منتدى البابا كيرلس و مارمينا و ابونا يسى
كورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي 16996
أهلا بكم فى منتدى البابا كيرلس و مارمينا و أبونا يسى
عزيزى الزائر / عزيزتى الزائرة : يرجى التكرم بالدخول اذا كنت عضوا بالضغط على كلمة دخول و كتابة اسمك و كلمة السر
واذا لم تكن قد سجلت بعد يسرنا اشتراكك فى المنتدى بالضغط على كلمة تسجيل
لإخفاء هذه النافذة اضغط على إخفاء
منتدى البابا كيرلس و مارمينا و ابونا يسى
كورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي 16996
أهلا بكم فى منتدى البابا كيرلس و مارمينا و أبونا يسى
عزيزى الزائر / عزيزتى الزائرة : يرجى التكرم بالدخول اذا كنت عضوا بالضغط على كلمة دخول و كتابة اسمك و كلمة السر
واذا لم تكن قد سجلت بعد يسرنا اشتراكك فى المنتدى بالضغط على كلمة تسجيل
لإخفاء هذه النافذة اضغط على إخفاء
منتدى البابا كيرلس و مارمينا و ابونا يسى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى البابا كيرلس و مارمينا و ابونا يسى



 
الرئيسيةالمجلةأفلام دينيةترانيمأحدث الصورعظاتبرامجالعابالتسجيلدخولمركز رفع الصور
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
أوامر مهمة
المواضيع الأخيرة
» شريط حياتي رضاك للشماس بولس ملاك
كورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالأحد 30 يونيو 2024, 10:20 am من طرف مايكل مجدى فوزى

» برنامج ps1 mix150 بحجم 21 ميجا لتشغيل العاب البلاى سيش
كورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالخميس 20 يونيو 2024, 10:33 pm من طرف غزول

» شريط / كنيستى - المعلم ابراهيم عياد
كورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالثلاثاء 02 أغسطس 2022, 12:07 am من طرف هاني الناجح

» شريط (( الشهداء )) للمرنم انطون ابراهيم عياد
كورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالثلاثاء 02 أغسطس 2022, 12:02 am من طرف هاني الناجح

» شريط (( ساكت ليه )) للمرنمة هايدى منتصر
كورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالثلاثاء 26 أبريل 2022, 9:59 am من طرف michel sobhy

» مجموعة اشرطة للمعلم ابراهيم عياد
كورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالجمعة 08 أبريل 2022, 11:51 am من طرف usama caribou

»  قصة الرحمة حياة
كورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالثلاثاء 08 مارس 2022, 10:48 pm من طرف kamel

» ملف كامل عن ظهورات العذراء حول العالم على مر العصور !!!
كورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالثلاثاء 08 مارس 2022, 10:38 pm من طرف kamel

» صلاة من عمق القلب لك يارب ????????????????
كورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالثلاثاء 08 مارس 2022, 10:26 pm من طرف kamel

» مقولة أعجبتنى.. ياريت الجميع بشارك..!!
كورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالثلاثاء 08 مارس 2022, 10:14 pm من طرف kamel

» من معجزات ابونا يسى
كورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالخميس 10 يونيو 2021, 10:25 am من طرف malak lopos

» قصه حياه ابونا يسى
كورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالخميس 10 يونيو 2021, 10:23 am من طرف malak lopos

» كتاب معجزات ابونا يسى ميخائيل الجزء ال 38 ( 3 )
كورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالخميس 10 يونيو 2021, 10:22 am من طرف malak lopos

» تمجيد للأنبا ابرآم اسقف الفيوم و الجيزة بمناسبة عيده
كورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالخميس 10 يونيو 2021, 10:17 am من طرف malak lopos

» من معجزات الأنبا ابرآم اسقف الفيوم والجيزة
كورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالخميس 10 يونيو 2021, 10:16 am من طرف malak lopos

» صلاة للبابا كيرلس كتبها لأحد الطلبة
كورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالثلاثاء 09 مارس 2021, 10:54 am من طرف malak lopos

» من اقوال البابا كيرلس السادس
كورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالثلاثاء 09 مارس 2021, 10:53 am من طرف malak lopos

» مفاجأة رائعة 19 شريط للبابا كيرلس بمناسبة عيد نياحته
كورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالثلاثاء 09 مارس 2021, 10:51 am من طرف malak lopos

» 56 معجزة للبابا كيرلس بمناسبة عيد نياحته
كورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالثلاثاء 09 مارس 2021, 10:51 am من طرف malak lopos

» woooooooooooooooow
كورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالجمعة 22 يناير 2021, 5:09 pm من طرف ماجد فايزفرج

» فيلم ابونا يسطس الانطونى________جمييييييييييييييل جداااااا
كورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالجمعة 22 يناير 2021, 5:07 pm من طرف ماجد فايزفرج

»  سنة جديدة ... ( كلمات الشاعر و الروائى / وائل كرمى )
كورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالأربعاء 13 يناير 2021, 10:48 am من طرف وائل كرمى

» شريط (( وفى دينى )) للمرنم الرائع ( فرج عزيز )
كورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالخميس 20 أغسطس 2020, 10:09 pm من طرف usama caribou

» اسطوانة الأجبية مكتوبة و مسموعة
كورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالسبت 15 أغسطس 2020, 6:03 pm من طرف malak lopos

» العذراء فى القداس الإلهى
كورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالخميس 06 أغسطس 2020, 10:27 am من طرف malak lopos

» معجزه العذراء والابره
كورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالخميس 06 أغسطس 2020, 10:23 am من طرف malak lopos

»  ليك فى قلبى كلام ... ( كلمات الشاعر و الروائى / وائل كرمى )
كورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالأربعاء 05 أغسطس 2020, 10:28 am من طرف وائل كرمى

» معجزات الشهيد ابانوب النهيسى
كورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالجمعة 31 يوليو 2020, 5:33 pm من طرف malak lopos

» معجزة للقديس ابانوب
كورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالجمعة 31 يوليو 2020, 5:32 pm من طرف malak lopos

» شريط (( طوباك يا ابانوب )) للشماس بولس ملاك
كورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالجمعة 31 يوليو 2020, 5:29 pm من طرف malak lopos

» الكتاب المقدس مكتوب و مسموع ( العهد القديم )
كورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالخميس 30 يوليو 2020, 5:28 pm من طرف malak lopos

»  شريط أيتها العذراء المعلم ابراهيم عياد + أنطون ابراهيم
كورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالثلاثاء 21 يوليو 2020, 8:35 pm من طرف كيرلس رزق

» شريط سحابة شهود للقديس يوليوس الاقفهصى بولس ملاك
كورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالثلاثاء 21 يوليو 2020, 8:23 pm من طرف كيرلس رزق

» اسطوانة الأسفار القانونية الثانية مكتوبة و مسموعة
كورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالجمعة 17 يوليو 2020, 6:50 pm من طرف malak lopos

» الكتاب المقدس مكتوب و مسموع
كورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالأحد 12 يوليو 2020, 11:32 am من طرف malak lopos

»  مدينة الحب ... كلمات (الشاعر و الروائى / وائل كرمى )
كورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالجمعة 09 أغسطس 2019, 5:58 pm من طرف وائل كرمى

»  شريط غالي عليه (( روماني روؤف وفرج عزيز ))
كورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالخميس 18 يوليو 2019, 11:00 pm من طرف romany nasser

» شريط (( فى عينى دمعة )) للمرنم ذو الصوت الرائع فرج عزيز
كورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالخميس 18 يوليو 2019, 10:15 pm من طرف romany nasser

» شريط أنا المفدى للمرنم فرج عزيز
كورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالخميس 18 يوليو 2019, 10:14 pm من طرف romany nasser

» قصة كلام الناس
كورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالثلاثاء 09 يوليو 2019, 10:23 am من طرف مريانا

شارك اصدقائك على الفيس بوك و تويتر و جوجل
شروحات مهمة
كورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي 01010110


 كورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي 01010111


 كورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي 01010112

 كورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي 0011
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
malak lopos
كورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_rcapكورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_voting_barكورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_lcap 
سالى عبده
كورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_rcapكورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_voting_barكورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_lcap 
عزت
كورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_rcapكورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_voting_barكورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_lcap 
kamel
كورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_rcapكورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_voting_barكورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_lcap 
مريانا
كورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_rcapكورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_voting_barكورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_lcap 
د.محبوب
كورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_rcapكورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_voting_barكورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_lcap 
mmk
كورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_rcapكورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_voting_barكورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_lcap 
بهيج
كورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_rcapكورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_voting_barكورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_lcap 
مارونا
كورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_rcapكورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_voting_barكورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_lcap 
diana.wahba
كورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_rcapكورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_voting_barكورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي I_vote_lcap 
احصائيات
هذا المنتدى يتوفر على 5599 عُضو.
آخر عُضو مُسجل هو مايكل مجدى فوزى فمرحباً به.

أعضاؤنا قدموا 38275 مساهمة في هذا المنتدى في 16742 موضوع
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 16 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 16 زائر

لا أحد

أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 563 بتاريخ الخميس 24 مايو 2012, 9:00 pm
اختار لغة المنتدى
أختر لغة المنتدى من هنا

 

 كورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
سالى عبده
عضو ماسى
 عضو ماسى
سالى عبده


عدد المساهمات : 5556
نقاط : 17286
تاريخ التسجيل : 04/02/2012
العمر : 45
الموقع : https://www.facebook.com/ssoly1

كورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Empty
مُساهمةموضوع: كورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي   كورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي Emptyالأربعاء 02 يناير 2013, 10:09 am


4. تقرير أهل بيت خلوي

"ولكنني أطلب إليكم أيها الاخوة باسم ربنا يسوع المسيح

أن تقولوا جميعكم قولًا واحدًا،

ولا يكون بينكم انشقاقات،

بل كونوا كاملين في فكرٍ واحدٍ ورأيٍ واحدٍ" [10].

إذ انتهى الرسول من المقدمة بدأ يحثهم على الكف عن الانشقاقات ليكون لهم القلب الواحد والفكر الواحد، مركزين كل طاقاتهم في التمتع برجاء الإنجيل.

يطلب إليهم "باسم ربنا يسوع"، فإنه يدرك ما لهذا الاسم من قوة في عمل الآيات، ولعل من أهم هذه الآيات هي أن يجمع الكل معًا فيه، فيصير لهم القول الواحد والفكر الواحد، ولا تجد الانشقاقات لها موضعًا فيها.

لاحظ القديس يوحنا ذهبي الفم أن اسم يسوع المسيح أُشير إليه في هذه الرسالة أكثر من غيرها. غاية الرسول من ذلك هو أن يسحب قلوب كل فريق من الإعجاب بالمعلمين إلى شخص المسيح نفسه.

حسنًا أضاف بولس اسم المسيح هنا، إذ لم يكن أهل كورنثوس يمجدونه[43].

ثيؤدرت أسقف قورش

يسألهم أن يقولوا جميعهم "قولًا واحدًا"، فإنهم وإن اختلفوا في الآراء في أمور كثيرة لكن حين يعلنون عن إيمانهم باللَّه وعمله الخلاصي يلزمهم أن ينطقوا بذات الكلمات حتى لا تحدث انشقاقات في الكنيسة.

بالإيمان يصيروا كملائكة اللَّه الذين لن يعانوا قط من أية انشقاقات أو خلافات. بالحب الحق يتمتع الكل بالفكر الواحد، أي ينالوا فهمًا واحدًا للحقائق الإلهية والحياة السماوية.

وقف بولس أولًا ضد المرض نفسه، نازعًا جذور الشرور وثمارها: روح الانشقاق. وقد استخدم الجرأة في الحديث، لأن هؤلاء كانوا تلاميذه أكثر من غيرهم. لذلك يقول: "إن كنت للآخرين ليس رسولًا، فعلى الأقل لكم، أنتم ختم رسالتي" (1كو2:9). علاوة على هذا كانوا في حالة ضعف أكثر من الآخرين[44].

يسهل أن نشارك شخصًا رأيه ولا نشاركه مشاعره. ويمكن الاتحاد في الإيمان وليس في الحب. هذا هو سبب قول بولس بأنه يجب أن نتحد في الفكر والرأي[45].

القديس يوحنا الذهبي الفم

لتصغِ إلى الرسول: "اطلب إليكم أيها الاخوة... كونوا كاملين في فكرٍ واحدٍ ورأيٍ واحدٍ". كان يتحدث إلى الجموع، لكنه أراد أن يجعل منهم "واحدًا" (1 كو10:1)[46].

القديس أغسطينوس

الكنيسة المنظورة هي جسد مختلط يحوي شعبًا بارًا وشعبًا غير بارٍ. هذا هو السبب الذي لأجله يمتدح بولس أعضاءها وينتقد آخرين.

فالشخص الذي يتفق مع التعليم السليم وتعاليم الكنيسة بخصوص الآب والابن والروح القدس وأيضًا مع التدبير الخاص بنا بخصوص القيامة والدينونة ويتبع أنظمة الكنيسة لا يكون في انقسام[47].

العلامة أوريجينوس

يطلب بولس أن يفكر أهل كورنثوس جميعهم في أمر واحد، أعني أن الذين ولدوا ثانية هم أبناء اللَّه. يريدهم أن يتحدوا بالكمال في التعليم الذي قدمه لهم. إنه يحاورهم أن يفكروا بهذه الطريقة وأن يدافعوا عن تعليمه[48].

أمبروسياستر

"لأني أخبرت عنكم يا اخوتي من أهل خلوي

أن بينكم خصومات" [11].

استلم الرسول رسالة من كنيسة كورنثوس يسألونه عن مشاكل كنسية تعبدية وإيمانية لكنهم لم يشيروا إلى الانشقاقات، أما أهل بيت خلوي فابلغوا بالوضع الحقيقي للكنيسة وظروفها. غالبًا كانت خلوي سيدة مكرمة في كورنثوس ومتدينة، قبلت أسرتها الإيمان بالسيد المسيح. أُرسل بعض من أسرتها إلى الرسول بولس يخبروه بما حلّ بالكنيسة من انقسامات. ولعل استفانوس وفرتناتوس وأخيكس المذكورين في 1 كو17:16 هم أبناء خلوي.يقول الأب أمبروسياستر أن البعض يظنون بأن أهل خلوي هم أولئك الذين بقوا أمناء وحملوا ثمار الإيمان بالمسيح. آخرون ظنوا أن خُلوي هي مدينة، كأن يقول أحد "أهل إنطاكية".

يرى الذهبي الفم أنه بقوله "أهل خلوي" كان بولس حريصًا أن يشير إلى مصدر معلوماته دون أن يحدد شخصًا معينًا. فمن جانب يؤكد أن معلوماته مصدرها سليم دون أن يثير شعب كورنثوس ضد شخصٍ معينٍ.

وجدت الخصومات كثمرة طبيعية للانشقاق، فكان كل فريق يدافع عن نفسه مخاصمًا الفرق الأخرى.

يبدو أن الكورنثوسيين جميعًا كانوا جسديين وطبيعيين، لا يدركون أمور روح اللَّه (1 كو 14:2)، كانوا مغرمين بالصراعات ومملوءين حسدًا ويسلكون كبشر"[49].

القديس أغسطينوس

العجيب وهو يوبخهم على ما دبَّ بينهم من خلافات شقت الكنيسة يُظهر لهم كل حنوٍ فيقول: "يا اخوتي".

يدعوهم "اخوة"، فبالرغم من أن الخطأ واضح لا يوجد ما يمنع دعوة الشعب اخوة[50].

القديس يوحنا الذهبي الفم

"فأنا أعني هذا أن كل واحد منكم يقول أنا لبولس وأنا لابلوس وأنا لصفا وأنا للمسيح" [12].

إذ يتحدث عن الانقسامات يبدأ بالفريق الذي ينسب نفسه إليه (12:1)، حتى لا يظن أحد أنه يريد أن يضم الكل إلى فريق خاص به، فهو لا يطلب مجد نفسه.

أثناء الهجوم وضع نفسه أولًا كما ترون، وبعد ذلك أشار إلى أبلوس ثم صفا. فعل ذلك لا لكي يمجد نفسه، وإنما ليطلب تصحيح الأخطاء فيما يخص شخصه أولًا[51].

القديس يوحنا الذهبي الفم

يرى البعض أن الرسول بولس لا يعني هنا وجود أربع فرق، إنما قدم الأسماء هنا لتوضيح الموقف.

كان حواره لطيفًا إذ لم يشر بالاسم إلى مسببي الانشقاق العنفاء في الكنيسة، بل أخفى أسماءهم كما بقناع تحت أسماء الرسل[52].

إن كان لا يحق لهم أن يدعوا أنفسهم باسم بولس أو أبلوس أو صفا فبالأكثر لا يدعوا أنفسهم بأسماء آخرين[53].

القديس يوحنا الذهبي الفم

يرى آخرون أن الكنيسة في كورنثوس كانت منقسمة إلى فريقين، فريق هو جماعة المؤمنين الذين من أصل أممي، والآخر من أصل يهودي (أع 18)، كل فريق حمل في داخله انقسامًا. الفريق الأول ينسب نفسه لبولس الذي أسس الكنيسة هناك وأبلوس لأنهم آمنوا على يديه إذ جاء بعد بولس (أع24:18)، واعجبوا ببلاغته.

أما الفريق الثاني فانقسم إلى فريق نسب نفسه إلى بطرس الرسول كرسول الختان (غلا7:2) أو لكبر سنه. ربما لم يروه حتى ذلك الحين لكنهم سمعوا عنه من تقارير وردت إليهم من اليهودية على خلاف بولس المُتّهم بتجاهله للناموس الموسوي. وفريق نسب نفسه للسيد المسيح، إما لأنهم أرادوا أن يعيشوا بلا نظام وتدبير فلا يريدون قيادة رسولية، وفي تشامخ ينسبون أنفسهم للسيد المسيح، محتقرين كل قيادة، أو لأنهم رأوا الرب في اليهودية فحسبوا أنفسهم مُميزين عن بقية المؤمنين.

لم يرد أن يكون سببًا للانقسام. لذلك نصح الذين ينسبون أنفسهم إلى اسمه ويقسمون المسيح: "كل واحد منكم يقول أنا لبولس وأنا لأبلوس وأنا لصفا وأنا للمسيح" [12]. احكموا إذن كم هم أشرار هؤلاء الذين يريدون أن يسببوا انشقاقًا للمسيح، هذا الذي لا يريدهم أن ينشقّوا[54].

القديس أغسطينوس

الذين يقولون "أنا لبولس وأنا لأبلوس وأنا لصفا وأنا للمسيح" ليسوا في سيمفونية، بل يوجد بينهم انشقاقات. وأما الحل فهو أنهم إذ يجتمعون في شركة مع روح بولس بقوة الرب يسوع المسيح لا يعود يضرب الواحد الآخر ويفترسه، فيأكل الواحد الآخر. لأن النزاع يُهلِك، كما أن الاتفاق يجمع معًا، ويجعل ابن اللَّه يحل في وسطهم إذ صاروا في اتفاق[55].

العلامة أوريجينوس

على أي الأحوال بخصوص هؤلاء الذين يرون (في المعلمين) أنهم رعاة صالحون، يلزمهم ليس فقط أن يسمعوا الأمور الصالحة التي يعلمونها، وإنما يقتدون أيضًا بالأعمال الصالحة التي يمارسونها. من هؤلاء كان الرسول القائل: "كونوا متمثلين بي كما أنا أيضًا بالمسيح" (1كو1:11). لقد كان نورًا اشتعل بواسطة النور الأبدي، الرب يسوع المسيح نفسه الذي وُضع على المنارة إذ تمجد في صليبه. عن هذا قال: "حاشا لي أن افتخر إلا بصليب ربنا يسوع المسيح" (غلا14:6). أضف إلى ذلك أنه لم يطلب الأشياء الخاصة به، بل ما يخص يسوع المسيح، بينما يحث الذين ولدهم في الإنجيل (1 كو 15:4) أن يقتدوا بحياته. ومع ذلك فهو يوبخ بعنف الذين يسببون انقسامات تحت أسماء الرسل، وينتقد بحزم القائلين "أنا لبولس". "هل صلب بولس لأجلكم؟ أو هل اعتمدتم باسم بولس؟[56]"

القديس أغسطينوس

يقول الأب أمبروسياستر أن الرسول بولس استعرض خطأهم دون أن يشير إلى أسماء الأشخاص المسئولين عن الانقسام. لقد ذكر أسماء المعلمين الصالحين، ولكنه إذا أشار إليهم بهذه الطريقة تحدث عن الرسل الكذبة. فإن كان لا يليق بأهل كورنثوس ألا يفتخروا بتكريسهم أحد هؤلاء (الصالحين) فكم بالأحرى يكون الأمر بالنسبة للمعلمين الكذبة وقد أشار إلى فساد تعليمهم فيما بعد.

ربما يتساءل البعض: هل كان المسيح رأسًا لإحدى الفرق المنقسمة؟ يجيب القديس يوحنا الذهبي الفم[57] على ذلك بقوله أن الصراعات في كورنثوس لم تكن بخصوص أمور تافهة بل حول أمور أساسية. حتى الذين ادعوا أنهم تبع المسيح كانوا مخطئين إذ ينكرون عمليًا تبعية الآخرين له، ويجعلون منه رأسا لفريق وليس للجميع.

"هل انقسم المسيح؟

ألعل بولس صلب لأجلكم؟

أم باسم بولس اعتمدتم؟" [13].

كمؤسس للكنيسة في كورنثوس وأب روحي لهم لم يرد أن ينسبوا أنفسهم إليه، ولا إلى آخر غيره بل يحفظوا وحدانية الروح في المسيح يسوع الواحد الذي قدم الخلاص ووهبهم بروحه القدوس التبني للَّه الآب خلال المعمودية المقدسة.

كأبٍ يتحدث الرسول بولس في مرارة، لأن تصرفاتهم بلغت من الخطورة أنها مزقت جسد المسيح، الذي هو الكنيسة. أما سرّ الانقسام فيرجع إلى أمرين: الأول إلى التحزب لشخصٍ ما مهما بلغت قداسته كأنه قد خلصه على الصليب وباسمه اعتمد، الأمر الثاني هو الانشقاق في الفكر والتعليم.

بالاعتقاد في أمور متباينة عن المسيح يمزقه الناس. يظن شخص ما أن المسيح مجرد إنسان، وآخر أنه اللَّه فقط. واحد يقول بأنه قد تنبأ عنه الأنبياء، والآخر ينكر ذلك.

أمبروسياستر

عندما أدرك الرسول بولس أنه قد اُختير وأُحتقر المسيح قال: "هل انقسم المسيح؟ ألعل بولس صلب لأجلكم؟ أم باسم بولس اعتمدتم؟" لهذا فأنتم لستم فيَّ بل أنتم معًا ومعي (في الرب). أنتم لستم تحت سلطاني بل تحت سلطانه[58].

القديس أغسطينوس

بهذا يعني أنه لم يطلب نوال كرامة متزايدة تقدمها له الجماهير ولا فعل هذا من أجل المجد[59].

القديس يوحنا الذهبي الفم

لا تقل إذن أن شيئًا (صالحًا) هو منك، بل في كل شيء مجد اللَّه. لا تنسب شيئًا ما إلى إنسان[60].

إن كنا نجد أن سعادتنا تكمل في آخر لنقف قليلًا على الطريق ونضع رجاءنا في السعادة في إنسان أو ملاكٍ. الإنسان المتكبر والملاك المتكبر بغير مبرر ينسبان هذا لأنفسهما، ويُسران أن يصير رجاء الآخرين مُركزًا فيهما. على النقيض من ذلك فإن الإنسان القديس والملاك القديس عندما يجدان أننا متلهفون ومشتاقون إلى الوجود معهما ونوال راحة فيهما يربطان طاقاتنا بالعون الذي ينالونه من اللَّه لأجلنا كما لأجلهم. إنهما يحثاننا على الانتعاش بالسعادة التي تُقدم للجميع في طريقنا نحو اللَّه. حتى الرسول يصرخ: "ألعل بولس صلب لأجلكم...؟" [13]. مرة أخرى يقول: "ليس الزارع شيئًا ولا الساقي بل اللَّه الذي ينمي" (1كو7:3). ويحث الملاك الإنسان الذي أراد أن يسجد له أنه يجب بالأحرى أن يسجد للَّه الذي يخضع له هو أيضًا كعبدٍ شريكٍ له (رؤ10:19).

عندما تبتهج بإنسان في اللَّه، تتمتع باللَّه لا بالإنسان. تتمتع باللَّه الذي به تصير سعيدًا، وتُسرّ أن تأتي إليه، الذي تضع رجاءك في حضرته فرحًا[61].

* لكونى كنت جاهلًا بهذه الأمور، فقد هزأت بأبنائك وخدامك القديسين، ولكن لم أربح من وراء هذا سوى ازدرائك بي.

القديس أغسطينوس

* "ألعل بولس صلب لأجلكم أم باسم بولس اعتمدتم؟!"

أنظر فكر بولس المملوء بحب المسيح، مظهرًا أن كل الأمور التي تشير إليه لا تخص إنسانًا...

"أم باسم بولس اعتمدتم؟" لقد عمد كثيرين، لكن موضع البحث ليس من هم الذين قاموا بالعماد؟ إنما باسم من تم العماد؟ كأنه يقول: "لا تخبرنى من الذي قام بالعماد، بل باسم من قد تّم العماد، لأن موضوع البحث ليس الذي يعمد بل الذي له عمله في العماد، ذاك الذي يغفر الخطايا"...

فالعماد حقًا أمر عظيم، لكن عظمته لا تنصب في العمل الإنساني الذي يعمد (أي مجرد المظهر) فهذا في ذاته (بدون الروح القدس) من جهة عملنا البشري لا يساوي شيئًا...

لكن أقول أيضًا يا لعظمة العماد؟! بدونه لن يمكن نوال الملكوت!

القديس يوحنا ذهبي الفم

لما كانت الكنيسة هي جسد المسيح، فإن انقسامها يسيء إليه كأن جسده قد انقسم. ولما كان دم المسيح الثمين هو سرّ خلاصنا لاق أن نرتبط جميعنا به، لأنه هل سفك بولس أو أبلوس أو بطرس دمهم كفارة عنا؟ ولما كانت المعمودية هي باب التمتع بالبنوة للَّه الآب باتحادنا بابن اللَّه الوحيد الجنس فهل كان هؤلاء الرسل أو الخدام أبناء اللَّه بالطبيعة حتى نعتمد بأسمائهم؟

وإن كان جسد المسيح واحدًا الذي نحن هو، ودمه سرّ خلاص كل الكنيسة، وباسمه نعتمد، لاق بنا أن يكون لنا القلب الواحد والفكر الواحد والإيمان الواحد، حتى لا ينقسم المسيح الواحد.

* إذ كان هو أيضًا علة انقسامهم إذ دعوا أنفسهم على اسم من عمّدوهم، صحح هذا الخطأ قائلًا: "هل اعتمدتم باسم بولس؟" إنه يقول: "لا تخبروني من الذي عمّدكم؟ وإنما باسم من اعتمدتم؟ فإن رصيدكم ليس من عمّدكم بل باسم من تمت المعمودية[62].

* هل تدركون كيف يثبتهم دومًا كما بمسامير في اسم المسيح. أترون كيف يكرر اسم المسيح؟ فإنه واضح حتى لقليل الملاحظة جدًا أنه ليس مصادفة ولا بغير إدراك فعل ذلك، وإنما لكي بالتكرار المستمر بلا توقف لهذا الاسم المجيد يثير لهيبهم وينزع عنهم فساد المرض[63].

القديس يوحنا ذهبي الفم
5. رسالة بولس الرسول

"اشكر اللَّه إني لم أعمد أحدًا منكم إلا كريسبس وغايس" [14].

"حتى لا يقول أحد إني عمدت باسمي" [15].

بتدبير اللَّه وعنايته الفائقة لم يعمد الرسول بولس في كورنثوس أحدًا سوى كريسبس رئيس مجمع اليهود السابق (أع8:18)، وغايس الذي استضافه (رو23:16) ربما هو الشخص الذي وجهت إليه رسالة يوحنا الثالثة (3يو50). أما بقية الأعضاء فغالبًا ما قام بعمادهم سيلا وتيموثاوس.

يشكر الرسول اللَّه أنه لم يسمح له بأن يعمد أحدًا غير اللذين ذكرهما حتى لا يتهمه أحد بأنه عمّد باسمه. كان حذرًا ألا يعمد أحدًا قدر المستطاع حتى لا يظنوا أنه يكوِّن لنفسه فريقًا يرتبط باسمه.

كتب بولس هذا إلى شعب يظن أنه من الأفضل أن يُعمد الإنسان من أشخاص دون آخرين، فانحرفوا ببلاغتهم، وسقطوا في بعض الشباك بالاعتقاد في بعض التعاليم الفاسدة إنها حق[64].

كان هؤلاء الكورنثوسيون مثل أتباع نوفاتيانNovatianists والدونستيين [65]Donatists في هذه الأيام ينسبون العماد لأنفسهم ولا يعترفون بأحدٍ آخر. فالذين يعتمدون هكذا ويتمجدون تحت اسميّ نوفاتيان Novatian ودوناتس Donatus محرومون من اسم المسيح. لقد دُعي كريسبس وغايس كشاهدين، فإنهما وإن كانا قد اعتمدا بواسطة بولس لم يظنا قط أنهما نالا مجدًا بسبب هذا[66].

أمبروسياستر

لا تقوم عظمة العماد على الذي يعمد بل على الاسم المدعو به العماد. لذلك فإنه وإن كان العماد هامًا وضروريًا لنوال الملكوت لكنه لا يزال أقل من الكرازة بالإنجيل. الإنسان غير الممتاز في مواهبه يقدر أن يعمد، لكن الموهوب حقًا يستطيع أن يكرز بالإنجيل[67].

القديس يوحنا الذهبي الفم

العماد الذي قام به بطرس لم يكن عمادًا من بطرس بل من المسيح؛ والذي قام به بولس كان عمادًا ليس من بولس بل من المسيح. والعماد الذي قام به أولئك الذين كانوا في أيام الرسول يكرزون بالمسيح ليس عن إخلاص بل بعلةٍ (في 15:1-16)، ليس عمادًا منهم بل هو عماد المسيح... ولما كان العماد من المسيح لذلك فمع وجود اختلاف في سمات الأشخاص الذي تمموا العماد وتباين شخصياتهم فإن النفع الذي يتمتع به المعمدون هو واحد. لو كان سِموّ العماد يعتمد على سموّ من يتممه يكون الرسول مخطئًا أن يشكر اللَّه أنه لم يُعمد أحدًا في كورنثوس سوى كريسبس وغايس وبيت استفانوس [14]، لأن بهذا يكون عماد المهتدين إلى الإيمان في كورنثوس لو تم بواسطة الرسول نفسه أكثر سموًّا من أن يتممه آخر غيره[68].

القديس أغسطينوس

"وعمدت أيضًا بيت استفانوس،

عدا ذلك لست أعلم هل عمدت أحدًا آخر" [16].

يظهر من 1 كو 15:16، 17 أن بيت إستفانوس هم بكور المؤمنين في أخائية، غالبًا ما قبلوا الإيمان واعتمدوا على يد الرسول بولس. ويبدو أن ايبنتوس (رو5:16) كان أحد أفراد هذه الأسرة.

يرى بعض الدارسين أنه بقوله "بيت إستفانوس" يعني أن الكنيسة الأولى تهتم بعماد الأسرة كلها: البالغين والأطفال، كما العبيد والخدم. فإنه إذ يقبل رب الأسرة الإيمان كان يسحب قلوب الكل معه ليتمتعوا بالحياة الجديدة المُقامة، فلا يهتم بزوجته أو زوجها والأبناء فحسب بل والخدم والعبيد.

بقوله: "لست أعلم هل عمدت أحدًا آخر" يظهر أن كل ما يشغل فكره هو الكرازة بإنجيل المسيح وسحب كل قلب إلى المسيح المصلوب القائم من الأموات، لا يشغله عدد من قام بعمادهم. يهتم بخلاص الناس لا بالإحصائيات. السيد المسيح نفسه لم يعمد أحدًا (يو 2:4).

"لأن المسيح لم يرسلني لأعمد بل لأبشر،

لا بحكمة كلام، لئلا يتعطل صليب المسيح [17].

يترجم البعض هذا النص: "لأن المسيح لم يرسلني لأعمد بل بالأكثر لأبشر"، وإلا كان عماده غير قانوني، إنما من حقه أن يُعمد، لكن ما يمارسه بالأكثر هو الكرازة. كان عمل الرسل الأول هو تأسيس الكنائس والاهتمام بالكرازة، فلم يكن لديهم من الوقت ليمارسوا العماد، ليس استخفافًا بالعماد ولكن تفرغًا للشهادة بين غير المؤمنين واجتذابهم للإيمان بالمسيح المصلوب. لم يقلل الرسول من أهمية العماد فقد مدحه بصورة فائقة (رو3:6). لقد عمد البعض وسيعمد آخرين، لكن عمله الرسولي أصعب وهو الكرازة بالإنجيل.

أرسلني المسيح لا لأعمد بل لأكرز بالإنجيل. أرسلني في الجانب الشاق، الذي يحتاج بالأكثر إلى التعب وإلى نفسٍ حديديةٍ، الأمر الذي عليه يعتمد كل شيء بعد ذلك[69].

الكرازة بالإنجيل هي عمل خاص ربما بشخصٍ أو اثنين، أما العماد فتُمنح ممارسته لكل شخصٍ في الكهنوت[70].

القديس يوحنا الذهبي الفم

أي شخص يمكنه أن يعمد إن كان كاهنًا، أما الكرازة فهي عطية تُوهب لقليلين، ولكن يلزم ألا تختلط بالبلاغة المجردة التي هي أمر ثانوي تمامًا[71].

ثيؤدوريت أسقف قورش

من يقدر أن يحطم وباء الجهل والظلمة والدمار؟ لا نبي ولا رسول ولا إنسان بار! بالأحرى يجب أن توجد قوة إلهية نازلة من السماء قادرة أن تموت من أجلنا جميعًا، فبموته يتحقق الدفاع عنا ضد إبليس[72].

العلامة أوريجينوس

هنا يكشف الرسول بولس عن أسلوبه في الخدمة، فإنه يقدم قوة الصليب للعالم، ولا يكرز خلال الحوار الذي اتسمت به المدارس اليونانية الفلسفية. إنه لم يقتدِ بالمعلمين اليونانيين فيعتمد على البلاغة والمنطق، بل قدم روح القوة، وكشف عن عمل النعمة الإلهية. قدم صليب المسيح في بساطة دون محاولة لوضعه في أسلوب فلسفي برّاق. قدم الروح القدس القادر أن يبلغ أعماق القلب على الدوام، وليس الفلسفة البشرية التي تجتذب الفكر إلى حين. لقد تربّى شاول الطرسوسي عند قدميّ غمّالائيل، لكنه إذ بدأ الكرازة بالصليب تجاهل كل ما ناله من تعليم وفلسفة.

إذ يبدأ الرسول بولس في الحوار بخصوص ما حدث في الكنيسة من انشقاقات وتشويش التي انشغل بها الفلاسفة في كورنثوس وجد الفرصة مناسبة لمناقشة موضوع "الفلسفة البشرية" أو "الحكمة البشرية" المجردة خارج دائرة الصليب. حتى يدخل بهم إلى حكمة اللَّه المعلنة في الصليب، فيتمتعوا بالفكر الواحد والرأي الواحد.

صليب المسيح لا يحتاج إلى ثوبٍ فلسفيٍ برّاق، إنما يشرق بنوره الإلهي على القلب ويجدد الطبيعة البشرية، ويصالح الإنسان مع اللَّه إلهه، ويقدم له روح اللَّه القدوس ساكنًا فيه، ويفتح له باب البنوة للَّه!

لم يستخدم الفلسفة في الكرازة حتى لا يُنسب نجاح الخدمة إلى بلاغته وفلسفته بل إلى قوة الصليب والعمل الإلهي الفائق. كرسول للسيد المسيح، طبيب النفوس، يقدم لهم العلاج الذي هو صليب المسيح، وليس الحوار والفلسفة.
6. الصليب سرّ الحكمة

من الملامح الرئيسية لهذه الرسالة إبراز قوة الصليب بكونه قوة اللَّه وحكمته للخلاص. إنه القوة المحركة لتغيير أساسات الإنسان الداخلي وتجديد الأعماق، بهذا تتغير حياة العالم الوثني القديم. لم يحقق بولس ولا أبلوس ولا صفا هذا العمل الخلاصي العجيب، إنما تحقق بالكرازة بالمسيح المصلوب.

"فإن كلمة الصليب عند الهالكين جهالة،

وأما عندنا نحن المخلصين فهي قوة اللَّه" [18].

يُعلن التعليم بالصليب عن خلاص العالم الذي دمرته الخطية. فالذين يهتمون بالفلسفات البشرية دون خلاصهم يجدونه غباوة، يرون في المسيح أنه من الناصرة، كان فقيرًا بلا بيت يستقر فيه، وأن أصدقاءه قليلون، ليس له مركز اجتماعي أو ديني عظيم، لم يقدم أفكارًا فلسفية للحوار العقلي، مرفوض من خاصته، وفي ضعف رُفع على خشبة الصليب. سقط تحت العقوبة التي تحل بالعبيد، وكان عاجزًا عن أن يخلص نفسه من عار الصليب. هذا كله لأنهم لم يصدقوا قيامته. وأما الذين يهتمون بخلاصهم فيجدونه قوة اللَّه.

لا تُعرف قوة الصليب بواسطة الهالكين، لأنهم بلا تعقل يعملون كمجانين، يشتكون من الأدوية التي تجلب الخلاص ويرفضونها[73].

لاحظ الآن عندما أقول "صُلب" يقول اليوناني "وهل يُعقل ذلك؟" ذاك الذي لم يجد عونًا أثناء الصليب وعانى من حكمٍ مرٍ في لحظات الصليب، كيف يقوم بعد ذلك ويُعين الآخرين...؟ حقًا يا إنسان إن هذا الأمر بالحقيقة يفوق العقل. قوة الصليب لا يُنطق بها. فإنه إذ كان بالفعل وسط الأهوال يُظهر نفسه فوق كل الأهوال. وبكونه في قبضة العدو يغلب العدو، هذا يتحقق بالقوة غير المحدودة[74].

لم ينزل من الصليب، ليس عجزًا منه، ولكن لأنه لم يرد ذلك... ذاك الذي يحجم طغيان الموت كيف يمكن لمسامير الصليب أن تحده؟ هذه الأمور المعروفة لنا لم يعرفها بعد غير المؤمنين[75].

هكذا يبدو الصليب موضوع مقاومة، ومع ذلك فهو أعظم من أن يُقاوم، إذ يجتذب (المقاومين)[76].

يتحدثون عن الصليب كجهالةٍ وضعفٍ. حقيقة الأمر ليس هكذا، بل هذا هو رأي الآخرين. فإنه إذ يعجز الفلاسفة عن أن يدركوه بالطرق العقلانية يبدو لهم ما هو سامٍ للغاية جهالة[77].

أي شيء لم يقدمه الصليب؟ تعليم خلود النفس، وما يخص قيامة الجسد، والازدراء بالزمنيات، والاشتياق إلى الأخرويات. حقًا إنه يجعل من البشر ملائكة، ويمارس الكل في كل موضعٍ بذل الذات، ويظهرون لك أنواع الاحتمال[78].

أما تعرف كيف أصلح الصليب أخطاء كثيرة؟ ألم يحطم الموت، ويمسحُ الخطية، وينهى قوة الشيطان، وُيشبع كيان جسدنا الصالح؟ ألم يصلح العالم كله، ومع هذا لا تثق أنت فيه؟[79]

من يخبر عن أعمال الرب القديرة؟ (مز2:105) من الموت صرنا خالدين، هل فهمتم النصرة والطريق التي بلغتها؟ تعلموا كيف اُقتنيت هذه الغلبة بدون تعب وعرق. لم تتلطخ أسلحتنا بالدماء ولا وقفنا في خط المعركة، ولا جُرحنا، ولا رأينا المعركة لكننا اقتنينا المعركة. الجهاد هو مسيحنا، وإكليل النصرة هو لنا.

ما دامت النصرة هي لنا، إذن يليق بنا كجنود أن نرتل اليوم بأصوات مفرحة بتسابيح الغلبة. لنسبح سيدنا قائلين: "قد أُبتلع الموت إلى غلبة. أين غلبتك يا موت أين شوكتك يا هاوية؟" (1كو54:15-55)[80].

القديس يوحنا الذهبي الفم

بفعله هذا (الصلب) يظهر اللَّه أن الأعمال تتحدث بصوت أعلى من الكلمات[81].

أمبروسياستر

"لأنه مكتوب سأبيد حكمة الحكماء،

وأرفض فهم الفهماء" [19].

هذه العبارة مقتبسة من إشعياء النبي 14:29، وقد جاءت في الترجمة السبعينية: "سأبيد حكمة الحكماء، وأخفي فهم الفهماء". يبيد اللَّه حكمة الحكماء، بمعنى أن خطته الخلاصية لا تقوم عليها، وأما الذين يظنون أنهم فهماء فإن فهمهم لا قيمة له. يحمل الإيمان المسيحي "الحق" الذي يفوق الفكر البشري.

يتحدث بولس عن حكمة هذا العالم وليس على البلاغة ذاتها، فإن اللَّه أيضًا يعطيها. اللَّه هو الذي قسم اللغات وأعطى لكل لغةٍ سمتها الخاصة. هو الذي وهب اللغة اليونانية سموها. أما الذين يفسدون هذه العطايا فيعدون طعامًا للخداع ويكرزون بقصصٍ باطلة.

ما يعترض عليه بولس ليس بلاغتهم هذه بل تعليمهم الباطل الذي وراء هذه البلاغة[82].

ثيؤدورت أسقف قورش

إن كانت هذه الحكمة (البشرية) في حرب ضد الصليب وصراع ضد الإنجيل، فإنه لا يليق الافتخار بها بل الانسحاب منها في خجلٍ. لهذا السبب لم يكن الرسل حكماء، ليس خلال أي ضعف في العطية، وإنما لئلا تتعطل الكرازة بالإنجيل[83].

القديس يوحنا ذهبي الفم

"أين الحكيم؟ أين الكاتب؟

أين مباحث هذا الدهر؟

ألم يجهل الله حكمة هذا العالم؟" [20].

أينهم؟ إنهم لا يوجدون إذ جعلهم اللَّه كلا شيء [19]. يقصد بالحكيم الفيلسوف اليوناني، وبالكاتب الرجل اليهودي المتعلم، أما مباحث هذا الدهر فيشمل المحبين للحوار النظري العقيم سواء كانوا يهودًا أو أمميين.

يرى البعض أن الحكيم والكاتب ومباحث هذا الدهر يشيرون إلى اليهود كما ورد في (إش 14:29؛ 18:33؛ 25:44). فالحكيم عند الرسول هو chataam عند إشعياء النبي، ويعني به من يمارس التعليم. والكاتب يقابل copeer عند إشعياء النبي وهو الشخص المتعلم والمتميز عن عامة الشعب، خاصة في معرفة التقاليد اليهودية. والمباحث هو derosh أو dorshan الذي يجيب على الأسئلة ويعطي فهمًا رمزيًّا للكتاب المقدس. هؤلاء الثلاثة كانوا معروفين لليهود.

"ألم يجهل الله حكمة هذا العالم؟"يجعل اللَّه حكمة هذا العالم جهالة، إذ ينقصها الإيمان بالمسيح المصلوب، وبالتالي تعجز عن تقديم الخلاص للناس.

جاء في التقليد اليهودي أنه لا يكون أحد حكيمًا أو قويًا أو غنيًا بدون اللَّه. فيرون أنه يوجد حكيمان في العالم هما أخيتوفل الإسرائيلي (2 صم 15-17) وبلعام الأممي (عدد 22-24)، وكلاهما كانا بائسين في العالم. ويوجد رجلان قويان هما شمشون اليهودي في لحظات سقوطه (قض 13-16) وجليات الأممي (1 صم 17)، وكلاهما كانا بائسين في العالم. ويوجد غنيّان في العالم هما قورح الإسرائيلي (عدد 16) وهامان الأممي (إس 5-7)، وكلاهما كانا بائسين. لماذا؟ لأن هؤلاء جميعًا حسبوا مواهبهم ليست من عند اللَّه.

حيث تُعلَن حكمة اللَّه تذبل كل حكمة بشرية مجردة، وتُحسب أمامها كلا شيء. فإنه إن اجتمعت كل الكواكب معًا لا تقدر أن تجعل من الليل نهارًا، لكن الشمس وحدها تفعل ذلك. وهكذا لا تقدر أن تقيم كل مواهب الإنسان منه قديسًا مهما بلغت، إنما هو عمل المسيح المصلوب، شمس البرّ.

نسمع ابن اللَّه يقول: "اعترف لك أيها الآب، رب السماء والأرض". بماذا يعترف له؟ بماذا يمتدحه؟ "لأنك أخفيت هذه عن الحكماء والفهماء وأعلنتها للأطفال الصغار" (مت 25:11). من هم الحكماء والفهماء؟ ومن هم الأطفال الصغار؟ يعني بالحكماء والفهماء الذين يقول عنهم بولس: "أين الحكيم؟ أين الكاتب؟ أين مباحث هذا الدهر؟ ألم يجهل اللَّه حكمة هذا العالم؟" ربما لا تزال تسأل من هم هؤلاء؟ هؤلاء هم المتجاسرون في حوارهم بخصوص اللَّه وينطقون بالباطل عنه، وينتفخون بتعاليمهم الذاتية[84].

إنه يحقق ما تنبأ عنه بحق الأنبياء: "أبيد حكمة الحكماء وأنزع فهم الفهماء". فإنه لا يبيد عطيته فيهم ولا ينزعها عنهم بل ما ينسبونه لأنفسهم وما لم ينالوه منه... هذا محتقر كأمرٍ ضعيفٍ وغبيٍ موجود في الحكماء والأقوياء من أنفسهم. ولكن هذه هي النعمة التي تشفي الضعفاء الذين لا ينتفخون في كبرياء بطوباوية من عندياتهم بل بالأحرى في تواضعٍ يعرفون بؤسهم الحقيقي[85].

القديس أغسطينوس

حكمة العالم غير حكمة اللَّه. حكمة اللَّه هي حق بدون إضافات تفسدها، وأما حكمة العالم فغبية، وإن كانت بساطة حكمة اللَّه تجعل الذين يقتنونها يظهرون كجهلاء في أعين العالم[86].

لا تقتات بطعام الفلسفة المخادع، فإنه قد يبعدك عن الحق[87].

أستطيع القول بكل ثقة أنه ليس محبة البلاغة الدنيوية، ولا سفسطة الفلاسفة، ولا أخطاء المنجمين الخاصة بدورات الكواكب، ولا تأليه الشياطين الكذبة، ولا أي علم آخر خاص بالمستقبل مستخدمًا خداعات شريرة، يقدر أن يفصلنا عن محبة اللَّه التي في المسيح يسوع ربنا[88].

العلامة أوريجينوس

يصمت الحكيم والعاقل في هذا الأمر، لأنهما يزدريان بحكمة اللَّه[89].

القديس هيلاري أسقف بواتيية

هنا يعدد بولس نوعين أو ثلاثة أنواع مختلفة من الحكمة. الأول هو ما يدعوه العالم جهالة، الحكمة التي هي أعظم من الأنواع الأخرى. بعد ذلك توجد حكمة تُعطى للبشر بها نتعقل ونعمل، وبواسطتها نتقدم ونخترع أشياء، وبها يمكن أن نعرف اللَّه. يوجد نوع ثالث من الحكمة، يوجد خلال التأمل في الخليقة.

الحكمة التي يحسبها العالم جهالة يهبنا إياها المخلص، حتى أن الذين يعرفون اللَّه بالحكمة الطبيعية والذين ينقادون إليه بالتأمل في نظام الخليقة يمكنهم أن ينالوا الخلاص، الأمر الذي لا يستطيع النوعان الآخران من الحكمة أن يقدماه بدون خطأ[90].

ثيؤدورت أسقف قورش

"لأنه إذ كان العالم في حكمة الله لم يعرف الله بالحكمة

استحسن الله أن يُخلص المؤمنين بجهالة الكرازة" [21].

بقوله "كان العالم في حكمة اللَّه" لا تُفهم الحكمة التي مصدرها اللَّه، وإنما الحكمة التي غايتها البحث في اللَّه. فقد ظن كثير من الفلاسفة أنهم قادرون على التعرف على طبيعة اللَّه وأسراره وخطته بحكمتهم البشرية المجردة.

يرى الرسول أن فلاسفة العالم في بحثهم في أعمال اللَّه وخليقته لم يعرفوا اللَّه، فسقطوا في أعماق ظلمة الجهالة (رو 20:1-21). أو أنه إذ ترك اللَّه الإنسان ليحكم بنفسه بحكمته لم يبلغ إلى المعرفة الصادقة، لهذا تدخل اللَّه بإنجيل الصليب الذي يراه العالم جهالة ليكشف لهم عن الحق الإلهي، ويقدم لهم الخلاص. لقد ترك للبشر وقتًا كافيًا، حوالي 4000 عامًا، ومع هذا فشل الإنسان في إدراك المعرفة.

بالفلسفة البشرية المجردة أنكر الإنسان وجود اللَّه تمامًا أو أنكر عنايته ورعايته للبشرية. ولم يستطع خلال فهمه ولا خلال تأمله في الطبيعة أن يتلمس يد اللَّه ويتعرف على خطته. فإنه ليست من حكمة تقدر أن تنير أعماق الذهن وتكشف له عن الأسرار الإلهية بل وتجدده وتهب للإنسان خلاصًا، وتدخل به إلى الأمجاد السماوية سوى الصادرة من اللَّه.

كما أن المعلم يأمر تلميذه أن يتبعه حيثما يقوده، وإذ يراه ممتنعًا عن ذلك ويريد أن يتعلم كل شيء بذاته، يسمح بأن يتركه يضل. وإذ يدرك التلميذ أنه عاجز عن بلوغ المعرفة يقدم له المعلم ما يتعلمه، هكذا فإن اللَّه أيضًا يأمر من البداية أن يقتفي البشر أثره بالفكرة التي تقدمها الخليقة، وإذ لم يريدوا فإنه بعد أن أظهروا بالخبرة أنهم عاجزون بأنفسهم يقودهم إليه مرة أخرى بطريق آخر[91].

القديس يوحنا الذهبي الفم

هذه الجهالة في الكرازة و"جهالة اللَّه التي هي أحكم من الإنسان" تجتذب الكثيرين إلى الخلاص. تجتذب ليس فقط العاجزين عن إدراك طبيعة اللَّه بتعقل واضح، الأمر الذي قبلوه بالإيمان، بل وتجتذب حتى الذين لم يتعلموا طبيعة نفوسهم ذاتها ليُميّزوا بين الجوهر غير المادي والجسد ككل مع تأكيدهم أنهم يعيشون ويفهمون ويريدون. حتى هؤلاء لا يُحرمون من الخلاص، حيث تُقدم جهالة الكرازة للمؤمنين[92].

القديس أغسطينوس

الإيمان بالمسيح المصلوب يهبنا سلطانًا، وإذ ينقصنا شيء في إيماننا تقدمه لنا قوة اللَّه[93].

العلامة أوريجينوس

"لأن اليهود يسألون آية،

واليونانيين يطلبون حكمة" [22].

يرى بعض الدارسين أنه لم يكن يوجد شعب بطيء في قبول الإيمان باللَّه مثل اليهود، وإذ كانوا دائمًا يخشون الخداع. كانوا يطلبون من الأنبياء أن يصنعوا أمامهم آيات وعجائب. هذه هي سمات الشعب اليهودي أنهم لم يكونوا قادرين على التعرف على اللَّه إلا بصنع آيات وعجائب ملموسة. وكانوا يفتخرون بذلك، ويطلبونها من كل نبي يظهر لكي يتأكدوا من صدق إرساليته من قِبَلْ اللَّه. لهذا احتقروا الكرازة البسيطة بالمسيح المصلوب. كانوا ينتظرون المسيا الذي يصنع آيات من السماء (مت38:12)، فيخلصهم من الأعداء بالقوة.

يقصد باليونانيين هنا الأمم بصفة عامة، خاصة الفلاسفة، فإنهم يطلبون ديانة تعتمد على الحكمة البشرية، ولهذا استخفوا بالإنجيل.

في الرسالة إلى كنيسة كورنثوس نجد ذاك الذي نتحدث عنه بسموٍ، معلم كل الكنائس، أقصد بولس يقول: "اليهود يطلبون آية، واليونانيون حكمة. لكننا نكرز بالمسيح مصلوبًا، لليهود عثرة، ولليونانيين جهالة. وأما لنا نحن المخلصين، سواء كنا من اليهود أو اليونانيين، فالمسيح قوة اللَّه وحكمة اللَّه".

يا له من معلم قوي للإيمان!

فإنه حتى في هذه العبارة إذ يعلم الكنيسة يحسب أنه لا يكفي الحديث عن المسيح بأنه اللَّه، بل يضيف أنه صُلب عن عمدٍ، من أجل التعليم عن الإيمان الواضح والصلد. هذا الذي يعلن عنه، والذي دعاه المصلوب هو حكمة اللَّه.

لم يستخدم إذن المهارة ولا احمر وجهه خجلًا عندما أشار إلى صليب المسيح. ومع كونه عثرة لليهود وجهالة للأمم أن يسمعوا بأن اللَّه قد وُلد (بالجسد) في شكل جسدي، وأنه تألم وصلب إلا أنه لم تضعف قوة ملامحه التقية بسبب شر اليهود المقاومين، ولا قلل من قوة إيمانه بسبب غباوة الآخرين وعدم إيمانهم.

إنه بكل صراحة أصر بجسارة أن يُعلن أن ذاك الذي هو عثرة وجهالة للبعض هو قوة اللَّه وحكمته. كما أن الأشخاص مختلفون فيما بينهم، لذلك هم مختلفون في أفكارهم. فما ينقص إنسان من فهم صادق وعجز عن الصلاح الحقيقي، وفي جهالة يُنكر هذا في عدم إيمان، إذًا بالمؤمن الحكيم يشعر في أعماق نفسه أنه عطية مقدسة واهبة حياة[94].

القديس يوحنا كاسيان

"ولكننا نحن نكرز بالمسيح مصلوبًا،

لليهود عثرة ولليونانيين جهالة" [23].

ما كان يشغل قلب الرسل ليس صنع الآيات والعجائب، ولا تقديم فلسفات عقلية مجردة، بل الكرازة بصليب السيد المسيح ليتمتع اليهود كما الأمم بقوة الخلاص.

تعثر اليهود لأنهم لم يجدوا في المسيح الملك الأرضي الذي يصنع آيات وعجائب من السماء ليُقيم منهم مملكة عظيمة ويخلصهم من الاستعمار الروماني (مت35:12). جاءهم السيد المسيح وديعًا ومتواضعًا، لا يطلب المجد الزمني فتعثروا فيه.

وحسب اليونانيون الصليب غباوة لأنه يقدم شخصًا مصلوبًا، لا معلمًا يحاور في فلسفات وأفكار متغيرة. إنه من اليهودية عاجز عن الدخول في ركب الفلاسفة.

أورد الشهيد يوستين بعض كلمات السخرية التي تكلم بها تريفو Trypho ضد المسيحيين: [يسوعكم سقط تحت لعنة اللَّه العظمى. في دهشة لسنا ندرك كيف تتوقعون أمرًا صالحًا من اللَّه وأنتم تضعون رجاءكم في إنسان مصلوب!]

يقول أيضًا الشهيد يوستين: [يحسبوننا مجانين أننا نضع إنسانًا مصلوبًا بعد اللَّه السرمدي أب الجميع! يقول الأمميون: أين فهمكم يا من تعبدون إلهًا هو نفسه مصلوب؟]

هكذا صار الصليب لليهود عثرة وللأمم جهالة. المسيا المصلوب هو الحجر الذي تعثر فيه اليهود (مت44:21). عِوض التمتع بنعمة الخلاص بالصليب سقطوا في إنكار المسيح وجحودهم لعمل اللَّه الخلاصي فزادت خطيتهم.

المسيح الذي نكرز به في كل العالم ليس مسيحًا يتزين بإكليل أرضي، وليس مسيحًا غنيًا بكنوز العالم، يشتهر بممتلكات أرضية، وإنما هو مسيح مصلوب. هذا كان محتقرًا من كل أمم الشعوب المتعجرفة، ولا يزال مرذولًا من البقية بين الأمم، لكنه هو موضوع إيمان القلّة وليس كل الأمم. لأنه عندما كُرز بالمسيح المصلوب في ذلك الحين آمن به عدد ليس بقليلٍ، إذ جعل العرج يمشون والخرس يتكلمون والصم يسمعون والعمي يرون والموتى يقومون. هكذا حطم كبرياء العالم، فإنه حتى بين أمور هذا العالم ليس شيء أكثر قوة من تواضع اللَّه [23-25][95].

القديس أغسطينوس

"وأما للمدعوين يهودًا ويونانيين

فبالمسيح قوة الله وحكمة الله" [24].

الذين قبلوا الدعوة الإلهية سواء كانوا يهودًا أم من الأمم صارت لهم نظرة واحدة نحو المسيح المصلوب. إنهم يرونه قوة اللَّه، إذ يجدون قوة الخلاص العامل في حياتهم. ويدركون حكمة اللَّه، أي خطته الإلهية للغفران والتقديس وتمجيد الإنسان أبديًّا في الرب. يرون في الصليب سرّ تمتع أعماقهم بالجمال الحقيقي، والسمو في الفكر وضمان الخلاص. يرونه مشرقًا على كل المسكونة ليضم الكل معًا فيه. الكل، سواء من أصل يهودي أو أممي، مدعوون ليصيروا بالحق عروس المسيح العفيفة الواحدة، تحمل قوة اللَّه وحكمته.

إن كان اليهود يطلبون آية، فإن المسيح ذاته هو أعظم الآيات، صليبه الذي يبدو لليهود عثرة هو قوة اللَّه للخلاص لمن يؤمن به. يتلامسون بالآية بتجديد أعماقهم. وإن كان اليونانيون يطلبون حكمة، فالمسيح هو حكمة اللَّه (كو3:2).

من يؤمن حقًا يتحد تمامًا بذاك الذي فيه الحق واللاهوت والجوهر والحياة والحكمة، ويرى فيه كل هذه والتي ليست فيمن لا يؤمن. فإنه بدون ابن اللَّه لا يكون لك وجود ولا اسم، ويصير القوي بلا قوة، والحكيم بلا حكمة. لأن المسيح هو "قوة اللَّه وحكمة اللَّه" (1كو24:1)، فإن من يظن أنه يرى اللَّه الواحد بلا قوة ولا حق ولا حكمة ولا حياة ولا نور حقيقي إما أنه لا يرى شيئًا بالمرة أو بالتأكيد يرى ما هو شر[96].

عندما خلق اللَّه كل الأشياء... لم يكن محتاجًا إلى أية مادة لكي يعمل، ولا إلى أدوات في إقامة الخليقة، لأن قوة اللَّه وحكمته لا تحتاج إلى عونٍ خارجي. بل المسيح قوة اللَّه وحكمة اللَّه به كل الأشياء خُلقت، وبغيره لم يكن شيء مما كان كما يشهد يوحنا (يو 3:1)[97].

الآن إذ تمم الابن مشيئة الآب، وهذا في لغة الرسول هو "أن يخلص كل بشر" (1تي 4:2)"، يلزمهم لأجل نفعهم أن يكرموا الآب والابن مثله، إذ لم يكن ممكنًا أن يتحقق خلاصنا ولم يكن لإرادة اللَّه الصالحة أن تصير عملًا واقعيًّا من أجلنا إلا خلال قوته؛ وتعلمنا الكتب المقدسة أن الابن هو قوة الآب [24] [98].

إذ يعلن أن طبيعته تسمو وتفوق كل عقل يستخدم أسماء مجيدة، فيدعوه "إلهًا فوق الكل" (رو15:9)، "الإله العظيم" (تي13:2)، "قوة اللَّه وحكمة اللَّه" [24]، وما أشبه بذلك[99].

القديس غريغوريوس أسقف نيصص

إن كنا جسد المسيح، وقد رتب اللَّه الأعضاء، كل عضو في الجسد فيهتم كل واحد بالآخر، ويتناغم مع الآخر، وعندما يتألم عضو تتألم كل الأعضاء معه، ومتى تمجد عضو تفرح الأعضاء معه، يلزمنا أن نمارس الحنو النابع من الموسيقى الإلهية، إنه متى اجتمعنا معًا في اسم المسيح يكون في وسطنا كلمة اللَّه، وحكمته وقوته[100].

العلامة أوريجينوس

إنها عثرة لليهود عندما يسمعون المسيح يدعو نفسه ابن اللَّه وهو يكسر السبت. إنها غباوة للأمم إذ يسمعون عن أمور مثل الميلاد البتولي والقيامة يُكرز بهما.

"لأن جهالة الله أحكم من الناس،

وضعف الله أقوى من الناس" [25].

خطة اللَّه للخلاص بالصليب التي تبدو للناس جهالة أو صلب المسيح الذي يبدو ضعفًا (2كو4:13) هو سرّ حكمة المؤمنين وقوتهم. فما يبدو لهم جهلًا هو أكثر حكمة من حكمة الناس، إذ لا تقدر الحكمة البشرية بذاتها أن تدركها. وما يبدو ضعفًا هو أعظم قوة مما للناس من قوة، إذ تحول البشريين إلى سمائيين، والأرض إلى سماء، والضعف إلى قوة.

هذه هي مسرته أيضًا أن يخلص بجهالة الإنجيل. أقول ليست جهالة حقيقية، بل تبدو هكذا. فإن ما هو مدهش للغاية قد جلبه ونشره، وهي حكمة أسمى من الأولى لكنها تبدو غباوة. كمثال طُرد أفلاطون لا خلال فيلسوف أكثر مهارة، بل بصيّادي سمك غير متعلمين. بهذا صارت الهزيمة أعظم والنصرة أسمى[101].

مرة أخرى يطلب اليونانيون منّا نظام البلاغة والسفسطة. وإذ نحن نبشر لهم بالصليب الذي يبدو لليهود ضعفًا، فإنه بالنسبة لليونانيين جهالة. لذلك عندما نعجز عن تحقيق طلباتهم بل نقدم لهم العكس تمامًا، عندما يطلبون علامات وحكمة ليس فقط لا ينالون ما يطلبونه بل يسمعون عكس ما يطلبون ومع ذلك بواسطة الأمور العكسية ينجذبون، أليس هذا بقوة ذاك الذي يُكرز به بطريقة لا يُنطق بها؟[102]

حيث توجد حكمة اللَّه لا حاجة بعد إلى حكمة الإنسان. قبلًا كان يُدرك أن الذي صنع العالم العظيم هكذا هو اللَّه الذي لا تُقاوم قوته ولا يُنطق بها. هذا الإدراك هو جزء من الحكمة البشرية. أما الآن فلا حاجة لنا إلى هذه البراهين العقلية، إنما يكفي الإيمان وحده. فإن من يؤمن أنه صُلب ودُفن، ويقتنع تمامًا أن هذا الشخص نفسه قام وجلس في الأعالي، هذا لا يحتاج إلى حكمة ولا إلى براهين عقلية بل إلى الإيمان. فقد جاء الرسل أنفسهم لا بالحكمة بل بالإيمان وفاقوا الحكماء الوثنيين في الحكمة والسموّ، وأكثر من هذا فإن إثارة الحوار أقل من قبول الإلهيات بالإيمان. بهذا سما على كل الفهم البشري[103].

سنعرف قوته وسلطانه برد الذين كانوا في عداوة معه إلى زمان طويل إليه. "فإن ضعف اللَّه أقوى من الناس"، فبذات القوة التي أقام بها المسيح من الأموات يجتذبنا هو إليه[104].

القديس يوحنا الذهبي الفم

ألم ينزل الحكمة لكي يهيئ نفسه لضعفنا، ولكي يظهر لنا نموذج الحياة المقدسة في شكل بشريتنا. ومع ذلك فإننا إذ نأتي نحن إليه نفعل ذلك بالحكمة. هو نفسه عندما جاء إلينا حُسب عمله جهالة في نظر البشر المتكبرين. عندما نأتي إليه نصير أقوياء، وعندما جاء إلينا نُظر إليه كضعيفٍ. ولكن "جهالة اللَّه أقوى من الناس، وضعف اللَّه أقوى من الناس" [25]. هكذا فإن الحكمة أيضًا هي الطريق الذي به نبلغ بيتنا[105].

القديس أغسطينوس
7. الافتخار بالرب

"فانظروا دعوتكم أيها الاخوة

أن ليس كثيرون حكماء حسب الجسد،

ليس كثيرون أقوياء،

ليس كثيرون شرفاء [26].

يوجه الرسول أنظارنا إلى بركات الصليب، فإننا مدعوون أن نتمتع خلال الصليب بالحكمة والقوة والكرامة (شرفاء). كان اليهود يعتقدون بأن الروح الإلهي لن يستقر على إنسان ما لم يكن حكيمًا وقويًا وغنيًا. لقد تحقق هذا كله بالصليب لا حسب الجسد ولا حسب فكر العالم، بل صارت لنا حكمة اللَّه وقوته للخلاص وفيض غناه. هذه هي دعوة إنجيل الخلاص لكل البشرية.

"بل اختار الله جهال العالم ليخزي الحكماء،

واختار الله ضعفاء العالم ليخزي الأقوياء" [27].

"واختار الله أدنياء العالم والمُزدرى وغير الموجود ليبطل الموجود" [28].

يشير هنا إلى المختارين للخدمة ممن ينقصهم التعليم الزمني والغنى والسلطان والجاه فيبدو أنهم أغبياء، وكانوا محتقرين من العظماء والأغنياء. اختارهم لكي يُدرك من يظنوا في أنفسهم أنهم حكماء وأقوياء وعظماء أنهم محتاجون إلى العمل الإلهي. بالنعمة يصيرون أبناء اللَّه، فينالون كرامة حتى أمام السمائيين، ويغتنوا بكنوز إلهية لا تُقدر!

كان بولس غير متعلمٍ لكنه غلب أفلاطون، أقول كانت النصرة جلية. فإنه قد جذب الأول تلاميذ الأخير. مع أنه غير متعلم أقنعهم وأخذهم إلى صفِّه. من هذا يتضح أن الإنجيل لم يكن ثمرة حكمة بشرية بل نعمة اللَّه[106].

لنربحهم بحياتنا. فإن كثيرين من بين غير المتعلمين ادهشوا بهذا الأسلوب عقول الفلاسفة، مظهرين في أنفسهم أيضًا أن الفلسفة التي تكمن في الأعمال تُعطي صوتًا أعظم من اللسان[107].

إن كان ليس بحكمة الكلام، فلماذا أُرسل أبلوس البليغ؟ يجيب: ليس خلال الاعتماد على قوة الكلام، بل لأنه كان مقتدرًا في الكتب المقدسة (أع24:18، 29)، ويجادل اليهود... الآن فإن هذا (المسيح) القادر أن يعمل بدون الحاجة إلى أُناس متعلمين في البداية، أضاف إليهم أناس فصحاء، ليس لأنه محتاج إليهم وإنما يود أن لا يُوجد تمييزًا بين هؤلاء وأولئك. فإنه إذ لم يكن محتاجًا إلى حكماء ليحققوا ما يريده، فإنه فيما بعد إذ يوجد من هم هكذا لا يرفضهم بسبب فصاحتهم[108].

"ليس كثيرون أقوياء، ليس كثيرون شرفاء"، فإن هؤلاء أيضًا مشحونون بالكبرياء. ليس شيء يسبب فشلًا من جهة معرفة اللَّه الدقيقة مثل التشامخ والالتصاق بالغنى، فإن هذا يجذب الإنسان إلى الإعجاب بالأمور الحاضرة وعدم المبالاة بالأمور المستقبلة، ويسد الآذان خلال الاهتمامات الكثيرة. أما اللَّه فاختار جهلاء العالم، وهذه علامة عظيمة على النصرة إذ يغلب اللَّه بغير المتعلمين[109].

لم يدع غير المتعلمين فقط بل ودعا المحتاجين والمحتقرين والمجهولين لكي يخزي الذين في مراكز عالية[110].

صنع اللَّه كل شيء بهذا الهدف: أن يحطم المجد الباطل والكبرياء ويذل التشامخ. يقول: "هل أنتم أيضًا تشغلون أنفسكم بهذا العمل؟" لقد فعل كل شيء حتى لا نصنع بأنفسنا شيئًا لحسابنا، بل ننسب كل شيء للَّه. هل تعطون أنفسكم لهذا الشخص أو ذاك؟ أي غفران تنالونه؟[111]

القديس يوحنا الذهبي الفم

انظر ماذا فعل الرب الذي يقول عنه الرسول: "اختار اللَّه الضعفاء..." الآن كلمات صيّادي السمك تُقرأ، وتنحني رقاب الخطباء (الفلاسفة). لتعبر الرياح الفارغة، ليُنزع الدخان ويتبدد. ليُحتقر هؤلاء تمامًا عندما يكون السؤال خاصًا بهذا الخلاص[112].

حجر الزاوية هذا يجعل الاثنين لائقين به. لكي يؤكد ذلك اختار جهلاء العالم ليخزي الحكماء، ولم يدعُ الأبرار بل الخطاة، حتى لا يفتخر إنسان بنفسه على عظمته، ولا ييأس أحد بسبب انحطاطه[113].

ليفكروا في ذاك الذي إذ نزل ليشفي بمثال تواضعه سرّ نفس الإنسان العظيم: الكبرياء! "اختار ضعفاء العالم ليخزي بهم الأقوياء وجهّال العالم ليخزي الحكماء - ليسوا بالحق حكماء بل يبدو كأنهم هكذا - واختار أدنياء العالم وغير الموجود ليخزي الموجود"[114].

القديس أغسطينوس

كان عاموس النبي راعيًا للغنم، وبطرس صيّادًا للسمك، وأخوه أندراوس يمارس ذات العمل وأيضًا يوحنا؛ وبولس كان صانع خيام، ومتى عشّارًا، وهكذا بقية ا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://kermarysa.yoo7.com/f25-montada
 
كورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسيةالجزء (2) للقمص تادرس يعقوب ملطي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  كورنثوس الاولى 1 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى الوحدة الكنسية الجزء(1)للقمص تادرس يعقوب ملطي
»  كورنثوس الاولى 13 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى تسبحة الحب للقمص تادرس يعقوب ملطي
»  كورنثوس الاولى 5 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى معالجة الانحطاط الخلقي للقمص تادرس يعقوب ملطي
» كورنثوس الاولى 14 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى التكلم بالألسنة الجزء(2)للقمص تادرس يعقوب ملطي
»  كورنثوس الاولى 6 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى لوم علي محاكمات الأخوة الجزء(1)للقمص تادرس يعقوب ملطي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى البابا كيرلس و مارمينا و ابونا يسى :: قسم الكتاب المقدس ::  منتدى العهد الجديد-
انتقل الى: