يوحنا 11 - تفسير إنجيل يوحناإقامة لعازر من الأموات
واهب القيامة الجزء(5)للقمص تادرس يعقوب ملطي
4. أثر إقامة لعازر
"فكثيرون من اليهود الذين جاءوا إلى مريم،
ونظروا ما فعل يسوع،
آمنوا به". [45]
كثير من أصدقاء مريم اليهود آمنوا به[45]،أكثرهم كانوا قد جاءوا من أورشليم، أقرب مدينة إلى قرية عنيا، وقد عُرف شعب أورشليم بمقاومته للسيد المسيح.بينما قدم البعض تقريرًا عما حدث للفريسيين [46]، الذين استدعوا مجمع السنهدرين للانعقاد[47]، وخططوا لقتل يسوع[48-57]. لقد تنبأ قيافا رئيس الكهنة أنه ينبغي أن يموت واحد عن الشعب كله [49-52].
ثمر هذا العمل العجيب كالعادة يقدم رائحة حياة لحياة، ورائحة موت لموتٍ. كثيرون إذ نظروا ما صنع يسوع آمنوا به، بينما آخرون ذهبوا إلى رؤساء الكهنة والفريسيين، إما ليثيروهم أو ليقدموا شهادة عما حدث أو ليدعوهم للإيمان. وكان موقف رؤساء الكهنة والفريسيين مقاومًا للسيد المسيح.
شعرت المجموعة الأولى من المعزين أنه لا حاجة لاستشارة رؤساء الكهنة والفريسيين، وأنه يجب الكف عن مقاومة الحق الإلهي. صارت زيارة بيت الحزن علة تحولهم إلى الإيمان الحقيقي. وتحققوا من قول الحكيم أن الذهاب إلى بيت النوح أفضل من الذهاب إلى بيت الوليمة (جا ٧: ٢). هؤلاء جاءوا بنيةٍ صادقةٍ لتعزية مريم ومرثا، فخرجوا متعزين بعمل الله والإيمان بالسيد المسيح واهب القيامة. فإن من يروي يُروى (أم ١١: ٢٥). لهذا وجب ألاَّ يكف أحد عن عمل الخير ما دام في استطاعته (أم ٣: ٢٧).
لماذا قال: "جاءوا إلى مريم" ولم يقل إلى "مرثا" أيضًا؟ ربما كانت مريم أكثر شهرة في أورشليم عن مرثا، فجاءت الأغلبية لتعزية مريم. هذا ويرى البعض أن مرثا تميل إلى العمل والحركة بينما مريم تميل إلى الجلسات الهادئة (لو ١٠: ٣٨-٤٠). والذي يميل إلى العمل لا يجد وقتًا حتى للقاء مع المعزين، أما الذي يميل إلى الهدوء فيود أن يجلس مع المعزين.
"وأما قوم منهم فمضوا إلى الفريسيين،
وقالوا لهم عما فعل يسوع". [46]
تمثل هذه الجماعة الشكليين في العبادة، فالحق واضح، والعمل الإلهي ملموس، لكنهم وهم يعلمون مقاومة القيادات له ذهبوا يخبرونهم.
"فجمع رؤساء الكهنة والفريسيون مجمعًا وقالوا:
ماذا نصنع، فإن هذا الإنسان يعمل آيات كثيرة". [47]
لما كانت المعجزة تصرخ بالحق الذي لا يمكن مقاومته ولا إنكاره عقد رؤساء الكهنة والفريسيون مجمعًا. أدركوا أن قرارات السنهدرين لن تجدي. فالشعب التف حوله وصار الخطر يمس حياة الأمة كلها وسلامها. لم يُعقد المجمع للاستشارة أو إصدار قرارات للشعب، إنما للتحرك العملي للخلاص من يسوع.
ألبسوا القضية جانبًا سياسيًا خطيرًا في تحليلٍ للموقف مغالط للحقيقة، وهو أن يسوع هذا لا يكف عن عمل آيات كثيرة وفريدة مثل شفاء المولود أعمى وإقامة لعازر من الأموات، الأمر الذي حول الجميع إليه، يؤمنون به ويقيمونه ملكًا، بكونه المسيا المنتظر الذي يقيم خيمة داود الساقطة. بهذا يفقد مجمع السنهدرين سلطانه، ويفقد القادة الدينيون سلطانهم. وإذ يشعر الرومان بإقامة ملك لليهود يدخلون بجيش، ويستولون على أورشليم ويهدمون الهيكل، ولا يوجد من يقاوم أو يعارض. هكذا يحتل الرومان الموضع سياسيًا ودينيًا.
* أخفت هذه القيادات مشاعر حسدهم وغيرتهم الشريرة تحت ستار الدفاع عن الأمة اليهودية والهيكل الذي يعتبرونه أقدس موضع في العالم وأعظم مبنى وأفخمه.
انظر ماذا فعل اليهود، وقد كان واجبًا أن يُذهلوا ويتعجبوا من قيامة لعازر، إلا أنهم أرادوا أن يقتلوا من أقام ميتًا.
يا لغباوتهم إذ ظنوا أن يدفعوا إلى الموت من قهر الموت في أجسام آخرين.
وفي قول رؤساء الكهنة والفريسيين: "ماذا نصنع فإن هذا الإنسان يعمل آيات كثيرة" يدعونه إنسانًا... وقالوا لا ماذا نصنع؟ فقد وجب عليكم أن تؤمنوا وتسترضوه وتسجدوا له، ولا تظنوه أيضًا إنسانًا.
القديس يوحنا الذهبي الفم
"إن تركناه هكذا، يؤمن الجميع به،
فيأتي الرومانيون، ويأخذون موضعنا وأمتنا". [48]
يتساءل العلامة أوريجينوس عن هؤلاء القوم الذين مضوا إلى الفريسيين إن كانوا قد فعلوا هذا لكي يراجع الفريسيون أنفسهم ويؤمنوا، أم لكي يثيروهم بالأكثر ضده ويسرعوا بوضع الخطة للخلاص منه، وهو يميل إلى الرأي الثاني.
* ما خشاه رئيس الكهنة والفريسيون تحقق بطريقة رمزية. فإن كان رئيس الكهنة يمثل شهوات الجسد التي تقاوم شهوات الروح، فإنه لم يكن ممكنًا له أن يغلب رئيس الكهنة الأعظم ربنا يسوع المسيح، الذي بالحق احتل موضعه، لكن على مستوى سماوي أبدي. وعوض الفكر الفريسي الحرفي تمتعنا بالروح، فلم يعد للفريسيين موضع. أما أن يحتل الرومان موضع اليهود، فإن الرومان يمثلون كنيسة الأمم التي صارت إسرائيل الجديد، واحتلت موضع إسرائيل القديم كشعبٍ مقدسٍ كهنوتيٍ صاحب الوعود الإلهية.[1232]
العلامة أوريجينوس
* "تورط الوثنيون في الدمار الذي عملوه، في الشبكة التي أخفوها انتشبت أرجلهم" (مز ٩: ١٥LXX). هذا هو حال اليهود.
لقد قالوا أنهم يقتلون يسوع، لئلا يأتي الرومانيون ويأخذون موضعهم وأمتهم، وعندما قتلوه حدثت هذه الأمور لهم. عندما فعلوا هذا الذي حسبوا أنهم به يهربون، إذا بهم لم يفلتوا منها. الذي قُتل هو في السماء، والذين قتلوه نصيبهم في جهنم[1233].
* كأنهم قالوا: إذا رأى الرومانيون أن السيد المسيح مقلقًا للشعوب يظنون فينا العصيان عليهم، فيهدمون مدينتنا.
وأنا أسأل أحدهم: قل لي متى رأيت السيد المسيح يعلم بالعصيان؟ أما أشار بإعطاء الجزية لقيصر؟ أما أردتم أن تصيروه ملكًا فهرب؟ ألم يعش حياة بسيطة خالية من التباهي، ولم يمتلك منزلًا ولا شيئًا آخر من الممتلكات وأمثالها؟
فهذه الأقوال نطقوا بها ليس متوقعين أنها تحدث، لكنهم قالوها حسدًا، لأن من أبرأ المرضى وعلم الحياة الفاضلة وأشار بالخضوع للرؤساء، لا يثير عصيانًا، بل يهدم العصيان ويزيله.
القديس يوحنا الذهبي الفم
"فقال لهم واحد منهم، وهو قيافا،
كان رئيسًا للكهنة في تلك السنة:
أنتم لستم تعرفون شيئًا". [49]
بحسب الشريعة يُقام رئيس الكهنة مدى الحياة (خر ٤٠: ١٥)، وذلك بالوراثة متسلسلًا من هرون وأبنائه. لكن في ذلك تدخلت السلطات الرومانية، وحملت سلطة عزل وإقامة رئيس الكهنة كما يحلو لهم وفي أي وقتٍ يشاءون، دون التزام بالشريعة سوى أن يكون من النسل الكهنوتي. جاء في يوسيفوس المؤرخ أن قيافا هو اسم الشهرة، وأن اسمه الحقيقي هو يوسف. كان رئيسًا للكهنة لمدة ثماني أو تسع سنوات، وغالبًا ما قام فيتايليوسVitellius والي اليهودية بعزله[1234].
لم يتطلع الرومان إلى السيد المسيح كمقاومٍ لمملكتهم، ولم تشغلهم شعبيته قط، لأنه نادى بالخضوع للسلطات ودفع الجزية لقيصر، بل طالب سمعان بطرس أن يدفع عن نفسه وعنه الجزية. وفي محاكمته نرى بيلاطس يبذل الجهد عدة مرات ليطلقه.
"ولا تفكرونإنه خير لنا أن يموت إنسان واحد عن الشعب،
ولا تهلك الأمة كلها". [50]
كان رئيس الكهنة يرتدي الصدرية التي بها الأوريم والتميم (خر 28: 30)، ويصلي إلى الله ليعطيه مشورة صادقة، لكن يبدو أن هذا الأمر كان قد انتهى تمامًا. فقدم رئيس الكهنة مشورته للمجمع لا خلال استشارة الله، بل خلال حسده الشرير. قدم ما يبدو حسب الفلسفة البشرية أنه منطقي وصادق مبني على فكرٍ سليمٍ، غير أنه في الحقيقة كان مبنيًا على مشاعر شريرة ورغبة قوية للخلاص من ذاك الذي سحب شعبيتهم وفضح شرهم. جاء في إشعياء النبي: "قد ارتد الحق إلى الوراء، والعدل يقف بعيدًا، لأن الصدق سقط في الشارع، والاستقامة لا تستطيع الدخول" (إش ٤٩: ١٤).
"ولم يقل هذا من نفسه،
بل إذ كان رئيسًا للكهنة في تلك السنة،
تنبأ أن يسوع مزمع أن يموت عن الأمة". [51]
* لم يتكلم قيافا رئيس الكهنة من نفسه، ولا أدرك معنى ما قاله، مع أنه نطق بنبوة. وفي بولس أيضًا وجد بعض معلمي الناموس "وهم لا يفهمون ما يقولون، ولا ما يقررونه" (١ تي ١: ٧). لكن ليس هذا حال الإنسان الحكيم الذي يقول عنه سليمان في الأمثال: "الحكيم يفهم كلمات فمه ويحمل تعقلًا على شفتيه" (راجع أم ١٦: ٢٣).[1235]
العلامة أوريجينوس
* أرأيت كم هي قوة الرئاسة الكهنوتية، لأن قيافا لما تأهل لرئاسة الكهنوت، على الرغم من كونه خاليًا من أن يكون مؤهلًا لها تنبأ، غير عارفٍ ما قاله. فقد استخدمت النعمة فمه فقط، ولم تلمس قلبه الدنس. وآخرون كثيرون قالوا أشياء قبل كونها وتنبأوا، وكانوا قد فشلوا في أن يكونوا أهلًا لذلك، وهم: نبوخذنصر وفرعون وبلعام. أنظر كم هي قوة الروح، إذ اقتدرت أن تُسخر نية خبيثة للنطق بألفاظٍ مملوءة نبوة عجيبة[1236].
* ماذا يعني: "إذ كان رئيسًا للكهنة في تلك السنة"؟ هذا الأمر كغيره قد فسد، فإنه منذ صارت تلك الوظائف موضوع شراء (بالمال)، لم يعودوا كهنة مدى حياتهم وإنما لمدة عام. ومع هذا كان لا يزال الروح حاضرًا في هذه الحالة. ولكن عندما رفعوا أيديهم ضد المسيح تركهم الروح وتحول إلى الرسل. هذا أعلنه الحجاب الذي انشق، وصوت المسيح القائل: "هوذا بيتكم يترك لكم خرابًا" (مت ٢٣: ٣٨). قال يوسيفوس الذي عاش فترة قصيرة بعد ذلك أن ملائكة معينين الذين بقوا معهم لعلهم يرجعون (عن شرهم) تركوهم[1237].
القديس يوحنا الذهبي الفم
"وليس عن الأمة فقط،
بل ليجمع أبناء الله المتفرقين إلى واحد". [52]
جاءت هاتان العبارتان شرحًا يقدمه الإنجيلي يوحنا كيف استخدم الله حتى شر رئيس الكهنة للشهادة للحق، والتنبؤ عن عمل المسيح الخلاصي لحساب اليهود، بل ولحساب أبناء الله في كل العالم من اليهود والأمم معًا.
من هم أبناء الله المتفرقون؟ المؤمنون من كل الأمم، إذ يجتمعون معًا كأعضاء في جسد المسيح الواحد. يرى العلامة أوريجينوس أن إسرائيل حسب الجسد أيضًا بعد التشتيت يقبلون الإيمان بالمسيح ليجتمعوا معًا إلى واحد[1238].
"فمن ذلك اليوم تشاوروا ليقتلوه". [53]
* بالحقيقة لقد طلبوا أن يفعلوا ذلك من قبل، إذ يقول الإنجيلي: "فمن أجل هذا كان اليهود يطلبون أكثر أن يقتلوه" (يو ٥: ١٨)، وأيضًا قال (السيد): "لماذا تطلبون أن تقتلوني؟" (يو ٧: ١٩). كانوا قبلًا يطلبون ذلك أما الآن فإنهم قرروا ما قد صمموا عليه وتحركوا للعمل[1239].
القديس يوحنا الذهبي الفم
"فلم يكن يسوع أيضًا يمشي بين اليهود علانية،
بل مضى من هناك إلى الكورة القريبة من البرية إلى مدينة يقال لها افرايم،
ومكث هناك مع تلاميذه". [54]
"افرايم" هي قرية صغيرة قريبة من بيت إيل، وقد ضمهما الكتاب المقدس معًا في ٢ أي ١٣: ١٩، وأيضًا في يوسيفوس[1240].
يعتقد أنها ذات المدينة أو القرية الواردة في ١ مك ٥: ٤٦؛ ٢ مك ١٢: ٢٧. أعطاها يشير لسبط يهوذا (يش ١٥: ٩). يقول كل من يوسابيوس والقديس چيروم أنها على بعد حوالي ٢٠ ميلًا من أورشليم. يرى البعض انه مكث هناك من ٢٤ يناير إلى ٢٤ مارس، أي لمدة شهرين.[1241].
* أعتقد أن هذه الكلمات وما يشبهها سُجلت، لأن الكلمة يود أن يردنا عن التهور بسرعة شديدة وفي غير تعقلٍ للصراع مع الموت من أجل الحقٍ (سيراخ ٤: ٢٨) والاستشهاد.
فمن جانب من الصواب ألا تتجنب الاعتراف، وأيضًا ألا تتردد في الموت من أجل الحق، إن دخل إنسان في صراع من أجل الاعتراف بيسوع. ومن الجانب الآخر ليس بأقل صوابًا أيضًا أنه إذا وُجدت محنة عظيمة لا تسقط فيها، بل تتجنبها ما استطعت، ليس فقط لأن نتيجة ما سيحدث غير واضحة أمامنا، ولكن أيضًا لكي لا نكون مسئولين عن أن نثير الذين لا يريدون بالفعل أن يسفكوا دمنا، فيسقطون في هذه الجريمة، ويصيرون بالأكثر خطاة وأشرارًا، وذلك إن كنا نعمل ما هو لنفعنا ولا نبالي بالذين يتآمرون ضدنا للموت. بسببنا يسقطون في عقوبات أشد، إن ركزنا على أنفسنا ولا نعطي اعتبارًا لما يخص الآخرين، فنخلص أنفسنا بقتلنا بينما لا تكون هناك ضرورة تستدعي ذلك.[1242]
* "افرايم" معناها "إثمار"، وهو أخ منسي الأكبر منه ويعني "نسيان". فإنه إذ ترك خلفه الشعب "كما في النسيان" جاءت ثمار الأمم. حينما حول الله أنهار إسرائيل إلى برية، ومصادر المياه إلى أرض جافة والأرض الخصبة إلى أرض قاحلة وذلك بسبب شر الساكنين فيها (مز ١٠٦: ٣٣-٣٨). لكنه يحول البرية التي للأمم إلى أحواض مياه، وأرضهم الجافة إلى مصادر حياة.[1243]
العلامة أوريجينوس
"وكان فصح اليهود قريبًا،
فصعد كثيرون من الكور إلى أورشليم قبل الفصح ليطهرواأنفسهم". [55]
* أراد اليهود أن يجعلوا يوم العيد قرمزيًا بدم الرب. فيه ذُبح الحمل الذي قدسه كيوم عيدٍ لنا بدمه. كانت هناك خطة بين اليهود لقتل يسوع، وذاك الذي جاء من السماء ليتألم أراد أن يقترب من موضع آلامه، لأن ساعة آلامه قد جاءت[1244].
القديس أغسطينوس
* يا له من تطهير عجيب بتصميمٍ لارتكاب جريمة، ونيات تنزع نحو القتل، وأيادي سافكة للدماء![1245]
القديس يوحنا الذهبي الفم
"فكانوا يطلبون يسوع ويقولون فيما بينهم وهم واقفون في الهيكل:
ماذا تظنون هل هو لا يأتي إلى العيد؟" [56]
ربما كان أهل افرايم يطلبونه إذ فارق المدينة، لعله ذهب إلى أريحا أو إحدى نواحيها. ولعل الذين طلبوه هم من قبل رئيس الكهنة، كانوا يبحثون عنه ليخبروا رئيس الكهنة بالموضع الذي يقيم فيه أثناء الاحتفال بالعيد.
* جعلوا من الفصح فرصة للتخطيط ضده، وحسبوا وقت العيد وقت جريمة، فإنه سيسقط في أيديهم إذ يستدعيه موسم العيد[1246].
القديس يوحنا الذهبي الفم
* الذين بحثوا عنه والذين لم يبحثوا عنه هم ملامون. لهذا ليتنا نطلب المسيح ليكون هو لنا، فنحفظه، لا لكي نقتله[1247].
القديس أغسطينوس
"وكان أيضًا رؤساء الكهنة والفريسيون قد أصدروا أمرًا،
أنه إن عرف أحد أين هو، فليدل عليه لكي يمسكوه". [57]
* ليأتوا إلى الكنيسة ويسمعوا منا أين هو، يسمعوا ذلك من الإنجيل... إنه رحل (صعد)، وهو حاضر هنا. لقد عاد لكنه لم يتركنا. لقد حمل جسده إلى السماء لكنه لم يسحب جلاله من العالم[1248].
القديس أغسطينوس
من وحيّ يو 11
لتصرخ بصوت عظيم مناديًا باسمي: هلم خارجًا!
* مريم ومرثا تبعثان إليك رسالة من أجل أخيهما:
هوذا الذي تحبه مريض!
ها اخوتي المجاهدون يطلبون عني أمامك.
واخوتي الراحلون في الفردوس يشفعون أمام عرشك.
من يقدر أن يقيمني من مرضي سواك يا طبيب النفوس والأجساد!
* دبّ المرض في كل كياني،
احتلّ فكري وقلبي وكل حواسي.
واحتلّ الفساد داخلي.
من ينقذني من هذا الجسد الفاسد إلا أنت يا أيها القيامة!
* لتنطلق يا أيها السماوي إلى قبري!
فقد سببتُ انزعاجًا حتى لنفسك!
فإني موضوع حبك!
لتصرخ بصوتك الإلهي مناديًا اسمي،
ولتقل: "هلمّ خارجًا".
عبورك إلى قبري وهبني القيامة بعد الموت،
لا يكون للموت وجود في حضرة القيامة!
اعترف بخطيتي، وأتمتع بالحلّ الرسولي حسب وعدك:
ما حللتموه على الأرض يكون محلولًا في السماء!
* بك أتمتع بالحياة المُقامة المتهللة!
نعم، رددت لي بهجة خلاصك.
وتحوّل المأتم إلى عيدٍ لا ينقطع!
أختاي على الأرض وفي الفردوس تمجدانك،
أنت مخلص النفوس من فساد الموت!
* ليس لي ما انطق به،
صارت حياتي الجديدة شهادة حيّة لأعمالك الفائقة.
ليؤمن الكثيرون بك،
إذ يروك متجليًّا في ضعفي!
وليثر عدو الخير وجنوده،
فإنه لا يحتمل نور القيامة فيّ!
* أخيرًا اسمح لي أن أعبر معك على القبور،
لتنادي كل شخص باسمه،
ما أعذب صوتك لي، وأنت تصرخ:
"هلمّ خارجًا!
يا له من محفلٍ ممتعٍ،
إذ تخرج النفوس من قبورها مشرقة ببهائكّ
عِوض الفساد تتمتع بشركة طبيعتك الإلهية!
فيتحوّل الكثيرون إلى عروس سماوية،
مهيأة ومعدة للعرس الأبدي غير المنقطع!