنسان[880]. القديس أغسطينوس * كان يعلمنا التواضع بكل وسيلة مؤكدًا أن الطبيعة البشرية بذاتها كلا شيء[881]. القديس يوحنا الذهبي الفم * يعلمنا أنه يلزمنا أن نفكر بتواضع من جهة أنفسنا، إننا كلا شيء، وبحسب طبيعتنا البشرية واستعدادنا الفكري نسقط في الخطية، ولكن به وفيه فقط نتقوى، ونصير على ما نحن عليه. إن كنا نستعير منه خلاصنا، فنُحسب به فضلاء وأتقياء فأي مجال إذن لأفكار الكبرياء؟ كل ما لدينا هو من عنده، وليس شيء من عندنا. "أي شيء لك لم تأخذه؟! وإن كنت قد أخذت فلماذا تفتخر كأنك لم تأخذ؟!" (1 كو 4: 7)، هذا ما نطق به الحكيم بولس، كما يقول الطوباوي داود: "الله قوّتنا"؛ مرة أخرى يقول: "الله ملجأ لنا وقوتنا" (مز 46: 1). كما يقول النبي إرميا: "يا رب عِزّي وحِصني وملجأي في يوم الضيق" (إر 16: 19). وأيضًا الطوباوي بولس إذ يتقدم يقول: "أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني" (فى 4: 13). نعم والمسيح نفسه يقول لنا: "بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئًا" (يو 15: 5). * يظهر المسيح أنه حتى ذاك الذي يبدو عظيمًا فهو كلا شيء وضعيف... إن كان الشيطان قد اعتاد أن يهاجم أناسًا ذوي سمو ممتاز غير عادي، فإنه يقيم معركة فريدة شرسة وبربرية ضد من لهم سمعة طيبة في الحياة التقوية[882] القديس كيرلس الكبير رابعًا: لقد طلب السيد المسيح من الآب لأجل بطرس، وكما يقول القديس كيرلس الكبير، أنه يتواضع لأجلنا، فيتحدث السيد هنا كما في حدود الإنسان، فإن كان هو الله بطبيعته، حتى وإن كان قد صار جسدًا، وهو قوة الآب الذي به يُحفظ كل شيء، ومنه ننال قدرة العمل الصالح، لكنه إذ صار إنسانًا يطلب من الآب. [كان ضروريًا، نعم كان لائقًا بذاك الذي لأجل التدبير أن يصير إنسانًا مثلنا أن يمارس أيضًا أعمالنا عندما يستلزم الأمر ذلك[883].] خامسًا: يرى القديس أغسطينوس[884] إن طلبة السيد المسيح من أجل بطرس لم تقيد حرية إرادة بطرس، فإنه لا يلزمه بعدم السقوط. إنه يقدم العون الإلهي، ومن حق بطرس أن يقبل هذا العون أو يرفضه. في موضع آخر يؤكد ذات القديس[885] أن الله يهتم بحرية الإنسان، وإلا كانت وصاياه بلا نفع، لكنه يحتاج إلى النعمة الإلهية لتسنده على تنفيذ الوصية. سادسًا: يميز القديس باسيليوس الكبير بين سقوط المندفعين مثل القديس بطرس وسقوط الآخرين، قائلًا بأن الله يسمح للمندفعين (في الغيرة) بالسقوط أحيانًا كعلاج لهم من الاتكال على الذات، وغالبًا ما يتم ذلك خفية وعن ضعف الإنسان وليس عن جحود وإصرار، أما الآخرون
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://kermarysa.yoo7.com/f25-montada
 
لوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  لوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي
» لوقا 22 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المتألم الجزء(3) للقمص تادرس يعقوب ملطي
» لوقا 23 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المصلوب الجزء(2) للقمص تادرس يعقوب ملطي
» لوقا 6 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المعلِّم الجزء (1) للقمص تادرس يعقوب ملطي
»  لوقا 23 - تفسير إنجيل لوقا الصديق المصلوب الجزء(1) للقمص تادرس يعقوب ملطي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى البابا كيرلس و مارمينا و ابونا يسى :: قسم الكتاب المقدس ::  منتدى العهد الجديد-
انتقل الى: